عاد ترامب سيداً للبيت الأبيض، وصانعاً للأحداث الأهم عالمياً.. عاد أكثر قوةً وصلابةً ليؤكد أنه رجل المفاجآت، القادر على قهر المستحيل، فمن تابع مسيرته خلال السنوات الأربع الماضية يدرك أنه قهر المستحيل وقفز على الكثير من الحواجز الصعبة وكأنه فارس متمرس على الفوز. قليل من الناس تصنعهم التحديات، وكلما واجهوا صعاباً استطاعوا تحويلها إلى فرص للنجاح، ومن يتأمل رحلة حياة ترامب يجده من أوائل الناس الذين صنعتهم التحديات، خاض الكثير من المعارك مع خصوم له ليخرج من كل معركة منتصراً.
الاتفاقيات الدولية بالنسبة له صفقات، ليس لها داع إذا لم تتحقق من ورائها أرباح ومكاسب، ليس له حليف استراتيجي ولكن له مصالح استراتيجية يسعى لتحقيقها بأي ثمن، وتتحكم في تكوينه تحالفات ورفضه للتحالفات.. ألّف العديد من الكتب التي تتمحور حول حياته ومجال البيزنس وأسهل الطرق لجني المال، متقلب المزاج يجيد الانقلاب على ذاته وتغيير قناعاته، اختار العمل الحر طوال حياته وعندما قرر السعي إلى وظيفة رسمية كانت وظيفة «الرئيس»، سخر من العمل السياسي ووصفه وهو في منتصف الثلاثينات بالوضاعة وخاض أشرس المعارك ليمارس السياسة.
هو رجل التحديات الصعبة والمعارك الكبرى. عندما قرر الترشح للرئاسة لأول مرة عام 2015 وقف ضده أقطاب حزبه الجمهوري، فقد كان بالنسبة لهم دخيلاً، ورغم ذلك فاز بترشيح الحزب ليخيّب آمال المناهضين له، وخاض الانتخابات الرئاسية ضد هيلاري كلينتون، ليفوز ويخيب توقعات المحللين ويثبت أن نتائج استطلاعات الرأي مجرد وهم.
عندما خسر أمام بايدن الانتخابات قبل الأخيرة، وبعد اقتحام الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني تخلى عنه المحيطون به وهاجمه مقربون منه وعلى رأسهم نائبه «الوفي» مايك بنس ومستشاره للأمن القومي جون بولتون، وبعد خروجه من البيت الأبيض تم فتح جميع الملفات وتقديمه للمحاكمة في 37 قضية، تنقل بين محاكم ولايات مختلفة، وتم استجوابه على الملأ في بعضها، وتمت إدانته في بعضها، وتمت مساءلته مرتين أمام الكونغرس، ناهيك عن تعرضه لمحاولات اغتيال، ورغم ذلك لم ينكسر ولم يتخل عن قرار «العودة للبيت الأبيض».
إصرار ترامب على تجاوز كل العراقيل وخوض الانتخابات الأخيرة لم يكن الهدف منه فقط العودة للرئاسة، إنما استرداد كرامته والانتقام من أعدائه وتأكيد أنه لا يقبل بالخسارة، وتوعد بهزيمة هاريس والديمقراطيين وإلحاق أكبر هزيمة بهم خلال العشرين سنة الماضية، هزمهم في الانتخابات الرئاسية وفي الكونغرس، وخيّب توقعات المحللين مرة أخرى، وأثبت أن استطلاعات الرأي لا تستحق لا الوقت ولا الجهد.
عاد ترامب أكثر قوة بانتصار غير مسبوق، وحسب وصفه في خطاب الفوز فقد منحه الشعب تفويضاً لتحقيق أهدافه التي لا تتعلق بالداخل الأمريكي فقط بل بينها أهداف تتعلق بالأوضاع العالمية المأزومة، والسبب هو زيادة رقعة الصراعات العالمية والحروب المدمرة، حرب روسية - أوكرانية تورطت فيها أمريكا والغرب وألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي، وحرب إسرائيلية غاشمة على غزة تجاوزت ال 13 شهراً من القتل والإبادة والتخريب والتدمير، ثم امتدت إلى الضفة وفتحت جبهة مع لبنان ولا يستبعد توسعها لتحرق الإقليم كله، وأيضاً أمريكا طرف أصيل فيها بالدعم اللامحدود الذي تقدمه لإسرائيل عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، والأمل معقود على ترامب في أن يضع نهاية لهاتين الحربين.
