صحيفة البلاد:
2025-04-18@03:00:39 GMT

مجرد لعبة كراسي

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

مجرد لعبة كراسي

يُلاحظ أنه مع الإعلان عن كل دورة انتخابية أمريكية جديدة، ينشغل العالم كله بتحليلات وتوقعات، مستعرضاً التاريخ السياسي لكل حزب، ثم الحياة المهنية للمرشحين كليهما، ولإنجازات الرئيس الذي تنتهي ولايته، ومؤهلات منافسه وقدراته التي ربما ترجح الكفة لصالحه.

وتزداد حمُّى التكهُّنات مع قرب موعد الإعلان عن النتائج، مثل أيامنا هذه، ويذهب بعض المهتمين في التنظير، بعيداً عن كل ما يدور في دهاليز مطبخ السياسة الأمريكية، في ما يتعلق برأي النخبة السياسية وعامة الشعب على حد سواء.


أما واقع الحال كما أراه من وجهة نظري المتواضعة: السياسة الأمريكية ثابتة، يحكمها اللوبي اليهودي من خلال مجلسيها.

والنتيجة: دعم غير محدود لدولة الكيان اليهودي، يحتل المرتبة الأولى، حتى على المصلحة الأمريكية نفسها. وتوظيف المنظمات الدولية الهلامية من مجلس (قهر) وأمم (غير متحدة) ومفوضية (ظلم) الإنسان وغيرها من صندوق (الاستغلال) الدولي… إلخ، لخدمة إسرائيل أولاً، ثم من بعد لخدمة أمريكا، بعيداً عن الاهتمام بأي مشاكل أخرى في العالم، كانت أمريكا نفسها سبباً مباشراً في إشعال جذوتها.

والحقيقة: الأمر لا يتطلب عبقرية خارقة لاستكشافه، فبصرف النظر عن قراءة متعمِّقة في التاريخ السياسي لأمريكا، نجد أن ما قدمه الجمهوريون عن طريق ترامب مؤخراً، أو قل ما قدمه اللوبي اليهودي في أمريكا لإسرائيل، من دعم استفز مشاعر العالم كله، لم يسبق أن تجرأ رئيس أمريكي من سلفه حتى على مجرد التفكير فيه.

وها هم الديمقراطيون في عهد بايدن، أو قل أيضاً اللوبي اليهودي في أمريكا: تُذبح فلسطين من الأذن إلى الأذن، وتدكّ بيوتها على رؤوس ساكنيها من أبرياء، وحتّى على حيواناتهم، تحت سمع الديمقراطيين
وبصرهم، بل أكثر من هذا: بدعم سخي منهم، ناهيك عن حرب السودان العبثية، وقرى منطقة الجزيرة التي يُذبح حتى أطفالها ونساؤها وشيبها وشبابها بالجملة، ويذلون ويهانون بطريقة بشعة تغضب حتّى الشيطان، دونما جريرة ارتكبوها؛ دون أن تحرك أمريكا (راعية العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان) ساكناً؛ وقطعاً لن تحرك أبداً: بل تصبّ الزيت على النار.

وليس دعم أمريكا، أقصد اللوبي اليهودي الذي يحكم أمريكا قولاً وفعلاً، لأوكرانيا في حربها ضدّ روسيا ببعيد، وتجّييش الغرب لمناصرة أوكرانيا في محرقة أشعلتها أمريكا نفسها. ولن أتحدث عن تداعيات (الخريف العربي)، و (فوضى امريكا الخلاقة) في منطقة الشرق الأوسط.

وبالجملة: ما من فتنة هنا أو هناك، في هذا العالم الفسيح، إلا من خلفها فوضى أمريكا، وديمقراطيتها العرجاء، وكيلها بمكيالين.
أما في ما يتعلق بقرار الشعب الأمريكي في التصويت لانتخابات الرئاسة، ففي تقديري: يحكمه المزاج، والأهواء، والانفعال الآني، أكثر ممّا يحكمه العقل الرزين. ولأن أهل مكة أدري بشعابها كما نقول، يدرك الأمريكيون (مكرهين) أكثر من أي شعب آخر، أن بلادهم يحكمها اللوبي اليهودي، طوعاً، أو كرهاً، إن فاز الديمقراطيون، أو الجمهوريون، فالأمر سيَّان، أكد هذا كثير من الأكاديميين الأمريكيين أنفسهم. ففي ما يتعلق بالأهواء، والمزاج العام، واللحظة الآنية، مثلاً: فوز الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، الذي كان ديمقراطياً ليبرالياً في الأساس، ثم (تجمّهر) وجاء للانتخابات من شاشة السينما، عام 1980، فوزه على سلفه جيمي كارتر الديمقراطي الأصل، الذي جاء للبيت الأبيض من مراكز الأبحاث والقلم والقرطاس، إثر أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران. مع أن الكل كان يدرك جيداً: أن كارتر كان أكثر علماً، وأرجح عقلاً، وأبعد نظراً، وأطيب قلباً، مقارنة بمنافسه ريغان.

