مغاربة العالم.. عملة صعبة وإقصاء من المشاركة السياسية
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
أعلن الملك المغربي محمد السادس مؤخرا عن إعادة هيكلة الإطار الخاص بالمؤسسات التي تعنى بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، وسط ترقب حول مدى قدرة هذه الخطوة على حماية مصالح هذه الفئة التي باتت تحويلاتها تفوق سنويا 10 ملايير دولار.
وقال الملك، في خطاب ألقاه يوم 6 نوفمبر الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، "قررنا إحداث تحول جديد، في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية بالخارج.
وتابع "وجهنا الحكومة للعمل على هيكلة هذا الإطار المؤسساتي، على أساس هيأتين رئيسيتين، الأولى، هي مجلس الجالية المغربية بالخارج (...) وبهذا الخصوص، ندعو إلى تسريع إخراج القانون الجديد للمجلس، في أفق تنصيبه في أقرب الآجال وأما الثانية، فهي إحداث هيئة خاصة تسمى +المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج+، والتي ستشكل الذراع التنفيذي، للسياسة العمومية في هذا المجال".
وأشار العاهل المغربي إلى أن المؤسسة الجديدة ستتولى مهمة تجميع الصلاحيات المتفرقة حاليا بين عدد من المؤسسات والفاعلين الحكوميين، إلى جانب مواكبة الجالية وتسهيل الإجراءات أمامها للاستثمار بالمغرب، إذ لا تتعدى، وفقه، 10 في المائة من مجموع الاستثمارات الوطنية الخاصة.
وسبق للملك محمد السادس أن أشاد في خطاب ألقاه عام 2022 بالجالية المغربية المقيمة بالخارج ودعا حينها إلى تمكينها من حقوقها من خلال تأهيل الإطار المؤسساتي الخاص "بهذه الفئة العزيزة من المواطنين".
وقال في ذلك الخطاب إن "المغرب والحمد لله، يملك جالية تقدر بحوالي خمسة ملايين، إضافة إلى مئات الآلاف من اليهود المغاربة بالخارج، في كل أنحاء العالم" وتابع "لابد أن نتساءل باستمرار: ماذا وفرنا لهم لتوطيد هذا الارتباط بالوطن؟ وهل الإطار التشريعي، والسياسات العمومية، تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم ؟ وهل المساطر الإدارية تتناسب مع ظروفهم ؟ وهل وفرنا لهم التأطير الديني والتربوي اللازم؟.
وأضاف "صحيح أن الدولة تقوم بمجهودات كبيرة، لضمان حسن استقبال مغاربة العالم. ولكن ذلك لا يكفي. لأن العديد منهم، مع الأسف، ما زالوا يواجهون العديد من العراقيل والصعوبات، لقضاء أغراضهم الإدارية، أو إطلاق مشاريعهم. وهو ما يتعين معالجته".
مؤسسات متفرقةويتولى إدارة شؤون "مغاربة العالم"، كما يطلق عليهم بالمغرب، "مجلس الجالية المغربية بالخارج"، وهو مؤسسة دستورية استشارية مستقلة تأسست عام 2007 بهدف "ضمان المتابعة والتقييم للسياسات العمومية للمملكة تجاه مواطنيها المهاجرين وتحسينها بهدف ضمان حقوقهم وتكثيف مشاركتهم في التنمية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية للبلاد"، وفق ما جاء في موقعها الالكتروني.
وقبل هذه المؤسسة، أنشأ المغرب "مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج" عام 1990 وهي مؤسسة استشارية أيضا ترأسها شقيقة الملك، الأميرة مريم، ومن أهدافها ضمان استمرار العلاقات التي تربط "مغاربة العالم" بوطنهم الأم، كما تهدف إلى مساعدتهم على "تذليل الصعوبات التي تعترضهم بسبب اغترابهم".
وفي الشق العملياتي، تشرف "مؤسسة محمد الخامس للتضامن" منذ عام 2001 على عملية "مرحبا"، التي أطلقتها السلطات لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج الراغبين بقضاء عطلة الصيف بوطنهم.
