حكم صلاة المسلم في الكنيسة.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن صلاة المسلم في الكنيسة جائزة شرعًا كغيرها من بقاع الأرض، وقد أجمع العلماء على صحتها بالشروط المعتبرة في صحة الصلاة؛ إذ هي داخلة في عموم ما امتنَّ الله به على هذه الأمة المحمدية، من أنه جعل لها الأرض كلها مسجدًا، وقد طبَّق ذلك العلماءُ سلفًا وخلفًا ورخَّصوا فيه عبر القرون.
وأوضحت الإفتاء إن ما ورد من امتناع بعض السلف عن الصلاة في الكنائس فإنما هو لوجود التماثيل، وهو محمول على الكراهة لا على التحريم.
ورد عن جـــابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي الغَنَائِمُ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ» متفقٌ عليه.
قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (1/ 146، ط. المطبعة العلمية): [وإنما جاء قوله: «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» على مذهب الامتنان على هذه الأمة؛ بأن رخص لها في الطهور بالأرض، والصلاة عليها في بقاعها، وكانت الأمم المتقدمة لا يصلون إلا في كنائسهم وبِيَعِهم] اهـ.
وقال القاضي عياض المالكي في "إكمال المعلم" (2/ 437، ط. دار الوفاء): [وأما كونها مسجدًا: فقيل: إن من كان قبله صلى الله عليه وآله وسلم من الأنبياء كانوا لا يصلون إِلا فيما أيقنوا طهارته من الأرض، وخص نبينا وأمته بجواز الصلاة على الأرض إِلا ما تيقنت نجاسته منها] اهـ.
مذاهب أهل العلم في الصلاة داخل الكنيسة
وقالت الإفتاء إن علماء الأمة أجمعوا على جواز الصلاة في الكنائس ودور العبادة لغير المسلمين، ما دامت شروط الصلاة متحققة؛ قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (5/ 229، ط. وزارة أوقاف المغرب): [أجمعوا على أن من صلى في كنيسة أو بيعة في موضع طاهر أن صلاته ماضية جائزة] اهـ.
وقد طبَّق ذلك العلماءُ سلفًا وخلفًا، ورخَّصوا فيه عبر القرون؛ لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» رواه البخاري.
روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن بكرٍ، قال: كتبتُ إلى عمر رضي الله عنه من نجران: لم يجدوا مكانًا أنظف ولا أجود من بيعة؟ فكتب: "انضحوها بماءٍ وسدرٍ وصلوا فيها".
وعن الشعبي، أنهم قالوا: لا بأس بالصلاة في البيع.
وعن حجاج قال: سألت عطاء عن الصلاة في الكنائس والبيع، فلم ير بها بأسًا.
وعن عثمان بن أبي هند قال: رأيت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يؤم الناس فوق كنيسة والناس أسفل منه.
وعن إسماعيل بن رافع، قال: رأيت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يؤم الناس في كنيسة بالشام.
وعن أزهر الحراني، أن أبا موسى رضي الله عنه، صلى في كنيسة بدمشق، يقال لها: "كنيسة نَحْيَا".
وروى الإمام ابن المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع والخلاف" (2/ 194، ط. دار طيبة): [أن أبا موسى رضي الله عنه صلى بحمص في كنيسة تدعى نحيا ثم خطبهم] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الافتاء المصرية دار الإفتاء الإفتاء الكنيسة صلاة م س ج د ا و ط ه ور ا رضی الله عنه ل ی الأ ر ض الصلاة فی فی کنیسة بن عبد
إقرأ أيضاً:
حكم الخروج من صلاة الفريضة بسبب مدافعة الأخبثين.. دار الإفتاء ترد
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الخروج من صلاة الفريضة بسبب مدافعة الأخبثين؟ فقد كنت على سفر، وفي الطريق توقفت السيارة في مكان للاستراحة، ونزل الركاب لأداء الصلاة، وكنت أشعر بأني أريد الذهاب لقضاء حاجتي، لكن أجَّلت ذلك بسبب الزحام على دخول الحمامات، ودخلت المسجد لأدرك صلاة الفريضة في جماعة، وأثناء الصلاة لم يكن في مقدرتي التحمُّل في دفع حاجتي، وذهب خشوعي في الصلاة بالكلية، فخرجت مضطرًّا من الصلاة، وذهبت للحمام؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الصلاة مع احتباس الريح أو الغائط -مدافعة الأخبثين- مكروهة إذا كانت تُخِلُّ بخشوعه وحضور قلبه في الصلاة، لكن إذا شرع في الصلاة ليلحق بالجماعة، وتمالك نفسه، وكانت مدافعته للأخبثين خفيفة فصلاته صحيحة، أما في حالة إذا لم يقدر على أن يدافع الأخبثين فإنه يجب عليه أن يقطع الصلاة لتلك الضرورة، ثم يقضي الصلاة بعد ذلك، ولا حرج عليه شرعًا في كونه قَطَعَ صلاة الجماعة أو خرجتِ الصلاة عن وقتها، فهو معذورٌ لتلك الضرورة.
وأضافت أنه من المقرر شرعًا أن أداء صلاة الفريضة مستوفيةً أركانَها وشروطَها يجعلها صحيحة شرعا؛ فقد قال عزَّ وجلَّ في كتابه العزيز: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: 1- 2].
وأوضحت أن الخشوع في الصلاة لا يتأتَّى إلَّا إذا كان ذهن المصلي خاليًا من الشواغل؛ لذا فقد ذهب فقهاء الحنفية إلى أن صلاة الشخص الحاقن -الذي يدافع الأَخْبَثَيْن (البول والغائط) أو أحدَهما- مكروهٌ كراهة تحريم؛ سواء كان قبل شروعه أو بعده، وقرروا أنه إن شَغلته تلك المدافعة عن الصلاة قَطَعَها خروجًا من الخلاف إن لم يخف فوات الوقت، وإن أتمها على هذه الحالة أَثِمَ.
وذهب فقهاء المالكية إلى بطلان صلاة الحاقن والحاقب إذا كان في الإتيان بها معه مشقة أو مشغلة، أما إذا كان شيئًا خفيفًا لا يُعجِلُ فلا يؤثر في صحة الصلاة.
وذهب الشافعية -في مشهور المذهب- والحنابلة إلى صحة صلاة الحاقن مع الكراهة، وهذه الكراهة مختصة بما إذا بدأ الصلاة وهو على هذه الحالة، أما إذا طرأت له مدافعة الأخبثين وهو في الصلاة فليس له الخروج من الصلاة إذا كانت مفروضة إلَّا إن ظَنَّ حصول ضررٍ بكتمه، ومع ذلك فقد قرر الشافعية أنه يُستحب أن يفرغ نفسه من ذلك إذا اتسع الوقت وإن فاتته الجماعة، بل حُكِي قولٌ في المذهب بأنه يستحب ذلك وإن فات الوقت.