أثارت عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية الأمريكية ترحيبًا في بعض الدول الأوروبية، رغم التحذيرات من تأثير فوزه على الأمن الأوروبي والمصالح الاقتصادية في القارة.

اعلان

بينما وصف بعض القادة السياسيين الشعبويين في أوروبا فوز ترامب بأنه انتصار لهم، حذر خبراء من أن ترامب قد يضع مصالح أوروبا في مهب الريح في ظل أولوياته التي تركز على "أمريكا أولًا".

في هذا السياق، نلقي الضوء على اللاعبين السياسيين الأوروبيين الذين يعتقدون أنهم سيربحون أو يخسرون من هذا التحول في السياسة الأمريكية.

من هم الرابحون في أوروبا بعد انتخاب ترامب؟

من أبرز الشخصيات الأوروبية التي رحبت بفوز ترامب رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، الذي كان أول زعيم أوروبي يهنئه. وصف أوربان فوز ترامب بأنه "انتصار للعالم"، مؤكدًا أن هذا الانتصار سيؤدي إلى "تغيير في العقول والأفكار".

يُتوقع أن يصبح أوربان، الذي يتبع سياسات شعبوية يمينية، الحليف الأقرب لترامب في أوروبا. هذا التوجه يعكس تزايدًا في أهمية أوربان بالنسبة للجمهوريين الأمريكيين، مما يمنحه مكانة دبلوماسية أعلى.

Related"وول ستريت جورنال": ترامب يخطط لزيادة العقوبات على إيران والإضرار بصادراتها النفطيةبعد فوز ترامب.. رئيس وزراء المجر يؤكد: لا يمكن لأوروبا تمويل حرب أوكرانيا بمفردها بعد فوزه التاريخي.. هل يحق لترامب الترشح لولاية رئاسية جديدة عام 2028؟بوتين يعلن دعمه لمطالب الصين بشأن تايوان ويقول إنه مستعد لمناقشة قضية أوكرانيا مع ترامب

لكن بيتر كريكو، المحلل السياسي في معهد رأس المال السياسي في بودابست، يرى أن ترامب قد يضر بالمجر على المستوى الاقتصادي إذا فرض رسومًا جمركية على الصادرات الأوروبية مثل صناعة السيارات الألمانية التي تعد أحد أبرز القطاعات الاقتصادية في أوروبا.

ومن ثم، قد يرفع فوز ترامب من مكانة أوربان دبلوماسيًا، لكنه قد يعرض الاقتصاد المجري لمخاطر، خصوصًا إذا تضررت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا.

الرئيس دونالد ترامب يرحب برئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في البيت الأبيض في واشنطن، الاثنين 13 مايو 2019Manuel Balce Ceneta/AP"عودة عظيمة"

إلى جانب أوربان، كان ماتيو سالفيني، نائب رئيسة الوزراء الإيطالية، من بين المهنئين الذين يعولون على عودة ترامب. وأكد سالفيني أن فوز ترامب في الانتخابات سيكون له تأثير إيجابي كبير على إيطاليا وأوروبا بشكل عام، مشيرًا إلى أن عودته إلى الساحة السياسية تمثل "عودة عظيمة".

ومع أن سالفيني يتشارك مع ترامب في العديد من القيم، مثل المعارضة للهجرة وترويج القيم التقليدية، فإن الخبراء يرون أن هذا التعاون قد يكون محدودًا على المدى الطويل بسبب سياسة "أمريكا أولًا" التي يتبعها ترامب.

وزير البنية التحتية الإيطالي ماتيو سالفيني، إلى اليسار، ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في بونتيدا، شمال ميلانو، إيطاليا، الأحد، 6 أكتوبر/تشرين الأول 2024APمن هم الخاسرون في أوروبا؟

على الرغم من التوجهات الإيجابية لبعض القادة الأوروبيين تجاه ترامب، هناك قلق متزايد بشأن تأثير فوز ترامب على المصالح الأوروبية. مع تنامي التوترات في الأمن والدفاع، يُتوقع أن تكون فرنسا وألمانيا من أكثر المتضررين.

