منهكون في الظلام.. سكان غزة يشكون أزمة الكهرباء
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
قطعت إسرائيل الكهرباء منذ الأيام الأولى للحرب على قطاع غزة، تاركة الفلسطينيين يضيئون الظلام بالهواتف المحمولة، ويطبخون على اللهب المكشوف. تقرير لصحيفة "نيويورك تيمز" يرصد هذه المعاناة وسط استمرار القتال في مختلف الجبهات.
يصاب أطفال مريم أبو عمرة الستة بالذعر عندما تغرب الشمس. إنهم يخافون من الظلام، ومنذ بدء الحرب في غزة، أصبح منزلهم أسوداً قاتم، كما الحي الخارجي أيضاً، مضاء فقط بشاشات الهواتف المحمولة التي تستهلك عمر البطارية الثمين.مأساة إنسانية
وانقطع التيار الكهربائي منذ أكثر من عام في قطاع غزة، وكان على السكان الاكتفاء ببدائل لا تلبي احتياجاتهم الأساسية.
وقالت السيدة أبو عمرة، 36 عاما، التي تعيش في دير البلح، في وسط غزة: "كل ليلة هي صراع بالنسبة لنا.. أحيانا يسألني أطفالي متى ستعود الكهرباء مرة أخرى، لكن ليس لدي إجابة".
الكهرباء لبنة أساسية في الحياة العصرية، ولم يكن لدى غزة سوى القليل منها منذ أن اتخذت إسرائيل إجراءات لقطع إمداداتها في الأيام الأولى من الحرب في خطوة قالت إنها لإضعاف حماس.
قالت أبو عمرة، وهي تطبخ على النار وتغسل يديها قبل غروب الشمس: "لم أكن أعرف أبداً مدى اعتماد جميع الناس والعائلات هنا، بمن فيهم أنا، على الكهرباء... يجب أن أستيقظ مبكراً الآن حتى لا أفوت دقيقة واحدة من ضوء النهار".
قبل الحرب، كانت سنوات من الصراع والحصار الاقتصادي الإسرائيلي المفروض لإضعاف حماس قد تركت شبكة الكهرباء في غزة قادرة على توفير ساعات محدودة فقط من الطاقة كل يوم.
Gaza is blacked out. The sole power station has run out of fuel. pic.twitter.com/jAKxqFIgIp
— Citizen Free Press (@CitizenFreePres) October 11, 2023 إجراءات إسرائيليةوكان قطع وصول غزة إلى الكهرباء الإسرائيلية أحد أول الأشياء التي قامت بها السلطات الإسرائيلية بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي شنته حماس. وتمكن بعض الفلسطينيين من اللجوء إلى المولدات أو الطاقة الشمسية، لكن إسرائيل قيدت بشدة القدرة على جلب ألواح شمسية جديدة، أو الوقود لتشغيل المولدات، إلى المنطقة، بحجة أن حماس قد خزنت الوقود المخصص للمدنيين لاستخدامه في الهجمات الصاروخية.
وظلت هذه الإجراءات سارية طوال الحرب، حتى عندما لا تزال بعض خطوط الكهرباء القليلة العاملة في المنطقة تربط شبكة الكهرباء الإسرائيلية بالبنية التحتية الحيوية في غزة، بما في ذلك محطة تحلية المياه الرئيسية التي لا تعمل.
وقال جورجيوس بتروبولوس، المسؤول في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة: "في بعض الحالات، تكون خطوط الكهرباء حية، وتحتاج فقط إلى تشغيلها، وهذا قرار سياسي... الكثير من هذه القضايا ليست مشاكل فنية أو مشاكل في العرض بعد الآن، إنها قضايا سياسية".
منذ بداية الحرب، انتقدت المنظمات الإنسانية قرار قطع الكهرباء عن غزة. ورداً على ذلك، ألقى يسرائيل كاتس، الذي شغل منصب وزير الطاقة في ذلك الوقت وعين وزيراً للدفاع الأسبوع الماضي، باللوم ضمنياً على حماس وغيرها من الجماعات المسلحة في غزة لاحتجازها رهائن اختطفوا خلال هجومهم.
The humanitarian situation in #Gaza: without power, a full blackout is imminent.
“Hospitals are going to be turned into graveyards.”
More from our colleague Hisham here.
(????Repost for viewing on mobile) pic.twitter.com/GiLnaLIs3T
سمحت إسرائيل بدخول بعض المساعدات إلى غزة بعد احتجاج دولي، لكن إدارة بايدن حذرت إسرائيل الشهر الماضي من أنها إذا لم تسمح بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية إلى غزة، فقد يؤدي ذلك إلى قطع المساعدات العسكرية الأمريكية.
وقال منسق الأنشطة الحكومية في المناطق، فرع وزارة الدفاع الإسرائيلية الذي يدير الشؤون في الضفة الغربية وغزة، إنه "يسهل بنشاط دخول ونقل الوقود إلى المنشآت الإنسانية، بما في ذلك المستشفيات والمخابز والبنية التحتية الأساسية الأخرى".
