«آل طباطبا» نجوا من التتار.. وحكومة مدبولى قهرتهم
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
عاشوا من ألف قرن، ورحلوا فى أوائل القرن الرابع الهجرى، علموا الأمة الميراث النبوى والأخلاق الإسلامية، وكانوا شعاعًا ومنارة العلم للعالم أجمع، هؤلاء هم «آل طباطبا» أسباط رسول الله، الأثر الوحيد المتبقى من دولة الأخشيد فى مصر، نجوا من التتار.. ولكنهم لم ينجوا من حكومة مدبولى، ولحق بمشهدهم عواقب مشروعات التطوير والتجديد والإنشاءات، التى لم تترك فى منطقة الإمام الشافعى بالقاهرة إلا القليل.
فرغم كل الحملات الصليبية التى تعرضت لها مصر على مدار آلاف السنين، لم يجرؤ أحد على التعرض إلى مشهد «آل طباطبا»، أسباط رسول الله، وأحفاد سيدنا الحسن وزين العابدين بن الحسين، إلا أن معركة حكومة مدبولى مع الأموات لم تتركهم، حيث استباحت حرمات آل البيت وأحفاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتى قامت بهدم المقابر التاريخية فى عدة مناطق، واللهو بأثر تاريخى لآل بيت النبوة، والذى يقع فى منطقة عين الصيرة حيث دُفنت رفات آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمشهور بـ«آل طباطبا» والذى يقع على حافة المياه الكبريتية لـ«عين الصيرة»، وتعلوه قبة دائرية، وهو المشهد الذى قدسه المصريون لأكثر من ألف عام، فكان مقصدًا ومزارًا للكثيرين لينالوا كرامات آل البيت.
آل طباطبا
و«طباطبا» هو أبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغَمْرِ الشهيد المقتول بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن على بن أبى طالب رضى الله عنه، وأمه هى السيدة: محسنة بنت عمر الأشرف بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب.
أبناء طباطبا:
ــ إسماعيل الديباج الأكبر بن إبراهيم الشبه الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن بن على بن أبى طالب، يكنى بأبى إبراهيم، ويقال له الديباج الأكبر والشريف الخلاص، وأمه السيدة ربيحة بنت محمد بن عبدالله المخزومية القرشية، التى يصل نسبها إلى عبدالله بن أبى أمية، وهو: زاد الركب والد أم سلمة زوجة رسول الله، قبض عليه المنصور العباسى مع أبيه إبراهيم الغمر، وكان من أكثر الذين عذبوا فى السجن، وتوفى فى وقعة فخ يوم 8 من ذى الحجة عام 169 هجرية.
ــ القاسم الراسى، (169 هـ-246 هـ)، أحد أعيان بنى هاشم من قبيلة قريش، ومن الأئمة المجاهدين، وكان من أفضل أهل زمانه علمًا وعملًا، ونقيب الأشراف بمصر، والمُلقب بـ«ترجمان الدين»، ثار على الخليفة العباسى المأمون مع أهل الكوفة فى جمادى الأول سنة 199هـ/814م، ويروى أنه تمت له البيعة بخلافة المعتصم فى سنة 220هـ/835م فى منزل محمد بن منصور المرادى المذحجى بالكوفة.
ـــ محمد بن إبراهيم طباطبا (173 هـ–199 هـ / 790–815 م) من أئمة الزيديين فى اليمن، بايعه أبو السرايا وجماعة زيدية الكوفة، وبث الدعاة فى سائر النواحى، وبعث أخاه القاسم بن إبراهيم إلى مصر للدعاء إليه وأَخْذ البيعة له، وللقاسم يومئذ سبع أو ست وعشرون سنة، وتوفى فجأة فى مستهل شهر رجب سنة 199هـ/ 814م، وقيل أن سبب وفاته قيام أبو السرايا السرى بتسميمه، لأنهم لما غنموا ما فى عسكر زهير، قام ابن طباطبا بمنع أبو السرايا عن الغنائم، وكان الناس مطيعون له فعلم أبو السرايا أنه لا حكم له معه فسمه فمات.
أولاد طباطبا المدفنون فى مشهد عين الصيرة
وتصل أعداد أولاد آل طباطبا المدفنين فى مصر بمشهد عين الصيرة، إلى 23 سبطًا، بالإضافة إلى بعض الصالحين من علماء المصريين، منهم على بن الحسن بن طباطبا:
كانت له مكانة وجلالة، بلغ ماله بعد موته ثلاثةَ قناطير من الذهب ونصفًا، وسبعة قناطير من الفضة، ومئة عبد ومئة أمة، وكان قد أوصى بثلث ماله صدقة، وقيل: نصف ماله، توفى سنة (255هـ).
