مكائد الشياطين لا تنتهي، فإن أسبقيتهم عن البشر بالظهور في هذه الدنيا، جعلت خبراتهم وألاعيبهم تتراكم وتتنوع، فلا يستوعب الإنسي مكيدة شيطانية إلا وأخرى خرجت أمامه ضمن عمليات مستمرة لا تتوقف، تطبيقاً وتنفيذاً لتعليمات إبليس، من بعد أن طرده الله من رحمته.
طلب إبليس بعد تأكده من قرار الطرد الذي لا رجعة عنه، ولا له توبة أبداً، طلب من الله أن يمد في عمره ولا يموت كباقي الخلائق إلى يوم البعث.
بدأ من فوره في عمليات الإغواء والاضلال، بدءاً من آدم ومن سيأتي من ذريته، ودفعهم عن جادة الصواب والصراط المستقيم. هذا هو ما حدث ولا يزال يحدث من إبليس وذريته منذ إغوائه لأبينا آدم – عليه السلام – إلى يوم الناس هذا، وإلى ما شاء الله أن يستمر إغواء الشياطين لبني آدم.
من هنا لا تظن أيها الإنسان، مهما كنت صاحب إيمانيات عالية، أن الشيطان تاركك على صراط الله المستقيم. لابد أن يدفعك دفعاً للخروج عنه وسلوك طرق أخرى معروفة نهاياتها. إن استطاع دفعك بالإغواء فلن يتردد لحظة واحدة في سبيل ذلك، فإن لم يستطع أشغلك حتى النسيان، فإن عجز عن ذلك قام بالتشويش عليك، فإن فشلت عملية التشويش قام بتخويفك ونسج خيالات وأوهام متعلقة بعملك أو حياتك أو أهلك أو مالك. لن يعجز الشيطان في الاتيان بكل ما هو جديد عليك من مسالك ودروب ومداخل وخطوات. كلها تؤدي للهدف نفسه وهو إخراجك عن الصراط المستقيم.
القرآن يحذر
الآيات القرآنية التي تحذرنا من الشيطان وألاعيبه كثيرة، فهذا الشيطان تكمن قوته في مهارته وقدرته على الإغواء والوسوسة والايحاء ليس أكثر. بمعنى أنه لا يملك سلطة عليك، ولا يقدر أن يأمرك مباشرة لفعل الشر، بل هو يدرك مسألة التحدي عند بني آدم حين يأتي وقت التحدي.
الإنسان منا إن دخل موقفاً قد ينتج عنه فعل يقلل من الشأن ويصيب بالإهانة، تجده يصمد ويتحدى ويتعالى على الموقف، فتصعب عملية إذلاله، سواء دفعه إيمانه القوي بالله إلى ذلكم التحدي، أو دفعته اعتبارات أخرى شخصية أو اجتماعية أو غيرها لأن يترك نفسه الأبية أن تنزل منازل هابطة ويرضى بها. هذا بالمجمل أو بشكل عام، إلا ما ندر من نفوس تكون بالأساس قد نشأت في بيئات المذلة والإهانة، فهذه نفوس تحتاج لجهود جبارة لتشكيلها من جديد.
حتى لا يضيع منا خيط الموضوع.. أقول:
إن الشيطان يتجنب وضع الإنسان في مواقف تثير عنده روح التحدي والتصدي، لأنه سيخسر معه جولاته وسيضطر لمحاولات عدة متنوعة، وهو في الواقع – أي الشيطان – يرغب أن تقع ضحيته من أول جولة كي يتابع عمله مع آخرين.
إن اثارة روح التحدي عند الإنسان غالباً تكون مرتبطة بعقيدة قوية، وإيمان راسخ، بغض النظر عن ماهية تلك العقيدة أو ذلك الإيمان. فكيف لو كانت تلكم العقيدة وذلكم الإيمان بالله سبحانه؟ لا شك أن الشيطان سيبذل جهوداً جبارة في عملياته ضد صاحب تلك الروح المؤمنة الصادقة.