وبلغ مجموع العائدين المغاربة الذين زاروا المغرب الصيف الماضي 3 ملايين و761 ألفا و589 مغربيا، بزيادة "غير مسبوقة" بنسبة 18.84% مقارنة بعام 2023، وفق معطيات نشرتها المؤسسة.
معطيات وأرقام رسميةبلغ مجموع المهاجرين المغاربة المسجلين لدى شبكة قنصليات المملكة عبر العالم 5.1 مليون شخص إلى حدود شهر أبريل من عام 2021، ما يمثل نحو 15 في المائة من مجموع ساكنة البلاد، بحسب تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي (مؤسسة رسمية).
ونوه المجلس في التقرير الذي أصدره عام 2023، إلى أن هذا العدد يمكن أن يصل إلى 6 ملايين ونصف، إذا ما أخذ بعين الاعتبار عدد المهاجرين غير المسجلين لدى المصالح القنصلية.
وتستقطب الدول الأوروبية نحو 89 في المائة من مجموع المهاجرين المغاربة المقيميين بالخارج، على الرغم من أن هذه الجالية تستقر في أكثر من 100 بلد حول العالم.
وتضم فرنسا لوحدها أكثر من مليون مهاجر مغربي تليها إسبانيا بنحو مليون شخص، ثم إيطاليا بنحو 500 ألف مهاجر مغربي.
على صعيد آخر، أفاد تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة احصاء رسمية)، بأن 78 في المائة من "مغاربة العالم" غادوا المغرب خلال الفترة الممتدة بين 2000 و2018، لافتا إلى أن 24 في المائة منهم أقدموا على خطوة الهجرة منذ عام 2015.
وبشكل عام تتسم الجالية المغربية المقيمة بالخارج بكونها جالية شابة، حيث قدر بحث المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن 60 في المائة منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و39 عاما، كما تتسم هذه الجالية بكون أن أكثر من ثلثها تتوفر على مستوى تعليمي عال، وفق المؤسسة نفسها.
"اقصاء" من رسم سياسة بلادهمنص الدستور المغربي لعام 2011 في الفصل الـ16على أن المملكة المغربية تعمل على "حماية الحقوق والمصالح المشروعة للمواطنين والمواطنات المغاربة المقيمين في الخارج، في إطار احترام القانون الدولي، والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال".
وجاء في الفصل الـ17 أنه "يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية".
ومع ذلك، ظلت مشاركة "مغاربة العالم" في الاستحقاقات الانتخابية في بلادهم معلقة إلى اليوم، رغم دسترة هذا الحق، حيث لم ينص الدستور على إحداث دوائر انتخابية خارج المغرب، مما يعرقل مشاركة هذه الفئة في الانتخابات المنظمة في بلادهم.
وتفاعلا مع سؤال كتابي بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان)، قال وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، في سبتمبر الماضي، إن القوانين الانتخابية المغربية تتيح للجالية المشاركة في الانتخابات "إما بشكل مباشر في مكاتب التصويت بالمغرب أو عن طريق الوكالة".
وأشار إلأى أن الحكومة اتخذت إجراءات لتعزيز تمثيلية هذه الفئة منها "إلزام الأحزاب السياسية بوضع مترشحة مقيمة بالخارج على رأس لائحة ترشيح جهوية واحدة على الأقل، وذلك بهدف تشجيع الأحزاب على إدماج المرأة المغربية المقيمة بالخارج في الحياة السياسية".
وأردف الجواب الكتابي أنه "تم بالموازاة مع ذلك إقرار تحفيزات مالية مهمة لفائدة الأحزاب السياسية قصد تشجيعها على إدماج المترشحين ذكورا وإناثا، من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج في لوائح ترشيحها المحلية المقدمة برسم مجلس النواب".
ملايير الدولاراتويطالب مغاربة العالم بفتح المجال أمامهم للمشاركة في الانتخابات، خاصة بعد أن أصبحت تحويلاتهم السنوية تمثل 7 في المائة من الناتج الداخلي الاجمالي للبلاد منذ انتشار جائحة فيروس كورونا.
وأفاد التقرير السنوي لمكتب الصرف، الصادر في أغسطس الماضي بأن هذه التحويلات بلغت 56.72 مليار درهم (5 مليارات دولار) عند متم شهر يونيو الأخير، مقارنة بـ55.69 مليار درهم خلال الفترة نفسها من عام 2023.
