الحرة:
2024-11-12@23:45:41 GMT

مكتب حماس ووساطة الحرب.. ماذا يحدث في قطر؟

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

مكتب حماس ووساطة الحرب.. ماذا يحدث في قطر؟

منذ بداية الحرب في غزة، وأصبحت استضافة قطر لمكتب حماس السياسي أمرا يطفو على السطح، ما بين الانتقاد للدوحة، أو التأكيد على أهمية دورها في إيجاد قناة تواصل مع الحركة التي تصنفها العديد من الدول إرهابية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

ومنذ أكتوبر 2023، كانت ترشح تسريبات من مصادر بأن قطر ستغلق مكتب حماس، ليعقبها نفي رسمي من الدوحة التي أكدت أهمية وجوده "الإيجابي" للوساطة.

ونفت وزارة الخارجية القطرية، السبت، التقارير المتعلقة بانسحاب الدوحة الكامل من الوساطة بشأن وقف إطلاق النار في غزة، كما نفت عزمها إغلاق مكتب حماس.

ما بين "التسريبات" و"النفي"

الباحث المتخصص في الشؤون الدولية والحركات الإسلامية المسلحة، أحمد سلطان، قال إنه رغم النفي القطري بخصوص حماس والوساطة فإن "دائما لا يكون هناك دخان بلا نار"، مشيرا إلى أن "بيانات النفي المتكررة قد تكون مؤشرا على وجود توتر في العلاقة بين الدوحة وحماس".

ويرى في حديثه لموقع "الحرة" أن "التسريبات والنفي" ما هي إلا رسائل لعدة أطراف سواء مكتب حماس في الداخل، أو حتى لجهات دولية تضغط على الدوحة.

ويلفت سلطان أن الرسالة لحماس قد تكون "بالضغط عليها من أجل التعاون بشكل أكبر ولبعض التيارات داخل الحركة نفسها، أما الرسالة والتي قد تكون موجهة للولايات المتحدة وإسرائيل، أنها قد تنسحب من جهود الوساطة إذا لم نر تعاونا أكبر أيضا".

قطر تعلق على أنباء إغلاق مكتب حماس والانسحاب من الوساطة نفت وزارة الخارجية القطرية، السبت، التقارير المتعلقة بانسحاب الدوحة من الوساطة بشأن وقف إطلاق النار في غزة وكذلك عزمها غلق مكتب حماس.

ويبين سلطان أن حماس فيها تيارين يسيطران عليها "الأول، في مكتب الدوحة يسيطر على الأمور السياسية، والثاني، وهو المقرب من طهران، والذي يسيطر على الأمور العسكرية".

ولم يستبعد وجود ضغوط من واشنطن لإتمام "صفقة بين حماس وإسرائيل، ولو جزئية" في عهد إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، وهو ما لا تريده حماس "إذ تريد صفقة كاملة".

ولم تثمر الجولة الأخيرة من المحادثات التي جرت منتصف أكتوبر عن أي اتفاق إذ رفضت حماس مقترحا بالتهدئة لأجل قصير. كما رفضت إسرائيل في السابق بعض المقترحات بإعلان هدن أطول مدة. وتركزت الخلافات حول مستقبل حماس ووجود إسرائيل في غزة على المدى الطويل.

ونقلت رويترز، الجمعة، عن مسؤول أميركي قوله إن واشنطن طلبت من قطر إغلاق مكتب الحركة وإن الدوحة نقلت هذه الرسالة إلى حماس.

"الوساطة" ومكتب حماس في الدوحة

الكاتب المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية المسلحة، حسن أبو هنية، شكك في حديث لموقع "الحرة" بأن يتم إغلاق مكتب حماس في الدوحة إذ أن "هذه الاستضافة كانت من واشنطن، ليكون على غرار مكتب طالبان في الدوحة، بهدف إيجاد خط للتواصل حول القضايا المختلفة"، حسب قوله.