بالطبع لن يتركه هكذا يسير مستريحاً على صراط الله المستقيم. لكن، ولأنه عاش أزمنة عديدة اكتسب خلالها مهارات ومعارف وتراكمت عنده خبرات السنين الطوال، يبدأ في ممارسة تكتيكاته مع هذا الشخص. إن نفع التكتيك الأول، قام بتعزيزه فترة ثم يتركه ليتفرغ لآخر. أما إن فشل، فيبدأ في طرق وأساليب أخرى متنوعة. لا يهدأ له بال، ولا يستريح ليلاً أو نهارا.
البداية عنده أن يدفع بالإنسي إلى عالم الشرك، فإن لم يقدر عليه دفعه إلى عالم البدع والخرافات، فإن لم ينجح أدخله عالم الضلال والانحراف، فإن تجاوز الإنسي ذلك، يبدأ الشيطان في اشغاله عن الصالحات من الأعمال، لاسيما العبادات كالصلاة والصيام والصدقة، فإن لم ينجح تراه يشغله بالفاضل عن الأفضل، أو يزين له التعمق في عالم المباحات أو التساهل في المتشابهات، أو تحقير صغائر الذنوب، وهكذا هو الشيطان في عمل دؤوب مستمر لا يكل ولا يمل.
وصايا نبوية
الوصايا النبوية الكريمة لأمته بالثبات على الأذكار في الصباح والمساء، وتلاوة القرآن والمداومة عليها، إنما هي بمثابة ارشادنا إلى الأدوات والأسلحة اللازمة من أجل الاستمرار أقوياء صامدين في حروبنا مع شياطين الجن، ومعهم شياطين الإنس كذلك.
الله عز وجل يحذرنا من هذا الكائن في مواضع عديدة من القرآن (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين). نداء إلهي إلى عباده المؤمنين يحذرهم من عدوهم الذي لا يكل ولا يمل. يا عبادي الذين آمنوا بي حق الإيمان، انتبهوا إلى عدو أبيكم آدم وعدوكم أنتم ومن يكون معكم من المؤمنين إلى يوم الدين.
انتبهوا يا عبادي المؤمنين ولا تتبعوا خطوات الشيطان. وإن خطواته بالمختصر المفيد، هي طرائقه في الغواية والوسوسة، وأساليبه ومسالكه في تزيين الشر، حيث عمله القديم المتجدد إلى ما شاء الله له أن يعيش. انتبهوا يا عبادي من هذا العدو، ولا يغرنكم بالسير معه أو وراءه في طرق ومسالك لن تكون عاقبتها ونتائجها سارة لكم، فمتى زيّن هذا العدو الخير للمؤمنين وعباد الله الصالحين؟
إن من يضعف أو يغفل لحظة عن هذا العدو، فيتبعه هنا أو هناك، فلا شك أنه الخاسر. لا يضعف أحدكم فيسير في النميمة والغيبة وأحاديث الإفك والوشاية والإشاعة، أو أحاديث اللهو والباطل من تلك التي تميت القلب أو تجعله قاسياً، لا يتأثر بذكر الله.
إنها أفعال وأقوال وسلوكيات، يدفع إليها الشيطان بكل ما أوتي من قوة، ويزينها بأجمل ما عنده من وسائل وطرائق. إنه يأمر بالفحشاء والمنكر. ولولا رحمة الله بعباده المؤمنين، ما سلِم من أذى الشيطان ورجسه أحد. ذلك أن فضل الله عليهم كبير وكثير، فإن هدايتهم إلى الاستغفار والتوبة، تُعد من أجمل وأزكى فضائل الله على عباده المؤمنين، وهي تستحق الحمد والشكر بالقول والعمل. والله سميع عليم، غافر الذنب وقابل التوب ومجيب الدعوات.
د. عبدالله العمادي – الشرق القطرية
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فإن لم
إقرأ أيضاً:
محمد بن راشد: الإمارات جعلت من المستحيل هدفاً وغاية تمضي لتحقيقها بروح التحدي والإصرار
أرسى مطار دبي الدولي معياراً جديداً في قطاع الطيران العالمي عقب استقباله 92.3 مليون مسافر في عام 2024، وهي أعلى حركة مرور سنوية على الإطلاق في تاريخ المطار. ويتجاوز هذا الإنجاز الرقم القياسي السابق البالغ 89.1 مليون مسافر الذي تم تحقيقه في عام 2018، ويتزامن مع إنجاز تاريخي آخر يتمثّل في تصدّر المطار لقائمة مجلس المطارات الدولي لأكثر المطارات الدولية إشغالاً عالمياً طوال 10 سنوات.