ومنهم أيضًا أحمد بن على بن حسن بن طباطبا:
كان جليل القدر، وله كلام رائق، قيل: إنه تصدق بجميع مال أبيه–حتى كان لا يجد ما ينفق، فلما بلغ أحمد بن طولون ذلك أعطاه قرية بمصر، فكان يحمل إليه خراجها، ومن شأنه أن يشفع فى الناس، ويقضى حاجاتهم، حتى قال ابن زُولَاقٍ: «لم يكن بمصر فيمن نزل من الأشراف أكثر شفقة ورأفة وسعيًا فى حوائج الناس منه».
وهناك أبو القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن طباطبا: وكان نقيب الطالبيين بمصر، ومن أكابر رؤسائها، وله شعر مليح فى الزهد وغيره، ومن شعره: «لقد غَرَّت الدنيا أناسًا فأصبحوا.. سكارى بلا عقل وما شربوا خمرَا.. وقد خدعتهم من زخارفها بِمَا.. غدوا منه فى كرب وقد كابدوا ضرَّا».
وهناك أيضا عبدالله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن طباطبا: وهو المعروف بـ«صاحب السيادة»، كان صاحب رباع وضياع، وله نعمة ظاهرة وعبيد وحاشية، وكان مع هذا من الصالحين، يقوم الليل ويصوم النهار، كثير الصدقة والضحايا.
ومن المدفونين فى هذا المشهد أيضا أبو الحسن على بن الحسن بن على بن محمد بن أحمد بن على بن الحسن بن طباطبا: ويعرف بـ (صاحب الحورية)، «وذلك أنه رأى فى المنام حورية، فسألها: لمن أنت؟ فقالت: لمن يعطى ثمنى، فقال: وما ثمنك؟ قالت: مئة ختمة، فقرأها، وفرغ منها، فرآها فى المنام، فقال لها: قد فعلت ما أمرتنى به، فقالت له: يا شريف، إنك ليلة غدٍ عندنا، فأصبح وجهز نفسه، وأعلمهم بموته، فمات من يومه رضى الله عنه».
ودفن معه أيضًا أنه أبو محمد الحسن بن على بن الحسن بن على بن محمد بن أحمد بن على بن الحسن بن طباطبا: وكان من الزهاد العباد، قال رضى الله عنه: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام.. وحدَّثَنى، وتوفى سنة (352هـ)، وقيل: (354هـ)، ومعه فى قبره والدته ووالده.
كما يضم هذا المشهد أيضا أبو القاسم يحيى بن على بن محمد بن جعفر بن على بن الإمام الحسين ابن الإمام علي: «وكان يحيى من كبار العلويين، انتهت إليه الرئاسة فى زمنه».، ومعه الحسن بن محمد بن أحمد بن القاسم الرسى بن طباطبا: وهو من أحفاد القاسم الرسى بن طباطبا، وهو أول من أتى مصر من أولاد طباطبا، ولكنه مات ودفن بالرس بالمدينة المنورة.
بالإضافة إلى على بن الحسن بن طباطبا المتوفى فى سنة (348هـ) والحسن بن محمد بن أحمد بن على بن الحسن بن طباطبا، وبغا الكبير أحمد بن إبراهيم بن عبدالله بن أحمد بن على بن الحسن بن طباطبا، وبغا الصغير أحمد بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن على بن الحسن ابن طباطبا، وشقيق عبدالله بن طباطبا الصغير، وتوفى قبل وفاة أخيه فى جمادى الأولى سنة (333هـ)، وقبره تحت رجلى أخيه.
كذلك يضم المشهد رفاة الأزرق الكبير: الحسن بن على بن أحمد بن على بن الحسن بن محمد ابن طباطبا وولده على بن الحسن (الأزرق الكبير). وولده أبو محمد الحسن بن على بن الحسن (الأزرق الكبير) والأزرق الصغير: محمد بن عبدالله بن أحمد بن على بن الحسن بن طباطبا ومحمد بن محمد بن أحمد بن على بن الحسن بن طباطبا وولده الحسين بن محمد.
ويضم المشهد أيضًا مجموعة من رفاة إناث آل طباطبا وهن: السيدة خديجة ابنة محمد بن إسماعيل بن القاسم الرسى بن إبراهيم طباطبا: وكانت صالحة زاهدة عابدة، زوجها عبدالله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن طباطبا، وقبرها ترياق مجرب، توفيت رضى الله عنها سنة (320هـ) والسيدة نفيسة ابنة على بن الحسن بن إبراهيم، والسيدة آمنة ابنة الحسن الأزرق ابن على بن أحمد بن على بن الحسن ابن طباطبا، وهى أخت على بن الحسن الأزرق، والسيدة نفيسة ابنة على بن الحسن الأزرق.
