زغرب وبولا تجمعان الماضي والحاضر في قلب التاريخ الكرواتي
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
ويواصل برنامج "المسافر" الذي يبث عبر منصة "الجزيرة 360" تجواله عبر ربوع كرواتيا ويزور مدينتي زغرب وبولا ليقدم نموذجا فريدا لمدن تحافظ على تراثها التاريخي مع مواكبة الحاضر، وتشكل وجهة سياحية وثقافية تجمع بين سحر الماضي وحيوية الحاضر في قلب القارة الأوروبية.
وتبدأ الكاميرا طوافها من مدينة زغرب التي تمثل بوابة بين الشرق والغرب، وتتربع على العتبة التاريخية بين شرق أوروبا وغربها، مشكلة حلقة وصل بين أوروبا الوسطى والبحر الأدرياتيكي، وتحمل في طياتها مزيجا معماريا فريدا يعكس الحقب الاشتراكية والنمساوية والمجرية، رغم ما تعرضت له من أضرار جراء زلزال 2020.
وتنقسم زغرب إلى قسمين متكاملين: سفلي يضج بالحياة العصرية، وعلوي يحرس التاريخ، ويتوج القسم العلوي برج لوترشاك التاريخي، الذي شُيد في القرن الـ13، ليقدم إطلالة بانورامية على المدينة.
ومن أبرز تقاليد المدينة إطلاق المدفع يوميا عند الظهيرة، في طقس سياحي يجمع السكان والزوار.
متحف تسلا
وضمن معالم المدينة الثقافية يزور البرنامج المسرح الوطني الذي يهيمن بمبناه الأصفر المهيب على وسط المدينة، مجسدا مكانة الثقافة في حياة زغرب.
كما تزهو المدينة بحديقتها النباتية التي تأسست عام 1889، وتضم أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات، مع تركيز خاص على نباتات حوض المتوسط وجبال الألب.
وخصص البرنامج فقرة لاستعراض متحف العالم العبقري نيكولا تسلا الذي يعتبر فخر كرواتيا، والذي يرجع إليه البعض الفضل في تغيير وجه العالم باختراعاته في مجال الكهرباء والطاقة.
ويعرض المتحف مقتنيات تسلا الشخصية وأدواته العلمية، ويوثق رحلته من طفولته في كرواتيا حتى تجاربه الرائدة في أميركا.
وتجولت الكاميرا في سوق دولاتس التي تعتبر القلب النابض للحياة اليومية في زغرب، حيث يلتقي المزارعون والتجار لعرض منتجاتهم بأسلوب فني مميز، وتتميز السوق بتنوع معروضاتها وأعشابها التي تذكر بأسواق البحر المتوسط التقليدية.
عراقة بولا
وفي محطة أخرى توقف البرنامج في مدينة بولا التي تحتوي على العديد من معالم الحضارة الرومانية، وتفخر المدينة بمدرجها الروماني الشهير، الذي يعد أحد أهم المعالم التاريخية في البلقان.
ويتألف المدرج من 3 طوابق و4 أبراج، وقد تحول من مكان للمصارعة الرومانية إلى موقع للفعاليات الثقافية المعاصرة يستوعب 5 آلاف شخص.
وفي قلب مدينة بولا التاريخية، تقع ساحة المنتدى التي تأسست قبل 2100 عام، وتضم معبدا رومانيا وقصر الحاكم، في شهادة حية على عظمة العمارة الرومانية.
10/11/2024المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
التعليم بين جمود الماضي وابتكار المستقبل
#التعليم بين #جمود_الماضي و #ابتكار_المستقبل
#عبدالبصير_عيد
لم يعد التعليم اليوم مجرد عملية تلقين، بل تحول إلى منظومة متكاملة تتطلب الابتكار والتكيف مع التطورات التكنولوجية. ومع ذلك، لا تزال بعض المؤسسات التعليمية متمسكة بمناهج وأساليب تدريس لم تعد تلبي احتياجات العصر. في المقابل، يشهد التعليم قفزات نوعية بفضل الذكاء الاصطناعي، الذي يعزز التعلم الشخصي والمتمايز، مما يستدعي اعتماد طرق تدريس أكثر مرونة وابتكارًا. لكن مقاومة هذا التغيير من قبل بعض المؤسسات تعرقل تطوير العملية التعليمية.