وفي هذه المناسبة، قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إن دولة الإمارات قطعت على نفسها عهداً منذ عقود أن تجعل المستحيل هدفاً لها وغاية تمضي لتحقيقها بروح التحدي والإصرار على الفوز والتميّز، وهو ما بات نهجاً ثابتاً أثمر إنجازات استقطبت تقدير العالم واحترامه بل سعيه أيضاً لاستلهام تجربة الإمارات التنموية الشاملة والمستدامة.
وتعليقاً على الإنجاز العالمي الجديد لمطار دبي الدولي، قال سموّه: “مطار دبي الدولي قصة نجاح تُجسّد نهج التميز الذي نتبعه في رسم ملامح المستقبل.. فاستقباله 92.3 مليون مسافر العام الماضي واحتفاظه بمكانته في صدارة أكثر المطارات الدولية إشغالاً في العالم طوال 10 سنوات إنجاز نابع من روح الإبداع والسعي دائماً نحو التميز الذي يرسم ملامح مستقبل دبي.. استثمارنا في تعزيز قدرات المطار عامل يؤكد دوره في تحقيق أهداف طموحة تضمنتها أجندة دبي الاقتصادية بأن تكون من أهم 5 مراكز لوجستية حول العالم.. وأن تضاعف تجارتها الخارجية مع إضافة 400 مدينة إلى خارطة تجارتها الخارجية”.
وأشاد سموّه بالجهود النوعية التي أثمرت هذه النتائج المشرّفة بقيادة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني رئيس مطارات دبي، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، قائلاً: “تسجيل مطار دبي لأعلى مستوى لحركة المسافرين عالمياً العام الماضي إنجاز يُعبّر عن التزامنا بترسيخ أسس بنية تحتية عالمية المستوى، ويعكس جهوداً مخلصة لفرق عمل يقودها بكل كفاءة واقتدار الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، تأكيداً لتميز دبي في جعل السفر عبر مطارها تجربةً استثنائية تُلهِم العالم”.
وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: “نحن لا ننافس اليوم على أرقام أو تصنيفات، بل ننافس على تقديم الأفضل دائماً للإنسان.. وعلى تعزيز مكانة دبي كجسر يربط العالم ويدعم فرصه المستقبلية.. ومركز محوري للابتكار والتواصل… رسالتنا أن حدود طموحنا هي السماء.. وأن القادم دائماً يحمل في طياته إنجازاً جديداً يرقى إلى مستوى تطلعات دبي.”
وقد جاء الأداء القياسي لمطار دبي الدولي مدفوعاً بالنمو المستمر على مدار العام؛ حيث انتهى الربع الأخير من العام بطريقة استثنائية سلطت الضوء على جاذبية دبي بصفتها وجهة عالمية للسياحة والأعمال والاستثمار. وكان ديسمبر هو الشهر الأكثر إشغالاً في عام 2024؛ حيث شكّل مطار دبي الدولي بوابة ووجهة رئيسية لما مجموعه 8.2 مليون مسافر، ما يؤكد مكانته كمطار مفضّل لملايين المسافرين من مختلف أنحاء العالم.
وتعليقاً على الأداء القياسي خلال العام 2024، قال بول غريفيث، الرئيس التنفيذي لمطارات دبي: “يُعدّ تجاوز حاجز الـ 92 مليون مسافر إنجازاً استثنائياً لمطار دبي الدولي وإمارة دبي عموماً، ويعكس الجهود الدؤوبة والتعاون والشغف لمجتمع oneDXB وموظفينا وشركائنا، الذين يعملون جنباً إلى جنب لتقديم تجارب سلسة وعالمية المستوى تترك انطباعاً إيجابياً دائماً عند مسافر”.
