عفوًا «أميتاب».. الرجل الحقيقى يشعر بالألم
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
شاعت فى أواخر حقبة القرن العشرين موجة من الأفلام الهندية صارت هوسًا عند مشاهديها فأصبحت صالات السينما عند عرض أى فيلم جديد لأميتاب باتشان أو ميثون شكربروتى كاملة العدد، كما كانت نوادى الفيديو -التى تلاشت الآن بحكم تطور الزمن- تتداول تلك الأفلام كأنها كنز ثمين وأتذكر أننى عندما توجهت لاستئجار فيديو لأحد تلك الأفلام -وكنت ما أزال فتى صغيرًا- أن صاحب نادى الفيديو نظر لى بسخرية قائلًا: «يا بنى مش قبل شهر»، وحتى عند عرض الفيلم تلفزيونيًا -فى الأعياد- كانت الشوارع تخلو من المارة حيث يتحلق الجميع أمام الشاشة الصغيرة لمشاهدة الفيلم الهندى بنهم وشغف شديدين.
هكذا راجت هذه الأفلام وأصبح بطلها مناط أحلام الفتيات وحسد الفتيان بقوامه الممشوق ووسامته الفريدة وشجاعته الفائقة ورجولته الناضحة، وكلنا يتذكر تلك الواقعة الشهيرة عندما زار أميتاب القاهرة ضيفًا على مهرجان القاهرة السينمائى فى التسعينات، وتهافت المعجبات وفقدهن الوعى عند رؤيته إلى درجة تمزيق ثيابه، فى مشهد يؤكد سطوة النجوم الهنود والثقافة البوليوودية آنذاك.
ولا تزال تلتصق بذهنى عبارة رددها أميتاب فى أحد أفلامه عندما جابه أحد الأشرار بعد تكبيله وتعذيبه الشديد له قائلًا له بصوته الجهورى العميق: «الرجل الحقيقى لا يشعر بالألم»، ويبدو أن هذه الجملة -التى قد تكون خطأ من مترجم الفيلم لا أدرى- قد توغلت فى لاوعى الشباب والرجال فى ذلك الوقت إلى أن صارت مندمجة فى أفكارهم وسلوكياتهم، وإن كنت لا أخفى تأثرى الشخصى بهذه الجملة إذ أتذكر ذات مرة أننى قربت يدى أمام النار مرددًا هذه الجملة فى أعماقى، لكن للأسف كانت النتيجة معروفة والحمد لله لم تتضرر يدى كثيرًا!!
بمرور الوقت اكتشفت خطأ هذه العبارة، إذ لا بأس مطلقًا فى أن يشعر الرجل بالألم؛ فالرجولة يجب ألا تختزل فى عدة مظاهر ترتبط بخشونة الصوت أو «الجعجعة الفارغة» أو «حملقة العين» أو تجهم الوجه أو عدم الإحساس بالألم، أو الضرب والركل، بل على النقيض، فالرجل الحقيقى هو إنسان لديه شعور وإحساس، فقد يتألم بل ويبكى فى إظهاره لإنسانيته، فلا يعد بكاء الرجل ضعفًا منه بل هو تعبير عن تأثره لموقف فرحًا أو حزنًا عند نجاح أحد أبنائه أو فقدانه شخصًا عزيزًا لديه، وكذلك الرجولة «مواقف» وتحمُّل مسئولية وسيطرة على النفس -لا سيما عند الغضب- كما أوضح لنا رسولنا الكريم فأقوى الرجال هو أكثرهم سيطرة على غضبه، لذا فالرجولة الحقة بعيدة كل البعد عن تلك الصورة الهندية النمطية المتمثلة فى البطل الذى يشبع خصومه ضربًا وركلًا ولا يشعر بالألم.
وكم من شخص أعرفه ذهب هباءً لقاء فهمه الخطأ للرجولة، فتراه يندفع فى مشاجرات ومشاكسات ما أنزل بها الله من سلطان «مع طوب الأرض» قد تودى بحياته أو حياة مَن يتشاجر معه، فيهدر عمره فى لحظة غضب أو إثبات «رجولة زائفة» كان من الممكن أن يتفاداها بحكمته وسيطرته على نفسه، وكم من أسرة تشردت فقط لأن رب الأسرة كان «رجلًا»، فأوقع يمين الطلاق لأسباب تافهة كان من الممكن التعامل معها بهدوء، إذ كيف تتجرأ زوجته على أن تلفظ أمامه بكذا أو تفعل كذا أو تعصى أمره، متغافلًا قول الرسول «رفقًا بالقوارير» وأنه كان أشد الناس رحمة بأهله وعطفًا بهم.
إن الفهم الحقيقى للرجولة له آثاره عميقة الأثر فى الأسرة والمجتمع؛ يجب أن يعيها الجميع جيدًا، فلا بأس -أيها الرجل- من أن تتألم؛ تبكى؛ تظهر ضعفك؛ إنسانيتك؛ تتعاطف؛ وقبل كل ذلك ترحم، فالرجل الحقيقى هو إنسان قبل أى شيء.. يشعر بالألم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سامح توفيق الأفلام الهندية فيلم جديد تطور الزمن
إقرأ أيضاً:
امرأة تحتجز ابن زوجها 20 سنة في قبو
14 مارس، 2025
بغداد/المسلة: في مشهد صادم، عثر رجال الاطفاء في ولاية كونيتيكت الأميركية الشهر الماضي على رجل نحيل في قبو أحد المنازل.
ليتبين لاحقا أن عمال الطوارئ الذين استجابوا للحريق بمنزل كيمبرلي سوليفان في ووتربري، أنقذوا بالفعل رجلاً قضى 20 سنة محتجزا في القبو، دون أن يتمكن من الخروج ووسط حرمان مزمن من الطعام والمياه.
كما اكتشفوا أن السيدة البالغة من العمر 56 سنة احتجزت ابن زوجها، الرجل النحيل البالغ من العمر نحو 32 سنة، 20 عاما، ما دفعه أخيرا إلى اشعال الحريق في محاولة يائسة للتحرر من الغرفة الصغيرة التي سجنته فيها لعقدين من الزمن.
وقال الرجل الذي لم تكشف الشرطة عن اسمه أو صورته، والذي يبلغ طوله 170 سم، فيما وزنه 27 كجم فقط، لرجال الاطفاء حينها “أريد حريتي”.
توقيف زوجة الأب
أما الجديد في تلك القضية الصادمة، التي هزت الولاية الأميركية، فإعلان الشرطة القبض على سوليفان، قبل يومين وسوقها إلى المحكمة.
كما أشارت الشرطة إلى أن “السيدة عنفت ابن زوجها وعرضته للإيذاء الشديد منذ أن كان في الحادية عشرة من عمره”.
بينما كشف الرجل أن والده الذي توفي قبل سنوات قليلة كان يعلم بما ترتكبه، إلا انه كان مريضاً لا يبارح كرسيه.
كما أكد أن زوجه أبيه كانت تعنفه لسنوات، وتعطيه الطعام والمياه بشكل شحيح جدا، حتى أنه اضطر في بعض المرات إلى شرب مياه “الحمام الآسنة”.
كذلك أوضح أنه لم يجرؤ على الهروب أو القيام بأي حركة تنذر بوجوده في القبو، لأنها كانت تهدده بمنع الطعام عنه.
وكانت الوثائق الطبية كشف أن الرجل الذي أمضى أغلب حياته بعيدا عن ضوء الشمس، يعاني من الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، فضلا عن أن مستواه المعرفي أقرب للمراهقين.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts