هل هذه قضية تحتاج إلى نقاش فى ضوء الواقع المعاش بمشاكله وبتعقيداته على كل المستويات خاصة المستوى الاقتصادى. أعتقد لقناعتى أن كل الأمور متداخلة ومتشابكة فلا انفصال بين السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى كذلك الدينى الممثل فى الفكر الدينى. ذلك الفكر الذى يمثل حجر الزاوية فى أى بناء حقيقى لوجود وعى يدرك الأمور ويعى الواقع لكى يتم تغييره إلى الأحسن فى كل مناحى الحياة.
خاصة أن هذا الفكر الدينى هنا وهناك هو المسيطر والموجه والحاكم لكل الأمور ميراثا واقتناعا لكل من يؤمن ويتأثر بهذا الفكر دون شحذ الفكر وإعمال العقل. لذلك تصبح هذه القضية مهمة وتحتاج إلى نقاش مثل قضايا كثيرة يقدس فيها غير المقدس. الأيقونة هى صور القديسين التى توجد فى الكنائس والأديرة بهدف تقديس هؤلاء وأخذهم نموذجا لكى يحتذى به (ويتم ما يسمى بالتبارك من هذه الأيقونات). وهذه الأيقونات توجد بالكنائس الأرثوذكسية ولا توجد التماثيل . وعدم وجود التماثيل بالأرثوذكسية تنفيذا للآية الإنجيلية التى تقول (لا تصنعوا لكم تمثالا على الأرض)، أما الكاثوليكية فتوجد بها هذه الأيقونات وكذلك توجد تلك التماثيل. وأعتقد أن وجود هذه الأيقونات فى الكنيسة الأرثوذكسية يعود للواقع المصرى القديم الذى جاءت عليه وبعده المسيحية. فالمسيحية فى مصر ومنذ دخولها لمصر كانت قد تأثرت بالواقع المصرى بشكل مباشر مما سرع فى انتشارها. فقد أخذت الكهنوت المصرى فأصبح كهنوتا مسيحيا، وأخذت المعبد الفرعونى فتحول إلى كنيسة ومفتاح الحياة إلى صليب وكذلك كانت عقيدة التثليث المصرية (إيزيس وأوزيريس وحورس) تمهيدًا الاقتناع بعقيدة التثليث المسيحية. وفى إطار هذا كان الفن القبطى هو الامتداد الطبيعى فى كل خطوطه للفن المصرى القديم. وأعتقد كان هذا الباب هو الذى دخلت منه الأيقونة إلى الكنيسة الأرثوذكسية أى تأثرا بالواقع المعاش الذى يؤثر ويتأثر بالإنسان. وعلى ذلك كان طبيعيا أن تتأثر الكنيسة الكاثوليكية بالواقع وبالزمان والمكان الغربى وبالحضارات الإغريقية والرومانية تلك الحضارات التى ابدعت كثيرا فى فن التماثيل. ولذلك نرى إبداعات مايكل انجلو وأمثاله فى تلك التماثيل التى توجد فى الفاتيكان والتى تمثل مفخرة لهم. وهنا نرى تأثير الفكر الدينى أى تفسير البشر للنص الدينى ذلك الفكر الذى تأثر بالواقع فاجاز الصور والتماثيل بالرغم من وجود النص التحريمى؟ مع العلم أن الكنيسة البروتستانتية لا تؤمن لا بالأيقونات ولا بالتماثيل. جاء هذا الكلام لوجود ظاهرة التماثيل فى الكنيسة الأرثوذكسية والتى كانت تتفاخر وتتمايز على الكاثوليكية فى هذا الموضوع على أنها أكثر تمسكا بالنص الإنجيلى. فوجدنا تماثيل للأنبا أنطونيوس وبولا والأنبا شنودة الثالث (أكثر من تمثال). كذلك وجدنا أسقف بنى سويف يرفع تمثالًا للعذراء وكذلك شقيقه أسقف أسيوط الذى احتفل برفع تمثال العذراء بدير درنكة فى احتفال كنسى ورسمى مشهود. هنا سيقال إن التماثيل فن ضمن الفنون ويقام على تلك الأرضية الفنية! نقول وهل الكنائس والأديرة متاحف لعرض تلك الفنون التشكيلية؟ ولماذا إيجاد ظروف تسهل الخلط بين الفنى والدينى خاصة أن أى تواجد داخل الكنائس والأديرة يتم التعامل معه على أرضية دينية فقط. فكل موجود هو مقدس (الصور والتماثيل وحتى الستائر على الحوائط وغير ذلك الكثير والكثير). أما الأخطر فإن السيد أسقف أسيوط قال عند رفع التمثال الذى أقامه. أنه ذهب إلى تمثال العذراء فى حريصة بلبنان ستة عشر مرة لأخذ البركة من التمثال!! وعليه قال انظروا الى التمثال لكى تأخذوا بركة! فهل هذا لا يعتبر خلطًا معيبًا بين الفنى والدينى؟ وهل التمثال يعطى البركة؟! وعندما تكون البركة فى الحجر المصنوع فأين البركة الإلهية الحقيقية؟ ام أن التماثيل أصبحت بديلا البركة الحقيقية؟ الأمر خطير حيث أصبحت كل ايبارشية تدار حسب رؤية الأسقف خاصة فى الأمور العقائدية وليست الإدارية أو المالية. وهذا لا يليق لايتسق مع تاريخ الكنيسة الجميل ويعتبر إهدارا وإسقاطا لدور مجمع الأساقفة المنوط به مثل هذه الأمور. هذه قضية ليست جزئية أو بسيطة ولكنها يمكن أن تكون بداية لنهاية خطيرة على الكنيسة والفكر الدينى الذى يؤثر فى تشكيل وعى ووجدان المواطن المصرى. حمى الله مصر وشعبها العظيم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية:
الايقونات
التماثيل
الارثوذكسية
الكاثوليكية
تمثال ا
إقرأ أيضاً:
"لعبة النهاية " من جديد على مسرح الطليعة.. صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يعود العرض المسرحي "لعبة النهاية" إنتاج فرقة مسرح الطليعة بقيادة المخرج سامح بسيوني، من جديد لمسرح الطليعة، حيث يقدم العرض ابتداء من مساء أمس الخميس، و يستمر العرض يوميا في السابعة والنصف مساء على قاعة صلاح عبدالصبور بمسرح الطليعة بالعتبة، ضمن خطة قطاع المسرح برئاسة المخرج خالد جلال، وخطة البيت الفني للمسرح برئاسة الفنان هشام عطوة.
لعبة
النهاية من سعد أردش إلى السعيد قابيل
"لعبة النهاية " أعادت فرقة مسرح الطليعة إنتاجه باعتباره أول عمل قدمته الفرقة عند افتتاحها عام 1962، بمناسبة مرور ستين عاماً على عرضه الأول وضمن مشروعها الاستعادي لتراث الفرقة، حيث أن نسخة "لعبة النهاية"2024، من إخراج السعيد قابيل، بينما حملت نسخة العام 1962 توقيع الراحل سعد أردش.
تدور مسرحية لعبة النهاية أو نهاية اللعبة، كما أرادها مؤلفها صموئيل بيكيت، حول أربع شخصيات، «هام» الرجل المشلول كفيف البصر الذى يجلس عاجزا على كرسيه المتحرك يرى الحياة من خلال خادمه المطيع «كلوف»، ذلك الخادم المسكين المهمش الذى لا يدرى سببا لطاعة سيده ولا يفضل صحبته، ولكنه يجد نفسه مضطرا للسمع والطاعة وتلبية رغباته التافهة والإجابة عن أسئلته المكررة، بينما تعيش شخصيتان من العالم الافتراضي في براميل صدئة هما «ناج» و«نيل»، والد ووالدة هام المشلول، واللذان توفيا منذ زمن طويل لكنهما يظهران في مخيلته ويدور بين الثلاثة حوار أقرب للهذيان.
"لعبة النهاية" 2024، تأليف صمويل بيكيت، إعداد وإخراج السعيد قابيل، تمثيل د. محمود زكي، محمد صلاح ، لمياء جعفر، محمد فوزي الريس، ديكور ودعاية أحمد جمال، أزياء مها عبدالرحمن، إضاءة إبراهيم الفرن.