عبد الحميد شومان.. رائد الاقتصاد التحرري في فلسطين
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
اقتصادي فلسطيني ولد في القدس عام 1888، أسس البنك العربي وفتح فروعا له في مدن فلسطينية أخرى، إضافة إلى بلدان عربية وأجنبية، اعتقلته سلطات الانتداب البريطاني مرتين لانخراطه في أعمال وطنية، توفي عام 1974.
المولد والنشأةوُلد عبد الحميد شومان عام 1888، في بلدة بيت حنينا شمال القدس المحتلة.
الدراسة والتكوين العلميتلقى عبد الحميد شومان تعليمه الأولي في الكُتّاب، لكنه لم يكمله والتحق بالعمل في محاجر قريته.
بدأ شومان حياته العملية في استخراج قطع حجارة البناء من مقالعها في بيت حنينا، ونقلها على الدواب إلى القدس. ومن بين أهم إسهاماته في هذا الجانب مشاركته في أعمال بناء الكنيسة اللوثرية في القدس سنة 1898، الواقعة في حارة النصارى قرب كنيسة القيامة.
وكان فخورا بهذا العمل إذ قال عنه "كل حجر من حجارة هذه الكنيسة رفعته على ظهر البغال ونقلته من بيت حنينا إلى هنا، أنا من بنيت هذه الكنيسة".
عام 1911 هاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية وعمل فيها بائعا متجولا، ثم افتتح محلا تجاريا صغيرا طوّره إلى مصنع للألبسة الجاهزة، يحمل اسمه في مدينة نيويورك.
أحمد حلمي عبد الباقي أحد من ساهموا في إنشاء البنوك في فلسطين (مكتبة الكونغرس) التجربة السياسيةشارك في عضوية عدد من اللجان الوطنية والإسلامية والإنسانية في فلسطين، كاللجنة المركزية لإعانة المنكوبين في فلسطين التي شكلها المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في أعقاب ثورة البراق عام 1929. وقد كان أمينا للصندوق.
كما كان عضوا في لجنة القدس، التي تشكلت في أوائل مايو/أيار عام 1936، وإثر ذلك اعتقلته السلطات البريطانية رفقة عدد من السياسيين، واعتقل مرة ثانية بعد عام بمعتقل المزرعة في عكا وقبع في غرفة انفرادية ولقي من التعذيب أشده.
عام 1936 تأسست في القدس هيئة سياسية شعبية عرفت باسم "اللجنة القومية"، قادت الحركة الوطنية الفلسطينية ضد الاحتلال البريطاني والحركة الصهيونية، وكان شومان من ضمن المندوبين الخمسة في "مؤتمر اللجان القومية"، الذي عقد في مدينة القدس بتاريخ 7 مايو/أيار من العام ذاته.
وتقرر الإعلان عن عدم دفع الضرائب إلى أن تغيّر الحكومة البريطانية سياستها المحابية للصهيونية. وانتخب عضوا في "لجنة التموين والمقاطعة"، التي تشكّلت لمساعدة المتضررين من الإضراب العام.
الإنجازاتأثناء سنوات إقامته في الولايات المتحدة شارك في أنشطة اجتماعية وخيرية وصحفية متعددة، فقد اشترى أرضا لتكون مقبرة للمسلمين في نيويورك، وقدم تسهيلات ومساعدات للطلاب العرب، ودعم الصحف التي تصدر باللغة العربية.
ويروي أنه كان "يحتفل بقدوم كل عربي سياسي مناضل يزور نيويورك، ويجمع المال من المهاجرين لأكثر من مشروع عربي". كما أصدر جريدة عربية باسم "الدبور"، وشارك بنشاط في جمع وإرسال التبرعات لدعم نضال الحركتين الوطنيتين في فلسطين وسوريا.
إنشاء البنك العربيعاد إلى فلسطين في عام 1929، فوجد البلاد تفتقر إلى مصرف وطني، إذ كانت المصارف الموجودة آنذاك إما إنجليزية أو صهيونية، واقترح أن ينشئ العرب بنكا وطنيا خاصا بهم ليغنيهم عن المصارف الأخرى.
