سبب وفاة الشاعر السوداني هاشم صديق.. ربط بين الشعر والمسرح والغناء
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
خسرت الساحة الثقافية السودانية والعربية الشاعر السوداني هاشم صديق الملقب بـ«شاعر الملحمة»، الذي ترك بصمة عميقة في وجدان القراء بقصائده التي مزجت بين الحنين إلى التراث السوداني ورؤيته المستقبلية، فهو أحد المبدعين الذين ربطوا بين الشعر والمسرح والغناء، فترك بصمات لا تُنسى في الذاكرة الثقافية السودانية.
ورحل الشاعر السوداني الكبير والكاتب المسرحي هاشم صديق، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، مساء يوم السبت الماضي، وأوضحت صحيفة «الحدث السوداني» أنّ سبب وفاة الشاعر السوداني هاشم صديق هو معاناته مع مشاكل صاحية لازمته في السنوات الأخيرة، إذ كان يتردد على المستشفيات بانتظام لتلقي العلاج، حتى تدهورت حالته الصحية ورحل عن عالمنا تاركًا وراءه أعمالًا فنية أثرت الثقافة السودانية وذاع صيتها في العالم العربي.
الشاعر السوداني هاشم صديق من مواليد عام 1957 في حي شرق بمدينة أم درمان، السودان، والتحق بروضة في مسقط رأسه، قبل أن يبدأ تعليمه الأولي هناك، ثم انتقل إلى مدارس الأحفاد، ودرس بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح، وحصل على شهادة البكالوريوس في النقد المسرحي بتقدير امتياز في عام 1974.
تلقى الشاعر هاشم صديق علومه الأولى في مجال المسرح والتمثيل على أيدي نخبة من الأساتذة الرواد، منهم إسماعيل خورشيد والسر أحمد قدور والفاضل سعيد ومحمود سراج والطاهر شبيكة وغيرهم، الذين أسسوا له قاعدة صلبة في هذا المجال، وفي عام 1976، واصل هاشم صديق رحلته الأكاديمية في مجال الفنون المسرحية، حيث سافر إلى المملكة المتحدة للالتحاق بمدرسة التمثيل المرموقة «إيست 15» في اسيكس، حيث طور مهاراته في التمثيل والإخراج.
بعد عودته إلى السودان، أسهم هاشم صديق بشكل فعال في تطوير التعليم المسرحي، حيث عمل أستاذًا محاضرًا ومشاركًا بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح حتى عام 1995، ومن أهم إنجازاته خلال تلك الفترة إنشاء مكتبة المسرح السوداني الشاملة، التي تضمنت مجموعة قيمة من الكتب والمواد السمعية والبصرية، لتصبح مرجعًا أساسياً للباحثين والمهتمين بالمسرح.
ومن أبرز أعماله أوبريت «قصة ثورة» أو «الملحمة»، الذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ الموسيقى والمسرح السوداني، وقد تمكن بالتعاون مع الموسيقار محمد الأمين، من تقديم أول تجربة ناجحة للغناء الموسيقي الكورالي في البلاد، ليثري الساحة الفنية السودانية بعمق.
وبرز هاشم صديق في مجال المسرح بأعمال بارزة مثل «أحلام الزمان» التي حازت جائزة الدولة لأفضل نص مسرحي عام 1973 و«نبتة حبيبتي» التي نالت جائزة النص الأدبي عام 1974، كما قدم إسهامات قيمة في الدراما الإذاعية والتلفزيونية، حيث تناول قضايا المجتمع السوداني بعمق وحساسية، ما جعله أحد أبرز رواد الدراما السودانية.
وامتد تأثير شعر هاشم صديق ليشمل أوساط الموسيقيين، حيث غنى له كبار الفنانين السودانيين أمثال محمد الأمين ومصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت وسيد خليفة، وقد تمكن شعره من أن يجمع بين عشق الوطن وتطلعات الشعب، مما جعله صوتًا يعبر عن آمال الأمة وأحاسيسها، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة الفنية السودانية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشاعر السوداني هاشم صديق الشاعر هاشم صديق هاشم صديق شاعر السودان هاشم صديق الشاعر السودانی هاشم هاشم صدیق
إقرأ أيضاً:
شعراء وروائيون يحتفون بتجربة محمد أبوزيد في ديوان
أقامت دار "ديوان" حفل إطلاق لديوان الشاعر محمد أبوزيد "فوات الأوان" في مقر مكتبتها بوسط البلد.
