التاريخ الطويل لفلسطين.. لماذا ينتصر الفلسطينيون في حرب الشرعية؟
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
نشرت مجلة "كاونتر بانش" تقريرًا يسلط الضوء على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من منظور طويل الأمد، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني يعتمد على الثقافة والمعتقدات الجماعية كقوة دافعة، وليس على القوة العسكرية فقط؛ حيث يعد "الصمود" ثقافة متجذرة في المجتمع الفلسطيني، تتجاوز الزمن والسياسات، وتساعد الفلسطينيين على الحفاظ على هويتهم رغم الظروف القاسية.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه من الغريب أن المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس أصاب في توقعاته، عندما تنبأ بشكل صريح بمستقبل بلاده وحربها مع الفلسطينيين.
فقد قال في مقابلة مع صحيفة هآرتس الإسرائيلية في سنة 2019: "ينظر الفلسطينيون إلى كل شيء من منظور واسع وطويل الأمد؛ إنهم يرون أنه يوجد الآن خمسة إلى ستة أو سبعة ملايين يهودي، محاطين بمئات الملايين من العرب، ليس لديهم سبب للاستسلام، لأن الدولة اليهودية لا يمكن أن تستمر. لا بد أن ينتصروا، في غضون 30 إلى 50 سنة أخرى سيتغلبون علينا، مهما حدث".
وأضاف أن موريس محق، إنه محق في أن الفلسطينيين لن يستسلموا، وأنه لا يمكن للمجتمعات أن تعيش وتزدهر إلى ما لا نهاية في إطار نسق دائم من الفصل العنصري والعنف والإقصاء وعزل الذات.
وأوضح أن تاريخ فلسطين ذاته شاهد على هذه الحقيقة، وإذا لم يتم قهر المضطهدين من أبناء الأرض الأصليين أو إبادتهم بالكامل، فسينهضون ليقاتلوا ويستعيدوا حريتهم.
وذكرت المجلة أنه لا بد أنه من المحبط تماما بالنسبة لإسرائيل أن كل عمليات القتل والتدمير الجارية في غزة لم تكن كافية للتأثير على النتائج الإجمالية للحرب، ولم تؤدِ لـ"النصر الكامل" الذي لا يزال نتنياهو يتحدث عنه.
وأشارت المجلة إلى أن إحباط إسرائيل مفهوم لأن تل أبيب، مثلها مثل كل المحتلين العسكريين في الماضي، لا تزال تعتقد أن العنف يجب أن يكون كافيًا لإخضاع الشعوب المستعمرة.
وتابعت بأن الفلسطينيين لديهم مسار فكري مختلف يوجه سلوكهم الجماعي، فمن بين التصنيفات العديدة للتاريخ، يفرّق المؤرخون الفرنسيون المعاصرون بين التاريخ الحدثي والتاريخ الطويل؛ حيث يرى الأول أن التاريخ هو نتيجة تراكم الأحداث المتعاقبة على مدار الزمن، بينما يرى الثاني التاريخ على مستوى أكثر تعقيدا بكثير.
وأردفت بأنه لا يمكن النظر إلى التاريخ الموثوق به إلا في مجمله، ليس فقط إلى مجموع أحداث التاريخ، حديثة كانت أم قديمة، بل إلى مجموع المشاعر، وحصيلة الأفكار، وتطور الوعي الجماعي، والهويات، والعلاقات، والتغيرات الدقيقة التي تطرأ على المجتمعات على مر الزمن.
وأوضح تقرير أن الفلسطينيين هم أفضل مثال على أن التاريخ تصوغه الأفكار لا البنادق، والذكريات لا السياسة، والأمل الجماعي لا العلاقات الدولية، سيفوزون بحريتهم في نهاية المطاف؛ لأنهم استثمروا في مسار طويل الأمد من الأفكار والذكريات والتطلعات الجماعية، والتي غالبا ما تترجم إلى شكل روحاني، أو بالأحرى إيمان عميق وثابت يزداد قوة، حتى في أوقات الحروب المروعة.
وقد لخص المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة، البروفيسور ريتشارد فولك، الصراع في فلسطين على أنه حرب بين أصحاب السلاح وأصحاب الشرعية، وقال إنه في سياق حركات التحرر الوطني، هناك نوعان من الحرب: الحرب الفعلية، أي الجنود الذين يحملون السلاح، وحرب الشرعية، والمنتصر في الحرب الأخيرة هو الذي سينتصر في نهاية المطاف.
وأوضحت المجلة أن الفلسطينيين ينظرون بالفعل إلى كل شيء من منظور واسع وطويل الأمد، حيث تصبح الرؤية طويلة الأمد أكثر أهمية، فحتى لو لم يتفق الفلسطينيون على انتظار رحيل الغزاة أو أن تصبح فلسطين مرة أخرى مكانًا للتعايش الاجتماعي والعرقي والديني، فإنهم مدفوعون لا شعوريًا بالطاقة نفسها التي دفعت أسلافهم إلى التصدي للظلم بجميع أشكاله.
وفي الوقت الذي ينشغل فيه العديد من السياسيين والأكاديميين الغربيين بلوم الفلسطينيين، يستمر المجتمع الفلسطيني في التطور بناء على ديناميكيات مستقلة تماما، فالصمود في فلسطين هو ثقافة متأصلة في المجتمع الفلسطيني لا تخضع لمحفزات خارجية، إنها ثقافة قديمة قدم الزمن وفطرية وبديهية متوارثة عبر الأجيال.
لقد بدأت هذه الملحمة الفلسطينية قبل الحرب وقبل إسرائيل بوقت طويل، وقبل الاستعمار الحديث، وتوضح هذه الحقيقة أن التاريخ لا يتأثر بالأحداث المجردة، بل بعوامل أخرى لا حصر لها، وأنه على الرغم من أهمية "التاريخ الحدثي" - أي الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تساهم في صناعة التاريخ من خلال الأحداث القصيرة الأمد - فإن التاريخ طويل الأمد يقدم فهمًا أكثر عمقًا للماضي وعواقبه.
ودعت إلى أن يشارك جميع المهتمين بالنضال في فلسطين في هذا النقاش، وأن يحرصوا على تقديم نسخة من الحقيقة لا تحركها المصالح السياسية المستقبلية، بل الفهم العميق للماضي، وعندها فقط يمكننا البدء في تحرير الرواية الفلسطينية من كل التواريخ المفروضة على الشعب الفلسطيني.
واختتمت المجلة التقرير بأن أي قارئ فطن للتاريخ يجب أن يدرك أن الطائرات المقاتلة والقنابل الخارقة للتحصينات قد تؤثر على الأحداث التاريخية على المدى القصير، لكن الشجاعة والإيمان والحب المجتمعي هي التي تحدد التاريخ على المدى الطويل، لهذا السبب ينتصر الفلسطينيون في حرب الشرعية، ولهذا السبب فإن حرية الشعب الفلسطيني هي مسألة وقت فقط.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الفلسطيني غزة فلسطين غزة الاحتلال المقاومة العدوان صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طویل الأمد
إقرأ أيضاً:
بعد تعليق دورها في جهود الوساطة.. كيف تلقى الفلسطينيون قرار قطر؟
أعرب الفلسطينيون وسط قطاع غزة، يوم الأحد، عن إحباطهم من قرار تعليق جهود الوساطة القطرية لمحاولة إنهاء الحرب الإسرئيلية على القطاع.
اعلانوكانت قطر قد أعلنت يوم السبت أنها علقت جهود الوساطة الرئيسية التي تقوم بها، مشيرة إلى أنها "ستستأنف جهودها مع الشركاء عند توفر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب".
قال أحمد البرش، وهو من مخيم جباليا للاجئين، في تعليقه على القرار: ”ندعو قطر إلى مواصلة جهودها لإنهاء هذه الحرب المدمرة التي أثرت على كافة جوانب الحياة وحولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق".
من جهته، قال أحمد النونو، وهو نازح فلسطيني آخر من مدينة غزة: "نحن شعوب منكوبة. عليهم أن يستمروا بدعمنا".
Relatedقطر تنهي وساطتها في مفاوضات غزة وتدعو حماس وإسرائيل لإظهار جدية في الحوارمساع مصرية قطرية مشتركة من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة "وول ستريت جورنال": هجوم أمريكي دبلوماسي لإضعاف حزب الله سياسيا.. السعودية تدعم وقطر تحذروقال مصدر دبلوماسي مطلع على هذه المسألة إن قطر أبلغت إسرائيل وحماس أنها لا تستطيع الاستمرار في الوساطة ”طالما هناك رفض للتفاوض بحسن نية. ونتيجة لذلك، لم يعد المكتب السياسي لحماس يخدم الغرض منه في قطر".
لكن الدوحة قالت إن ما نُقل عن قرار الانسحاب من الوساطة إضافة إلى التقارير التي تتحدث عن إغلاق مكتب الحركة في العاصمة القطرية "غير دقيق" وفق تعبيره
وقد فشلت أشهر من محادثات وقف إطلاق النار في إيجاد أرضية مشتركة بين الجانبين الذين لا يزالان منقسمين حول القضايا الرئيسية، بما في ذلك ما إذا كانت إسرائيل ستسحب قواتها من غزة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بينهم 13 طفلاً.. غارة إسرائيلية تقتل 33 شخصاً من عائلة واحدة في جباليا شمال غزة شمال غزة تحت رحمة الغارات وخطر المجاعة ونتنياهو يزهو بتخطي معارضيه في قرار اغتيال نصر الله فلسطينيو الداخل يتظاهرون في أم الفحم مطالبين بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان قطاع غزة إسرائيل قطر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلسطين وقف إطلاق النار اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. شمال غزة تحت رحمة الغارات وخطر المجاعة ونتنياهو يزهو بتخطي معارضيه في قرار اغتيال نصر الله يعرض الآن Next بعد قرار حظر الاحتجاجات.. فضّ مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في أمستردام تخللتها مناوشات واعتقالات يعرض الآن Next هو الهجوم الأكبر منذ بداية الحرب.. 34 طائرة أوكرانية مسيّرة فوق سماء موسكو يعرض الآن Next بينهم 13 طفلاً.. غارة إسرائيلية تقتل 33 شخصاً من عائلة واحدة في جباليا شمال غزة يعرض الآن Next من ميشغان إلى أريزونا.. ترامب اكتسح جميع الولايات المتأرجحة اعلانالاكثر قراءة المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقًا ضد كريم خان بسبب "سلوك غير لائق".. ما القصة؟ قضيّة الوثائق السرية المسربة: مستشارة الحكومة الإسرائيلية توافق على التحقيق مع نتنياهو مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز مكالمة ثلاثية جمعت بين إيلون ماسك وترامب وزيلينسكي.. ماذا دار خلالها؟ اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزةإسرائيلدونالد ترامبضحاياغزةفيضانات - سيولقصفإسبانياروسياالحرب في أوكرانيا الموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024