المشكلة لا تتوقف عند المناهج، بل تمتد إلى السياسات الإدارية التي غالبًا ما تستبعد الكفاءات الشابة من مراكز صنع القرار. بدلًا من الاستفادة من أفكارهم المبتكرة، يتم تهميشهم لصالح أصحاب الخبرة التقليدية، حتى لو لم تعد تلك الخبرة تواكب متطلبات العصر. هذا النهج يؤدي إلى إحباط الشباب ودفعهم للبحث عن فرص خارج المنظومة التعليمية التقليدية، مما يحرم المؤسسات من طاقات بشرية قادرة على التطوير.
إن استمرار المؤسسات في الاعتماد على كوادر غير محدثة معرفيًا ومهارياً يسهم في تراجع جودة التعليم. فالتعليم ليس مجرد وظيفة، بل عملية مستمرة تتطلب التعلم مدى الحياة، حيث يجب أن يظل الأكاديميون منخرطين في برامج تنمية مهنية دائمة لمواكبة كل جديد.
وما يثير الاستغراب أن بعض المؤسسات التعليمية لا تزال تتردد في تبني التكنولوجيا بشكل كامل في العملية التعليمية. في حين أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية يمكن أن تحول التعليم إلى تجربة تفاعلية أكثر جاذبية، نجد أن المشكلة لا تكمن في التكنولوجيا ذاتها، بل في العقليات التي ترفض الاعتراف بأنها ضرورة وليست مجرد خيار.
دول عديدة أثبتت أن تبني التكنولوجيا في التعليم يعزز جودة التعلم ويجعله أكثر كفاءة. على سبيل المثال، فنلندا وسنغافورة من بين الدول التي استفادت من الذكاء الاصطناعي والتعلم التكيفي، مما مكنها من تقديم تجربة تعليمية مصممة خصيصًا لكل طالب. في المقابل، لا تزال بعض الجامعات العربية تعتمد على مناهج لم تتغير منذ عقود، مما يزيد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.
ومن الأسباب الرئيسية لهذا الجمود هو غياب رؤية استراتيجية واضحة في بعض المؤسسات التعليمية. بدلًا من التخطيط لمواكبة العصر، نجد أنها تُدار بعقلية تقليدية لا تتناسب مع التطورات السريعة التي يشهدها العالم. هذه الفجوة بين التعليم وسوق العمل تجعل المؤسسات غير قادرة على تخريج كوادر مؤهلة للمستقبل.
على سبيل المثال، رغم التوسع في التعليم عن بُعد عالميًا، نجد بعض الجامعات لا تزال ترفضه، رغم قدرته على توفير فرص تعلم أكثر مرونة وكفاءة. هذا التردد يؤدي إلى تعطيل الاستفادة من إمكانيات التعليم الرقمي، ويزيد من عزلة المؤسسات عن التطورات الحديثة.
التغيير لا يعني إلغاء الماضي، بل الاستفادة من التجارب السابقة لصنع مستقبل أفضل. الحل لا يكمن في إقصاء أصحاب الفكر التقليدي، ولا في تهميش الشباب المبتكر، بل في تحقيق توازن بين الجانبين.
يجب على المؤسسات التعليمية تبني سياسات تشجع دمج الشباب في عملية صنع القرار، وتوفر لهم فرصًا حقيقية للمشاركة في تطوير المناهج وطرق التدريس. كما ينبغي دعم الكفاءات الشابة وتدريبها لتكون قادرة على قيادة التغيير. التعليم ليس ساحة للصراع بين القديم والجديد، بل اختبار لقدرتنا على التكيف مع تطورات العصر.
إذا أردنا تعليمًا يتناسب مع المستقبل، فعلينا تجاوز هذا الجمود وفتح الأبواب أمام الشباب للمشاركة في تطوير التعليم، مع الاستفادة من خبرات الماضي لصنع مستقبل أكثر إشراقًا. التغيير ليس خيارًا، بل حاجة ملحة يحتاجها شباب اليوم لبناء المستقبل.