قدم الحفل مدير النشر بالدار أحمد القرملاوي، مؤكداً على أن هذا الديوان يعبر عن قصيدة النثر أفضل تعبير، ويؤكد قدرتها على التقاط صور رائعة من الحياة العادية حولنا إذا كتبها شاعر متميز مثل أبوزيد.
وقدم الشاعر جرجس شكري دراسة وافية حول الديوان أكد فيها أن القارئ لا بد أن يتوقف أمام ثلاث نقاط أو ملاحظات قبل أن يتمادى في القراءة: العنوان، الغلاف، التمهيد أو التصدير، ولاحقاً الغلاف الأخير، فالعنوان وإن كان فصيحاً إلا أنه يحمل دلالات شعبية وفي سياق الحياة اليومية أقرب إلى العامية.
"فوات الأوان" معناه مضي الوقت، أو ضياع الفرصة، بعد أن تعذَّرت معالجة الأمور، وعلى القارئ أن يهيئ نفسه للقاء شاعر يبكي على أطلال الأشياء بل على أطلال هذه الحياة، ولكن ليس كما يفعل أسلافه القدامى الذين يبكون على أطلال المنازل وذكريات الحبيب.
وقال جرجس شكري إن الغلاف الذي يجمع بين الإنسان والروبوت يشير بقوة إلى محتويات الديوان، حيث يؤكد للقارئ أنه أمام بكائية معاصرة، قوامها التهكم واللعب، اللعب الذي هو أقرب إلى الطفولة فراح مصمم الغلاف أحمد اللباد أيضاً يلهو ويمزج بين الإنسان والروبوت في لوحة تقرأ وتعبِّر عن الديوان، أما التمهيد فقد جاء من ديوان سابق للشاعر وهو أيضاً لا يخلو من السخرية ويؤكد العنوان.
وتابع جرجس أن الخيال في هذا الديوان يلعب دور البطولة فهو بمثابة البنية العميقة لكل النصوص، وليس اللغة، أو المجاز أو الموسيقى أو الرؤية الفلسفية العميقة، حيث يتجاهل الديوان كل هذا بنسب متفاونة عن عمد ويعتمد على الخيال واللعب، متسلحاً بأسلوب البارودي أو المحاكاة الساخرة للعالم ومفرداته.
من جانبه قال الروائي محمد الفخراني: "في ديوانه ينشغل محمد أبو زيد بأسئلة عن الشِّعر وماهيته، شكلًا وموضوعًا، وتكنيكًا ولغة، يبحث عن هذا في تفاعل قصيدته مع قصائد الشعر القديم، وحالة الشِّعر في الوقت الحاضر، وما يمكن أن يكون عليه في المستقبل، في الأيدولوﭽي، والأسطورة، وحتى نظريات ومبادئ الفيزياء، وهي حاضرة هنا في ديوانه "فوات الأوان"، وبطبيعة الحال يبحث عن سؤاله في دواوينه كلها، وكل واحد منها يمثِّل تجربة جديدة، ورحلة خلال الرحلة المُطَوّلَة للسؤال، لكنه، الشاعر، يعرف أنه لا إجابة، وأنّ الشّعر يحمل في طبيعته اللايقين، والاحتمالية، وهما فكرتان رئيسيتان يطرحهما في هذا الديوان الذي يُمثّل انتقالة وإضافة نوعيّة مهمّة في تجربته".
من جانبها قالت الشاعرة نجاة علي: "الديوان فيه قدر كبير من التجريب في قصيدة النثر ورغبتها في مساءلة الأشكال الأدبية السابقة عليها، لأن كاتبها يكون عنده وعي ضدي، ودائماً يسائل كتابته، ويراجع مفهوم الشعر"، وأضافت: "أن يقرأ أحد الديوان ويقول إنه خالٍ من المجاز فهذه فكرة خاطئة تماماً، لأن المجاز له أشكال أخرى بخلاف الشكل التقليدي، وهو لدى محمد أبوزيد مجاز المشهد الكلي، والصور قادرة على أن تصنع الدهشة وتفتح الطريق لأفق التأويل، وكل قارئ يخرج بمعنى يخصه.
كما أن السخرية حاضرة بشكل جميل في القصائد، ولم تأتِ بشكل اعتباطي وإنما شكَّلت جزءاً من رؤيته، وهذه السخرية مكَّنته من أن يضع مسافة بينها وبين الأشياء ليراها جيداً".