ونقلت وكالة فرانس برس في تقرير سابق عن مسؤول قطري لم تكشف اسمه المكتب أن السياسي لحماس "افتتح في قطر عام 2012 بالتنسيق مع حكومة الولايات المتحدة، بناء على طلب أميركي لفتح قناة تواصل" مع الحركة.

وأضاف أنه "تم استخدام المكتب السياسي لحماس بشكل متكرر في جهود الوساطة الرئيسية المنسقة مع إدارات أميركية متعددة لإرساء الاستقرار" في غزة وإسرائيل.

تاريخ علاقة قطر مع حماس انسحبت قطر من دور الوسيط الرئيسي في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن، وأبلغت حماس أن مكتبها في الدوحة "لم يعد يخدم الغرض منه"، وفق ما قال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس السبت.

واتبعت قطر النهج نفسه مع حركة طالبان الأفغانية، عندما دعتها لفتح مكتب سياسي لها في الدوحة عام 2013، بمباركة الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما. وهذا ما سمح بترتيب محادثات بين واشنطن وطالبان قبيل الانسحاب الأميركي من أفغانستان عام 2021.

ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، السبت قوله إن التقارير المتعلقة بمكتب حماس في الدوحة "غير دقيقة" أيضا، مؤكدا أن "الهدف الأساسي من وجود المكتب في قطر هو أن يكون قناة اتصال بين الأطراف المعنية، وقد حققت هذه القناة وقفا لإطلاق النار في عدة مراحل سابقة".

ما بين "الانسحاب" أو "التعليق" للوساطة

التسريبات السبت، تحدثت أن قطر تريد الانسحاب من الوساطة، وهو ما نفته الدوحة مؤكدة أنها "ستعلق" جهودها إذا لم تتعاون حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق.

وقال الباحث سلطان إن مسألة تعليق المفاوضات، تعود إلى "حالة من الإحباط تصيب قطر الوسطاء الآخرين، بسبب عدم إحراز أي تقدم في المناقشات".

وأضاف أنه في الوقت ذاته "هناك ضغوط من الإدارة الأميركية لإحراز أي إنجاز، وهو يتركز بالضغط حتى تقبل حماس في الصفقة، بينما لا تمارس الضغوط ذاتها على إسرائيل".

مسؤول أميركي: واشنطن طلبت من قطر طرد حركة حماس قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لرويترز، الجمعة، إن الولايات المتحدة أبلغت قطر بأن وجود حركة حماس الفلسطينية في الدوحة "لم يعد مقبولا"، بعد أن رفضت الحركة خلال الأسابيع القليلة الماضية أحدث مقترح للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن في غزة.

ولفت إلى أن التصريحات المتتالية من الإدارة الأميركية تضع اللوم على حماس، رغم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لا يتعاون بالشكل الكافي مع إدارة بايدن، وحتى عند إحراز أي تقدم في المفاوضات يضع عراقيل إضافية تعقد المشهد في كل مرة.

وذكر سلطان أن نتانياهو لا يريد التعاون مع إدارة بايدن، بل يريد الانتظار حتى يتسلم الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، منصبه، وأي إنجاز سيتحقق سيحسب له.

وأكد المتحدث، باسم الخارجية القطرية الأنصاري أن "الأنباء عن انسحاب قطر من جهود الوساطة في وقف إطلاق النار بغزة غير دقيقة".

وأضاف الأنصاري أن "قطر أخطرت الأطراف قبل 10 أيام أثناء المحاولات الأخيرة للوصول إلى اتفاق، بأنها ستعلق جهودها في الوساطة بين حماس وإسرائيل في حال عدم التوصل لاتفاق في تلك الجولة".

وتابع الأنصاري أن قطر أخطرت الأطراف "أنها ستستأنف تلك الجهود مع الشركاء عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب"، مشددا أن "دولة قطر لن تقبل أن تكون الوساطة سببا في ابتزازها".

