ما المأمول من التكتل الوطني؟
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
يبعث تشكيل “التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية” الذي تم إشهاره مؤخرا في عدن، بمشاركة ٢٢ حزبا ومكونا سياسيا، مجموعة من الأسئلة في مقدمتها ما الجديد الذي سيقدمه وماذا يختلف عمّا سبقه ولماذا جاء الإعلان عنه في هذا التوقيت، بما يعني ذلك من دلالات محلية وخارجية.
في الواقع، هذا التكتل هو تطوير أوسع للتحالف الوطني الذي تشكل من ١٦ حزبا وقوة سياسية في ٢٠١٩، وبعض هذه القوى إن لم يكن جميعها داعمة للشرعية وتنضوي ضمن التكتل الجديد الذي يتولى قيادته في الدورة الأولى حزب المؤتمر الشعبي العام وتم التوافق على القيادي فيه د.
الجديد في التكتل هو انضمام قوى لم تكن جزءا من التحالف الأول مثل المكتب السياسي للمقاومة الوطنية ومجلسي حضرموت الوطني وشبوة، وقوى أخرى في الجنوب باستثناء “المجلس الانتقالي” الذي انسحب رغم مشاركته في الاجتماعات التحضيرية في أبريل الماضي بعدن.
إذن من حيث الشكل والمضمون فهو تقريبا واحد، فكل القوى مؤيدة للشرعية وتتفق في الهدف المشترك المتمثل في استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثي، بمعنى آخر، تم توحيد القوى المشاركة في السلطة الشرعية والمؤيدة لها في كيان جامع لتوحيد الصف الوطني وتسخير الطاقات لتحقيق الأهداف المشتركة، علاوة على أن توقيت الإعلان مرتبط بنجاح جهود التنسيق والتوافق على كل شيء بعد شهور من اللقاءات والمناقشات.
وكما هو معروف، الحياة السياسية في اليمن عرفت الكثير من التحالفات السياسية ولم يكن هناك أي مشكلة في التوافق على هذه الصيغ الجماعية، ولعل أبرز هذه التحالفات اللقاء المشترك في عهد الرئيس صالح والذي ساهم في إسقاط نظامه في ٢٠١١، وفي سنوات الحرب كان هناك تجربة التحالف الوطني لكن لم تكن فاعلة لأسباب عديدة لا يسمح المجال لذكرها.
ما يهم هنا هو الأهداف التي يسعى التكتل لتحقيقها وهي تتعلق باستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب ودعم “المجلس الرئاسي” لتجاوز حالة الخلافات التي أثرت على عمله، ودعم الحكومة للقيام بواجباتها المختلفة، وكلها أهداف لا خلاف عليها، ويبقى السؤال عن كيفية تحقيقها وماذا إذا كان التكتل قادرا على ذلك أم سيواجه نفس عراقيل التحالف من قبل؟
بدون شك أن التكتل يعيد الاعتبار للأحزاب التي لطالما عبّرت عن شعورها بالتهميش في الفترة الماضية مع تمكين القوى المسلحة من قبل الداعمين الخارجيين، وهذه القوى هي التي تشكل قوام “المجلس الرئاسي”، وبالتالي فإن توافقها على العمل معا يساهم في تعزيز دورها وتأثيرها بما في ذلك في المشاركة في جهود التسوية التي كانت تتم بعيدا عنها وعن الجسم السياسي للشرعية نفسها.
ومهما كانت المآخذ على دور الأحزاب في الواقع الذي نعيشه، وهي تتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية لارتهان قرارها للخارج وتغلّيب المصالح الخاصة واغتراب قياداتها بعيدا عن الداخل، إلا أن إعادة تفعيل دورها في المحافظات أمر مهم وضروري لأن البديل عن السياسة والعمل المدني هو السلاح.
التكتل بصدد إنشاء فروع له في المحافظات وهذا جيد ويعزز الأمل بأنه قد يكون مختلفا عن التحالف الذي لم يستطع سوى فتح مقر واحد في تعز، وبدون نشاط ميداني في المحافظات لا يمكن تنفيذ البرنامج السياسي ولا الأهداف وستبقى مجرد طموحات نظرية وتنتهي مع مرور الوقت.
