سعيد ذياب سليم
لطالما كانت النساء عبر العصور في صراع مستمر بين الحفاظ على أدوارهن التقليدية وتحديها، سعيًا وراء الحرية والمساواة. من الأساطير القديمة إلى المجتمعات المعاصرة، عكست قصص النساء المحاربات صراعهن للتغلب على القيود المجتمعية.
شاع موضوع الأمازونيات في الأساطير اليونانية القديمة، حيث يُقال إنهن كنّ قبيلة من النساء المحاربات اللواتي عشن قرب البحر الأسود وفي شمال إفريقيا بمنطقة نوميديا القديمة.
يُعتبرن أول من استخدم الخيول في الحروب، وابتعدن عن العلاقة التقليدية مع الرجال؛ إذ استدعينهم لخدمة أغراضهن ثم إعادتهم. وقد واجهن أبطال الإغريق مثل هرقل وأخيل، وعكسن رموز القوة والاستقلالية. وتروي الأسطورة أن أخيل التقى بملكة الأمازونيات، بنتيسيليا، في معركة طروادة، حيث وقع في حبها بعد أن قتلها، مما يُجسد تناقض مشاعره بين واجبه كجندي وإعجابه بها كامرأة.
مقالات ذات صلة إصبع الحكومة في الزيت 2024/11/09تُبرز هذه الأسطورة صراع النساء في ذلك الزمن، حيث مثّلت بنتيسيليا رمزًا للمساواة في القوة والكرامة، قائلة لجيشها: “لا بالقوة نحن أضعف من الرجال، ولا بالعينين، أجسامنا متماثلة، ونرى نورًا واحدًا، ونتنفس هواءً واحدًا، وطعامنا كطعامهم. فما الذي حرمتنا منه السماء وأعطته للرجال؟. حسب ما ورد في رواية كوينتس السميرناوي في ملحمته Posthomerica عن لقاء أخيل بملكة الأمازونيات التي أظهرت شجاعة وقدرة قتالية أثارت إعجاب الطرواديين.
بين التقاليد والثورة: التحديات الجندرية عبر العصور
تُظهر هذه الأساطير كيف عاشت النساء صراعًا دائمًا بين الخضوع للتقاليد والثورة عليها؛ فمنهن من حافظن على أنوثتهنّ وواجهن التحديات، ومنهن من خلعن ثوب الأنوثة وارتدين قناع الرجولة كوسيلة لمجابهة الواقع المجتمعي.
لم تقتصر هذه الظاهرة على حضارة أو فترة معينة؛ ففي التراث العربي، لدينا ملكات مثل زنوبيا ملكة تدمر وملكة البتراء، اللواتي قُدنَ الجيوش وحكمن ممالكهن بشجاعة واستقلالية. وفي التاريخ الإسلامي، برزت شخصيات نسائية شاركن إخوانهن الرجال المسؤولية، مثل أم سليم التي حملت خنجرًا في معركة حنين وثبتت مع من ثبت حول الرسول صلى الله عليه وسلم، وخولة بنت الأزور التي قاتلت الروم في معركة أجنادين وهي ملثمة، مما جعل خالد بن الوليد يتساءل عن هوية هذا “الفارس الملثم”. تعكس هذه الشخصيات الدور الذي لعبته النساء اضطرارًا لتقمص أدوار الرجال وسط مجتمعات صارمة.
وفي التاريخ الحديث ساهمت النساء العربيات في حركات التحرر ضد الاستعمار مثل الجزائرية جميلة بوحيرد، وما زالت نساء فلسطين يسرن في درب التحرر إلى النصر بإذن الله.
الباتشا بوش: الصراع الجندري في المجتمعات المحافظة
وفي المجتمعات المعاصرة، نجد ظاهرة “باتشا بوش” في أفغانستان وباكستان، حيث تُجبر بعض العائلات إحدى بناتها على تقمص دور الذكر، فتقص شعرها وترتدي زي الصبيان، لتتخفف من القيود الاجتماعية المفروضة على النساء. يترجم مصطلح “باتشا بوش” من لغة الداري إلى “لابسة زي الفتى”.