وأضاف: “تخطّت نتائج هذا العام توقعاتنا بنحو 200 ألف مسافر، ما يؤكد الجاذبية العالمية الكبيرة لمطار دبي الدولي. وعلى صعيد تطلعاتنا إلى المستقبل، كلنا ثقة بالوصول إلى عتبة 100 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2027. وستضمن خططنا التوسعية، البالغة قيمتها 35 مليار دولار أمريكي، لمطار دبي ورلد سنترال – آل مكتوم الدولي (DWC) استيعاب هذا النمو وإحداث نقلة نوعية على مستوى السياحة والسفر، ما يجعل دبي وجهة أكثر جاذبية للمسافرين. سيتيح لنا هذا المشروع الضخم فرصة لدمج أحدث الأفكار في تصميم مطارات القرن الحادي والعشرين، والتي تم استخلاصها من خبرتنا الطويلة في خدمة أكثر من 700 مليون ضيف خلال العقد الماضي، وبالتالي تحويل المطار إلى بوابة مشرقة تُرحب بالعالم، وتعزز مكانة دبي كوجهة سياحية رائدة”.
مؤشرات رئيسية.
يسيّر مطار دبي الدولي رحلات إلى 272 وجهة في 107 دولة تخدمها 106 شركة طيران دولية، ويواصل إرساء معايير جديدة بصفته واحداً من أبرز المطارات على مستوى الوجهات في العالم.
ونجح مطار دبي الدولي في مناولة 2.2 مليون طن من البضائع خلال عام 2024، بزيادة بنسبة 20.5% عن العام الماضي الذي سجل مناولة 1.8 مليون طن من البضائع.
وارتفع إجمالي حركة الرحلات الجوية بنسبة 5.7% في عام 2024 ليصل إلى /440,300/ رحلة، مع عامل حمولة يبلغ 78.1، وبنمو هامشي بنسبة 0.3% للعام.
التميّز التشغيلي.
حقق مطار دبي الدولي إنجازاً مذهلاً في عام 2024 من خلال مناولة 81.2 مليون حقيبة، مع الحفاظ على معدل نجاح رائد في القطاع بنسبة 99.45%. وبلغت نسبة عدم وصول الحقائب في المطار 5.5 حقائب لكل 1,000 مسافر، متفوقاً على النسبة الدولية البالغة 6.9 حقيبة لكل 1,000 مسافر وفقاً للبيانات الصادرة عن سيتا. وعلى الرغم من الارتفاع الهائل في أعداد المسافرين، وصلت مدة انتظار 98.2% من الضيوف أقل من 10 دقائق في مراقبة الجوازات عند المغادرة، بينما بقي متوسط وقت الانتظار عند الفحص الأمني أقل من 5 دقائق لنسبة 99.2% من المسافرين.
ومنذ عام 2014، تصدّر مطار دبي الدولي تصنيفات المجلس الدولي للمطارات باعتباره أكثر المطارات الدولية إشغالاً في العالم. وعلى مدار العقد الماضي، استقبل المطار ما يزيد على 700 مليون مسافر على متن أكثر من 3.3 مليون رحلة، مدفوعاً بالابتكار التشغيلي والالتزام بالجودة وجهود التعاون لمجتمع oneDXB، والذي يتم تقديم التقدير له من خلال جوائز رئيس مطارات دبي السنوية.
وتابع بول غريفيث قائلاً: “يتخطى هذا الإنجاز مسألة الإحصائيات إلى اعتماده في جوهره على موظفينا والتزام فريقنا والتعاون المثمر مع شركائنا، بالإضافة إلى الثقة المتزايدة لملايين المسافرين في مطار دبي الدولي عاماً تلو الآخر. ونعمل معاً على رسم ملامح مستقبل السفر الجوي”.
وإذ يحتفي مطار الدولي بأرقامه القياسية لعام 2024، فإنه يركز على المستقبل في الوقت نفسه. فمع قدوم موسم الشتاء الغني بالفعاليات في دبي والفعاليات العالمية الكبرى واستثمارات البنية التحتية المستمرة، يستعد المطار لاستكمال نجاحه في عام 2025 وما بعده. ويضمن الالتزام الراسخ للمطار بتقديم تجارب استثنائية للضيوف تعزيز مكانته بصفته الوجهة الأكثر ارتباطاً وتفضيلاً في العالم.وام