على الفاتح يكتب: ترامب ومستقبل الإرهاب الصهيوني
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
تنفس العالم الصعداء بعد تراجع احتمالات نشوب حرب شرسة بسبب عودة «دونالد ترامب» إلى البيت الأبيض، وبتساؤل أكثر حذراً يأمل الشرق الأوسط فى إبعاد شبح الحرب الإقليمية، ووقف إطلاق النار فى غزة ولبنان.
الرهان على الطبيعة الشخصية لترامب غير المؤدلج، ورجل الأعمال البراجماتى الذى يدرك جيداً أن العالم بخرائطه السياسية وديناميكية صراعاته لم يعد هو نفس العالم الذى شهد دخوله البيت الأبيض لأول مرة عام ٢٠١٦.
إدارة بايدن الديمقراطية ارتكبت خطأ استراتيجياً بمحاولاتها ضم أوكرانيا إلى حلف الناتو عبر سلسلة من الخطوات السياسية والإجراءات العسكرية، حذرت روسيا الاتحادية من التمادى فيها قبل أن تيأس من مناشداتها التى انتهت بشن عملية عسكرية خاصة ضد «كييف».
المحصلة: انتصار موسكو على المستوى الاستراتيجى، بيد أن المشكلة الأخطر التى نجمت عن خطأ بايدن الاستراتيجى تشجيع الصين وفتح شهيتها لابتلاع جزيرة تايوان وتنظيمها عدة مناورات عسكرية بحرية وجوية لوحظ نشاطها الزائد مع تصاعد وتيرة الصراع فى الشرق الأوسط.
خطيئة الإدارة الديمقراطية أدت إلى تحالف استراتيجى بين الدب الروسى والتنين الصينى لم يعبر عنه فقط التعاون الاقتصادى على مستوى الطاقة والتبادل التجارى المتنامى، وإنما ترجمته أيضاً المناورات البحرية المشتركة بين الأسطولين الحربيين الروسى والصينى فى بحر الصين الجنوبى والمحيط الهادى الشمالى.
الصراع التجارى المحموم بين الصين والولايات المتحدة أثناء ولاية ترامب الأولى [٢٠١٦ - ٢٠٢٠] تحول إلى مواجهة عسكرية شبه محتومة.
فى سياق تطور الحرب الروسية الإقليمية دخلت طهران فى تحالف استراتيجى مع موسكو على خلفية تطوير التعاون العسكرى بينهما وظهور الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية المدمرة ساحات المواجهة بين روسيا وحلف الناتو على الأراضى الأوكرانية.
كذلك دخلت طهران تحالفاً مماثلاً مع بكين وإن كان على خلفية اقتصادية بسبب البترول الإيرانى وطريق الحرير الصينى، إلا أن هذا التحالف منح الصين نفوذاً جيوسياسياً فى الشرق الأوسط مكَّنها من عقد اتفاق مصالحة بين السعودية وإيران تطور سريعاً ليصل إلى مرحلة إعادة فتح السفارات، ومن ثم فتح صفحة جديدة فى العلاقة بين إيران والعواصم الخليجية.
إيران لم تعد قوة إقليمية بلا ظهير دولى، فأثناء النظر إلى خريطة الصراع فى الشرق الأوسط لا ينبغى أبداً إهمال إطلالة التنين والدب برأسيهما فى خلفية اللوحة الإيرانية.
أى تصعيد يحول الصراع إلى حرب إقليمية بين الكيان الصهيونى والدولة الإيرانية يُعد فتيلاً لإشعال الحرب العالمية الثالثة.
التصدعات الكبيرة التى أحدثها «طوفان الأقصى» كشفت تلك الحقائق، وإصرار فصائل المقاومة فى فلسطين ولبنان على تحقيق انتصار يجبر العدو الصهيونى على الاعتراف بحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية تطبيقاً للقرارات الأممية، من شأنه تسريع وتيرة اندلاع الحرب الثالثة، بسبب تعنت المحتل الصهيونى وإصراره على ارتكاب المزيد من جرائم الإبادة والقضاء على فصائل المقاومة، علاوة على إزالة النظام الإيرانى وتغيير خريطة الشرق الأوسط على نحو يناسب خرافاته الدينية.
مبدئياً قال ترامب فى خطاب النصر إنه لن يبدأ أو يستأنف حرباً، وإنما جاء لإرساء موقفه الرافض للحرب فى أوكرانيا، ما يعنى ابتعاد شبح الحرب العالمية الثالثة انطلاقاً من أوكرانيا.
وبحسب مراقبين قد يعود لاستئناف حربه التجارية ضد الصين عوضاً عن الصدام العسكرى معها حول جزيرة تايوان، ولأنه يدرك أن الشرق الأوسط بات البؤرة الأكثر سخونة، لن يعطى للكيان الصهيونى أكثر مما أعطى فى ولايته الأولى.
ترامب لا يريد الحرب مع النظام الإيرانى، وإنما تعديل سلوكه فقط، لذلك سيلجأ إلى وقف إطلاق النار فى غزة وجنوب لبنان وخفض التوتر فى سوريا والعراق وإنهاء الأزمة فى باب المندب، خاصة إذا ذهبت إيران إلى تعزيز علاقاتها مع دول الخليج على نحو لافت حتى ٢٠ يناير موعد دخوله البيت الأبيض.
لن يمنح ترامب القضية الفلسطينية الزخم السياسى المطلوب لفرض حل الدولتين، لكنه أيضاً لن يطلق العنان للإرهابى نتنياهو للمضى فى حرب الإبادة وسياسة التهجير، سواء فى قطاع غزة أو الضفة الغربية.