لكن الفتاة هنا تُظلم مرتين؛ أولًا عند حرمانها من حياتها كأنثى، وثانيًا عند عودتها إلى طبيعتها الأنثوية، حيث تدخل في صراع نفسي عميق بين دورها السابق كذكر وهويتها الأنثوية. تناولت الكاتبة الأمريكية ذات الأصل الأفغاني، نادية هاشمي، في روايتها اللؤلؤة التي كسرت محارتها، قصة رحيمة التي تحولت إلى “رحيم”، حيث وصفتها في ميادين منعت منها الفتيات، مجسدةً هذا الصراع النفسي. كما تناولت الكاتبة السويدية جيني نوردبرج في كتابها فتيات تحت الأرض في كابول، التأثير العميق لهذه الظاهرة على ثقة الفتيات بأنفسهن وفهمهن لأدوار الجنسين في المجتمع.
البورنيشا في البلقان: العذارى المحلفات في المجتمعات القبلية
وفي منطقة البلقان، ظهرت ظاهرة “البورنيشا” أو “العذارى المحلفات” على مرتفعات الألب الدينارية في ألبانيا والجبل الأسود وصربيا. هنا، تتخلى المرأة عن أنوثتها وتعيش كرجل، لتصبح “رجل العائلة” في حال غياب رجل من الأسرة. تلتزم بقص شعرها وارتداء زي الرجال، وتتحمل مسؤوليات حماية ورعاية الأسرة في مجتمع محافظ.
هناك نوعان من العذارى المحلفات؛ بعضهن أُجبرن على ذلك منذ الطفولة، والبعض الآخر اخترن هذا الدور بإرادتهن. ورغم تقدير المجتمع لتضحياتهن، إلا أن هذا الدور يحرمهن من حقوقهنّ كنساء. مع مرور الوقت، بدأت…
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: صراع ا
إقرأ أيضاً:
جامعة بنها تنظم قوافل توعوية لمواجهة التحديات المعاصرة في معهد فتيات بنها
نظمت جامعة بنها قوافل تثقيفية وتوعوية شاملة بمعهد فتيات بنها النموذجي، استهدفت تمكين الطالبات وتزويدهن بالمهارات والمعارف اللازمة لمواجهة التحديات المعاصرة، وذلك في إطار مبادرة رئيس الجمهورية للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الإنسان".
شملت القوافل مجموعة متنوعة من الندوات والورش التي تناولت قضايا حيوية، أبرزها: نظمت كلية الآداب بالتعاون مع الأزهر الشريف ندوة توعوية حول أشكال التنمر الإلكتروني وآثاره السلبية، تناولت زيادة وعي الطالبات حول ما هو التنمر الإلكتروني وتأثيراته المختلفة على الأفراد وكيفية التعامل والتصدي للمشكلة وحلها، بالإضافة إلى توجية بعض النصائح والإرشادات عن الأساليب الصحيحة لمواجهة مشكلة التنمر، حاضرت فيها كلا من الدكتورة مى رشوان مدرس، والدكتورة إيمان مجدى مدرس علم الاجتماع بالكلية.
ونظمت كلية العلوم بإشراف الدكتور محمد هيكل عميد كلية العلوم، والدكتور نهاد البرقي وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، ندوة تعريفية وتوعوية عن تطبيقات علم الجيوفيزياء كأداة علمية حيوية في مواجهة التحديات البيئية والتنموية، وإمكانياته الكبيرة في خدمة المجتمع عبر استكشاف الموارد وتقديم الحلول للمشكلات البيئية والجيولوجية المختلفة.
تناولت الندوة فوائد وتطبيقات الجيوفيزياء، وأهمية استخدام طرقه في تطبيقات عديدة تمس المجتمع مباشرة، خاصة في استكشاف الثروات المعدنية، واستغلال الموارد الطبيعية كالبترول والمياه الجوفية، بالإضافة الى تأثير التلوث على المياه الجوفية، و مناقشة الحلول التي يوفرها علم الجيوفيزياء لمثل هذه المشكلات، من خلال تقنيات متقدمة تتيح دراسة طبقات الأرض وتحديد مدى التأثر بالتلوث أو التغيرات البيئية، وتقديم استراتيجيات لمعالجة والحفاظ على الموارد المائية.
وجاء ذلك بمشاركة عدد من أعضاء التدريس بالكلية وهم نهاد محمود عبد البر، و أحمد محمد قطقاط، وصالح علاء صالح.