إيران في مقدمة الخيارات المحدودة

وقال الكاتب أبو هنية إنه على افتراض إغلاق مكتب حماس في قطر "خياراتهم محدودة جدا، ورغم وجود أحاديث سابقة عن إمكانية استضافته من دول مثل الجزائر، إلا أن الخيار الوحيد والمنطقي لهم هو إيران".

ولفت أبو هنية أنه في حال "فتح طهران لمكتب سياسي لحماس، فكلاهما يعرف ماذا يريد من الآخر، ولديهما عمق مشترك في مناهضة إسرائيل".

ولم يستبعد أن هذا قد يعني بالضرورة أن يصبح "نفوذ طهران أقوى وأكبر على حماس، وهذا ما قد يعني دفع حماس إلى مزيد من الابتعاد عن أي توجه في الاعتدال بالتعامل مع القضايا المختلفة".

ماذا قد يعني فتح مكتب حماس في إيران؟

وأعاد الكاتب أبو هنية التذكير بأنه جهود الوساطة القطرية في 2017 أسفرت عن صدور "الوثيقة السياسية لحركة حماس والتي وافقت فيها على إيجاد دولة فلسطينية ضمن حدود 1967، وهو ما مثل تطورا كبيرا عن طموحاتها السابقة".

وحذر من دفع حماس إلى "المزيد من الراديكالية والتشدد" إذا ما أصبح مكتبها السياسي في طهران.

وقال أبو هنية السؤال الحقيقي الذي يطرح بشأن حماس، هو بخصوص "سيناريوهات اليوم التالي للحرب في غزة، وما دور حماس في إدارة غزة".

ويرى أن "حماس الآن تواجه ضغوطا وحربا وجودية على جميع الصعد" فهي بمواجهة ما يجري في غزة ناهيك عن مقتل قادة مهمين فيها.

وقال الكاتب أبو هنية، أنه "حتى لو تم إنهاء قدرات حماس العسكرية، لا يجب التغاضي عن وجود حماس السياسي في غزة، وأنها ستبقى جزءا أساسيا في المعادلة السياسية، ولهذا على الإدارة الأميركية والتي تصنف هذه الحركة إرهابية، التعامل مع هذا الملف بطريقة مختلفة"، في إشارة إلى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب.

ويوضح الخبير في شؤون الخليج في "كينغز كولدج" أندرياس كريغ أن المكتب السياسي لحماس في قطر أُنشئ في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 وسط مخاوف أميركية من احتمال أن تقيم الحركة قواعد في إيران أو لبنان.

وأفاد لوكالة فرانس برس مطلع 2024، أن "من شأن طرد قادة حماس من الدوحة أن يخلق وضعا مماثلا ستفقد خلاله الدول الغربية الرقابة والسيطرة عليهم".

وقادت قطر مع الولايات المتحدة ومصر وساطة بين إسرائيل وحماس منذ التوصل الى هدنة وحيدة في الحرب في غزة في نوفمبر 2023، استمرت اسبوعا وأتاحت الإفراج عن رهائن كانوا محتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.

ومذاك، جرت جولات تفاوض عديدة من دون أن تسفر عن نتيجة.

تاريخ مكتب حماس السياسي في عواصم عربية

يعود تاريخ مكتب حماس بالدوحة إلى 2012، بعدما توترت علاقات الحركة بالنظام السوري حيث قررت حماس بعد ذلك الوقوف إلى جانب المعارضة السورية وقطع العلاقات مع نظام بشار الأسد خلال الثورة السورية.

وكان مقر الحركة في العاصمة السورية، دمشق، قبل 2012، لكن النظام السوري أغلق مكاتب في دمشق عائدة لمسؤولين في حركة حماس التي كانت لفترة طويلة من أقرب حلفائه.

في خريف عام 2012 زار أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قطاع غزة ليكون أول زعيم عربي أو دولي يزوره منذ سيطرة حركة حماس عليه في 2007، وشهدت تلك الفترة تزايدا كبيرا في نفوذ قطر بالمنطقة.