وتزامنت تطلعات شومان مع زيارة طلعت باشا من مصر إلى القدس لبحث إمكانية إنشاء فرع لبنك مصر في فلسطين، على أن يسهم أهل فلسطين بنحو نصف رأس المال، وقُبل الاقتراح بترحيب، ومع ذلك، بذل الصهاينة جهدهم لتعطيل هذا المشروع، وتمكنوا في النهاية من إحباطه.
أنشأ شومان "البنك العربي" في القدس برأس مال قدره 15 ألف جنيه فلسطيني، في شارع باب الخليل، وسجّل رسميا في 21 مايو/أيار 1930، وفتح أكثر من فرع له في فلسطين.
شاركه في تأسيس البنك العربي صهره أحمد حلمي عبد الباقي، الذي تركه عهدة بين يديه لما عاد إلى الولايات المتحدة، إلا أنه بعد عودة شومان من المهجر واستقراره نهائيا في وطنه، استقال عبد الباقي من عمله رئيسا لمجلس إدارة البنك العربي معلنا عن مشروع لتأسيس بنك زراعي.
وافتتح عبد الباقي فروعا للبنك الجديد في كل من طولكرم وغزة والرملة وطبريا وعكا وبيسان، غير أنه تراجع بسبب الحرب العالمية الثانية واضطر إلى تحويله لمصرف أطلق عليه "بنك الأمة العربية"، واشتهر باسم "بنك الأمة".
وعن اختيار شومان "البنك العربي" اسما للبنك قال "لمّا عزمت على تأسيس هذا البنك، لم أشأ أن أطلق عليه اسمي أو اسم قريتي بيت حنينا أو بلدي فلسطين… بل اسم الأمة العربية والوطن الكبير فسمّيته البنك العربي".
حاول الصهاينة منع تأسيس البنك، لكنهم فشلوا أمام إصرار شومان، ففي حديثه مع صديقه المؤرخ عجاج نويهض حول المحاولات الصهيونية منع مشروع طلعت حرب، وكذلك البنك العربي، قال: "لن أستسلم، انتظر قليلا وسوف تسمع الخبر الذي يعجبك. لن أعود إلى نيويورك قبل فتح مصرف وطني جديد".
وقبيل النكبة عام 1948، كان شومان قد نجح في إنشاء فروع للبنك العربي في بلدان عربية وأجنبية.
عقب النكبة نُقل المقر الرئيسي لـ"البنك العربي" إلى عمّان، واعتبر رسميا شركة مساهمة عامة. ونشط شومان وابنه عبد المجيد، الذي تسلم لاحقا رئاسة مجلس إدارة البنك العربي، من أجل إعادة تأسيس فروع البنك، سواء تلك التي أغلقت في فلسطين نتيجة النكبة، أو التي سقطت بسقوط المدن الفلسطينية الكبرى التي احتلتها العصابات الصهيونية.
مؤسسة عبد الحميد شومانقبل وفاته، أوصى عبد الحميد شومان بإنشاء مؤسسة تُعنى بالشأن الثقافي وتسهم في تمويل الأبحاث والدراسات العلمية والفكرية والطبية والتكنولوجية، لخدمة الأقطار العربية.
واستجابة لهذه الوصية، أنشئت مؤسسة عبد الحميد شومان في عام 1978 في العاصمة الأردنية عمان، بمبادرة من ابنه عبد المجيد. ومن أبرز دوائر المؤسسة منتدى عبد الحميد شومان الثقافي والمكتبة العامة ونظام المعلومات ومكتبة الأطفال ودارة الفنون.
