خالد ميري يكتب: هل تتوقف الحروب؟!
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
حقق الرئيس الأمريكى المنتخب العودة السياسية الأهم فى التاريخ الحديث، خرج الرجل من البيت الأبيض قبل 4 سنوات بسبب فشله فى مواجهة كورونا، وعاد فى هذه الانتخابات بنجاح ساحق فى مواجهة المرشحة الديمقراطية.. العودة من الباب الكبير تطرح السؤال الأهم.. هل تتوقف الحروب بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض؟
الرجل كان واضحاً بحديثه أيام الانتخابات عن وقف الحرب الروسية الأوكرانية فى يوم واحد، ووعوده للعرب والمسلمين فى أمريكا بوقف حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ولبنان.
بوتين اتصل بترامب لتهنئته، وزيلينسكى يبدو شديد القلق من توقف الدعم الأمريكى بما سيضطره إلى الدخول فى مفاوضات سلام ونهاية الحرب ومعها نهاية مستقبله السياسى، وحتى ألمانيا أكبر داعميه فى أوروبا دخلت فى دوامة خلافات سياسية وعلى أبواب انتخابات مبكرة بعد أن رفض وزير المالية زيادة الدعم الكافى لأوكرانيا.. الحرب الروسية الأوكرانية تبدو بالفعل على أبواب متغير كبير قد يسرع من عجلة النهاية ويضع حداً لحرب أثرت سلباً على الاقتصاد العالمى ودفع الجميع ثمناً غالياً لها مع ارتفاع أسعار البترول والمواد الغذائية.
لكن الحقيقة أن الموقف فى لبنان وغزة يبدو مختلفاً، نتنياهو لم يخف سعادته الكبيرة بنجاح ترامب ويبدو واثقاً من دعم الإدارة الأمريكية الجديدة غير المحدود له، لكن المؤكد أن الدعم الأمريكى لإسرائيل لا يتغير ويظل ثابتاً مهما كان من يسكن فى البيت الأبيض، الحقيقة أن ترامب يريد الاستثمارات والأموال بدلاً من الحروب ما قد يساعد على تسريع عجلة وقف حرب الإبادة على غزة ولبنان، لكن المهم والذى سيكشفه المستقبل بأى شروط يمكن أن تتوقف هذه الحرب وما الذى سيريده ترامب مقابل الضغط لوقف الحرب.. والسؤال الكبير هل سيرضخ نتنياهو ويوقف بنادقه وهو يعلم أن مستقبله السياسى على وشك النهاية ووقت الحساب سيحين.
نتنياهو أقال وزير دفاعه وفى طريقه لإقالة رئيس الأركان والهدف شن ضربة واسعة مؤلمة على إيران قبل أن يتسلم ترامب مقاليد الحكم، يريد توسعة الحرب وفتح أبواب الجحيم ولا يريد لها أن تتوقف.. أوهامه تصور له أنه قادر على تغيير خريطة الشرق الأوسط، لكن الحقائق ستفرض نفسها فى النهاية وأعتقد أن نهايته هو من اقتربت.
المؤكد أن الفترة الضبابية حتى ٢٠ يناير موعد وصول ترامب للبيت الأبيض وبدء ولايته يمكن أن تشهد أحداثاً متسارعة، فبايدن يريد تسليم أكبر قدر من المساعدات لأوكرانيا قبل الرحيل ونتانياهو يبحث عن توسيع حربه على حساب الشرق الأوسط ودوله.. أيام ساخنة مفتوحة على كل الاحتمالات.
النائب العام:
المستشار محمد شوقى، النائب العام، رجل قضاء من طراز رفيع، أدار التفتيش القضائى بوزارة العدل بحنكة وخبرة كبيرة فكان مؤهله الأكبر ليتولى منصب النائب العام الرفيع، الرجل يعمل بعيداً عن الأضواء ولا يبحث عنها لكنه يفرض سطوة القانون.. فالجميع أمام النيابة العامة سواسية ولا فضل لأحد على أحد إلا بقدر ما يمتلك من حقوق.. أداء النيابة العامة مع المستشار محمد شوقى يلقى ارتياحاً واسعاً فى الشارع ودولة سيادة القانون تنشر الطمأنينة بلا شك.. من يتوجه للنيابة العامة باحثاً عن حق يثق أنه لن يخرج إلا وحقه معه، لا يحتاج لوساطة أو معرفة.. الحقوق تصل لأصحابها دون عناء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الانتخابات الأمريكية ترامب البيت الأبيض بايدن
إقرأ أيضاً:
من يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ
أول ما تفكر الحروب في استهدافه هو الحقيقة، ومنذ زمن بعيد أدرك صناع الحروب أن إسكات الكلمة وقتل الصحفيين هو السبيل الأنجح لطمس الجرائم ومحو آثارها من الذاكرة الجماعية. فالصحفي في مثل هذه الحالة، هو العدو الأخطر لمن يريد أن يروي الحرب كما يشتهي، لا كما حدثت.
