ماذا يعني فوز ترامب للعرب؟!
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
تتوجه الأنظار هذه الأيام شطر العاصمة الأمريكية واشنطن لقراءة نوايا وطلاسم الساكن الجديد للبيت الأبيض، وماذا عسى أن يحمل في جعبته هذه المرة تجاه العرب وقضيتهم المصيرية فلسطين؛ فالسؤال هو: هل هناك جديد يذكر نحو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ووقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة؟ وقبل ذلك كله وقف الأسلحة الفتاكة الأمريكية التي تحملها طائرات (إف-35) كالقنابل التي تدمر الأحياء السكنية بالكامل على رؤوس أطفال غزة ولبنان؟
بالطبع الإجابة على ذلك تتجلى في السجل الأسود للإدارات الأمريكية المتعاقِبة، سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية، فالكل يتسابق لإرضاء اللوبي الصهيوني والحكومة المتطرفة في الكيان المزروع في قلب الأمة؛ فالحكومة الأمريكية- أيًا كانت عقيدتها- هي الحامية لهذه الدولة المارقة التي تمثل محور الشر في المنطقة، فقد وفَّرت واشنطن لقادتها السياسيين والعسكريين الحصانة من العقاب في مختلف المحافل الدولية مرات عديدة من خلال "الفيتو" في مجلس الأمن، ومرات أخرى عبر التدخل المباشر لمنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار وتنفيذ أحكام بحق هؤلاء المجرمين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء، من أمثال نتنياهو وبن جفير ويوآف غالانت.
صحيحٌ أن دونالد ترامب كان الأكثر على الإطلاق بين رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية انحيازًا لإسرائيل خلال فترته الرئاسية الأولى، عندما قرر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف عاصمة فلسطين؛ بل وصل به الأمر إلى استمالة وإجبار بعض الدول العربية لتسويق ما يُعرف بـ"صفقة القرن"، والتي تُجرِّد الشعب الفلسطيني من حقوقه، وكان في كل مساء يتحدَّث نتنياهو وجاريد كوشنر زوج بنت ترامب عن تحقيقهم اختراقات في إقناع دول عربية جديدة للانضمام إلى قافلة التطبيع مع إسرائيل، مطبقين مبدأ العصا والجزرة الذي يستخدم في مثل هذه الحالات، فهناك التلويح بالحماية الأمريكية تارة، وتارة أخرى بالتخويف من إيران، إلى جانب التلويح بضم تلك الدول إلى قائمة الإرهاب المزعوم من منظور أمريكي.
لقد غاب عن الجميع الحقيقة الواضحة وضوح الشمس، وهي أن القوى الاستعمارية الكبرى لا تستطيع أن تحمي أي دولة أخرى على الدوام؛ بل الذي يحمي الدول والأنظمة تمسكها بحقوق الأمة وثوابتها، وإقامة حكم عادل يُعبِّر عن آراء المواطنين وطموحاتهم نحو الحرية وإحقاق الحق والعدل، فضلًا عن التوزيع العادل للثروات والمناصب بين أفراد المجتمع. ولعل الجميع يتذكر كيف تخلّت أمريكا عن حليفها شاه إيران إثر الثورة الشعبية التي اقتلعت جذور تلك الإمبراطورية العظيمة.
شكّلت رئاسة ترامب الأولى أربع سنوات عجاف؛ وفرضت أجواءً مُلبدة بالغيوم خيّمت على سماء الأمة العربية قبل "طوفان الأقصى" المبارك، الذي أعاد للأمة اعتبارها؛ وكانت تلك السنوات الأربعة الأسوأ على الإطلاق في تاريخ العرب المعاصر. وعلى الرغم من تلك الفترة المظلمة، ظهرت في الأفق أصوات شُجاعة تعبِّر عن ضمير الشرفاء من أبناء هذه الأمة، وهنا أتذكر موقف جدير بالتقدير لرئيس مجلس الأمة الكويتي السابق مرزوق الغانم في مُؤتمر الاتحاد البرلماني العربي في الأردن، وذلك عند ما أمسك بنسخة من مستندات تتضمن تفاصيل حول "صفقة القرن" المزعومة وألقاها في سلة المُهملات، "مؤكداً أنَّ تلك الصفقة مكانها مزبلة التاريخ".
يبدو لي أنَّ نجاح دونالد ترامب في الفوز بالانتخابات الأمريكية على منافسته كامالا هاريس، كانت خطوة غير متوقعة بسبب سجله الجنائي؛ حيث أدانته هيئة المحلفين في نيويورك بالفساد في أكثر من قضية أخلاقية، فضلاً عن تهم أخرى لم تحسم حتى هذه اللحظة، فهي في قائمة الانتظار، بهدف تحقيق العدالة وتطبيق القانون الفيدرالي. ويُشكِّل هذا الفوز منعطفًا ينذر بتراجع شديد للولايات المتحدة الأمريكية، التي تزعم قيادتها للعالم المتحضر، الذي في الواقع تجلى بانحداره إلى أسفل سافلين، حيث تخلى الناخب الأمريكي عن القيم والمبادئ التي يُعرف بها هذا الشعب.