الوفاةتوفي عبد الحميد شومان في التاسع من سبتمبر/أيلول 1974، في مدينة كارلوفي فاري التشيكية، ونقل جثمانه إلى القدس ودفن بجوار المسجد الأقصى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات عبد الحمید شومان البنک العربی عبد الباقی بیت حنینا فی فلسطین فی القدس
إقرأ أيضاً:
أحمد نبيوة يكتب: عمر الماحي.. 11 عاما على رحيل رائد التعليم في إفريقيا
تحل غدا الثلاثاء 12 نوفمبر، الذكرى الحادي عشر على رحيل رمز من رموز التعليم في القارة الإفريقي، حيث أثرى المكتبة العربية والإفريقية بمؤلفاته التي الدعوية والعلمية والتعليمية، حيث يعد واحدا من رواد التعليم في القارة الإفريقية.
ولا عجب فإن قارة إفريقيا التي ننتمي إليها، زاخرة بالجال الذين اختصهم الله تعالى بتغيير مسار الدول لتتحول من دول نامية غلى دول متقدمة، وسطر التاريخ بحروف من نور العديد من الشخصيات التي كانت لها بصمة في دولها سواء اقتصادية أو سياسية أو أدبية أو اجتماعية، ومن بين هؤلاء الشخصيات التي لا حصر لهم في دول منطقتنا العربية والإسلامية بالقاهرة السمراء، الدكتور عبد الرحمن عمر الماحي ابن دولة تشاد، فقد اشتهر بين الجميع بأنه رائد التعليم العربى والإسلامى فى القارة الإفريقية.
الدكتور الماحي، لمن لا يعرفه، تولى العديد من المناصب القيادية في دولة تشاد، حيث كان آخر منصب تولاه، هو رئاسة جامعة الملك فيصل بشاد، وهو أستاذ التاريخ والحضارة درَس فى مصر والجزائر والمغرب لعدة سنوات ، ثم تولى عدة مناصب فى جمهورية تشاد، حيث كان نعم المربى، ونعم القائد المخلص الذى أفنى عمره فى أداء رسالته تجاه دينه وأمته ووطنه، وأدى واجبه بكل جد ووفاء وسخاء.
وقد حظيت بشرف التواصل معه عن بعد، فقد أجريت معه بعض الحوارات والتصريحات الصحفية، واطلعت على عدة مؤلفات له، فكان بمثابة المعلم والمربي، وله العديد من المؤلفات فى الفكر الإسلامى والحضارة الإسلامية، وستظل منهلا للباحثين ومقصدا للدارسين، فله قرابة العشرون كتابا أبرزهم: انتشار الإسلام بين الأمم - الدعوة الإسلامية في أفريقية الواقع والمستقبل - تأثير الإسلام في المجتمع الأفريقي- علاقة التاريخ بالعلوم الشرعية وتطور البحث العلمي- علاقة الوحدة الإسلامية بالسلطة والدولة - تأثير الفكر التربوي الوضعي في المسلم المعاصر - التأريخ عند المسلمين ومنهج البحث التاريخي، كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات الدولية وله أكثر من 20 بحثا بالاضافة للمقالات في كبرى الصحف في التاريخ والحضارة الإسلامية، والدعوة إلى الإسلام، والأدب الإسلامي في أفريقيا، ستظل منهلا للباحثين ومقصد الدارسين.
وقد منحه المدير العام للايسيسكو الدكتور عبد العزيز التويجرى جائزة أفضل إنتاج أدبى عن مدينة أنجامينا، كما أسهم –رحمه الله- فى تطوير جامعة الملك فيصل بتشاد والارتقاء بها وحرص على تنسيق العلاقات وتوسيع التعاون والتواصل بين الدول العربية والدول الأفريقية.
ولعل الكثير يعرف ماقامت به جامعة الملك فيصل بتشاد فى عهده –رحمه الله- بدور ريادى فى القارة الأفريقية، باعتبارها جامعة إسلامية عربية تخرِّج أجيالًا من الدعاة والعلماء المسلمين الأكفاء، ويدرس بها طلاب من مختلف دول أفريقيا، وتوفر لهم بيئة إسلامية وأكاديمية تساعدهم على البحث والتحصيل.