وأضاف التقرير أن هذه التحويلات "سجلت مستوى قياسيا عام 2023"، موضحا أنها بلغت 115,3 مليار درهم (11 مليار دولار) مقابل 110 مليار درهم (11.1 مليار دولار) عام 2022، أي نسبة ارتفاع بلغت 4.1 في المائة.
"رسالة واضحة"تعليقا على ما جاء خطاب العاهل المغربي، قال مصطفى نضيف، الناشط في مجال الهجرة والمقيم بإيطاليا، إن توحيد المؤسسات المعنية بشؤون الجالية "بادرة جيدة" متمنيا أن تقطع الخطوة الجديدة مع "الاقصاء والتهميش" الذي تعاني منه الجالية.
وأوضح نضيف، في حديث مع موقع "الحرة"، أن الخطاب الملكي استجاب لتطلعات ومطالب رفعتها الجالية المغربية منذ سنوات، مفيدا بأن تعدد المؤسسات المعنية بشؤون هذه الفئة يعيق تدبير ملفهم.
وأشار إلى أن "الجالية المغربية أظهرت حبها ودعمها لوطنها في عدد من الأزمات، كجائحة كورونا وفي أزمة زلزال الحوز، ومع ذلك، تفاجأنا بعد تنصيب الحكومة الجديدة الاستغناء كليا عن الوزارة المخصصة لخدمة الجالية".
وتابع "جلالة الملك له رؤية استراتيجية وواع بهذه المشاكل، لذلك أمر بإعادة هيكلة مؤسسات الجالية، حيث تحدث الخطاب عن عدد من الصعوبات التي تواجهنا، بما فيها عوائق تواجه الراغبين منا بالاستثمار بالمغرب".
وتعليقا على مشاركة الجالية في رسم سياسات بلادهم، أضاف، نضيف "دون تمثيلية في البرلمان سيكون صوتنا ضعيفا، وننتظر تزيل الفصل الـ16 والـ17 من الدستور، ونطمح من خلال هذه الالتفاتة الملكية أن يكون بمقدورنا التصويت من بلدان إقامتنا".
وتابع "تعدد المؤسسات لا يخدم الجالية، كان لا بد من توحيد جهودها في مؤسسة واحدة لتواصل مع الجالية وتأطير أبنائها وتعزيز انتمائهم وحبهم لوطنهم الأم، لذلك خطاب جلالة الملك رسالة واضحة للحكومة للعمل على تجاوز هذا التقصير".
"بارقة أمل"بدورها، رحبت سعاد أمجاهدي، رئيسة مؤسسة "مني لكم" الخيرية بفلوريدا (جنوب شرق الولايات المتحدة) بتوحيد جهود المؤسسات المغربية الموجهة للخدمة الجالية، متمنية أن يساهم القرار الملكي في دفع الحكومة إلى التحرك.
واعتبرت أمجهادي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن الجالية المغربية تعاني "تهميشا" منذ سنوات، قبل أن تستدرك "لدي أمل في الجهود التي يقودها جلالة الملك لأنه وحده المدافع عن حقوقنا".
وأوضحت "جمعني لقاء مؤخرا بالوزير السابق المكلف بالجالية بالولايات المتحدة، وقلت له كيف تطلب منا أن تستثمر بالمغرب ولا نتوفر على مكتب مكلف بالجالية بالمغرب، أنا شخصيا أنفق آلاف الدولارات بالمغرب كل سنة ومع ذلك لا أرى أي اعتبار للجالية".
وتابعت "صحيح أن المعاملات القنصلية والإدارية تحسنت بشكل كبير في السنوات الأخيرة ولكننا نطالب إلى جانب ذلك، بالمشاركة في الانتخابات المحلية في بلدان إقامتنا كما نطالب بتسهيلات في الضرائب".
وترى الفاعلة الحقوقية والجمعوية أن الإجراءات الجديدة "بارقة أمل" جديدة للجالية، منوهة إلى أن العاهل المغربي "عمل منذ توليه الحكم على معالجة سنوات من الاهمال لشؤون الجالية وعمل على مدار السنوات الأخيرة لتجاوزها".