والذي أراه اليوم، أن رؤية اللوبي اليهودي في أمريكا لحرب دولة الكيان اليهودي على غزة، هي التي تحدِّد الفائز.
والمحصلة في تقديري المتواضع: لا ينتظر أحد جديداً من انتخابات أمريكا، إن حكمها زيد أو عمرو.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود اللوبی الیهودی

إقرأ أيضاً:

أمريكا.. من معيار المعرفة والمنطق

 

يبدو أننا اليوم أمام تحولات عجيبة في بنية النظام الدولي وقد بدأت مؤشرات ذلك منذ زمن لكنها أكثر ظهورا اليوم من خلال مؤشرات الصراع التي يقودها ترامب وفريقه ضد العالم، ويبدو أن تركيز ترامب على الشرق الأوسط وعلى الصين وروسيا وايران واضح، وهو تركيز يبعث كوامن الصراع الذي يعيد تشكيل بنية النظام الدولي، ويفرض واقعا جديدا، تريد أمريكا أن تتحكم بمساره، حتى تستمر هيمنتها عليه من خلال فرض مركزية إسرائيل كقوة تدور بها ومن خلالها مصالح المنطقة، ومن خلال إحداث التوازن مع روسيا والصين وايران، وبحيث تبتعد ايران بعدا مناسبا من التقارب مع الصين التي تهدد أمريكا بانهيار اقتصادي وشيك إذا استمرت حرب الرسوم الضريبية بين البلدين .

وبالعودة إلى السياقات التاريخية نجد أنه منذ كتب بريجنسكي كتابه «بين عصرين» والذي تحدث فيه قائلاً: إن الرأسمالية تواجه هزيمة آيديولوجية وفكرية كبيرة جداً، ويقول في سياق كتابه ذلك أن الحل الوحيد هو إحياء ما أسماه «الأصوليات الدينية» ودفعها للتصادم مع المنظومة الشيوعية والاشتراكية وحركات التحرر عندها – حسب رؤيته في مضمون كتابه الصادر في مطلع عقد السبعينيات- سوف تهزم الشيوعية والاشتراكية بقوة الأصوليات الدينية، وهزيمة تلك المنظومة سيوفر للرأسمالية الأمريكية فرصاً استراتيجية كبرى لإعادة تنظيم العالم تحت قيادتها.. ووفقاً لهذا المنطلق النظري تبنت السياسة الأمريكية منذ عهد كارتر الذي رأس أمريكا خلال الفترة «1977م-1981م» خطة استراتيجية لدعم الأصوليات الدينية، ليس حباً في الدين وإنما من باب كراهية الشيوعية وحركات التحرر، ورغبة في حماية المصالح الاستراتيجية لأمريكا.

والملاحظ أنه خلال فترة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والممتدة من «81م-1989م» تعاظم المد الأصولي وقويت الحركات الأصولية الدينية «الإسلامية واليهودية والمسيحية والهندوسية» في العالم كله، وذلك النشاط المستعر والمحموم أدى إلى تحقيق أهم الخطوات التمهيدية للسيطرة على العالم وتمثلت في تفكيك المنظومة الاشتراكية وإزالة العقبة الشيوعية، وإشعال أو استنزاف وشرذمة حركات التحرر في الأقطار العربية، وفرض شروط الاستسلام للصهيونية في فلسطين.