لقد كان مصاب الأمة العربية والإسلامية أليما فى هذا الرجل العظيم الذى ظل يعمل ويعمل طوال حياته منتهجا نهج العلماء المستنيرين الكبار، ومنطلقا من المدرسة الوسطية فى الإسلام، وكان حريصا كل الحرص على التمكين للغة العربية فى جمهورية تشاد والدول الأفريقية، ومازال التاريخ وسيظل يذكر إسهاماته الكبيرة في النهوض بالتعليم الإسلامي والعربي.
ولم يكن د.الماحي، عالمًا فقط وإنما كان مربيا للأجيال خير من يمثل الوسطية في الإسلام، حيث تولى زمام هذه المنارة العلمية الشامخة في زمن تعج فيه الصراعات الطائفية، لكن بفضل الله تعالى وجهوده في رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وكلية الدعوة الإسلامية في جامعة الملك فيصل وجامعة أفريقيا العالمية، وغيرها من المؤسسات، أبرزت جهود العالم الراحل التعليمية على جامعة الملك فيصل، حيث ازدهر هذا الصرح الشامخ الذي تخرج منه آلاف العباقرة من دكاترة ووزراء وكوادر تربت في أحضان القيم والمثل الرفيعة المستمدة من تعاليم القرآن الكريم الذي حفظه منذ نعومة أظفاره وختمه في سن العاشرة من عمرة ، كما شهد بذلك طلابه وزملائه.
ولعل المقام يحتاج إلى ذكر جانب من سيرته الذاتية الحافلة ، حيث ولد الدكتور الماحي عام 1937م بقرية (كرل) مركز موسكوري محافظة شاري باقرمي بتشاد، وحفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في تشاد، وحصل على شهادة الدراسات العربية والتربوية في معهد المعلمين بأبشه عام 1966م، وحصل على شهادة الكفاءة التربوية بفوت لامي (أنجمينا )عام 19680 ، وعمل بعدها مدرسا في مختلف مراحل التعليم في تشاد في الفترة الواقعة بين عامي 1960- 1972م، زار خلال هذه الفترة عددا كبيرا من الدول الأفريقية والعربي والأوروبية لعدة مهام، وحصل على شهادة الدراسات الجامعية في الشريعة والقانون في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بأم درمان السودان عام 1974م، كما حصل على درجة الإجازة العالمية في التاريخ والحضارة الإسلامية في كلية الآداب جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان عام 1977م،و حصل على دبلوم الدراسات العليا في التاريخ عام 1979م، وحصل على درجة الماجستير عام 1981م.
كما حصل على درجة الدكتوراه عام 1984م. في التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب بجامعة عين الشمس بالقاهرة وحصل على درجة الدكتوراه (بروفسور) في عام 2008م، وكانت رسالة الدكتوراه بعنوان (الدعوة الإسلامية في أفريقيا: الواقع والمستقبل)، زعين عضو هيئة التدريس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة الجزائر في الفترة الواقعة بين عامي 1986 و1994م.
كما تولى عدة مناصب منها عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بالقاهرة، وعضو شرف برابطة الأدب الإسلامي العالمية (23/8/1422هـ، الموافق8/11/2001م)، وممثل الرابطة في تشاد، وعضو المنظمة العالمية للكتاب الأفريقيين والآسيويين، وممثل المنظمة في تشاد، ومنحته المنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة (الإيسيسكو) جائزة أفضل إنتاج أدبي عن مدينة أنجامينا، ورائد التعليم العربي والإسلامي في القارة الإفريقية.
وتوفي الدكتور عبدالرحمن عمر الماحي ليلة الثلاثاء 12 من نوفمبر 2013م، في تونس، إثر مرض لم يمهله طويلا، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدمه من جهود علمية ودعوية وتربوية في ميزان حسناته يوم القيامة، رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته ورزقنا وذويه والأمة الإسلامية والعربية الصبر والسلوان.