حذرت مي كروس، مديرة مركز الشؤون الدولية في جامعة نورث إيسترن، من أن فوز ترامب قد يؤدي إلى فرض رسوم جمركية على الواردات الأوروبية، ما يهدد الاستقرار الاقتصادي في القارة.

كما أوضحت إلى أن فوز ترامب قد يعزز من مواقف اليمين المتطرف في أوروبا بشأن قضايا الهجرة، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الاستقطاب في السياسة الأوروبية.

رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يتحدث مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال قمة المجموعة السياسية الأوروبية في بودابست، الخميس 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2024AP

وفيما يخص الأمن، يثار القلق حول مستقبل الدعم الأمريكي لأوكرانيا وحلف الناتو. في هذا الإطار، حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن أوروبا بحاجة للاستعداد للدفاع عن مصالحها في حال تصاعدت التوترات مع الولايات المتحدة. كما أكد ماكرون في حديثه أنه "على أوروبا أن تكون قادرة على الدفاع عن مصالحها الخاصة في وجه التحديات المتزايدة".

أما الرئيس البولندي دونالد توسك، فقد أشار إلى أن "مستقبل أوروبا يعتمد علينا أولًا" مع التحذير من أن فوز ترامب قد يقوض الوحدة الأوروبية. وكان توسك قد حذر في وقت سابق من أن التصعيد الأمريكي ضد روسيا أو تراجع الدعم لحلف الناتو قد يهدد استقرار المنطقة.

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يسير بعد اجتماعه مع الرئيس جو بايدن يوم الثلاثاء 12 مارس/آذار 2024 في واشنطنAndrew Harnik/APالتأثيرات المحتملة على الاتحاد الأوروبي:

تتزايد المخاوف بشأن سياسة ترامب المتمحورة حول "أمريكا أولًا"، والتي قد تؤدي إلى تعزيز التحالفات الثنائية مع بعض الدول الأوروبية على حساب الاتحاد الأوروبي ككل. هذا التوجه قد يجعل الاتحاد الأوروبي أكثر عرضة للمساومات التجارية والأمنية التي قد تضر بالوحدة الأوروبية.

وحذر بيتر كريكو من أن ترامب قد يستغل هذه التحولات لخلق انقسامات بين دول الاتحاد الأوروبي، بما قد يضر بالعلاقات التجارية الأوروبية.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال قمة المجموعة السياسية الأوروبية في بودابست، الخميس 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2024Denes Erdos/AP

بينما يرى بعض القادة الأوروبيين أن ترامب قد يفتح أمامهم فرصًا لتوثيق العلاقات مع الولايات المتحدة، فإن التحديات التي ستواجهها أوروبا في ظل سياسات "أمريكا أولًا" قد تكون كبيرة.

اعلان

قد يعزز ترامب التحالفات مع بعض الشخصيات الأوروبية الشعبوية على المدى القصير، لكن في المدى الطويل، سيكون لهذا الفوز تأثيرات سلبية على الاستقرار الاقتصادي والأمني في أوروبا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية مكالمة ثلاثية جمعت بين إيلون ماسك وترامب وزيلينسكي.. ماذا دار خلالها؟ وزارة العدل الأمريكية تتهم إيران بالتورط في خطة اغتيال مأجورة تستهدف ترامب فوز ترامب يقلق أوروبا.. توقعات النمو في منطقة اليورو تتراجع فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب صناعة السيارات إيمانويل ماكرون فيكتور أوربان الانتخابات الأمريكية اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. قصف متواصل على غزة ولبنان ووضع كارثي شمال القطاع وقطر لم تعد وسيطا بين حماس وتل أبيب.. فماذا بعد؟ يعرض الآن Next مكالمة ثلاثية جمعت بين إيلون ماسك وترامب وزيلينسكي.. ماذا دار خلالها؟ يعرض الآن Next حمدوك يُعرب عن خشيته من اندلاع حرب أهلية في السودان ويُحذر: على أوروبا الاستعداد لاستقبال الملايين يعرض الآن Next قطر تنهي وساطتها في مفاوضات غزة وتدعو حماس وإسرائيل لإظهار جدية في الحوار يعرض الآن Next المحكمة الجنائية الدولية تفتح تحقيقًا ضد كريم خان بسبب "سلوك غير لائق".. ما القصة؟ اعلانالاكثر قراءة قضيّة الوثائق السرية المسربة: مستشارة الحكومة الإسرائيلية توافق على التحقيق مع نتنياهو مارس الجنس مع 400 من زوجات كبار الشخصيات أمام الكاميرا.. فضيحة مسؤول كيني يعتقد أنه مصاب بمرض الإيدز إصابة 10 إسرائيليين جراء اشتباكات مع مناصرين لفلسطين في أمستردام نتنياهو: ما حدث في أمستردام خطير ومعاد للسامية ما هو سر اختيار ترامب لسوزي وايلز رئيسة لموظفي البيت الأبيض؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024دونالد ترامبإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزةفيضانات - سيولقصفإيرانروسياالحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكيتدمرالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