الأعلى للآثار
وفى يوم السبت 26 مارس 2022، نقلت لجنة من المجلس الأعلى للآثار مشهد آل طباطبا، إلى موقع جديد على بعد امتار من متحف الحضارة وعلى بعد أمتار من بحيرة عين الصيرة، وداخل مشروع يطلق عليه «بحيرة القاهرة»، وهى عبارة عن مساحات خضراء من الحدائق وملاه وألعاب وصالة مؤتمرات، نفذتها شركة «مكسيم» مقابل حق انتفاع لمدة 15 عامًا، وأقيمت بوابة ضخمة لدخول الزوار على موقع أثر مشهد آل طباطبا «الأول»، وأصبح الأثر فى حيز المشروع من جهة اليمين، وغير مسموح بالزيارة إلا بتصريح رسمى.
أين رفات آل بيت رسول الله؟
وهنا يبقى السؤال: أين رفات آل بيت رسول الله، وهل تم نقل ثرى الأجساد الشريفة مع الأثر؟.. الإجابة لا، فقد تم نقل الأثر فقط دون النظر إلى ثرى أسباط رسول الله، التى غرقت فى مياه عين الصيرة لعقود، ولم يحرك أحد ساكنًا لسحب المياه وترميمها فى موقعها الأصلى، إلى جانب بقايا أثر مسجد قديم، حفاظًا على ثرى أحفاد الإمام على بن أبى طالب.
مشروع ترفيهى
«الوفد» أجرت جولة ميدانية بامتداد شارع عين الصيرة، وذهبنا إلى بوابة المشروع الترفهى، فمنع الأمن دخولنا، وقال إنها لم تدخل فى مرحلة التشغيل بعد، وقفنا لبضع دقائق، فوجدنا أفواجًا من الطلبة والزائرين العرب، يتدفقون على بوابة الدخول، فذهبنا إلى الأمن مرة أخرى، فشعر بالحرج واضطر آسفًا للسماح لنا بالدخول، خطت أقدامنا من البوابة بألم مكلوم، فالأحذية وأصحابها لا يشعرون على من تطأ أقدامهم، على ثرى أحفاد سيد شباب أهل الجنة وأسباط رسول الله.
تجولنا داخل المشروع، مقاعد ومساحات خضراء وإلى أقصى اليمين مشهد آل طباطبا الجديد، وعلى اليسار متحف الحضارة، وأمامنا المياه الكبريتية لبحيرة عين الصيرة، مجمع ألعاب ترفيهية وأكشاك لتقديم المشروبات والمأكلات، وصولًا إلى صالة المؤتمرات والحفلات، شعر الأمن بـ «ريب» من وجودنا فخرجنا له بحجة الرغبة فى إقامة حفل، فأعطنا رقم المسؤول عن تنظيم الحفلات داخل المشروع، وبالفعل تواصلنا معه أمامهم، الذى قال إنه سيأتى فى غضون نصف ساعة، اطمأن الأمن للأمر وتركنا، سيرنا إلى آخر المكان، وقررنا الخروج من بوابة أخرى.
راود قلوبنا الريب فى معلومة أن تكون البوابة تم بناؤها على موقع الأثر القديم، فرغبنا فى التأكيد وقطع الشك باليقين، مجرد الفكرة لا تعقل، سيرنا من البوابة المجاورة لـ متحف الحضارة، حتى مقام المشهد القديم «بوابة الدخول الأولى»، وبدأنا فى سؤال أهل المنطقة من الجانب المقابل، من سكان المقابر، أين كان مشهد آل طباطبا «القديم» أجمع الأهالى أنها مكان بوابة دخول الزوار.
وقال أحد أبناء المنطقة: كنا نقف خلف السور الحديد ونبكى على غرق مشهد آل البيت، نقرأ الفاتحة ونرسل لهم السلام والدعوات ونشعر بالإجابة رغم بُعد المسافة، مطالبين بعودة مشهد آل طباطبا إلى مكان «ثرى الأجساد الشريفة» ونقله مرة أخرى، فمصر لا يجب أن يُهان فيها أسباط رسول الله.
قصة آل طباطبا مع المصريين
كان المصريون منذ خمسين عامًا، يزورون مشهد آل طباطبا، لتبارك وتلبية الدعاء واستجابة الحاجات ونيل البركة والكرامات، فلم يدفن أبو اسحاق بن ابراهيم طباطبا فى مصر، ولكن دفنت سُلالته وجميع نسله فى مشهد آل طباطبا لقرابة 100 عام، ويطلق عليهم الأشراف، التى تمتد سلالتهم إلى بعض العوائل المصرية.