وأضاف أن "الجيش سمح بدخول 30 مليون لتر أو ما يقرب من ثمانية ملايين جالون من الوقود إلى غزة منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى 50 لوحاً شمسياً في الأشهر القليلة الماضية". ولم ترد وزارة الطاقة الإسرائيلية على طلبات للتعليق.
Israel Defense Minister Yoav Gallant:
"I have ordered a complete siege on the Gaza Strip. There will be no electricity, no food, no fuel, everything is closed. We are fighting human animals and we will act accordingly." pic.twitter.com/69VBYtfSFz
وتقول منظمات إغاثة إن هناك حاجة إلى المزيد لاستعادة الكهرباء ومعالجة الأزمة الإنسانية في الإقليم.
دفع انقطاع التيار الكهربائي المستشفيات إلى المطالبة مراراً وتكراراً بالوقود لتشغيل مولداتها، بينما يتدفق التيار الكهربائي بحرية في البلدات الإسرائيلية على بعد أميال قليلة. وقال علاء الدين أبو عودة، مدير الهندسة والصيانة في وزارة الصحة في غزة، إن مستشفيات المنطقة " تعمل برحمة الله".
الأضرار التي لم يتم إصلاحها من الصراعات المتكررة بين حماس وإسرائيل تركت بالفعل البنية التحتية الكهربائية للجيب "في حالة يرثى لها" حتى قبل بدء الحرب، وفقاً لتقرير صادر عن مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث إسرائيلي في جامعة بار إيلان.
بالنسبة إلى رشا ماجد العطار، 20 عاماً، كانت الشمس في غزة "نعمة" وسط الفوضى المحيطة بها في دير البلح، حيث فرت عائلتها من مدينة غزة.
#LIVE @UNGeneva: "There is more food available in the markets, but it doesn’t mean that the food is accessible - because there is absolutely no cash circulating in the northern part of the #GazaStrip"@UNLazzarini: "Far from enough" food to reverse spreading hunger. pic.twitter.com/EFZeTVX4af
— UNRWA (@UNRWA) April 30, 2024عدة مرات في الأسبوع، تمشي إلى محطة شحن قريبة وتشحن 10 هواتف من لوحة شمسية. وقالت إن عائلتها تستخدمها في الغالب كأضواء ليلية لأطفالهم الذين يبكون في الظلام.
كانت الأمور مختلفة من قبل. كانت طالبة جامعية. كان منزلها يحتوي على ثلاجة وتلفزيون وإنترنت.
قالت العطار: "لا أستطيع أن أتخيل أننا نعيش في القرن 21، بينما نكافح كثيراً للحصول على أسهل الأشياء".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة الإسرائيلي غزة وإسرائيل عام على حرب غزة pic twitter com فی غزة
إقرأ أيضاً:
عدن بين لهيب الصيف وظلام الليل.. أزمة الكهرباء تتفاقم والغضب الشعبي يتصاعد (تقرير)
بين صيف عدن اللاهب وظلام الليل الطويل، يقف المواطنون وحدهم في مواجهة هذه الأزمة التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد آخر، وسط مطالبات ملحّة بضرورة إيجاد حلول جذرية لإنهاء هذه المعاناة، التي أصبحت جزءًا من الحياة اليومية لسكان المدينة المنكوبة بالكهرباء.
حيث تعيش العاصمة المؤقتة عدن في ظلامٍ دامس مع استمرار أزمة الكهرباء، التي ألقت بظلالها القاتمة على حياة المواطنين، متسببة في موجة سخط شعبي عارم، في ظل انعدام أي حلول جذرية تلوح في الأفق.
وقد تفاقمت أزمة الكهرباء بشكل غير مسبوق خلال الأسابيع الماضية، حيث شهدت عدن انقطاعات متكررة وصلت في بعض الأيام إلى خروج المنظومة الكهربائية بالكامل عن الخدمة، ما زاد من معاناة السكان، وأدى إلى شلل شبه كامل في الحياة اليومية.
وتعزو الجهات الرسمية هذه الأزمة إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها نفاد الوقود المشغل لمحطات التوليد، وعدم توفير مخصصات كافية لاستمرار تشغيل الكهرباء، إضافةً إلى تهالك محطات التوليد التي لم تخضع لعمليات صيانة دورية منذ سنوات، مما جعلها غير قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة للطاقة.
وعود متكررة دون تنفيذ
ورغم تعهدات الحكومة المتكررة بالعمل على إيجاد حلول لأزمة الكهرباء، إلا أن الواقع يؤكد أن تلك الوعود لم تُترجم إلى خطوات فعلية، حيث لا تزال المشكلة قائمة دون أي تحسّن يُذكر.
وفي أكثر من مرة، أعلنت الحكومة عن خطط لتوفير وقود الطوارئ لمحطات الكهرباء، لكن هذه الحلول لم تكن سوى مسكّنات مؤقتة، سرعان ما تنتهي ليعود الوضع إلى أسوأ مما كان عليه.