كسر إرادة العدو الصهيونى بالحديد والنار والمزيد من الصمود، واستعداد الشرق الأوسط بمشروع إقليمى للحل تتشارك فى صياغته مع الدول العربية إيران وتركيا هو ما سيحدد طبيعة الدور الأمريكى مع ولاية ترامب الجديدة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية ترامب البيت الأبيض غزة ولبنان الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
لوفيغارو: لماذا توشك الصين أن تفوز في الحرب التجارية؟
قالت صحيفة لوفيغارو إن الحرب التجارية، التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الثاني من أبريل/نيسان على كوكب الأرض بأكمله، تمثل بداية مواجهة كبرى على الصعيد الاقتصادي، وتصعيدا بين الولايات المتحدة والصين الشيوعية ذات النظام الشمولي والخبرة في التخطيط بكل ما لديها من مزايا.
وذكرت الصحيفة -في عمود الكاتبة بيرتيل بايار- أن بكين وعدت ترامب بأن "الصين ستقاتل حتى النهاية"، وبالفعل بدأ التصعيد الصيني الأميركي الآن، لأن ترامب مثل أسلافه وخلفائه، لا يستطيع أن يمنح الرئيس الصيني شي جين بينغ الفرصة لجعل إمبراطوريته القوة الرائدة في العالم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: إخفاق مطلق لنتنياهو في واشنطنlist 2 of 2ليبراسيون: الألغام والذخائر غير المنفجرة كابوس المدنيين في سورياend of listوتساءلت الصحيفة هل يستطيع ترامب الفوز في هذه المواجهة؟ مشيرة إلى أن الصين تطبق منذ عقود إستراتيجية للأمن الاقتصادي، تقوم على تقليص اعتمادها تدريجيا على بقية العالم، وتعمل بصبر على بناء اعتماد الآخرين على جهازها الإنتاجي، وتعبير "حتى النهاية"، الذي استخدمته بكين يوم الثلاثاء، تم اختياره بعناية.
وفي هذه الحرب التجارية، لم تكتف بكين برفع رسومها الجمركية على المنتجات الأميركية، بل قررت أيضا فرض ضوابط عامة على صادراتها العالمية من المعادن النادرة المكررة، التي تمكنت من فرض قبضتها على إنتاجها.
إعلان ضحايا جانبيونومع أن ترامب يخوض هذه المواجهة مستفيدا من قوته الترهيبية، فهو يضعف اثنين من أهم ركائز القوة الأميركية، أولها ميزتها العسكرية والولاءات التي تخلقها الضمانات الأمنية التي تقدمها، والثانية هي الدولار الذي يعد أساس النظام المالي الدولي والعملة الاحتياطية العالمية.
ولكن دور الضحية الذي تتبناه إدارة ترامب يحول هذه الميزة إلى نقطة ضعف، باعتبار أن رغبة الآخرين في شراء الدولارات هي السبب وراء عجز الميزانية الأميركي، وبالتالي السعي لحل هذه المشكلة بتغيير قواعد لعبة الدولار، إضافة إلى أن الرسوم الجمركية تخاطر بكسر الركيزة الأساسية للدولار القوي"، كما كتبت فرق غولدمان ساكس يوم الثلاثاء.
ومن أجل قيادة المعركة ضد الصين، كان أمام دونالد ترامب خياران، الأول هو تعزيز التحالف الغربي الذي اصطف طوعا أو كرها خلف واشنطن للحد من الصعود التكنولوجي للصين وضبط ممارساتها التجارية، والثاني هو إعلان الحرب منفردا، وقد اختاره ترامب.
وعلى هذا الأساس، لا يخاطر ترامب بخسارة أصدقائه فحسب، بل بجعلهم أيضا ضحايا جانبيين، لأنه من خلال إغلاق السوق الأميركية بشكل أحادي يفتح السوق الأوروبية أمام الواردات الصينية، علما أن التهديد الذي تشكله الطاقة الإنتاجية الفائضة الصينية أكثر خطورة من التهديد الذي تشكله التعريفات الجمركية الأميركية.
أرض مثاليةولأن النموذج الصيني لا يمكن أن يصمد إلا إذا استمر في التحرك والنمو بأي ثمن -حسب الكاتبة- فقد بذلت الصين جهودا حثيثة لتصل إلى العديد من القطاعات الصناعية بأسعار أقل بنسبة 30% أو 40% أو 50%، كما يوضح أحد كبار الصناعيين الفرنسيين، "وخطوة خطوة تقدمت الصين في سلسلة القيمة وارتفعت في السوق".
فبعد الصلب والألواح الشمسية والرقائق الإلكترونية وأجهزة التحليل الكهربائي، وصلت الصين الآن إلى مجالات أشباه الموصلات المتقدمة والمعدات الطبية والأدوية وأدوات الآلات ومعدات الاتصالات، وبالطبع السيارات الكهربائية، وتدل المؤشرات الأولية على أن الزيادة السريعة في الواردات الصينية تفرض ضغوطا على القدرة التنافسية والإنتاج الصناعي في أوروبا.
إعلانوقال شي جين بينغ في نهاية مارس/آذار أثناء استقباله شخصيا لقادة الشركات المتعددة الجنسيات الغربية "نحن نقدم إطارا سياسيا مستقرا ومتسقا وقابلا للتنبؤ"، مما يعني أنه يمكننا أن نثق في قدرة النظام الصيني على كتابة خطابات مهدئة.
وفي مواجهة ترامب الذي يسهل تقديمه كحفار قبر التعددية، تعمل هذه المهارة بكامل طاقتها، إذ وعد لينغ جي نائب وزير التجارة الصيني هذا الأسبوع بأن "الصين كانت ولا تزال وستظل أرضا مثالية وآمنة وواعدة للمستثمرين الأجانب".