المصدر: euronews

كلمات دلالية: الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 دونالد ترامب إسرائيل فيضانات سيول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إعصار الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 دونالد ترامب إسرائيل فيضانات سيول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إعصار فولوديمير زيلينسكي دونالد ترامب صناعة السيارات إيمانويل ماكرون فيكتور أوربان الانتخابات الأمريكية الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 دونالد ترامب إسرائيل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قطاع غزة فيضانات سيول قصف إيران روسيا الحرب في أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي تدمر الاتحاد الأوروبی فیکتور أوربان دونالد ترامب رئیس الوزراء أمریکا أول ا أن فوز ترامب یعرض الآن Next أن ترامب قد فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

100 يوم على عودة ترامب.. هل حقق وعوده بالسلام؟

تتجه الأنظار إلى ولاية ميشيغان حيث يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإلقاء خطاب يستعرض فيه ما تحقق من وعوده الانتخابية بعد مرور 100 يوم على بدء ولايته الثانية.

وكان ترامب، الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، قد وعد في حملته الانتخابية بتحقيق "السلام خلال أيام" واضعا إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، في صدارة أولوياته.

فمن الشرق الأوسط إلى أوروبا الشرقية، تشابكت الآمال بعقبات الواقع، لتسلط الضوء على إستراتيجية أثارت جدلا واسعا بين مؤيديه وخصومه، فهل كان ترامب قادرا على تحقيق اختراقات حقيقية؟ أم كانت وعوده الطموحة مجرد أحلام اصطدمت بصلابة السياسة الدولية؟

View this post on Instagram

A post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)

بداية مبكرة لاحتواء حرب غزة

لم ينتظر ترامب دخوله الرسمي إلى البيت الأبيض للشروع في تنفيذ وعوده بشأن إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل تحدثت تقارير إعلامية في يوليو/تموز 2024 عن أن الرئيس الأميركي عقد اجتماعا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مارالاغو، وأبلغه بعزمه على إنهاء حرب غزة قبل تسلّمه الرسمي للسلطة.

وفي أواخر العام ذاته، عيّن ترامب مطور العقارات ستيف ويتكوف مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط، رغم افتقاره إلى الخبرة الدبلوماسية، وكلفه بالتوسط لوقف إطلاق النار والتعامل مع ملف الرهائن.

إعلان

اعتمدت إستراتيجية ترامب وقتئذ على ممارسة ضغوط شديدة على الطرفين لإنهاء القتال، مقرونة بتهديد بأن "جحيما" سينفجر في المنطقة إذا لم يتم الالتزام.

وبالفعل، أسفرت محادثات ماراثونية عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس وتبادل الأسرى، قبل يوم واحد من تنصيبه، ناسبا الفضل في هذا الاختراق إلى إستراتيجيته مبعوثه ويتكوف وجهوده.

وُصف الاتفاق آنذاك بأنه اختراق محدود لكنه مهم، ونص على وقف الأعمال العدائية وتبادل دفعات من الأسرى بين الجانبين.

وعلى الرغم من أن الهدنة ساعدت مؤقتا في تهدئة الوضع الميداني، فإن التزام الاحتلال بها ظل هشا، وسط مؤشرات متزايدة على أن استمرار التوترات قد يهدد بانهيارها في أي لحظة.

"ريفييرا الشرق الأوسط" تقوّض السلام

غير أن طموحات ترامب كرجل أعمال بدت كأنها تهدد بانهيار الإنجازات الدبلوماسية المبكرة. ففي فبراير/شباط الماضي، وأثناء مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو في البيت الأبيض، طرح الرئيس الأميركي خطته المثيرة للجدل المسماة "ريفييرا الشرق الأوسط"، والتي نصّت على تهجير الفلسطينيين من غزة وأن تتولى الولايات المتحدة مؤقتا إدارة قطاع غزة بهدف إعادة تطويره.

قوبلت هذه الخطة برفض واسع من المجتمع الدولي، إذ اعتُبرت انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولحقوق الفلسطينيين.

وبينما وصفت منظمات حقوقية المقترح بأنه "تطهير عرقي"، رأى نتنياهو أن الفكرة "مبتكرة وقد تغير مجرى التاريخ".

وفسر مراقبون الخطة بأنها منحت إسرائيل "الضوء الأخضر" لاحتلال القطاع وإقامة مستوطنات جديدة فيه مما يؤدي إلى تجدد القتال.

على الصعيد الداخلي، أظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في أبريل/نيسان 2025 انقساما في الرأي العام الأميركي حيال أداء ترامب في التعامل مع الملف الفلسطيني الإسرائيلي، فقد اعتبر 31% من الأميركيين أن ترامب ينحاز بشكل مفرط لإسرائيل، بينما رأى 29% أنه يوازن بين الطرفين، وأعرب 37% عن عدم قدرتهم على تحديد موقف واضح.

إعلان

أما بشأن خطة "الاستحواذ على غزة"، فقد أظهر الاستطلاع أن 62% من الأميركيين يعارضون الفكرة، مقابل 15% فقط يؤيدونها.

وكشف استطلاع منفصل أجرته "غالوب" في مارس/آذار الماضي أن نسبة الرضا عن تعامل ترامب مع ملف غزة بلغت 41% فقط، مقابل 53% من الأميركيين أعربوا عن عدم رضاهم.

انهيار متوقع

ما هي إلا أسابيع قليلة حتى انهار وقف إطلاق النار الهش في 18 مارس/آذار 2025، إثر غارات إسرائيلية مكثفة على غزة، رافقتها تهديدات من نتنياهو باستخدام "قوة عسكرية متزايدة" ضد حماس حتى الإفراج الكامل عن الأسرى.

تبعها منع المساعدات الإنسانية من دخول القطاع وسط تحذيرات دولية متزايدة من اقتراب مجاعة تهدد سكان القطاع.

ويرى مراقبون أن نتنياهو لا يجرؤ على خرق الهدنة من دون موافقة من واشنطن، في ظل الدعم السياسي والعسكري السخي الذي تمنحه إدارة ترامب لإسرائيل.

ووسط تفاقم الأزمة واستمرار الحصار الإسرائيلي منذ شهرين، صرّح ترامب مؤخرا بأنه ضغط على نتنياهو للسماح بإدخال مزيد من الغذاء والدواء إلى غزة، مشيرا إلى أن "الناس هناك يعانون" وأن على إسرائيل "أن تكون لطيفة" مع سكان غزة.

لكن على الرغم من إحراز ترامب تقدما محدودا في إبرام هدنة هشة قبل التنصيب، فإن الانهيار السريع لاتفاق وقف النار أعاد الأمور إلى المربع الأول.

وبينت تحليلات سياسية أن أحد أسباب فشل ترامب في تسوية النزاع، بالإضافة إلى طموحه التجاري في غزة وانحيازه للجانب الإسرائيلي، هو تحويل اهتمامه إلى النزاع الروسي الأوكراني، ليظل وعده بإحلال سلام سريع في المنطقة مهمة صعبة وطموحا لم يستطع الصمود أمام تعقيدات الصراع.

خطة أحادية للسلام في أوكرانيا

لم تختلف مقاربة الرئيس الأميركي في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية كثيرًا عن تعامله مع الحرب في غزة؛ إذ بدا واضحا ميله كذلك إلى أحد أطراف الصراع.

فبعد أيام معدودة من أدائه اليمين الدستورية، أطلق ترامب تهديدات بفرض عقوبات إضافية على موسكو إن لم يتم التوصل إلى "صفقة" تنهي الحرب، غير أن لهجته لم تخلُ من الود تجاه الكرملين، مؤكدًا أن علاقته بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت "جيدة دائما"، وأنه لا يهدف إلى "إيذاء روسيا".

إعلان

في المقابل، أبدى بوتين استعداده للتفاوض، ففتح الباب أمام مقاربة أميركية أحادية. وأجرى الرئيسان مكالمة هاتفية في 12 فبراير/شباط، أُعلن بعدها الاتفاق على بدء مفاوضات فورية.

جاء ذلك بالتزامن مع تصريحات وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث خلال اجتماع للناتو، أكد فيها أن انضمام أوكرانيا إلى الحلف هدف "غير واقعي"، في إشارة ضمنية إلى احتمال تقديم تنازلات كجزء من تسوية النزاع.

لكن تحركات ترامب المنفردة أثارت انتقادات مبكرة، وعبرت كييف عن رفضها التام لأي مفاوضات لا تكون طرفا مباشرا فيها، مؤكدة أن "لا شيء يمكن مناقشته بخصوص أوكرانيا من دون أوكرانيا".

وانضمت 6 دول أوروبية كبرى إلى هذا الموقف عبر بيان مشترك أكد دعم استقلال أوكرانيا وحذر من عواقب تجاوز الحقوق الأساسية للأوكرانيين.

محطات متوترة

رغم التحذيرات، مضت إدارة ترامب قدما في مفاوضاتها مع موسكو، وشهدت العاصمة السعودية الرياض في 18 فبراير/شباط اجتماعا رفيع المستوى بين وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وقد عقد الاجتماع -الذي خُصص لبحث سبل وقف إطلاق النار- بغياب ممثلي أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.

وفي تعليقه على استبعاد كييف، صرّح ترامب بأن الأوكرانيين "كان ينبغي أن ينضموا إلى المحادثات قبل ذلك بكثير"، مضيفًا أنه "يمتلك القوة لإنهاء هذه الحرب".

ورغم أن اجتماع الرياض طرح أفكارا أولية لتحقيق السلام، فإن معظم التحليلات رأت أنه لم يحقق تقدما دبلوماسيا حقيقيا، في ظل تهميش أوكرانيا وإصرار موسكو على شروط مسبقة، تتضمن تنازلات عن مزيد من الأراضي من جانب كييف، وعدم انضمامها إلى الناتو، ونزع سلاحها.

وعقب اجتماع الرياض، بدأت العلاقة بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالتدهور، خصوصا بعد تشكيك ترامب العلني في شرعية زيلينسكي ومطالبته بإجراء انتخابات جديدة.

إعلان

وبلغت التوترات ذروتها في 28 فبراير/شباط خلال المشادّة الشهيرة التي حدثت بين الرئيسين في البيت الأبيض، لتعلن واشنطن بعد مغادرة زيلينسكي تعليق المساعدات العسكرية والتعاون الاستخباراتي مع كييف، فزاد ذلك من عزلة أوكرانيا ودفع المراقبين إلى التشكيك بجدية واشنطن في دعم حلفائها الأوروبيين وفي مقدرة ترامب كمفاوض على إنهاء النزاع.

الزيارة التي كان يُعوّل عليها المجتمع الدولي لدفع مسار السلام تحولت إلى فرصة ضائعة، إذ ركّز ترامب خلالها على دفع أوكرانيا إلى توقيع صفقة معادن، أكثر من التركيز على وضع طرفي القتال حول طاولة تفاوض.