فلما نزل أبو اسحاق بن إبراهيم طباطبا، إلى مصر وجد إجلالًا وتقديرًا من المصريين لآل بيت رسول الله، فقرر العيش بمصر مع ابنائه وأحفاده، وقال لهم: «موتوا بمصر»، وبعضهم كان يشعر بقرب منيته فيسافر إلى المدينة المنورة ليقضى أجله فى موطنه، أو يموت ويتم نقله، ولكن نسل آل طباطبا من أشراف آل البيت، أحبوا مصر والعيش والموت فيها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكومة مدبولى مشروعات التطوير المقابر التاريخية محمد بن إسماعیل بن عبدالله بن أحمد بن آل بیت رسول الله أحمد بن محمد بن على بن أبى طالب الحسن بن على بن بن عبدالله بن أبو السرایا عین الصیرة بن إبراهیم آل البیت رضى الله فى سنة
إقرأ أيضاً:
حكم قضاء الصلوات الفائتة جماعة.. الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز لمن فاتته صلاةٌ مفروضةٌ أن يقضيها في جماعة؛ إمامًا كان أو مأمومًا، بشرط أن تتوافق الصلاتان في الأفعال الظاهرة؛ فإن اختلفت الأفعال الظاهرة؛ كمكتوبة وكسوف أو جنازة لم يصح الاقتداء في ذلك؛ لمخالفة النظم وتعذر المتابعة.
بيان حكم تأخير الصلاة عن وقتها لغير عذر
وأضافت الإفتاء أنه من المقرر أن الفرائض الخمس أوجبها الله سبحانه وتعالى على كل مسلمٍ مكلَّف في أوقات محددة؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، ويأثم المسلم بتأخير الصلاة عن وقتها لغير عذر، وقد أخرج الشيخان -بسنديهما- عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ؛ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]».
حكم أداء الصلاة في وقتها
وأضافت الإفتاء أن الصلاة لها أوقات معلومةٌ ومُحددة في الشريعة الإسلامية، إذ يجب على المكلف أن يؤديها في هذا الوقت، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣].
قال الإمام أبو حيان الأندلسي في "البحر المحيط في التفسير" (4/ 54، ط. دار الفكر): [أي: واجبةً في أوقاتٍ معلومةٍ] اهـ.
وقال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 154، ط. دار الكتب العلمية): [فإن فاته صلاةٌ واحدةٌ قضاها بأذان وإقامة، وكذا إذا فاتَتِ الجماعةَ صلاةٌ واحدةٌ قَضَوْهَا بالجمَاعة بأذانٍ وإقامةٍ] اهـ.
وقال الشيخ الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 319، ط. دار الفكر): [(فَصْلٌ) في بيانِ حكم صلاة الجماعة وما يَتعلقُ بِها (الجَمَاعةُ)؛ أي: فِعْلُ الصلاة جماعةً؛ أي: بإمام ومَأمومٍ (بِفَرضٍ) ولو فَائتةً (غير جُمُعَةٍ سُنَّةٌ) مُؤكدةٌ] اهـ.
وقال شيخ الإسلام الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 189، ط. دار الفكر): [أما المَقْضية من المكتوبات فليست الجماعة فيها فرضَ عينٍ ولا كِفايةٍ بلا خلاف، ولكن يُستحب الجماعة في المقضية التي يَتَّفِقُ الإمام والمأموم فيها] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 72، ط. دار المؤيد): [(ويجب فورًا) ما لم يتضرر في بدنه أو معيشة يحتاجها أو يحضر لصلاة عيد (قضاء الفوائت مُرتَّبة) ولو كَثُرت، ويسن صلاتها جماعة] اهـ.
وورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين قَفَل من غزوة خيبر، فسار ليلة حتى إذا أدركه الكَرَى عَرَّس، وقال لبلال رضي الله عنه: «اكْلَأْ لَنَا اللَّيْلَ»، فصَلَّى بلال ما قُدِّر له، ونام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، فلما تقارب الفجر استند بلال إلى راحلته مُواجِه الفجر، فغَلَبت بلالًا عيناه، وهو مستندٌ إلى راحلته، فلم يستيقظ بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَوَّلهم استيقاظًا، ففَزِع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَيْ بِلَالُ!»، فقال بلال: أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك بأبي أنت وأمي يا رسول الله! قال: «اقْتَادُوا»، فاقتادوا رواحلهم شيئًا، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر بلالًا فأقام الصلاة فصَلَّى بهم الصبح، فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصلاة قال: «مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ قَالَ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]». رواه الإمام مسلم في "صحيحه".