ومع استمرار أزمة الكهرباء، تصاعدت حالة الغضب بين المواطنين الذين عبّروا عن استيائهم من تدهور الخدمات الأساسية، وخصوصًا الكهرباء التي تُعد شريان الحياة، خاصةً مع ارتفاع درجات الحرارة.
يقول خالد سعيد، أحد سكان مديرية المنصورة، لـ"الموقع بوست": "لم نعد نطيق هذه المعاناة، ساعات طويلة من الظلام، بينما المسؤولون لا يشعرون بما نعيشه. لقد أصبحت حياتنا كابوسًا مستمرًا بسبب هذه الانقطاعات المتكررة."
أما أم أحمد، وهي ربة منزل في مديرية كريتر، فتضيف: "كل شيء في حياتنا أصبح معلقًا بالكهرباء، من تبريد الطعام إلى تشغيل الأجهزة الأساسية في المنزل."
وترى أم أحمد في حديثها لـ"الموقع بوست"، أن هذا الانقطاع المتكرر ليس مجرد أزمة طارئة، بل سياسة ممنهجة تهدف إلى دفع المواطنين نحو الاعتماد على الكهرباء الخاصة بأسعار باهظة.
وتقول: "ما يحدث اليوم هو تضييق متعمد على الناس، وكأنهم يريدون إجبارنا على الاشتراك في الكهرباء التجارية، التي أصبحت تجارة مربحة للبعض على حساب معاناة المواطن البسيط."
وتشير إلى أن هذه الأزمة تزيد من الأعباء المالية على المواطنين، خاصةً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، متسائلة عن سبب عجز الجهات المعنية عن إيجاد حلول دائمة.
تداعيات كبيرة
لم تقتصر تداعيات الأزمة على معاناة المواطنين داخل منازلهم، بل انعكست بشكل مباشر على مختلف القطاعات، حيث تضررت العديد من الأنشطة التجارية بسبب الانقطاعات الطويلة، ما أدى إلى خسائر فادحة للتجار وأصحاب الأعمال.
كما أثّر انقطاع الكهرباء على عمل المستشفيات والمرافق الصحية، مما جعل الكثير منها يعتمد على مولدات كهربائية تعمل بتكاليف باهظة، وهو ما يضع حياة المرضى في خطر.
وقد حذّرت وزارة الصحة العامة والسكان في العاصمة المؤقتة عدن من تداعيات خطيرة قد تهدد الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية، نتيجة توقف خدمة الكهرباء عن هذه المرافق الحيوية.
وأكدت الوزارة، في بيان لها تابعه "الموقع بوست"، أن الوضع الراهن قد يؤدي إلى انهيار شامل للقطاع الصحي في الأيام القليلة القادمة إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل، معربةً في الوقت ذاته عن قلقها العميق إزاء الأزمة الحالية التي تمر بها مستشفيات عدن، مشيرةً إلى أن توقف خدمة الكهرباء قد يعرض حياة المرضى في هذه المرافق للخطر.
وناشدت الوزارة الجهات الحكومية المختصة والمنظمات الإنسانية بسرعة التدخل لتوفير الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية وضمان استمرارية خدمات الكهرباء العامة في المستشفيات، إضافةً إلى تأمين إمدادات المياه بشكل دائم.
من جانبها، أطلقت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي في العاصمة المؤقتة عدن، نداءً عاجلًا إلى مجلس القيادة الرئاسي والحكومة وكافة الجهات المعنية، طالبت فيه بالتدخل الفوري لتأمين كميات كافية من الوقود، لضمان استمرار خدمات المياه والصرف الصحي، في ظل أزمة متفاقمة تهدد المدينة.
وحذرت المؤسسة، في بيانٍ صادر عنها تابعه "الموقع بوست"، من توقف كامل للخدمة خلال الساعات القادمة، مع قرب نفاد الوقود الاحتياطي، إلى جانب الانطفاء الكلي لمنظومة كهرباء عدن، المقرر عند منتصف الليل يوم الثلاثاء، مما ينذر بكارثة إنسانية تهدد السكان.
وأوضحت المؤسسة أن الكميات المحدودة من الوقود المتوفرة لديها ستنفد خلال 24 ساعة، مؤكدةً أن عدم توفير الوقود الكافي لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية سيؤدي إلى توقف آبار المياه ومضخات الصرف الصحي عن العمل، ما قد يتسبب في أزمة خانقة وانقطاع المياه عن آلاف المواطنين.
مع كل هذه التداعيات، يبقى السؤال الأهم: هل هناك حلول حقيقية لإنهاء أزمة الكهرباء في عدن؟ في ظل غياب خطط واضحة من الجهات المختصة، يبدو أن الأزمة مرشحة للاستمرار، ما لم يكن هناك تحرك عاجل وحقيقي يضمن توفير وقود كافٍ، وإجراء إصلاحات جذرية لمحطات التوليد، والعمل على استقدام مشاريع استثمارية في قطاع الطاقة.