"نقطة تحول حقيقة"وتفاعلا من الخطاب نفسه، قال عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، إن توحيد مؤسسات هذه الفئة "تحول مهم في مقاربة إشكاليات الجالية".
وأوضح في تدوينة له على فيسبوك "التحول الجديد والمهم في مقاربة تدبير إشكاليات الجالية سيتم من خلال مؤسستين أولهما مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج وضرورة الإسراع بإخراج القانون التنظيمي حسب المادة 163 من الدستور وثانيهما خلق +المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج " باختصاصات مهمة".
وتابع أن المؤسسة "المحمدية" ستعطي "دفعة قوية في مجال التأطير اللغوي والثقافي والديني وتبسيط ورقمنة المساطر الإدارية والقضائية التي تهم المغاربة المقيمين بالخارج".
من جانبه، قال إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، في تصريح لموقع محلي، إن الدعوة الملكية "تثمل نقطة تحول حقيقية" بالنظر إلى التحولات التي طالبت الجالية في السنوات الأخيرة.
وأضاف "أعتقد أنه من المهم اليوم أن ندرك أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج لم تعد تقتصر على فرنسا فقط، بل أصبحت جالية دولية لذلك يجب أخذ تنوع هذه الجالية بعين الاعتبار من حيث التواصل والمعلومات حول جميع إمكانيات الاستثمار بالمغرب".
المصدر: الحرة
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المقیمین بالخارج مغاربة العالم فی الانتخابات فی المائة من ملیار درهم هذه الفئة من خلال إلى أن عام 2023 مع ذلک
إقرأ أيضاً:
الترسانة النووية للرئيس الـ47.. ما الأسلحة التي يستطيع ترامب أن يهدد بها العالم؟
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا يسلط الضوء على الاستراتيجيات التي يعتزم الجيش الأمريكي تطبيقها في السنوات القادمة لتطوير قدراته وتعزيز هيمنته، وأبرز الأسلحة التي ستكون تحت تصرف رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب خلال ولايته الثانية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب سيمتثل في البداية لميزانية الدفاع لسنة 2025، والمقدرة بـ865 مليار دولار، واستراتيجية الدفاع الوطني التي اعتُمدت في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2022.
وترجح الصحيفة إجراء تعديلات جذرية في استراتيجيات الجيش الأمريكي خلال السنوات القادمة، استنادًا إلى دراسات وتجارب من أهمها تلك المتعلقة بالخبرة المكتسبة من الحرب الروسية الأوكرانية.
الردع الشامل للأعداء
أوضحت الصحيفة أن مسألة الردع الاستراتيجي تمثل أولوية بالنسبة لوزارة الدفاع الأمريكية، وأضافت أن البنتاغون يرى أن الأسلحة النووية ستكتسب في المستقبل القريب تأثيرا ردعيا لا يمكن لأي عنصر آخر من عناصر القوة العسكرية أن يحل محله.
لذلك يعتزم البنتاغون -وفقا للصحيفة- تحديث قدراته النووية الاستراتيجية والبنية التحتية الإنتاجية والقاعدة العلمية والهندسية.
وقد تم إنشاء معظم أنظمة الردع النووي في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن العشرين وما قبل ذلك. وبعد عدة عمليات تحديث، من المنتظر أن تنتهي صلاحية جميع الأنظمة العاملة حاليًا في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.
وحسب الصحيفة، تعتقد وزارة الدفاع الأمريكية أن إعادة تمويل المنصات النووية وأنظمة التسليم وأنظمة الدعم المرتبطة بها سوف تتطلب استثمارات كبيرة على مدى العشرين عاماً المقبلة.
ومن المقرر أن يحل الصاروخ الباليستي العابر للقارات "إل جي إم-35 إيه سينتنيل" محل الصاروخ الباليستي العابر للقارات "مينتمان 3" والذي تم تطويره في سبعينيات القرن العشرين.
وحسب المطورين، سيحتفظ صاروخ "إل جي إم-35 إيه سينتنيل" بخصائص التكيف السابقة، مع توفير قدرات وأمان وموثوقية أكبر. كما سيتم استبدال صاروخ "إيه جي إم 86" الذي دخل الخدمة سنة 1982.
ومن المنتظر أن يتم تطوير الغواصة النووية الاستراتيجية "كولومبيا" لتعويض الغواصات النووية الاستراتيجية من طراز "أوهايو" انطلاقا من تشرين الأول/ أكتوبر 2030. وقد انطلقت أشغال بناء السفينة الأولى من هذا المشروع في أيلول/ سبتمبر 2020.
وأضافت الصحيفة أنه من المقرر تخصيص أموال إضافية للصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات من طراز "يو جي إم-133 ترايدنت 2". ومن المقرر أن تظل هذه الصواريخ في الخدمة مع البحرية الأمريكية طوال فترة خدمة الغواصات من طراز "أوهايو"، أي إلى أوائل أربعينيات القرن الحادي والعشرين، وهو الموعد المحدد لنشر أولى الغواصات النووية من طراز كولومبيا.
كما دخلت القاذفات الاستراتيجية من طراز "نورثروب غرومان بي-21 رايدر" مرحلة الإنتاج الكامل في السنة المالية 2024. وتؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن هذه الطائرات، عند دخولها الخدمة، ستكون طائرات منخفضة التكلفة مجهزة بتقنيات متطورة. كما تؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن القاذفة ستشكل عنصرا رئيسيا في ترسانة مشتركة من الأسلحة التقليدية والنووية.
ومن المنتظر أن تحل مقاتلات "إف 35" القادرة على حمل الأسلحة النووية والعادية محل المقاتلات القديمة من الجيل الرابع، بما في ذلك "إف 15 إي"، وستكون مخصصًة لتنفيذ مهمات الردع النووية لحلف الناتو.
وقد حصلت بعض مقاتلات "إف-35 إيه" التي تمتلكها الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الأوروبيين على شهادة القدرة التشغيلية النووية في بداية السنة المالية 2024.
التفوق الجوي
ذكرت الصحيفة أن المجمع الصناعي الدفاعي الأمريكي يستمر بالتركيز في المجال الجوي على تنفيذ مشروع "الجيل المقبل من الهيمنة الجوية"، والذي يقوم على نشر مجموعة كاملة من الأنظمة المتصلة، والتي يمكن أن تشمل المقاتلات والطائرات المسيرة والأقمار الصناعية ومنصات الفضاء الإلكتروني.
في هذه المرحلة، يتمثل الاستثمار الرئيسي في الطائرة المقاتلة من طراز "لوكهيد مارتن إف-35 لايتنينغ الثانية"، والتي ستكون العمود الفقري للقوات الجوية.
في إطار برنامج "إف-35"، يتم تطوير وإنتاج وتوريد ثلاثة أنواع من مقاتلات الجيل الخامس الضاربة، وهي النسخة التقليدية للإقلاع والهبوط "إف-35 إيه" والمخصصة لسلاح الجو، ونسخة الإقلاع القصير والهبوط العمودي "إف-35 بي" لمشاة البحرية، و"إف-35 سي" الخاصة بالقوات البحرية.
وفقًا للبنتاغون، فإن خاصية التخفي التي تتميز بها طائرة "إف-35"، وأجهزة الاستشعار المتطورة والتكامل الوظيفي الذي يسمح بتبادل المعلومات بشكل سلس، كلها مميزات تجعل هذه الطائرة أذكى وأكثر فتكًا وقدرة على الصمود في ساحات المعارك.
كما يستمر تمويل نظام الطائرات المسيرة التابع للبحرية الأمريكية من طراز "بوينغ أم كيو-25 ستينغراي"، التي ستوفر لوزارة الدفاع ناقلة وقود مسيرة من شأنها مضاعفة القوة الضاربة لجناح حاملة الطائرات مع توفير المراقبة البحرية.
وأضافت الصحيفة أن ميزانية السنة المالية 2025 تتضمن أيضًا شراء طائرة نقل من طراز "بوينغ كيه سي-46 بيغاسوس"، والتي ستحل محل الناقلات القديمة. كما تتضمن ميزانية السنة المالية 2025 تمويل جهود القوات الجوية الأمريكية لاستبدال أسطول طائرات الإنذار المبكر المحمولة جوا من طراز "بوينغ إي 3 سينتري" بأخرى من طراز "بوينغ 737".