ما يريده الناس ويتطلعون إليه من التكتل هو إعطاء الأولوية لقضاياهم المعيشية التي لا تحتمل التأجيل، وهو أكد أنها من أولوياته وسيكون أي تغيير فيها لجهة المعالجة والاستجابة تأثير إيجابي لتخفيف المعاناة وفي نفس الوقت يعزز قوة التكتل ويجمع الناس حوله وبهذا تستعيد الأحزاب بعض الثقة المفقودة.
يعرف القائمون على التكتل أن مقاربة قضايا المواطنين لا تكون في البيانات ولا مخاطبة الحكومة، بل بالسياسات والإجراءات التي تأخذها الجهات الحكومية إلى حيز التنفيذ على اعتبار أن عددا كبيرا من مكونات التكتل هي جزء في السلطة ويمكنها محاسبة وتقييم أداء المسؤولين وعزلهم واستبدالهم بالكفاءات، وهذا هو الخيار الممكن لا التعامل مع السلطة بوصفها كيانا منفصلا عنهم.
من المفيد أن تكون اجتماعات التكتل عبارة عن تقييم لما يتم تنفيذه أكثر مما تعيد الطابع التقليدي المتمثل في المناقشات التي تنتهي لمجرد خبر منشور في وسائل الإعلام، ذلك أن العمل هو المقياس للتقييم ما لم فستكون خيبة الأمل كبيرة.
وهذا الأمر يقودنا إلى مسألة التوقيت وهي حساسة للغاية، فعلى المستوى الداخلي، تعاني السلطة ممثلة في المجلس الرئاسي والحكومة بضائقة مالية كبيرة جراء توقف صادرات النفط وتأخير تسليم الدفعة الأخيرة من الوديعة السعودية بالإضافة إلى تراجع قيمة العملة إلى مستوى غير مسبوق، وكل هذه العوامل ضاعفت معاناة الناس وخلقت حالة من الغضب والغليان ولابد من اتخاذ إجراءات فعالة تحدث تغييرا في الواقع.
وعلى المستوى السياسي، لا تزال جهود السلام متعثرة ولكن هناك متغير دولي يتمثل في مجيء رئيس أمريكي جديد وهذا يتطلب من الشرعية توحيد صفوفها وتجاوز حالة الانقسام التي تحول دون تلقي الدعم الدولي المنشود، ولذلك من المهم الاستعداد لكافة الاحتمالات بشكل موحد وبرؤية واضحة وموحدة أيضا.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصةنور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
يا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
عندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة أحد الجنود فی الیمن
إقرأ أيضاً:
حماس ترحب بتصريحات ترامب إن عنى ما يقول وتدعو إلى تطبيق اتفاق وقف الحرب كاملا
أكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، أنه في حال كانت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تراجع عن كل فكرة تهجير أهالي قطاع غزة، فهي تصريحات مرحب بها.
ودعا قاسم الأربعاء، إلى استكمال هذا الموقف الأمريكي بـ "إلزام الاحتلال الإسرائيلي المجرم بتطبيق كل اتفاق وقف إطلاق النار".
وطالب قاسم الرئيس الأمريكي بعدم الانسجام مع رؤية اليمين الصهيوني المتطرف، التي تسعى إلى محو غزة وتهجير سكانها بشكل كامل.
وتراجع ترامب، عن خطته لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بعد أن قال: "لا أحد يجبر سكان غزة على المغادرة".
وقال ترامب خلال لقاء صحفي مشترك مع رئيس وزراء إيرلندا: "لن يطرد أحد أحداً من غزة"، في تراجع عن مقترحه السابق، الذي واجه رفضاً عربياً وعالمياً واسعاً، في مقابل ترحيب إسرائيلي واسع.
وعبرت مصر الخميس عن تقديرها لتصريحات ترامب بشأن عدم مطالبة سكان قطاع غزة بمغادرته.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان إن هذا "الموقف يعكس تفهما لأهمية تجنب تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، وضرورة العمل على إيجاد حلول عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية".
ويعتمد الفلسطينيون بغزة الذين حولتهم الإبادة الجماعية إلى فقراء وفق بيانات البنك الدولي، على المساعدات الإنسانية في توفير قوت يومهم وأساسيات حياتهم.
ومطلع الشهر الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة حكومة الاحتلال على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ويريد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك.
بينما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام الاحتلال بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.