وقبل دمشق، كان مكتب حماس السياسي في الأردن، خلال السنوات 1991 وحتى 1999.

وخلال السنوات تلك، كانت العلاقة جيدة أحيانا ومتوترة في آحيان أخرى، خاصة في ظل محاولات حماس للانخراط في شؤون الحركة الإسلامية في الأردن.

بعد اغتيال السنوار.. حماس بين تيّارين إخواني وإيراني عندما أضرم محمد البوعزيزي النار بنفسه في يناير 2011، فيما اعتبره البعض شرارة انطلاق ثورات ما سميّ بـ"الربيع العربي"، لم يكن في حسبانه أبداً أن ما أقدم عليه سيؤثر تأثيراً عميقاً على تاريخ المنطقة العربية، وبطريقة غير مباشرة على مستقبل حركة "حماس" في الأراضي الفلسطينية والشتات حتى يومنا هذا.

علي رجب، وهو كاتب متخصص في الشؤون السياسية بالشرق الأوسط أكد أنه لا مصلحة لحماس لتخرج من قطر، إذ أنها ستفقد الدعم السياسي والشعبي والإعلامي، وحتى الحماية من الاغتيالات للقادة الموجودين هناك".

وأضاف في رد على استفسارات موقع "الحرة" أن مواقف الدول العربية التي استضافت المكتب السياسي لحماس خلال السنوات الماضية، أصبحت أكثر تشددا وتمنعا ولا ترغب بعودتها، خاصة في ظل خطابها الإعلامي والتحريض الداخلي والذي شهدته بعضها.

ويرى أن حماس ستتمسك بمكتبها في قطر لعدة اعتبارات، إذ أن اغتيال أبرز قادتها في طهران وبيروت، فهذا يعني أن أي عاصمة من عواصم الدول التي يوجد لإيران مناطق نفوذ فيها، هذا لا يعني أنها أنهم محميين من الاغتيالات، ولهذا يمثل تواجد مكتبهم في الدوحة "أمرا محوريا".

وتستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط لكنها سمحت أيضا لحماس وحركة طالبان الأفغانية بفتح مكاتب في الدوحة. وساعدت في التفاوض على تبادل سجناء بين الولايات المتحدة وإيران العام الماضي.

ومن غير الواضح عدد قياديي حماس الذين يعيشون في الدوحة، لكن من بينهم عدد من الذين أدرجت أسماؤهم في قائمة المرشحين لخلافة يحيى السنوار في زعامة الحركة بعد أن قتلته قوات إسرائيلية في غزة الشهر الماضي، ومن بينهم نائبه خليل الحية، الذي مثل الحركة في مفاوضات وقف إطلاق النار، وخالد مشعل، الذي يعد على نطاق واسع الوجه الدبلوماسي لحماس.

كان زعيم الحركة السابق إسماعيل هنية، الذي اغتيل في إيران في يوليو في عملية ترجح التقارير أنها إسرائيلية، يقيم أيضا في الدوحة. وتم نقل جثمانه جوا إلى قطر للدفن في أوائل أغسطس.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الإدارة الأمیرکیة الخارجیة القطریة الولایات المتحدة الرئیس الأمیرکی إغلاق مکتب حماس وقف إطلاق النار إطلاق النار فی السیاسی لحماس جهود الوساطة حماس السیاسی مکتب حماس فی السیاسی فی من الوساطة حرکة حماس فی الدوحة أبو هنیة فی غزة فی قطر

إقرأ أيضاً:

عن مستقبل حماس في الدوحة.. قراءة في وساطة قطر في المفاوضات وموقفها من المقاومة

نشرت قبل يومين وكالة "رويترز" خبرا تضمن تعليق قطر لدورها في الوساطة بين المقاومة في غزة وكيان الاحتلال، وعن طرد قيادات حماس من الدوحة.

الكاتب والباحث السياسي محمد العمراني نشرا تحليلا في موقع مأرب برس تضمن قراءة عميقة عن مستقبل حماس في الدوحة.. وقراءة في وساطة قطر في المفاوضات وموقفها من المقاومة

حبث قال الكاتب ان ما نشر قد يكون تسريبات أمريكية إسرائيلية مغرضة الهدف منها الضغط على المقاومة وإرهابها إعلاميا، كعادة هذه الوكالات الإخبارية ووسائل الإعلام الكبرى التي تفقد عادة مهنيتها حين تتناول أخبار المقاومة.

 

ولكن نشر " الجزيرة " لتقرير " رويترز" وبشكل حرفي أثار في نفسي بعض الهواجس والشكوك، مرت ساعات والجدل يتصاعد حول الأمر بين من ينفي ومن يؤكد، وبين مصدق ومكذب.!

وأضاف الكاتب " مرت ساعات ونحن ننتظر نفي الخارجية القطرية لما نشرته رويترز، ولكن بيان الخارجية القطرية الذي تأخر كثيرا هو الآخر لم ينف ما أوردته رويترز وإنما أكد أن التقارير المتداولة عن انسحاب قطر من ملف الوساطة في غزة "ليست دقيقة"، وأنها أخطرت الأطراف أنها ستستأنف جهودها مع الشركاء عند توفر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب.

ووضع الكاتب تصوره التحليلي حول ذلك البيان بشكل وقفات وهي على النحو التالي:

 

1ـ بيان الخارجية القطرية أكد بشكل أو بآخر ما نشرته وكالة رويترز فكون قطر " ستستأنف جهودها لإنهاء الحرب" يعني أنها علقتها فعلا، حيث أكدت خارجيتها أنها أخطرت الأطراف قبل 10 أيام أنها ستعلق جهودها لعدم التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل وسوف تستأنفها إذا توفرت الجدية لإنهاء الحرب.

 

وهنا لم تحدد قطر من هي الجهة التي عرقلت الاتفاق ؟، ولم يكن لديها الشجاعة الكافية للقول بأن الاحتلال بقيادة نتنياهو هو الذي يتعنت ويرفض وقف الحرب الذي أودت بأكثر من 40 ألف شهيد غير الجرحى ودمار طال 80% من غزة، وأنه هو الذي يريد الهروب من المحاكمة لتحقيق أكبر قدر من المجازر والدمار في غزة.

 

2ــ ساوت قطر في بيان خارجيتها بين الجلاد والضحية، بين كيان الاحتلال المعتدي الغاشم وبين مقاومة تدافع بوسائلها البسيطة وإمكانياتها المتاحة عن شعب أعزل يتم إبادته منذ أكثر من عام في قطاع غزة المحاصر، وهذه المساواة ليس من العدل والإنصاف.

 

قد يقول البعض: لكن قطر وسيطة والوسيط لابد أن يكون على مسافة واحدة من كافة الأطراف. وهذا الطرح صحيح من جانب نظري لكن الحقيقة واضحة هناك معتدي مجرم وهناك مقاوم وضحية لهذا المعتدي، وتجاهل الواقع المختل والقفز عليه هو الظلم بعينه، فالوسيط لا يجب أن يفقد عدالته ويتجاهل الواقع لمجرد كونه وسيط. وكان الأولى بقطر كونها وسيطة أن تضع النقاط على الحروف، وأن توضح الحقيقة التي نعرفها جميعا.

 

3 ــ أكدت قطر بأنها تتعرض للابتزاز، وأنها شهدت منذ انهيار الهدنة الأولى وصفقة تبادل النساء والأطفال تلاعبا، خصوصا في التراجع عن التزامات تم الاتفاق عليها من خلال الوساطة، واستغلال استمرار المفاوضات في تبرير استمرار الحرب لخدمة أغراض سياسية ضيقة.