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة خصصت مبالغ لتمويل مختلف أنظمة الحرب الإلكترونية. بالإضافة إلى التعديلات الحالية على طائرة الحرب إلكترونية من "بوينغ إي إيه-18 جي غرولير"، فإن جهاز التشويش من الجيل القادم سيضمن إمكانيات متقدمة في مجال الهجوم الإلكتروني الجوي ضد رادارات الدفاع الجوي المتقدمة.
وتتضمن ميزانية السنة المالية 2025 أيضًا تخصيص أموال لتعزيز قدرة نظام التحذير في طائرة "إف-15 إيغل"، ونظام الإجراءات الإلكترونية المضادة المتكامل في طائرة "إف/إيه-18 هورنت".
التفوق على الأرض
وقالت الصحيفة إن وزارة الدفاع الأمريكية تخطط لاتخاذ القرار النهائي بشأن الصورة المستقبلية والهيكل التنظيمي للقوات البرية الأمريكية في سنة 2040 خلال العامين المقبلين.
وتخطط المؤسسة العسكرية الأمريكية لمعرفة ماهية ساحات المعارك والبيئة التشغيلية في المستقبل المنظور، ومما لا شك فيه أن هذه الدراسات سوف تتأثر إلى حد كبير بالخبرة القتالية المكتسبة من النزاع المسلح في أوكرانيا، وفقا للصحيفة.
ويعد مشروع التقارب التابع للجيش الأمريكي، والذي انطلق في 2020 ويهدف إلى تحسين قدرات الجيش، منصة للقيام بهذه التجارب.
ينص المشروع على استبدال الدبابات التقليدية بدبابات روبوتية ونقل جزء كبير من الأعمال العسكرية الشاقة، وخاصة المهام عالية المخاطر، إلى الآلات والروبوتات بدلاً من الجنود. وقد خصصت ميزانية 2025 حوالي 13 مليار دولار لتحديث الأسلحة والمعدات العسكرية للجيش الأمريكي وسلاح مشاة البحرية، بما في ذلك المركبات المدرعة متعددة الأغراض ومركبات القتال البرمائية ومركبات المشاة القتالية.
الهيمنة في البحار والمحيطات
تتضمن طلبات الميزانية للسنة المالية 2025 تخصيص 48.1 مليار دولار للاستثمار في القوة البحرية الأمريكية، ببناء ست سفن جديدة، بينها غواصة نووية متعددة المهام من طراز "فيرجينيا"، ومدمرتين من فئة "آرلي بيرك" مزودة برادار متطور، وسفينة إنزال من فئة "سان أنطونيو"، وسفينة إنزال متوسطة الحجم.
وتتضمن ميزانية السنة المالية 2025 تمويلًا إضافيًا لبناء حاملات طائرات جديدة تعمل بالطاقة النووية من فئة "جيرالد فورد" و"يو إس إس جون إف كينيدي"، المقرر تسليمها إلى البحرية في 2025، و"يو إس إس إنتربرايز" المقرر دخولها الخدمة في 2028، فضلا عن حاملة أخرى من فئة "يو إس إس دوريس ميلر".
ومن المقرر وضع حجر الأساس للناقلة "دوريس ميلر" في كانون الثاني/ يناير 2026، وإطلاقها في تشرين الأول/ أكتوبر 2029، ودخولها الخدمة في 2032.
ما المتوقع من ترامب؟
وذكرت الصحيفة أن من المتوقع تخصيص حوالي 143.2 مليار دولار للبحث والتطوير والاختبار والتقييم، ويشمل ذلك الاستثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس ومختلف أنواع التجارب.
ومن المنتظر تخصيص 17.2 مليار دولار للعلوم والتكنولوجيا، بما في ذلك الاستثمارات في البحوث الأساسية بقيمة إجمالية تبلغ 2.5 مليار دولار.
وحسب البنتاغون، تتيح هذه الإجراءات للقوات المسلحة الأمريكية تحقيق مزايا مستدامة في إدارة العمليات العسكرية.
وختمت الصحيفة أنه من المستبعد أن يتخذ الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أي قرارات في المستقبل القريب بمراجعة البرامج والتمويلات المعتمدة سابقا لتطوير قدرات الجيش الأمريكي.