نعلم أن ترامب لن يغير ثوابت أمريكا وقناعاته المنحازة إلى إسرائيل التي أهداها في رئاسته الأولى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادتها على الجولان المحتل، ولكن نعلم أيضاً أن هذه الحرب كبّدت أمريكا مليارات الدولارات وشوهت صورتها عالمياً بل وعند طلاب جامعاتها وشبابها الغاضب من الانخراط الأمريكي فيها، وكي تعود أمريكا «عظيمة» حسب شعار الرئيس المنتخب، لن يتحقق ذلك بإنفاق أموال دافعي الضرائب فيها على مزيد من التدمير لغزة ولبنان وغيرهما، ولعل ترامب يدرك ذلك ولذا تعهد في «خطاب النصر» بوضع حد للحروب في جميع أنحاء العالم والسعي لتحقيق السلام والاستقرار العالميين.. تعهُّد نتمنى أن يتحقق وأن يتوقف نزيف الدماء والخراب العالمي على يدي رجل يجيد الانقلاب وتبديل المواقف وتغيير المفاهيم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية
إقرأ أيضاً:
هل خضع الرئيس عباس لـ”تعليمات” طاقم البيت الأبيض؟ .. هيكل جديد لـ”السلطة” وانتخابات بدون حماس
سرايا - الخلفية التي أسّست لقرار الرئيس الفلسطيني المُفاجئ محمود عباس مساء الأربعاء بعنوان إصدار مرسوم رئاسي يُشكّل تجاوزا لتفاصيل القانون الأساسي الذي يحكم عمل السلطة الفلسطينية ليس أكثر من وصفة موصوفة في الواقع باتجاه التفاعل على المستوى الإقليمي العربي وفي دول معسكر السلام مع الخطوط والملامح العامة للمرحلة التي ترشح منها تفاصيل وتعليمات وتوجيه الرئيس الأمريكي المنتخب للبيت الأبيض دونالد ترامب.
وبدا واضحا لجميع الأطراف أن الملف الفلسطيني وملف الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي يخضعان لهندسة ما في منطقة يتعاون فيها الرئيسان السابق جو بايدن واللاحق دونالد ترامب.
ومن الواضح أن عواصم عربية مثل الرياض وأبو ظبي وعمان والقاهرة لديها الآن تصور يدعمه الآن الرئيسان.
بمعنى أو بآخر خطوة الرئيس عباس جزء من تحضيرات مشهد السلطة الفلسطينية الداخلي للهيكلية التي يريدها الرئيس ترامب وسيحاول فرضها متوقعا أو مبلغا العديد من الزعماء العرب بأنه يتوقع أن لا يواجه أي مقاومة في التصورات التي يراها مناسبة حتى الآن.
لاحظ الجميع أن مستوى التنسيق بين العواصم العربية ارتفع في الوقت الذي ارتفعت فيه المساحة المشتركة عند التفكير بمآلات ومستقبل القضية الفلسطينية ما بين الرئيس بايدن وترامب حيث كل المؤشرات في واشنطن تشير إلى أن الإدارة الديمقراطية فيما تبقّى لها من أيام وأسابيع اتّفقت مع طاقم بترامب علي هندسة للمشهد مشتركة تضمن أمن "إسرائيل".
ويبدو أن الاتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان ومحاولة وقف إطلاق النار لاحقا في غزة هي جزء حيوي من هذه الهندسة.
وثمّة معلومات في السياق تشير إلى أن الرئيسان الأمريكيان اتّفقا فيما يبدو وأبلغا عواصم عربية أن التركيبة الحالية للسلطة الفلسطينية غير مقبولة.
وأن السلطة الفلسطينية ينبغي أو يتوجب أن تخضع لإعادة هيكلة وتواجه الفساد فيها وتتغير أنماط الرئاسة فيها إذا أرادت البقاء أو الإفلات بالبقاء في عهد الرئيس ترامب تمهيدا لانتخابات “لا تقود” إلى نجاح حركة حماس بالأغلبية.
ولعلّ هذا بصورة محددة ما دفع الرئيس عباس لإعلانه التعميم الرئاسي الجديد والقاضي أن يتولّى موقع رئيس السلطة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني وليس رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني كما ينص القانون الأساسي إلى حين إجراء انتخابات.
وهذا يعني أن السلطة الفلسطينية ليست بصدد التحوّل إلى دولة فلسطينية مستقلة بصورة منفردة.
يتردّد في أوساط الحزب الجمهوري في واشنطن بأن وقف إطلاق النار في لبنان مسألة في مساحة تخص "إسرائيل" اتّفق عليها الرئيسان بايدن وترامب لأن الأخير راغبٌ بإنهاء حالة الصراع العسكري وحقن المزيد من الدماء كما صرّح علنا مساء الثلاثاء.
وبالتالي ثمّة هندسة بالطريق تنتج عن المشاورات ما بين فريقي بايدن وترامب في المساحة المشتركة وهي "إسرائيل" وإعادة سكّة التطبيع السعودي الإسرائيلي تحديدا إلى مكانها الصحيح والعودة إلى ما كان يسميه ترامب بالعادة السلام الاقتصادي وبايدن تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين دون دولة فلسطينية ودون حل جذري لعملية السلام.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #عمان#ترامب#الأردن#لبنان#مجلس#النواب#العراق#الفساد#أمن#العمل#بايدن#غزة#علي#الرياض#محمود#الجميع#رئيس#الرئيس
طباعة المشاهدات: 915
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 01-12-2024 01:46 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...