وفي المقابل، خرج زيلينسكي من الزيارة مقتنعا بأن بلاده تُجرد من مقوماتها الدفاعية الأساسية بينما موسكو لا تواجه أي ضغوط حقيقية. ومع ذلك، أبدى أسفه على ما حدث في البيت الأبيض وأكد استعداد أوكرانيا للعودة إلى طاولة المفاوضات "في أقرب وقت ممكن".

View this post on Instagram

A post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)

تعنت روسي

في 11 مارس/آذار، نجحت جهود ترامب في جمع ممثلين عن روسيا وأوكرانيا في مدينة جدة حيث أُعلن عن اتفاق مبدئي على وقف قصف منشآت الطاقة لمدة 30 يوما، وافقت عليه أوكرانيا سريعا، بينما تلكأ بوتين مبررا موقفه بتحقيق مكاسب عسكرية متزايدة.

ورغم محاولات ترامب لاحقا لدفع بوتين نحو اتفاق أوسع، فإن الكرملين فاجأ الجميع بإعلان هدنة أحادية الجانب لمدة 30 ساعة بمناسبة عيد الفصح، من دون تنسيق مع الجانب الأميركي، واعتُبر ذلك إحراجا دبلوماسيا لواشنطن.

ومع توالي التحديات، بدا أن ترامب أدرك أن السياسة الخارجية تحفل بملفات أخرى لا تقل أهمية، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو الذي صرّح بأن الرئيس "كرّس كثيرا من الوقت والطاقة لهذا الملف، غير أن هناك قضايا أخرى كثيرة تجري في العالم الآن، وتحتاج إلى تركيز الإدارة الأميركية".

إعلان

وقد نسب محللون فشل جهود ترامب إلى جملة أسباب منها عدم ممارسة ضغوط فعلية على موسكو، وميل إدارته إلى قبول مقترحات روسية تقوم على الاعتراف بشبه جزيرة القرم كجزء من الأراضي الروسية ولا تقدم ضمانات أمنية حقيقية لكييف التي تمسكت بموقفها الداعي إلى ضمانات دفاعية صلبة قبل الخوض في أي مفاوضات.

وذلك بالإضافة إلى اعتماده على فريق تفاوضي بخبرة عقارية وليست دبلوماسية، أضعف قدرته على المناورة مع مفاوضين محنكين مثل الروس.

وبحسب استطلاع أجراه مؤخرا مركز بيو للأبحاث، يعتقد 43% من الأميركيين أن ترامب يميل بشكل مفرط إلى مصلحة روسيا، في حين يرى نحو 3 من كل 10 أنه يحافظ على توازن مناسب بين الطرفين، بينما قال 3% فقط إنه ينحاز إلى أوكرانيا بشكل مفرط، و22% منهم لم يقدموا موقفا واضحا.

رغم العثرات المتكررة، لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يبدي تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا، وكشف مؤخرا أنه تم الاتفاق على معظم النقاط الرئيسية في اتفاق إنهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • مدير الشؤون السياسية بحلب والمشرف على عمل مديريتي الصحة بحلب وإدلب يبحثان مع عدد من الصيادلة التحديات التي تواجه القطاع الدوائي
  • ترامب والبلطجة السياسية في تهديد قناتي السويس وبنما
  • النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
  • 100 يوم على عودة ترامب.. كيف أثرت سياساته على الأسواق الأميركية والعالمية؟
  • برلمان المجر يصوت على الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية
  • 100 يوم على عودة ترامب.. هل حقق وعوده بالسلام؟
  • كيف يتعامل الاتحاد الأوروبي مع رسوم ترامب الجمركية؟ مستشار بالمفوضية الأوروبية يجيب
  • الجيل: تصريحات ترامب بشأن قناة السويس استفزازا فجا وتجسيدا واضحا لحالة الغطرسة السياسية
  • ما هي الشبكة الكهربائية الأوروبية المشتركة التي شهدت تعطلاً اليوم؟
  • أحمد حمودة: قرار رحيل كولر خاطئ والأهلي سيخسر مبارياته في كأس العالم