الرؤية- عبدالله الشافعي

على بعد حوالي خمسين كيلومترا من مطار صلالة بمحافظة ظفار وباتجاه الشمال، تقع محمية وادي دوكة التي تضم الآلاف من أشجار اللبان. وفي الطريق إلى هذه المحمية الطبيعية التي أصبحت ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، تتجلى الجغرافية والطبيعة العمانية الخلابة، ما بين المساحات الواسعة التي تكتسي باللون الأخضر في فصل الخريف، والجبال الشاهقة التي تعد جزءا من الهوية العمانية.

يستغرق الطريق من مطار صلالة إلى وادي دوكة ما يقارب من خمسين دقيقة، لكن هذه الدقائق تمر سريعة وسط مظاهر الطبيعية الخلابة وصولا إلى الوادي المنشود الذي يضم أكثر من 4000 شجرة لبان على مساحة 3,500 فدان.

واللبان هي كلمة من أصل عربي تشير إلى هذا المكوّن العطري القيّم الذي يخرج من أشجار بوسويليا ساكرا التي تعد المصدر الأساسي للبان في العالم، والتي تنمو وتزدهر في ظفار وأيضا في اليمن والصومال.

تقف أشجار اللبان في هذا الوادي شاهدة على التاريخ، تاريخ الحضارة العمانية وتاريخ العمانيين الذي اهتموا بهذه الشجرة على مدار السنين، وورّثوا أبناءهم حب هذه الأشجار وطرق العناية بها، وهو ما ساعد على استدامتها وبقائها.

يقف عبدالله محمد علي- في العقد السابع من عمره- بلحيته البيضاء وزيّه العماني التقليدي، يتأمل في هذه الأشجار قائلا: "هذه الأشجار باتت جزءا منا، فهي كانت ولا تزال مصدر رزقنا ورزق أبنائنا، وهي بمثابة العائلة التي نحتضنها وتحتضننا، نعتني بها فتجود علينا بالحصاد الوفير".

ومنذ أكثر من 20 عاما، يعمل عبدالله محمد في مهنة الاعتناء بأشجار اللبان وجمع نتاجها: "بنيجي نضرب الشجرة برفق ونزيل جزء بسيط من القشرة، وهذا نسميه التوقيع، وننتظر 15 يوما أو 21 يوما ونضرب تاني وهذا نسميه السعف، وبعدين ييجي الحصاد". يكرر هذا الأمر خلال موسم الحصاد الذي يبدأ من شهر سبتمبر وينتهي في شهر يونيو، مؤكدا أن طبيعة الطقس تؤثر على مواعيد التوقيع "تقشير الشجرة" إذ إنهم يتجنبون الأوقات الذي تهطل فيها الأمطار.

ويضيف: "هذا العمل ورثناه من آبنائنا وأجدادنا، وهذه شغلتنا وشغلة أهالينا، كنا الأول نسترزق منها نيجي نضرب ونبيع، وحاليا شركة أمواج تشرف على المشروع وتعتني به، والحمد لله الخير كثير".

ولقد حرصت "أمواج" على تطوير جميع الجوانب اللوجستية في هذا الوادي، وتزويد الموظفين بالظروف المواتية والمناسبة للعمل وتقديم الدعم الشامل لهم، بهدف إيجاد أنشطة بيئية وثقافية وتعليمية حول وادي دوكة للتعرف على هذا الإرث الحضاري، وتعزيز السياحية الأخلاقية والمستدامة التي ستعود بالنفع على الشعب العماني بشكل عام، وذلك بموجب اتفاقية مع وزارة التراث والسياحة.

أما مسلم بن سعيد جداد- شاب يعمل في الوادي- فيتنقّل بين أشجار اللبان، يختار إحداها ويدور حولها، يضع يده على أعرافها وكأنه يحاول التواصل معها، ينظر ونقل بصره بين الأعراف، ثم يختار المكان الذي سيضرب فيه.

"بنختار المكان بعناية، وما نضرب في الفرع الضعيف.. الفروع مثل لحمنا لازم الضربة تكون خفيفة والتقسير يكون بسيط وما نوصل لحم الشجرة حتى لا نأذيها"، هكذا يقول الشاب الذي ورث هذه المهنة من أبيه، وهذا هو مبدأه في التعامل مع الأشجار التراثية.

ويوضح: "في البرد الشجرة ما تطلع إنتاج ويأثر عليها الجو البرد والأمطار، لأن الأمطار تأخر الحصاد، وطوال فترة الحصاد يكون متوسط إنتاج الشجرة الواحدة 45 كيلوجراما".

ويتولى العناية بهذه الأشجار وحصد إنتاجها فريق يقوده محمد اسطنبولي- في العقد السابع من عمره- وهو من سكان صلالة، إذ إنه يشرف على جميع أنشطة الزراعة في موقع وادي دوكة ويتولى رعاية أشجار اللبان وحصاد الراتنج وتدريب فريق العمل هناك.

لا تفارق الابتسامة وجه اسطنبولي، دائما ما يبتسم في وجه الزائرين الراغبين في التعرف على أسرار هذا الإرث الحضاري، يعرف كل كبيرة وصغيرة تتعلق بأشجار اللبان، تظهر عليه ملامح السعادة حين يسأله أحد عن الأشجار والعناية بها ليسرد قصة جهد وتعب تكللت بالنجاح في الحفاظ على هذه المحمية.

وبخبرته الطويلة وبلهجته الظفارية، يشرح محمد الاسطنبولي خطوات العمل: "نقوم بحصد اللبنان وفقا للخطوات التي ورثناها عن آبائنا، ونستخرج بعد ذلك عصارته ثم دمجه مع عطور أمواج".

ولأن استدامة هذه الأشجار مهمة بيئية، يقول إن كل شجرة يوجد عليها "كيو آر كود" بهدف إشراك العالم كله في العناية بهذه الأشجار عبر الإنترنت، وذلك من خلال اختيار الشجرة التي يريد الشخص الاعتناء بها ومتابعتها يوميا عبر الموقع الإلكتروني للوادي.

بدوره، يشير ماثيو رايت رئيس وادي دوكة وفي الوقت الحالي إلى أنه يجري العمل على تطوير المنطقة لتحويلها إلى مزار سياحي  يستقطب السياح من كل العالم لتسليط الضوء على الثقافة العمانية، مبينا: "سوف نبني مركزا ثقافيا قريبا من المحمية لاستقطاب الزوار لكي يتعرفوا أكثر على اللبان وعن تاريخه وتراث عمان، كما أن شركة أمواج وقعت مع وزارة التراث والسياحة اتفاقية لرعاية الوادي وذلك ضمن مساعيها لتسليط الضوء على اللبان العُماني الذي يُعدّ عنصرًا أساسيًا في ابتكارات أمواج العطرية".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مضاعفة عقوبة زراعة الأرز في غير المساحات المقررة لها بهذه الحالة

تضمن قانون الري والموارد المائية عدد من العقوبات، لكل من يقوم بزراعة الأرز والمحاصيل ذات الاحتياجات المائية العالية في غير المساحات والمناطق المحددة بالقرار الوزارى بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألفين جنيه، ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه عن الفدان أو كسر الفدان أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتضاعف العقوبة في حالة تكرار المخالفة.

وترتكز فلسفة قانون الري والموارد المائية على دعم الرؤية المستقبلية لإدارة مصادر الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة، وبما يقنن الاستخدامات المائية ويضمن عدالة توزيعها ويحدد التقنيات الملائمة لإدارتها من خلال حظر زراعة المحاصيل الشرهة للمياه فى غير المساحات الصادر بتحديدها قرار وزارى، بعد التنسيق مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى وحظر تعديل نظم الرى المطور أو تشغيل طلمبات على المساقي المطورة والاعتماد على مصادر جديدة للمياه عند التخطيط لتنفيذ مشروعات تنموية وعمرانية جديدة مثل (المياه المحلاة بالمناطق الساحلية – المياه الجوفية بالمناطق الصحراوية) مع إنشاء نظم لمعالجة مياه الصرف الصحى وإعادة استخدامها فى مجال الزراعة وحظر إقامة مزارع أو أقفاص سمكية بالمجارى المائية حفاظًا على نوعية المياه وحظر إقامة أي منشآت في مخرات السيول أو تنفيذ أعمال لحجز مياة الأمطار والسيول الجارية في الأودية الطبيعية والاستفادة من مياه الامطار والسيول لدعم الميزان المائى وحظر إقامة اى منشآت في مخرات السيول أو اعمال لحجز الامطار والسيول الجارية في الاودية الطبيعية.

يقلل من السكتات القلبية.. مفاجآت مذهلة لا تعرفها عن الأرز البنيالاكتفاء الذاتي من الأرز يرتفع إلى 95%.. واللحوم الحمراء تسجل نموًا بنسبة 20.1%هشة ولذيذة.. طريقة عمل كفتة الأرز بطريقة سهلةالحبس 6 أشهر عقوبة زراعة الأرز في غير المساحات المقررة له بالقانونعقوبة قطع الأشجار والنخيل

كما وضع قانون الري والموارد المائية عقوبات للمخالفين، حيث نصت المادة 120 من القانون على أن يعاقب كل من يقوم بقطع أو قلع الأشجار والنخيل التى زرعت أو تزرع في الأملاك العامة ذات الصلة بالموارد المائيةبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه عن الشجرة الواحدة أو النخلة الواحدة.

وجاء ذلك تطبيقا لنص المادة 9 من قانون الري والموارد المائية والتى تنص على أنه لا يجوز التصرف فى الأشجار والنخيل التى زرعت أو تزرع في الأملاك العامة ذات الصلة بالموارد المائية والري بقطعها أو قلعها إلا بترخيص من الإدارة العامة المختصة، ولهذه الإدارة أن تضع نظاما لزراعة الأشجار والنخيل على هذه الأملاك وتحديد أسباب وطرق إزالتها وفقا للضوابط التى تبينها اللائحة التنفيذية.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو.. تفاصيل جديدة لجهود إطفاء حرائق الأشجار بالجبل الأخضر
  • مضاعفة عقوبة زراعة الأرز في غير المساحات المقررة لها بهذه الحالة
  • قصة جدران المجالس الطينية في حائل التي استوقفت وزير الحج ونظيره العراقي .. فيديو
  • “أشجار السدر” بنجران.. ارتباط وثيق بذاكرة الإنسان والمكان
  • عوض يدشن موسم التشجير في الشوارع الرئيسية بمحافظة صعدة
  • الحمود: شبابنا موهوبون وأصحاب أيادٍ بيضاء
  • منيمنة: خففوا مصاريف حملات مشبوهة
  • بين محافظتين.. عملية أمنية لمنع أي نشاط إرهابي في وادي الموت
  • "أمواج" تشارك في "أسبوع ميلانو للتصميم" بمجموعة فنية عن عُمان لغايتانو بيشي
  • وزير التعليم الفلسطيني: نحن باقون على أرض الأجداد ولن نتركها