ومن المفارقات العجيبة أن هناك 37 تهمة جنائية موجهة إلى ترامب، في سابقة من هذا النوع لرؤساء أمريكا، وتضمنت أهم هذه التهم: الاحتفاظ بوثائق سرية في منزله الشخصي تتعلق بالأمن القومي الأمريكي، وتهمتان تتعلقان بالإدلاء ببيانات كاذبة، هذا فضلًا عن التهرب الضريبي، وهي تهمة قديمة تعود إلى عدة سنوات. وسِجِل هذه الشخصية غريبة الأطوار يحوي الكثير والكثير من المخالفات والجرائم المتنوعة حسب لوائح الاتهام؛ فهناك اعتقاد يسود بين العديد من الساسة والباحثين، بأن انهيار أمريكا- إن حصل- سوف يكون على يد اليمين المتطرف الذي يمثله بعض أجنحة الحزب الجمهوري مثل ترامب وأنصاره، لا سيما بعد فوزه بالرئاسة ليكون الرئيس رقم 47 لأمريكا؛ كونه يميل إلى الفاشية والتعصب والعنصرية.
في الختام.. على كل أفراد أمتنا العظيمة التي اختارها الله لأن تكون خير أمة أخرجت للناس، الوقوف صفًا واحدًا في وجه العربدة الأمريكية التي يُمثلها ترامب ومساعدوه من مروجي "صفقة القرن"؛ فالتاريخ لا يرحم من يُفرِّط في المقدسات أو الأوطان أو من يتعاون مع الصهاينة ويخون الثوابت والأمانات، فقد أدركت الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج اليوم المؤامرات التي تُحاك ضدها.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما هي أوامر ترامب التنفيذية الصادرة وتلك التي ألغاها؟
أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية والتوجيهات في سعيه لوضع بصمته على إدارته الجديدة في أمور تتراوح من الطاقة إلى العفو الجنائي والهجرة.
وفيما يلي بعض الأوامر التنفيذية الرئيسية التي وقعها ترامب في اليوم الأول من عودته للمنصب:
العفو
أصدر ترامب عفوا عن نحو 1500 شخص اقتحموا مبنى الكابيتول الأميركي في السادس من يناير 2021، في لفتة لدعم الأشخاص الذين اعتدوا على الشرطة في أثناء محاولتهم منع المشرعين من التصديق على هزيمته في انتخابات 2020.
وقال ترامب: "نأمل أن يخرجوا الليلة، بصراحة، نتوقع ذلك".
كما يخفف الإجراء أحكام 14 عضوا من منظمتي براود بويز وأوث كيبرز اليمينيتين المتطرفتين، ومنهم بعض الذين أدينوا بالتآمر للتحريض على العنف.
كما يوجه الأمر وزير العدل الأميركي بإسقاط القضايا المعلقة بالشغب.
الهجرة
وقع ترامب على أوامر تعلن الهجرة غير الشرعية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك حالة طوارئ وطنية، وتصنف العصابات الإجرامية منظمات إرهابية، وتستهدف الجنسية التلقائية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة لمهاجرين غير شرعيين.
وسيعلق أمر ترامب الذي يتعامل مع إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة البرنامج لمدة أربعة أشهر على الأقل وسيأمر بمراجعة الأمن لمعرفة ما إذا كان المسافرون من دول معينة يجب أن يخضعوا لحظر السفر.
وجاء في الأمر "الولايات المتحدة تفتقر إلى القدرة على استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين".
إلغاء إجراءات بايدن
في تجمع حاشد في ساحة رياضية، ألغى ترامب 78 إجراء تنفيذيا للإدارة السابقة.
وقال ترامب "سألغي ما يقرب من 80 إجراء تنفيذيا مدمرا للإدارة السابقة".
وأضاف أنه سيوقع أمرا يوجه كل الوكالات بالحفاظ على جميع السجلات المتعلقة "بالاضطهاد السياسي" في ظل إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
وينطبق الإلغاء على الأوامر التنفيذية التي تمتد من اليوم الأول لبايدن في منصبه في 2021 إلى الأسبوع الماضي، وتغطي موضوعات من الإغاثة من كوفيد إلى تعزيز صناعات الطاقة النظيفة.
حظر تيك توك
وقع ترامب أمرا بتأخير حظر لمدة 75 يوما لتطبيق المقاطع المصورة القصيرة تيك توك الذي كان من المقرر إغلاقه في 19 يناير.