ومن يعود إلى مرجعيات تلك الحقبة الزمنية يجد ذلك شائعاً في الخطاب الثقافي والسياسي والإعلامي، ومن نافلة القول إن الهدف من تلك الاستراتيجيات التي كانت تتبناها دوائر صنع القرار الأمريكي «الكونجرس والبنتاجون بكل منظومته الأمنية والعسكرية والاستخبارية» هو تفتيت وتفكيك العرب على أسس ما قبل الدولة الوطنية لتسهيل السيطرة عليهم، وذلك عن طريق العصبيات الطائفية والعرقية والحضارية لكون أمريكا وصلت إلى مرحلة الشيخوخة وأصبح نظامها الرأسمالي عاجزاً عن توفير احتياجات إمبراطوريتها، وما لم يتم تمزيق العرب لتغذية الخلافات والصراعات بينهم فهي تدرك أنها ستكون عاجزة عن السيطرة على الموارد وبالتالي تزداد أزمتها البنيوية اتساعاً، ولذلك سعت على القضاء على محركات الثورة كالحركة القومية «حزب البعث»، وأعلنت حربها على العراق في مطلع عقد التسعينيات، وكان حزب البعث هو حركة التحرر التي تهددها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، لذلك أشعلت الفتن الطائفية في العراق وحروب الأديان حتى تستطيع فرض نمط يخلّصها من الصراعات ويبعدها عن شبح الانهيارات، وهي اليوم كما هو واضح للعيان قد ساهمت في خلق إسلام سني يواجه بكل رباطة جأش الإسلام الشيعي ولم نعد نسمع عن الأزمات الاقتصادية التي كانت تبدو كشبح يهدد بنيتها الامبراطورية بالفناء والتلاشي والاضمحلال بل كادت أن تتجاوز تلك الأزمات بفضل حركة الدمار الشامل التي يقودها المسلمون ضد بعضهم بعضا، وبعد أمد لن يطول يصبح التوفيق بين المسلمين مستحيلاً، وتسعى الصهيونية العالمية إلى أن تكون المواجهة بين المعسكرين السني والشيعي أبدية لتصل إلى مرحلة التدمير الشامل وبحيث يتحول العرب والمسلمون إلى كتلة تاريخية محاربة لا تحب السلام والاستقرار، تحركهم الأحقاد والعصبيات والثأرات وهي حالة لا تنسجم مع حالة العالم ولا مع مصالحه، وعند هذه النتيجة قد ينشأ توافق عالمي على ضرورة القضاء على الإسلام باعتباره الحل الوحيد لإنقاذ العالم من شروره.

اليوم أمريكا تشهد ثورة عارمة تكاد تعصف بها، وكل المؤشرات التي ظهرت منذ حرب فيروس كورونا وانتهاء بحرب الرسوم الجمركية بينها وبين الصين تقول ثمة تراجع يحدث في مسار النظام العالمي ينذر بتبدل وتغير لم تكن أمريكا ولا نظامها الرأسمالي يحسب حسابا له، هذا التراجع يفسح المجال للصين كي تكون في صدارة النظام العالمي الجديد، وتلك هي سنن الله في كونه، فبقاء الحال على ما هو عليه من المستحيلات التي لا تتسق مع عقل ولا منطق ولا تاريخ.

أمريكا تشرب من ذات الكأس الذي كانت تذيقه أنظمة العالم التي تسير ضد واقعها ومصالحها وقد هيأ الله لها أحمق بذات المواصفات التي هيأ بها للنظام الاشتراكي في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي وهي تترنح اليوم وسيكون السقوط مدويا لا محالة .

لقد كشفت أمريكا أوراق لعبتها للعالم – “فترامب “ – بكل حماقته – كان معولا يهدم صخور التبلد في أذهان المخدوعين بأمريكا لتكون الحقيقة عارية دون خداع وزيف، وقد تجردت من مفردات حقوق الإنسان، وتجردت من كلمة الحريات والأقليات، ومن الديمقراطية ومن كل القيم التي لم تكن حقائق بل زيف وخداع بدليل ما يحدث أو حدث في غزة وفي لبنان وما حدث ويحدث اليوم في اليمن الذي تستخدم كل قوتها ضده وهو شعب أعزل ضعيف محاصر منذ عقد من الزمن فقد استخدمت ضده كل أسلحتها ومقدراتها واستنفرت العالم لحربه لكن الله سيكون نصير المستضعفين في الأرض .

سقوط النظام الرأسمالي أصبح وشيكا ولن يكون حال العالم ولا النظام العالمي كما كان عليه قبل كورونا، فكورونا أدار حربا عالمية أحدثت تبدلا عميقا في بنية النظام العالمي ما كان للبشر أن يبلغوه، فإذا كان العالم خسر الكثير من الأرواح – وهي طبيعة كل الحروب – فهو يكسب واقعا جديدا ونظاما عالميا جديدا قد يكون هو الأقرب إلى الحق والعدل وهما غايتان ظل البشر ينشدونهما عبر تاريخهم وثوراتهم القديمة والحديثة .

مقالات مشابهة

  • أمريكا.. من معيار المعرفة والمنطق
  • ولد الرشيد لوفد أمريكا الوسطى: لا أحد أكثر تمثيلية للصحراويين منا والكيان خرافة
  • بعد فرض أمريكا جمارك بـ245%.. الصين: لا نهتم بـ"لعبة أرقام الرسوم"
  • كلكم مجرد كرزايات عديمي الوطنية وما عندكم ذرة حياء !
  • كونكاكاف يرفض تنظيم كأس العالم بـ64 فريقاً في أمريكا الجنوبية
  • الدب الأمريكي الذي قد يقتل صاحبه!
  • رئيس برلمان أمريكا الوسطى يشيد بالتنمية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية في لقاء مع الطالبي العلمي
  • ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
  • في ظلّ ما يجري في أمريكا: العالم إلى أين؟
  • سيادة أوروبا التكنولوجية تتطلب أكثر من مجرد القدرة التنافسية