تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يشرح ك. يونج في كتابه جدلية "الأنا واللاوعي" الشخصية التي تشعر بالدونية، إذ تمتلك شيئًا من التحدي في الوعي بالذات، فنجد بعضهم يدعون معرفتهم بكل شيء، ويتظاهرون في كل جلسة أنهم أكثر ثقة بأنفسهم مدعين معرفة أبعد مما يعرفه حتي الطبيب عنهم. ولكن خلف الثقة المتفائلة يختبئ قلق عميق.
مثل هذا الشخص أحيانًا تقدم معرفته له راحة وانفراجة وشعور بأنه يمسك مفتاحًا يفتح أبوابًا عديدة، ويقول المؤلف نستطيع بسهولة أن نكتشف خلف كبرياء بعضهم ملامح شعور خائف بالدونية.
في العمق، يشعر أنه على الهامش، ويدفعه الخوف المختبيء من أن يتردد في إعلان آرائه وتأويلاته، لذا كلما تراجع واختبأ كبرت في داخله الحاجة السرية لأن يعلم أنه موضع قبول وتقدير، ورغم أنه يطرق آذان أقربائه بدونيته، فهو في عمقه لا يؤمن بها. إنه يشعر أن القناعة الثابتة والعنيدة بقيمته المجهولة تصعد من أعماقه؛ ولهذا فهو حساس إلى أقصى حد، يستشعر ويضخم أقل أثر للنقد. ولهذا أيضًا يبرز دائمًا سحنة الشخص غير المفهوم والعبقري المجهول. هكذا تتقد في داخله تعاسة معتدة ويتشكل عنده كبرياء مرضي، فهو يسعى لتقديم صلابة فائقة، في وضع أكثر انهزامًا.
لذا تريحه فكرة التضخم النفسي وبالطبع ليست أهمية المنصب هي التي تحدد هذا التضخم بل استيهامات داخلية لدمية مثيرة للشفقة. ولكن المهام أو الألقاب التي يلبسها تشكل تعويضًا سهلًا، وقناعًا مريحًا، يستطيع خلفهما إخفاء النواقص والإختلالات والأوهان الشخصية.
ولكنها تمنحه نوع من الفوقية بدافع شهوة السلطة والرغبة في إخضاع الآخرين له، والتحكم في هذا وإذلال ذاك وإشباع غروره أنه أصبح شيئًا وله قيمة أمام تقديره المنخفض لذاته، لذا قال الحكيم: تضطرب الأرض تحت عبد صار ملكًا.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
خلال لقاءه الأسبوعي.. ملتقى الطفل بالأزهر يسلط الضوء على صفات الشخصية المعتدلة
عقد الجامع الأزهر الندوة الأسبوعية من ملتقى الطفل الخلوق الفصيح النظيف، تحت عنوان "صفات الشخصية المعتدلة" وحاضر في الملتقى الشيخ محمد مصطفى أبو جبل، الباحث بوحدة شئون الأروقة.
وبين الشيخ محمد مصطفى أبو جبل، أن صفات الشخصية المعتدلة تنبت جذورها وتورق ثمارها من خلال التأسي بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ،مصداقا لقول الله عز وجل (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا).
واستعرض الباحث بإدارة شئون الأروقة بعضا من سمات الشخصية المعتدلة التي تأخذ من أخلاق وسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وتتمثل في القدوة الحسنة في جعل حياة الانسان المسلم من أقوال وأفعال وحركات وسكنات وهيئات كلها مصدقة لقاعدة الخلق الصالح، وقال رسول الله ملخصا بعثته الشريفة "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاق" وفي روايةٍ (صالحَ) الأخلاق، ومنها التحلي بالصدق والأمانة وعدم الفجور في الخصومة، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم" أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ"، وكذا النصح بطريق اللين وعدم الفضيحة والعلانية.
وأضاف: من الأساليب النبوية التربوية في النصيحة: التوجيه والنصح بطريق التعميم ـ دون ذكر اسم صاحب الخطأ ـ، فكان صلوات الله وسلامه عليه يُعْلِمُ بالخطأ ويذمُّه، وينصح المخطئ ولا يُشهِّر به أمام النَّاس، فكثيراً ما كان يقول صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام؟)، وقال الشافعي: تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي وجنِّني النصيحةَ في الجماعة
واختتم الباحث حديثه، قائلا: إن اختيار الصحبة الصالحة أمر ضروري ؛ وذلك لأن الصاحب ذو الخلق الحسن هو مقياس الانسان وبه يوزن خلقه قال رسول الله: إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طيِّبةً.