ويوجه الأمر وزير العدل بعدم فرض القانون "للسماح لإدارتي بفرصة تحديد مسار العمل المناسب فيما يتعلق بتيك توك".
تجميد الإجراءات التنظيمية والتوظيف
وقع ترامب على أوامر بتجميد التوظيف الحكومي واللوائح الاتحادية الجديدة، بالإضافة إلى أمر يلزم العاملين الاتحاديين بالعودة التامة إلى العمل بنظام الحضور الشخصي.
وقال ترامب: "سأنفذ تجميدا فوريا للإجراءات التنظيمية الجديدة، مما سيمنع بيروقراطيي بايدن من الاستمرار في إصدار اللوائح"، مضيفا أنه سيصدر أيضا "تجميدا مؤقتا للتوظيف لضمان توظيفنا فقط للأشخاص الأكفاء المخلصين للجمهور الأمريكي".
وستجبر هذه الخطوة أعدادا كبيرة من موظفي الحكومة على التخلي عن ترتيبات العمل عن بُعد، في عدول عن اتجاه بدأ في المراحل المبكرة من جائحة كوفيد-19.
وقال بعض حلفاء ترامب إن تفويض العودة إلى العمل يهدف إلى المساعدة في تقليص الخدمة المدنية، مما يسهل على ترامب استبدال العاملين الحكوميين الذين خدموا لفترة طويلة بموالين له.
التضخم
أمر ترامب جميع الإدارات والوكالات التنفيذية بتقديم إغاثة طارئة للشعب الأميركي في ظل ارتفاع الأسعار وبزيادة رخاء العامل الأميركي.
وتشمل التدابير خفض اللوائح والسياسات المناخية التي ترفع التكاليف، والإجراءات اللازمة لخفض كلفة الإسكان وتوسيع المعروض من المساكن.
وجاء في الأمر "على مدى السنوات الأربع الماضية، ألحقت سياسات إدارة بايدن المدمرة أزمة تضخم تاريخية بالشعب الأميركي".
المناخ
كما وقع ترامب على الانسحاب من معاهدة باريس للمناخ، بما في ذلك رسالة إلى الأمم المتحدة تشرح أسباب الانسحاب.
يهدد الإعلان، الذي كان متوقعا على نطاق واسع منذ فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر، الهدف الرئيسي للاتفاقية بتجنب ارتفاع درجات الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية عن مستويات ما قبل الصناعة.
ويقول الأمر "سياسة إدارتي هي وضع مصالح الولايات المتحدة والشعب الأميركي في المقام الأول".
وألغى مذكرة من عام 2023 أصدرها بايدن تحظر التنقيب عن النفط في نحو 16 مليون فدان في القطب الشمالي، قائلا إن الحكومة يجب أن تشجع استكشاف الطاقة وإنتاجها على الأراضي والمياه الاتحادية، وألغى تفويضا بخصوص المركبات الكهربائية.
الصحة
أمر آخر أصدره ترامب بسحب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، قائلا إن المنظمة أساءت التعامل مع جائحة كوفيد-19 والأزمات الصحية الدولية الأخرى.
وتمثل الخطة، التي تتماشى مع انتقادات ترامب الطويلة الأمد للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، تحولا كبيرا في سياسة الصحة العالمية الأميركية وتعزل واشنطن بشكل أكبر عن الجهود الدولية لمكافحة الأوبئة.
حرية التعبير
وقع ترامب على أمر تنفيذي قال إنه يهدف إلى "استعادة حرية التعبير وإنهاء الرقابة الاتحادية".
وقال البيت الأبيض أنه "تحت ستار مكافحة "التضليل" و"التضليل الإعلامي" و"المعلومات الخاطئة"، انتهكت الحكومة الاتحادية حقوق التعبير المحمية دستوريا للمواطنين الأميركيين".
واتهم ترامب وحلفاؤه الجمهوريون إدارة الرئيس الديمقراطي السابق بايدن بتشجيع قمع حرية التعبير على المنصات الإلكترونية.
الطاقة
أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية للطاقة، ووعد بملء الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط وتصدير الطاقة الأميركية في جميع أنحاء العالم.
ووضع خطة شاملة لتعظيم إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة بما في ذلك إعلان حالة طوارئ وطنية للطاقة وإزالة اللوائح التنظيمية الزائدة، وانسحاب الولايات المتحدة من ميثاق دولي لمكافحة تغير المناخ.
وقال ترامب إنه يتوقع أن تساعد الأوامر في خفض التضخم وحماية الأمن القومي الأميركي. كما وقع على أوامر تهدف إلى تعزيز تطوير النفط والغاز في ألاسكا، وألغى جهود بايدن لحماية أراضي القطب الشمالي ومياهه من التنقيب.