رأت مجلة "ذا ديبلومات" الأمريكية أنه من المتوقع أن تُحدث عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تحولات كبيرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الصين والتوجهات التكنولوجية للطاقة الخضراء. 


ولفتت المجلة الى أنه على الرغم من الاختلافات الجذرية في أسلوب إدارتهما، فإن كلًا من الرئيس المنتخب ترامب والرئيس الحالي جو بايدن يتفقان على أن الصين تمثل التحدي الأكبر للولايات المتحدة في المستقبل القريب.


وأشارت الى أنه على مدار فترتي رئاستهما، كان أحد الأهداف الرئيسية لهما هو الحفاظ على تفوق الولايات المتحدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك التقنيات ذات الاستخدامات العسكرية والمدنية. 


وركزت المجلة على سرد التباين بين استراتيجيات ترامب وبايدن في هذا الصدد : فبينما يركز بايدن على تعزيز القوة الأمريكية في مجال الطاقة الخضراء والتكنولوجيا عبر سياسات دعم محلية مثل "قانون خفض التضخم"، يسعى ترامب إلى العودة إلى الصناعات التقليدية وتعزيز قوة الولايات المتحدة في الوقود الأحفوري.


وقالت (ذا ديبلومات) إنه بينما كان بايدن يواجه التحديات المترتبة على صعود الصين في المجالات التكنولوجية والاقتصادية، ركز على استراتيجية طموحة تهدف إلى تقليل الاعتماد على الصين وتعزيز السيادة التكنولوجية الأمريكية ، وقد تمثلت إحدى أبرز خطواته في فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية وفرض قوانين تهدف إلى دعم الابتكار المحلي في قطاع الطاقة الخضراء ، ويعد "قانون خفض التضخم" أحد الأدوات الأساسية لتحقيق هذه الاستراتيجية، حيث يهدف إلى تعزيز صناعة بطاريات السيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات الخضراء داخل الولايات المتحدة.


وأضافت أنه من ناحية أخرى، كانت استراتيجية بايدن أيضًا تتسم بالتعاون الوثيق مع الحلفاء الغربيين في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية، ما يعكس توازنًا بين تعزيز السيادة التكنولوجية الأمريكية وبين التعاون الدولي ، فعلى سبيل المثال، تقوية التعاون مع الدول الحليفة مثل أستراليا والمملكة المتحدة من خلال تحالف أوكوس، وتعزيز الشراكة مع اليابان وكوريا الجنوبية في مجال التكنولوجيا.


وتابعت أنه على النقيض، يفضل ترامب سياسات تركز على حماية الصناعات الأمريكية التقليدية، مثل صناعة السيارات والوقود الأحفوري، ويرى أن الولايات المتحدة يجب أن تستعيد قوتها الاقتصادية من خلال تقليص سياسات الطاقة الخضراء وفرض قيود على واردات التكنولوجيا الحديثة، مثل السيارات الكهربائية من الصين. كما يتطلع ترامب إلى استخدام سياسات "أمريكا أولاً" لتقليص اعتماد الولايات المتحدة على الأسواق الخارجية، خاصة في صناعة السيارات والمركبات ذاتية القيادة.


ورأت المجلة أنه رغم أن ترامب يتفق مع بايدن في ضرورة فرض الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، إلا أن استراتيجيته تركز بشكل أكبر على إحياء الصناعات الأمريكية التقليدية، مثل السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري، ما يعارض المسار الأخضر الذي تبناه بايدن ، كما يواجه ترامب تحديات سياسية داخلية، حيث يدعم "قانون خفض التضخم" وظائف في الولايات الجمهورية، وهو ما يضعه في موقف صعب في حال قرر العودة إلى سياسات متشددة في قطاع الطاقة.
وقالت أن أبرز نقطة تباين بين بايدن وترامب تتمثل في استراتيجيتهما تجاه الصين، وخاصة في مجال التكنولوجيا. فبينما يعمل بايدن على بناء تحالفات قوية مع الدول المتقدمة في هذا المجال، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، فإن ترامب يتبنى نهجًا أكثر تحفظًا يعزز السيادة التكنولوجية الأمريكية على حساب الشراكات الدولية.


وتسعى إدارة بايدن، على الرغم من تزايد التوترات مع الصين، إلى تقليل المخاطر المرتبطة بسلاسل الإمداد من خلال تشجيع الاستثمار المحلي في صناعات مثل أشباه الموصلات والتقنيات المتقدمة. زفي المقابل، يروج ترامب لسياسات مناهضة للصين ويدعو إلى "إيقاف الصين عن إنتاج السيارات" وفرض المزيد من القيود على التكنولوجيا الأجنبية.


وفي الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين الولايات المتحدة والصين، أظهرت العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية تحولًا مهمًا في استراتيجيات التعاون التكنولوجي. فعلى الرغم من التوترات التاريخية بينهما، فإن التحولات الأخيرة تشير إلى أن الدولتين بدأتا تتعاون بشكل وثيق في مواجهة التحديات التكنولوجية القادمة من الصين.


وقد أظهر هذا التعاون التزايد في الروابط بين الصناعات التكنولوجية في اليابان وكوريا الجنوبية، حيث أصبح من الضروري للبلدين تعزيز تعاونها في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية والتقنيات المتقدمة لمواجهة التنافس الصيني. وفي هذا السياق، أبدت كل من اليابان وكوريا الجنوبية تفضيلًا للتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة على الرغم من المخاوف المتعلقة بسياسات "أمريكا أولاً" التي قد تضر بمصالحهما الاقتصادية.


وأشارت المجلة إلى أنه إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض بنهج أكثر تشددًا في سياسة "صنع في أمريكا"، فقد تواجه الولايات المتحدة خطر فقدان مزيد من التأثير على الحلفاء الدوليين الرئيسيين مثل اليابان وكوريا الجنوبية، اللذين يمثلان شريكين أساسيين في مواجهة التحديات التكنولوجية. وقد تضعف سياسة "أمريكا أولاً" العلاقات مع هذه الدول، مما يهدد التحالفات الاقتصادية والأمنية التي تستفيد منها الولايات المتحدة في مواجهة تهديدات من دول مثل الصين وروسيا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الیابان وکوریا الجنوبیة الولایات المتحدة الطاقة الخضراء على الرغم من المتحدة فی ترامب إلى فی مجال

إقرأ أيضاً:

نهاية الديمقراطية في الولايات المتحدة كانت متوقعة تماما

مثلي كمثل آخرين، منذ أواخر ليلة الثلاثاء، كان هاتفي يعج بالرسائل النصية التي تتساءل كيف من الممكن أن يحدث هذا (كما يعلم بعض أصدقائي وزملائي ومعارفي، كنت مقتنعا تماما بأن دونالد ترامب سيفوز في هذه الانتخابات بسهولة). وبدلا من الرد بالتفصيل على كل رسالة، أقدم لكم تفسيري هنا.

على مدى 2300 عام، منذ جمهورية أفلاطون على الأقل، عرف الفلاسفة كيف يفوز زعماء الدهماء والطغاة الطامحون بالانتخابات الديمقراطية. العملية واضحة ومباشرة، وقد شاهدنا فصولها تتوالى أمام أعيننا للتو. في نظام ديمقراطي، يتمتع أي شخص بحرية الترشح لأي منصب عام، بما في ذلك الأشخاص غير اللائقين على الإطلاق لقيادة أو رئاسة مؤسسات الحكومة. إحدى العلامات الواضحة على عدم اللياقة الاستعداد للكذب بكل حماسة وجموح، وتحديدا من خلال تقديم الذات كمدافع ضد أعداء الشعب المتصورين، سواء الخارجيين أو الداخليين. رأى أفلاطون أن الناس العاديين يسهل التحكم فيهم باللعب على عواطفهم، وهُـم بالتالي عُـرضة لمثل هذا النوع من مخاطبة المشاعر ــ وهي الحجة التي تشكل الأساس الحقيقي للفلسفة السياسية الديمقراطية (كما زعمت في عمل سابق). أدرك الفلاسفة دوما أيضا أن هذا النوع من السياسات ليس بالضرورة مقدرا له أن ينجح. فكما زعم جان جاك روسو، تُـصـبِـح الديمقراطية في أشد حالاتها ضعفا عندما يصبح التفاوت في المجتمع راسخا وسافرا بدرجة مفرطة. تعمل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية العميقة على خلق الظروف التي تسمح لزعماء الدهماء باستغلال استياء الناس وسخطهم، فتسقط الديمقراطية في نهاية المطاف على النحو الذي وصفه أفلاطون. وعلى هذا فقد خلص روسو إلى أن الديمقراطية تستلزم المساواة الواسعة الانتشار؛ فآنذاك فقط يصبح من غير الممكن استغلال استياء الناس بهذه السهولة. في عملي، حاولت أن أصف بالتفصيل الدقيق لماذا وكيف يتقبل الناس الذين يشعرون بأنهم مُـسـتَـخَف بهم أو مهانون (ماديا أو اجتماعيا) الأمراض ــ مثل العنصرية، ورهاب المثلية الجنسية، وكراهية النساء، والقومية العرقية، والتعصب الديني ــ التي يرفضونها في ظل ظروف يغلب عليها قدر أعظم من المساواة. هذه على وجه التحديد الظروف المادية اللازمة لديمقراطية موفورة الصحة ومستقرة والتي تفتقر إليها الولايات المتحدة اليوم. في الأغلب الأعم، أصبحت أميركا تُعرَّف على نحو فريد من خلال التفاوت الهائل في الثروة، وهي الظاهرة التي لا بد وأن تقوض التماسك الاجتماعي وتعمل على توليد الاستياء والسخط. استنادا إلى 2300 عام من الفلسفة السياسية الديمقراطية التي تشير إلى أن الديمقراطية من غير الممكن أن تدوم في ظل مثل هذه الظروف، فلا ينبغي لأحد أن يفاجأ بنتيجة انتخابات عام 2024.

قد يتساءل المرء، ولكن لماذا لم يحدث هذا بالفعل في الولايات المتحدة؟ يتلخص السبب الرئيسي في وجود اتفاق ضمني بين الساسة على عدم الانخراط في مثل هذا الشكل غير العادي من أشكال السياسة العنيفة الـمُـحـدِثة للـفُرقة والانقسام. هل تذكرون انتخابات عام 2008. كان بوسع جون ماكين، المرشح الجمهوري، أن يلجأ إلى الصور النمطية العنصرية أو نظريات المؤامرة حول مولد باراك أوباما، لكنه رفض سلوك هذا المسار، وصحح في مناسبة شهيرة واحدة من أنصاره عندما اقترحت أن المرشح الديمقراطي كان «عربيا» مولودا في الخارج. خسر ماكين، لكنه يُذكَر باعتباره رجل دولة أمريكيا يتمتع بنزاهة لا تشوبها شائبة.

بطبيعة الحال، يلجأ الساسة الأمريكيون على نحو منتظم ولكن بقدر أعظم من الدهاء إلى مخاطبة مشاعر العنصرية ورهاب المثلية الجنسية للفوز بالانتخابات؛ فهي في نهاية المطاف استراتيجية ناجحة. لكن الاتفاق الضمني على الامتناع عن ممارسة مثل هذه السياسة صراحة ــ ما تسميه الـمُـنَـظِّـرة السياسية تالي مندلبرج معيار المساواة ــ استبعد اللجوء إلى مخاطبة الميول العنصرية بشكل أكثر صراحة مما ينبغي. بدلا من هذا، كان من اللازم أن يحدث ذلك من خلال رسائل مستترة، والاستدعاء بالإشارة، والصور النمطية (مثل الحديث عن «الكسل والجريمة في المناطق الداخلية من المدينة»). ولكن في ظل ظروف من التفاوت العميق، يصبح هذا الضرب المشفر من السياسة في نهاية المطاف أقل فعالية من النوع الصريح. ما فعله ترامب منذ عام 2016 هو أنه نَـبَـذَ ذلك الاتفاق الضمني القديم، ووصف المهاجرين بأنهم حشرات طفيلية ومعارضيه السياسيين بأنهم «الأعداء في الداخل». وكما عرف الفلاسفة دائما، فإن مثل هذه السياسة الصريحة التي ترفع شعار «نحن ضدهم»، قد تكون شديدة الفعالية. وعلى هذا فإن الفلسفة السياسية الديمقراطية كانت محقة في تحليلها لظاهرة ترامب. ومن المؤسف أنها تقدم أيضا نبوءة واضحة بما سيأتي لاحقا. وفقا لأفلاطون، فإن الشخص الذي يخوض حملته على هذا النحو سيحكم كطاغية. من كل ما قاله ترامب وفعله أثناء هذه الحملة وفي ولايته الأولى، بوسعنا أن نتوقع صِـدق نبوءة أفلاطون مرة أخرى. إن هيمنة الحزب الجمهوري على جميع سلطات الحكومة من شأنها أن تجعل الولايات المتحدة دولة الحزب الواحد. ربما يقدم المستقبل فرصا عَـرَضية لآخرين للتنافس على السلطة، ولكن أيا كانت المنافسات السياسية التي تنتظرنا، فمن غير المرجح في الأغلب الأعم أن تكون مؤهلة كانتخابات حرة نزيهة.

ـ جيسون ستانلي أستاذ الفلسفة في جامعة ييل، ومؤلف كتاب «محو التاريخ: كيف يعيد الفاشيون كتابة الماضي للسيطرة على المستقبل».

ـ ـ خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • فوز ترامب يمنح "تيك توك" طوق النجاة في الولايات المتحدة
  • مستثمرو الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة يجمدون مشروعاتهم انتظارا للإدارة الأمريكية الجديدة
  • إدارة ترامب .. ترشيح عدو الصين لمنصب وزير الخارجية
  • أحمد موسى: إدارة بايدن لن تنجح حاليًا في أي مفاوضات لتحقيق السلام
  • إعلام عبري: الولايات المتحدة قدمت مقترحاً للرئيس عباس بشأن إدارة قطاع غزة
  • نهاية الديمقراطية في الولايات المتحدة كانت متوقعة تماما
  • ازدياد الطلب على وظائف الاستدامة عالميًا وسط تحديات سياسية وتأثيرات فوز ترامب
  • داليا عبدالرحيم: فوز ترامب بالرئاسة يحمل معه تداعيات كبيرة على المنطقة.. باحث: تحول في الرأي العام الدولي تجاه دولة الاحتلال.. وخبير: وقف الحرب في غزة قبل انتهاء إدارة بايدن مُستبعد
  • أشرف سنجر: ترامب يسعى إلى إطفاء حرائق إدارة بايدن
  • باحث سياسي: العلاقات المصرية الأمريكية ستشهد زخمًا جديدًا في عهد ترامب