مجلة (ذا ديبلومات): إدارة ترامب ستشهد تحولًا في سياستها مع الصين وتكنولوجيا الطاقة الخضراء
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
رأت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية أنه من المتوقع أن تُحدث عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تحولات كبيرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الصين والتوجهات التكنولوجية للطاقة الخضراء.
ولفتت المجلة الى أنه على الرغم من الاختلافات الجذرية في أسلوب إدارتهما، فإن كلًا من الرئيس المنتخب ترامب والرئيس الحالي جو بايدن يتفقان على أن الصين تمثل التحدي الأكبر للولايات المتحدة في المستقبل القريب.
وأشارت الى أنه على مدار فترتي رئاستهما، كان أحد الأهداف الرئيسية لهما هو الحفاظ على تفوق الولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك التقنيات ذات الاستخدامات العسكرية والمدنية.
وركزت المجلة على سرد التباين بين استراتيجيات ترامب وبايدن في هذا الصدد : فبينما يركز بايدن على تعزيز القوة الأمريكية في مجال الطاقة الخضراء والتكنولوجيا عبر سياسات دعم محلية مثل "قانون خفض التضخم"، يسعى ترامب إلى العودة إلى الصناعات التقليدية وتعزيز قوة الولايات المتحدة في الوقود الأحفوري.
وقالت (ذا ديبلومات) إنه بينما كان بايدن يواجه التحديات المترتبة على صعود الصين في المجالات التكنولوجية والاقتصادية، ركز على استراتيجية طموحة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الصين وتعزيز السيادة التكنولوجية الأمريكية ، وقد تمثلت إحدى أبرز خطواته في فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية وفرض قوانين تهدف إلى دعم الابتكار المحلي في قطاع الطاقة الخضراء ، ويعد "قانون خفض التضخم" أحد الأدوات الأساسية لتحقيق هذه الاستراتيجية، حيث يهدف إلى تعزيز صناعة بطاريات السيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات الخضراء داخل الولايات المتحدة.
وأضافت أنه من ناحية أخرى، كانت استراتيجية بايدن أيضًا تتسم بالتعاون الوثيق مع الحلفاء الغربيين في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية، ما يعكس توازنًا بين تعزيز السيادة التكنولوجية الأمريكية وبين التعاون الدولي ، فعلى سبيل المثال، تقوية التعاون مع الدول الحليفة مثل أستراليا والمملكة المتحدة من خلال تحالف أوكوس، وتعزيز الشراكة مع اليابان وكوريا الجنوبية في مجال التكنولوجيا.
وتابعت أنه على النقيض، يفضل ترامب سياسات تركز على حماية الصناعات الأمريكية التقليدية، مثل صناعة السيارات والوقود الأحفوري، ويرى أن الولايات المتحدة يجب أن تستعيد قوتها الاقتصادية من خلال تقليص سياسات الطاقة الخضراء وفرض قيود على واردات التكنولوجيا الحديثة، مثل السيارات الكهربائية من الصين. كما يتطلع ترامب إلى استخدام سياسات "أمريكا أولاً" لتقليص اعتماد الولايات المتحدة على الأسواق الخارجية، خاصة في صناعة السيارات والمركبات ذاتية القيادة.
ورأت المجلة أنه رغم أن ترامب يتفق مع بايدن في ضرورة فرض الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، إلا أن استراتيجيته تركز بشكل أكبر على إحياء الصناعات الأمريكية التقليدية، مثل السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري، ما يعارض المسار الأخضر الذي تبناه بايدن ، كما يواجه ترامب تحديات سياسية داخلية، حيث يدعم "قانون خفض التضخم" وظائف في الولايات الجمهورية، وهو ما يضعه في موقف صعب في حال قرر العودة إلى سياسات متشددة في قطاع الطاقة.
وقالت أن أبرز نقطة تباين بين بايدن وترامب تتمثل في استراتيجيتهما تجاه الصين، وخاصة في مجال التكنولوجيا. فبينما يعمل بايدن على بناء تحالفات قوية مع الدول المتقدمة في هذا المجال، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، فإن ترامب يتبنى نهجًا أكثر تحفظًا يعزز السيادة التكنولوجية الأمريكية على حساب الشراكات الدولية.
وتسعى إدارة بايدن، على الرغم من تزايد التوترات مع الصين، إلى تقليل المخاطر المرتبطة بسلاسل الإمداد من خلال تشجيع الاستثمار المحلي في صناعات مثل أشباه الموصلات والتقنيات المتقدمة. زفي المقابل، يروج ترامب لسياسات مناهضة للصين ويدعو إلى "إيقاف الصين عن إنتاج السيارات" وفرض المزيد من القيود على التكنولوجيا الأجنبية.
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين الولايات المتحدة والصين، أظهرت العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية تحولًا مهمًا في استراتيجيات التعاون التكنولوجي. فعلى الرغم من التوترات التاريخية بينهما، فإن التحولات الأخيرة تشير إلى أن الدولتين بدأتا تتعاون بشكل وثيق في مواجهة التحديات التكنولوجية القادمة من الصين.
وقد أظهر هذا التعاون التزايد في الروابط بين الصناعات التكنولوجية في اليابان وكوريا الجنوبية، حيث أصبح من الضروري للبلدين تعزيز تعاونها في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية والتقنيات المتقدمة لمواجهة التنافس الصيني. وفي هذا السياق، أبدت كل من اليابان وكوريا الجنوبية تفضيلًا للتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة على الرغم من المخاوف المتعلقة بسياسات "أمريكا أولاً" التي قد تضر بمصالحهما الاقتصادية.
وأشارت المجلة إلى أنه إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض بنهج أكثر تشددًا في سياسة "صنع في أمريكا"، فقد تواجه الولايات المتحدة خطر فقدان مزيد من التأثير على الحلفاء الدوليين الرئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية، اللذين يمثلان شريكين أساسيين في مواجهة التحديات التكنولوجية. وقد تضعف سياسة "أمريكا أولاً" العلاقات مع هذه الدول، مما يهدد التحالفات الاقتصادية والأمنية التي تستفيد منها الولايات المتحدة في مواجهة تهديدات من دول مثل الصين وروسيا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الیابان وکوریا الجنوبیة الولایات المتحدة الطاقة الخضراء على الرغم من المتحدة فی ترامب إلى فی مجال
إقرأ أيضاً:
ما مستقبل الشراكة بين أميركا والجزائر بعد عودة ترامب؟
الجزائر- تعمل الجزائر والولايات المتحدة الأميركية على تعزيز التعاون الثنائي في المجالات العسكرية والاقتصادية. وتصدرت قطاعات الدفاع والطاقة والفلاحة والعلوم والتكنولوجيا قائمة المجالات ذات الأولوية "ضمن رغبة ثنائية لتوطيد العلاقات بما يعود بالنفع على الجانبين، إلى جانب السعي إلى تعزيز السلم والأمن على المستوى الإقليمي والدولي"، حسب ما أكده وزيرا خارجية البلدين في مكالمة هاتفية جمعتهما الثلاثاء.
ومع بداية العهدة الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب، تم توقيع مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري بين الجزائر والقيادة الأميركية لأفريقيا "أفريكوم".
إلى جانب ذلك، وقعت وزارة الطاقة الجزائرية في 22 يناير/كانون الثاني اتفاقية مع مجموعة شيفرون الأميركية للطاقة، لتقييم إمكانات موارد النفط والغاز البحرية في الجزائر بهدف تمهيد الطريق لمشاريع استكشاف وتطوير مستقبلية تهدف إلى تثمين موارد المحروقات الجزائرية.
وهو ما وصفه بيان صادر عن وزارة الدفاع الجزائرية بأنه مساع للجزائر وواشنطن نحو تعميق العلاقات الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية بينهما، وفق رؤية وزخم جديدين.
استقبال الرئيس الجزائري لقائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا والوفد المرافق له (مواقع التواصل) تطور العلاقات
كانت العلاقات الجزائرية الأميركية في الفترة الأولى لحكم الرئيس الأميركي (2017-2021) تقتصر على استمرارية التعاون التقليدي في بعض المجالات على غرار مكافحة الإرهاب والطاقة، أما سياسيا فقد شهدت العلاقات نوعا من التوتر بعد اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء سنة 2020، والذي اعتبرت الجزائر أنه "لا أثر قانونيا له لأنه يتعارض مع جميع قرارات الأمم المتحدة".
إعلانويرى المحلل السياسي حكيم بوغرارة أنه مع بداية العهدة الثانية لترامب يبدو أن الولايات المتحدة تريد بناء شراكة إستراتيجية طويلة الأمد مع الجزائر، نظرًا لمكانتها ودورها الإقليمي وحيادها في التعامل مع الأزمات الدولية، مشيرا إلى أن العلاقات الجزائرية الأميركية تحمل قدرًا كبيرًا من الاحترام والتقدير تاريخيا.
ونوه بوغرارة -في حديثه مع الجزيرة نت- إلى أن السياسة والمصالح متغيرة ونسبية، وهذا يفسر كيف أن العلاقات الجزائرية الأميركية التي كانت خجولة خلال العهدة الأولى لترامب قد تطورت بشكل ملحوظ اليوم.
فالولايات المتحدة تراجع سياساتها، وتُصحّح مساراتها، وتسعى إلى بناء شراكات جديدة وفق مستجدات المشهد الدولي، وهذا ما حدث مع الجزائر، وفق بوغرارة.
وتبحث الإدارة الأميركية اليوم عن دول قوية اقتصاديا ومؤثرة إقليميا، وهو ما ينطبق على الجزائر، كما يضيف المتحدث ذاته، خاصة في ملفات مكافحة الإرهاب والقضية الفلسطينية وأمن الطاقة.