وهنا لم توضح من هي الجهة التي تبتزها؟، ولا من هي الجهة التي تتلاعب وتراجعت عن التزاماتها التي تم الاتفاق عليها؟، ولا من هو الطرف الذي يستغل المفاوضة ويستمر بالحرب لأغراض سياسية؟!

 

4 ــ قالت الخارجية القطرية أن التقارير التي نشرت عن اغلاق مقر حماس في الدوحة "غير دقيقة "، لكنها في الوقت نفسه لم تؤكد بقاء قادة حماس في قطر واستمرار مكتبها، بل أشارت إلى أنه موجود كقناة اتصال حققت أهدافها في الماضي من وقف لإطلاق النار إلى التهدئة وتبادل المحتجزين والأسرى في العام الماضي.

 

وطالما أن البيان لم يشر إلى مستقبل المكتب في الدوحة، واكتفى بتحديد أهدافه التي حققها في الماضي، فكأنه يقول أن المكتب موجود ليحقق هذه الأهداف فإذا لم يحققها فلا داعي لبقائه.!

 

5 ــ هذا البيان تضمن تلويحا لا تصريحا بأن قادة حماس في قطر قد يتم طردهم، وقد يتم إغلاق مكتبهم إذا لم يتم تحقيق أهداف وجوده بالدوحة كقناة اتصال وظيفتها: وقف إطلاق النار والتهدئة وتبادل المحتجزين والأسرى.!

صحيح أن هذا لم يحدث حتى اللحظة حيث أكد أحد قادة حماس لوكالة الصحافة الفرنسية أنهم لم يتلقوا أي طلب لمغادرة قطر وغلق مكتبها في الدوحة.

لكن هذا البيان لم يكتف بأنه تهديدا مبطناً بطرد قادة حماس من الدوحة بل يمثل في الوقت نفسه ضغطاً قطريا عليهم، ويقول لهم بالتلميح دون التصريح: يجب أن تقدموا تنازلات ليحقق المكتب الهدف منه أو لا داعي لوجودكم.! هذا ما يفهمه كل من تأمل البيان القطري وسعى لقراءة ما بين سطوره.

يحدث هذا الضغط القطري على حماس مع أن قطر تدرك أن تقديم حماس لتنازلات كبيرة يعني انتحارها بشكل أو بآخر واستسلامها لكيان الاحتلال، واستهانتها بكل هذه المجازر والإبادة الممنهجة والدمار والحصار والشهداء والجرحى.!

حماس تمسكت بوقف كامل للحرب على غزة و بضمانات دولية، وبانسحاب جيش الاحتلال من غزة، وعودة جميع سكان القطاع لمنازلهم وخصوصا أهالي شمال غزة، وهذه المطالب العادلة هي أقل ما يمكن أن تطالب به الحركة والفصائل الفلسطينية، وأقل ما يمكن أن يحصل عليه سكان القطاع بعد كل هذه المجازر والدمار.

 

6 ــ مع أن وجود مكتب لحماس في الدوحة جاء بالتنسيق مع الجانب الأمريكي والإسرائيلي كقناة اتصال بين إسرائيل والمقاومة، إلا أن عملية طرد قادة حماس من قطر ستشكل بحد ذاتها مأزقاً أخلاقياً لقطر، فإلى أين سيذهب قادة حماس؟!

 

ومن هي الدولة غير ايران وتركيا التي ستتحدى الهيمنة الأمريكية الإسرائيلية وتستقبل قادة حماس؟!

وماذا عن دور مصر في الوساطة بجانب قطر؟!

وهذا يعني أن كل دول العالم العربي صارت طاردة للمقاومة الفلسطينية رغم تأكيدها الإعلامي وقوفها مع القضية الفلسطينية وأنها القضية الأم وووألخ.!

 

كما أن قطر بهذا الموقف الذي لا نتمنى حدوثه تضع قطر قادة حماس تحت ضغوط كبيرة من الإدارة الأمريكية وسلطات الاحتلال الإسرائيلية، خاصة إن زاد الضغط الأمريكي الإسرائيلي عليها وواصلت حماس تمسكها بشروطها في المفاوضات.