ولم يعد قتل الصحفيين في الحرب الظالمة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة حادثا عرضيا أو خطأ غير متعمد ولكن، دون أدنى شك، سياسة ممنهجة لطمس الأدلة وإخضاع الوعي العالمي لسرديات المحتل الزائفة.
لكنّ الطموح الإسرائيلي المبني على الإيمان المطلق بالسردية الذاتية، يبدو أنه يتلاشى تمامًا بعد أكثر من 19 شهرا على بدء مجازر الاحتلال في قطاع غزة والذي راح ضحيته أكثر بكثير من 52 ألف فلسطيني بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، ولكل منهم قصته وحلمه وطموحه ومساره في هذا العالم.. فما زال صوت الحقيقة، ولو عبر ثقوب صغيرة جدا، يتسرب إلى العالم ويملك قوة تهشيم السردية الإسرائيلية، وصناعة الدهشة، وتحريك الضمائر الحرة في كل أنحاء العالم.
واغتالت يد الغدر الإسرائيلية منذ بدء الحرب أكثر من211 صحفيا، بعضهم تم استهدافه على الهواء مباشرة، وبعضهم رآه العالم وهو يحترق في خيمة الصحفيين حتى الموت، وهو عدد ضخم جدا في حرب واحدة لم تكمل بعد العامين. ولكل صحفي من هؤلاء حكايته التي لا نعرفها، وهو منشغل بنقل حكايات الآخرين من ضحايا الحرب، وله حلمه الذي ينتظر لحظة أن تضع الحرب أوزارها ليذهب نحو تحقيقه.. وكل جرائم هؤلاء أنهم اختاروا أن يكونوا شهودًا على الحقيقة، لا صامتين على الجريمة.
لم تكن الرواية يومًا كما يدعي الإسرائيليون، لكن الأمر كان، منذ الصحفي الأول الذي سقط ضحية للحقيقة، ممنهجا في سبيل احتكار الاحتلال للرواية، ليكتب الحرب وحده دون صور تُوثق أو أقلام تسائل ما يحدث أمام سطوة التاريخ التي لن ترحم في يوم من الأيام.. ويريد أن يحرق الحقيقة كما حرق أجساد الصحفيين، وأن يُطفئ العدسات كما يُُطفئ الحياة في عيون الأطفال.. تماما كما يستهدف المسعفين، ويدمر المستشفيات، ويقصف المدارس والجامعات.. إنه يستهدف، وفي كل مرة، شهود الجريمة أنفسهم.
وهذا ليس صادما لمن يفهم الاحتلال الإسرائيلي؛ فهو ينطلق دائمًا من مبدأ نزع الإنسانية عن الفلسطينيين، وعقدة الاستثناء التاريخي من القوانين والأخلاقيات والمبادئ، وفصل جرائمه ضد الفلسطينيين، عن التقييم الأخلاقي والقانوني. ولذلك لا غرابة أن يعمد الاحتلال الصهيوني إلى اغتيال الحقيقة وإطفاء الأضواء في زمن الظلام؛ فالعمل الصحفي في نظره فعل مقاومة لأنه يعمل على كشف حقيقة ما يقوم به وفضح سردياته الملطخة بدماء الأبرياء.
رغم ذلك ورغم كل المحاولات الإسرائيلية لإسكات الحقيقة عبر اغتيال أبطالها وحرقهم بالنار تبقى «الحقيقة» آخر جدار للصمود، ويبقى الصحفيون في غزة هم حراس هذا الجدار، يكتبون بالدم ويصورون بالألم وصراخهم صدى لآلاف الضحايا الذين قضوا دون أن نسمع لهم صوتا أو أنينا. ولن تستطيع إسرائيل أن تصدّر سردياتها للعالم فقد كشف أمرها تماما، ومن يقتل الحقيقة لا يحق له أن يكتب التاريخ.