واستبعد المحلل السياسي أن يكون هناك أي تعليق سلبي من شركاء الجزائر التقليديين سواء من الصين أو روسيا أو غيرهما حول هذا التقارب الجزائري الأميركي، إذ تعتمد سياسة الرئيس عبد المجيد تبون، برأيه، على تنويع الشراكات، معتبرا أن الجزائر دولة ذات سيادة وترفض التدخل في شؤونها الداخلية.
وزارة الطاقة الجزائرية وقعت اتفاقية مع مجموعة شيفرون الأميركية للطاقة (مواقع التواصل) تقاطع المصالح
وأشار بوغرارة إلى تقاطع المصالح بين الجزائر وواشنطن في ملفات كالقضية الفلسطينية، ومكافحة الإرهاب، وتطوير قطاع الطاقة، ودعم الاستقرار في سوريا ولبنان، موضحا أن الولايات المتحدة تدرك جيدًا أن للجزائر ثقلًا كبيرًا في القضايا العربية والإسلامية والأفريقية والمتوسطية.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبد اللطيف بوروبي أن هناك تقاطعا في المصالح بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أشار إليه بيان الخارجية الأميركية الذي ذكر أن مكالمة ماركو روبيو مع أحمد عطاف ارتبطت بـ3 كلمات رئيسية وهي "تصورات مرتبطة بقطاع غزة، من إعادة الإعمار والهدنة، وإمكانية إنهاء الحرب"، إلى جانب "التعميق الدائم للشراكات الاقتصادية، خاصة في مجال الطاقة".
إعلانونوه بوروبي -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن المقاربة الجديدة بين البلدين لا تقتصر على مجال الطاقة والاقتصاد فقط، بل هناك أيضًا إمكانية لفتح شراكات أمنية من نوع آخر.
وقال إن واشنطن تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة شمال أفريقيا وأفريقيا بشكل عام، خاصة في ظل الاستثمارات الصينية الضخمة في البنية التحتية بمنطقة الساحل، مؤكدا أن الولايات المتحدة لا تريد فقط منع التوسع الصيني في أفريقيا، بل تسعى أيضًا لأن تكون المنافس الأول للصين في جميع أنحاء العالم.
وعاد أستاذ العلوم السياسية إلى مؤشرات التنمية البشرية والمؤشرات الاقتصادية للجزائر التي تُظهر نموًا مستمرًا، مما يعني أن فرص الاستثمار والشراكة باتت أكبر مما كانت عليه في السابق.
وأكد أن الحديث عن المرحلة القادمة يعني الحديث عن المصلحة والفائدة، وهو ما تعتمد عليه الولايات المتحدة وهو ما ينطبق على الجزائر التي تهدف إلى توسيع شراكاتها، وذلك يعني وجودها في جميع المناطق والانخراط مع شركاء متعددي الأطراف، كونها نقطة ارتكاز إستراتيجية.
رئيس أركان الجيش الجزائري عقد محادثات مع قائد قوات الأفريكوم شملت حالة التعاون العسكري بين البلدين (مواقع التواصل) تقارب أمنيويؤكد الخبير في الشؤون الأمنية أحمد ميزاب أن توقيع مذكرة التفاهم بين الجزائر والولايات المتحدة مع بداية عهد ترامب يحمل دلالات عديدة خاصة في ظل السياقات الدولية والتحولات المستجدة عالميا.
ويقول ميزاب -في حديثه للجزيرة نت- إن هناك تغييرا في الأولويات الأميركية، فقد كانت إدارة ترامب في ولايته السابقة أقل اهتمامًا بأفريقيا، لكن تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي دفع واشنطن إلى مراجعة إستراتيجياتها الأمنية، من خلال توسيع تعاون أمني مع الجزائر لمواجهة التحديات المشتركة.
ورأى الخبير ذاته أن تصريحات قائد "الأفريكوم" تعكس رغبة أميركية في تعزيز دورها في الساحل الأفريقي بعد الانسحاب التدريجي لفرنسا، لكنها تفضل تحقيق ذلك عبر شراكات محلية بدل الانتشار وهو ما جعلها تراهن على الجزائر.
إعلانوأكد أن وصف الولايات المتحدة للجزائر بأنها "بلد رائد" يؤكد أن واشنطن ترى في الجزائر شريكًا محوريا، وذلك يفتح الباب أمام تعاون أمني موسع يشمل التدريب وتبادل المعلومات ودعم القدرات العسكرية الجزائرية، بالإضافة إلى محاولة خلق توازن في المنطقة.
وبالعودة إلى حدود التعاون بين البلدين، قال ميزاب إنها تتحدد وفق العقيدة الدفاعية الجزائرية الواضحة، حيث ترفض الجزائر أي وجود عسكري أجنبي على أراضيها أو أي عسكرة للمنطقة.
ونوه إلى أن تعميق الشراكة مع واشنطن لا يعني استبدال روسيا بالولايات المتحدة كون موسكو لا تزال الشريك الأبرز للجزائر.