وهنا تخطئ قطر بهذا الموقف التي يفقدها جزء كبير من تأثيرها وحضورها في الساحة الإقليمية والدولية، كما يفقدها شعبيتها عند جماهير الأمة العربية والإسلامية، كما أنها ستفقد ورقة دبلوماسية وقوة من قواها الناعمة في العالم.

 

تخطئ قطر حين تخضع للابتزاز الأمريكي الإسرائيلي، وتخطئ أكثر حين تضغط على قادة المقاومة ليقدموا تنازلات كبيرة تضر القضية الفلسطينية،

وستخطئ أكثر إن قامت بترحيل قادة المقاومة من الدوحة وأغلقت مكتبها.

كما ستضر بمستقبل سكان قطاع غزة، وتحقق لكيان الاحتلال أهدافه في غزة من تهجير لسكانها إلى تصفية للمقاومة فيها.

قطر التي هاجم إعلامها مرارا وتكرارا الدول التي طبعت مع كيان الاحتلال نتمنى أن لا تحقق هي الأخرى نصرا كبيرا للاحتلال بطرد قادة المقاومة من أرضها مهما كانت الضغوط، فهذه الخطوة في حال حدوثها ستظهر المقاومة وكأنها منبوذة لا أحد يريد استضافتها والوقوف معها.!

 

7 ــ للإنصاف والأمانة قدمت قطر الكثير من المساعدات لأبناء قطاع غزة، كما وقف إعلامها بشكل كبير إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة ومقاومتها الصادقة، وقدم الإعلام القطري وفي مقدمته قناة الجزيرة تغطية مهنية متواصلة للحرب على غزة، وهو موقف يحسب لقطر وتشكر عليه.

 

نتمنى أن تظل قطر وفية لمواقفها المبدئية في دعم المقاومة والقضية الفلسطينية كموقف إسلامي أخوي صادق بعيدا عن التوازنات السياسية ولعبة المصالح، وأن ترفض الضغوط الدولية، وألا تخضع للابتزاز مهما كان حجمه. فالدول تظل كبيرة باستقلال قرارها السياسي، وبمواقفها ووقوفها إلى مع القضايا العادلة، وبأدوارها السياسية والدبلوماسية، وقوتها الناعمة، وهي نفس العوامل التي صنعت مكانة قطر وتأثيرها وحضورها في الساحة الإقليمية والدولية خلال الفترة الماضية.

فهل تخضع قطر للابتزاز الأمريكي الإسرائيلي وتضغط على المقاومة لتقديم تنازلات لصالح الاحتلال؟ وهل ستضيق على المقاومة في حال استمرار تمسكها بمواقفها ليصل الأمر لطردها من الدوحة؟

 

لا نتمنى حدوث ذلك.

مقالات مشابهة

  • عن مستقبل حماس في الدوحة.. قراءة في وساطة قطر في المفاوضات وموقفها من المقاومة
  • بعد تعليق قطر وساطتها.. ما مصير الحرب في غزة؟
  • قطر والوساطة في غزة.. أستاذ قانون دولي يكشف عرقلة إسرائيل للمفاوضات لأغراض سياسية
  • روسيا: "خيبة الأمل" دفعت قطر للانسحاب من الوساطة في غزة
  • حماس تحسم الجدل وتكشف حقيقة الطلب القطري بإخراج قياداتها من الدوحة
  • كيف علقت قطر علي أنباء انسحابها من ملف الوساطة في غزة؟
  • قطر تحسم الجدل حول حقيقة اغلاق مكتب حماس في الدوحة وانسحابها من الوساطة
  • خلفيات قرار الدوحة وقف وساطتها في غزة
  • قطر تنفي الانسحاب من ملف الوساطة بغزة وتؤكد أن التقارير بشأن مكتب حماس "غير دقيقة"
  • حقيقة انسحاب قطر من جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة