السياحة البيئية في عُمان.. كنوز طبيعية تحتضن عشاق المغامرات والباحثين عن الاسترخاء
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
الرؤية-ريم الحامدية
ساهمت صناعة السياحة في عمان بنسبة 2.4% في الناتج المحلي الإجمالي، إذ شهد عدد السياح الوافدين إلى السلطنة العام الماضي زيادة بنسبة 36.7% بحسب بيانات وزارة التراث والسياحة.
وتعد سلطنة عمان واحدة من أهم الوجهات الغنية بالتنوع البيولوجي المتفرد والخلاب، حيث إنها تتمتع بموقع جغرافي يجعلها موطناً ثريا بأنواع مختلفة من النباتات والحيوانات الفريدة، بالإضافة إلى البيئات المتنوعة مثل الصحاري وسلاسل الجبال والوديان والسهول والتلال الصخرية والمناطق الساحلية، كما تنتشر في سواحلها مجموعة من الجزر البحرية التي تكثر فيها المواقع الطبيعية وأنواع مختلفة من الأسماك والشعب المرجانية.
وتقوم السياحة البيئية بدور مهم في روافد اقتصاد الدول، وتقديرا لسلامة النهج الذي تنتهجه السلطنة في مجال حماية وصون البيئة والذي يرتكز بشكل أساس على مبدأ تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الشاملة وحماية وصون الموارد الطبيعية، فقد حصلت السلطنة على المركز الأول عالمياً في مجال السياحة البيئية في عام 2010م، التي تمنحها صحيفة برلينا تاج زاوتون الالكترونية الالمانية المتخصصة.
وتسعى سعت سلطنة عمان إلى إدارة الموارد الطبيعية بشكل يضمن استدامتها ورفع الوعي تجاه المحافظة على البيئة، ولذلك وضعت الاستراتيجيات وأصدرت القوانين والتشريعات التي تضمن الحفاظ عليها وحمايتها من التلوث.
وتوجد في سلطنة عمان مقاصد سياحية طبيعية كثيرة كالمناطق الساحلية والبحرية الغنية بالتنوع الإحيائي، إضافة الى الشعاب المرجانية الموجودة في بحارها، ففي الشمال تبرز الجبال بمناظرها الطبيعية الخلابة مدعومة بالحياة البرية، وتتصف أنشطة السياحة البيئية في الجبال بشيء من المتعة والمغامرة، حيث تقام رياضة تسلق الجبال، والمشي بينها، التخييم الجماعي، اكتشاف المغارات والكهوف، وتتبع مجاري الأودية للوصول للمناطق التي تتسم بجمال طبيعتها.
وتمتلك محافظة مسندم، التي تقع في أقصى شمال عمان وتطل على مضيق هرمز، الكثير من المناظر الطبيعية الساحرة، إذ تلتقي فيها الجبال العالية التي يبلغ ارتفاعها 2000 متر مع البحر بالمضايق البحرية المذهلة والمياه الصافية، مما يجعل هذه المنطقة واحدة من أفضل المناطق لهواة رياضة الغوص والغطس في العالم. وتعتبر محمية المنتزه الوطني الطبيعي في مسندم والتي تشمل تسع جزر بحرية ذات غطاء نباتي متفاوت كنزا طبيعيا خلّابا ومتحفا مفتوحا يتزين بالمرجان والمنحدرات الصخرية وتعيش في نطاقها حيوانات برية وعدد من الثدييات البحرية كالدلافين والحوت الأحدب وآلاف الطيور البحرية ذات المظهر الجمالي الرائع.
وتتميز منطقة الباطنة بسواحلها الجميلة والكثبان الرملية والأفلاج، والواحات الجبلية الخضراء، والعيون المائية كعين الكسفة بالرستاق التي تعتبر وجهة سياحية وعلاجية مهمة نظرا لاحتوائها على نسبة من مادة الكبريت التي تساعد على علاج الأمراض وكذلك عين الثوارة بولاية نخل.
وتعد محمية القرم الطبيعية التي تقع في قلب محافظة مسقط، من أوائل مناطق الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية في السلطنة وتتميز بوجود مقومات طبيعية فريدة متمثلة في غابات أشجار القرم وتنوعها الأحيائي والقيم الطبيعية المرتبطة بها والتي تساهم في حفظ التوازن البيئي، كما تتميز محمية السليل الطبيعية بوجود مقومات طبيعية فريدة، وتضم هذه المحمية أكبر موئل للغزال العربي، وأشجار السمر والتكوينات الجيولوجية والتراث البشري القديم.
وتضم محافظة مسقط مجموعة من الشواطئ البديعة التي تتميز برمالها الناعمة النظيفة مثل شاطئ يتي وشاطئ القرم وغيرها و يقصدها الزوار للاسترخاء وممارسة الأنشطة الرياضية المائية مثل رياضة الإبحار وركوب الدراجات المائية والزوارق ورياضة الغوص التي تعتبر من أكثر الأنشطة جذباً للمغامرين الذين يحرصون على زيارة أشهر أماكن الغوص العمانية مثل الخيران، جزيرة الفحل، وجـزر الديمـانيات، وخليج المقبرة (مسقط القديمة)، إضافة إلى شاطئ الجصة، ويحتوي كل من هذه المواقع على ما لا يقل عن 11 موقع غطس مختلفا يتميز كل منها بالتنوع في بيئته.
وتعد محافظة الداخلية في وسط البلاد وجهة مفضلة لدى السياح الباحثين عن جمال الطبيعة ومحبي الاستكشاف ، وتكثر فيها الأفلاج المائية مثل فلج دارس وفلج الخطمين وفلج الملكي التي تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي وتوجد بها كذلك مسفاة العبريين وهي عبارة عن قرية صغيرة جميلة تقع في ولاية الحمراء وبها عدد من ينابيع الجبال توفر المياه للمصاطب الزراعية الخضراء، كما يوجد بها الجبل الأخضر الذي تنحدر من سفوحه الهضبة الكبرى في اتجاه الصحراء جنوبا، ويتميز بطقسه المعتدل في فصل الصيف وبتضاريسه المتنوعة و مدرجاته الزراعية، وأشجاره وثماره ووديانه الرائعة، وتوجد على سفوح الجبل الأخضر عدد من الكهوف والعيون والأفلاج .
وفي ولاية صور بمحافظة الشرقية توجد محمية السلاحف برأس الحد ،وهي واحدة من أروع المعالم السياحية المميزة في سلطنة عمان، وتحتل مساحة 120 كيلومتر مربع على طول 40 كيلومترا، وتضم أكثر من 20.000 سلحفاة، وتم انشاؤها في عام 1996 للحفاظ على السلاحف التي تستوطن بحر العرب والسلاحف التي تتوافد في أوقات معينة من السنة على سواحل خليج عمان قادمة من الخليج العربي والبحر الأحمر وسواحل الصومال، ويتم تنظيم رحلات بحرية للسياح لمشاهدة الدلافين و الغوص مع السلاحف والشعب المرجانية و زيارة الأخوار الطبيعية مثل خور الحجر في نيابة رأس الحد وخور جراما واصطياد الأسماك، كما يمكن مشاهدة الدلافين وهي تظهر بين الحين والآخر في مواقع أخرى من سواحل السلطنة.
وتعتبر الصحاري أحد المواقع السياحية المهمة كذلك في السلطنة، ومن أهمها صحراء رمال وهيبة وصحراء الربع الخالي المرتبطة بالمملكة العربية السعودية من جهة الغرب، وفيها تقام أنشطة التخييم، ومشاهدة النجوم ليلاً والمشي في الكثبان الرملية الذهبية.
وتتمتع محافظة الوسطى، التي تقع بين شمال عمان وجنوبها، بمقومات سياحية وبيئات مختلفة تتوزع في ولاياتها الأربع (هيماء والدقم ومحوت والجازر) مما جعل منها مزارًا سياحيًا على مدار العام بما تزخر به من شواطئ جميلة تمتد على طول بحر العرب من رأس الرويس بولاية محوت إلى رأس صوقرة بولاية الجازر إضافة إلى الكثبان الرملية والجبال الشاهقة المحاذية للبحر.
وفي الجنوب تمتلك محافظة ظفار كذلك مقومات سياحيّة تضم في جنباتها مختلف البيئات الطبيعية كالشواطئ البيضاء والرمال الناعمة وسلسلة من الجبال، والأودية، والسهول المنبسطة، والصحراء الممتدة إلى الربع الخالي، والعيون المائية المنتشرة في كافة ربوعها، والنوافير الطبيعية، والكهوف المتنوعة.
وبفضل هذا التنوع البيئي أصبحت محافظة ظفار من المناطق المفضلة لسياحة العائلات خاصة في موسم الخريف، الذي يمتد من شهر يونيو وحتى منتصف شهر سبتمبر، والذي يتميز باعتدال مناخه، حيث تكتسي الأرض برداء عشبي أخضر بديع، وذلك بفضل الرياح الموسمية الجنوبية الغربية "المونسون" التي تهب خلال فصل الصيف، كما يجد الزائر للمحافظة بالإضافة إلى الأجواء الطبيعية الساحرة مجموعة جيدة من الفعاليات الثقافية والمواقع التاريخية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الكوارث الطبيعية والحروب وتأثيرها على عمل الإعلام في السودان
تقرير خاص سودانايل: قد لا يوجد تأثير مباشر للفيضانات والجفاف على عمل الإعلام بشكل واضح كما في حالة الحروب لذلك نجد أن الإعلام في معظمه يتم في نطاقات خارج دائرة كوارث الفيضانات والجفاف... فالفيضان في السودان في الغالب يؤثر على نطاق محدود هو النطاق النيلي وخاصة الزراعي، وعلى المساكن في الولايات الكبرى مثل الخرطوم التي تبنى بشكل غير مخطط... من المعروف أن مدن ولاية الخرطوم (العاصمة) وطوال امتداد حرب الجنوب وحرب دارفور ظلت تستقبل اعدادا معقولة من النازحين اضطر معظمهم للسكن في حرم الأنهار وفي مساكن ليست بها أدنى مقومات القدرة على الصمود.هنالك تأثير يمكن أن يكون مباشر على قطاع واسع من العاملين في الإعلام نتيجة تساقط الأمطار والسيول في مناطق سكنهم فغالبية الصحفيين يسكنون في مدينة الصحفيين وهي منطقة بعيدة من وسط الخرطوم تم توزيع أراضيها على مجموعة كبيرة من العاملين في الإعلام والصحافة حيث تتقطع بهم السبل أثناء السيول والأمطار لأنها منطقة سكنية منخفضة تتجمع فيها مجاري السيول التي تجرف المنازل أحيانا ولا توجد بها خدمات متكاملة مثل الاحياء في وسط الخرطوم.
أما الجفاف فهو يعتبر كارثة ماحقة في السودان لأن تأثيره يمتد لسنوات وهو أكبر مسبب لموجات النزوح وغالبا ما يؤثر على أنماط الإنتاج وعمليات الاستقرار في المدن الكبرى لأنه يدفع بالكثير من سكان القرى الذين يفقدون وسائل سبل كسب معيشتهم وينزوحون للمدن الكبرى مما يؤثر على الاستقرار وتتزايد على الأثر معدلات الجريمة... بالإضافة الي أنه ينقل طابع الريف للمدن وقبيل الحرب الحالية كان يصدق القول على مدينة الخرطوم أنها عاصمة تم ترييفها وبالتالي تأثرت كل أشكال الخدمات فيها بما في ذلك الإعلام.
التغطية الاعلامية لقضايا البيئة والمناخ
معروف ان الإهتمام بقضايا البيئة يرتبط بمستوى الوعي الجمعي.. كما أنه يرتبط أيضا بمعدلات الفقر، ولما كانت نسبة الفقر مرتفعة للغاية نتيجة للتشوهات الاقتصادية فإن عملية الإهتمام بالبيئة يظل أمر ثانوي جدا بالنسبة لمتخذي القرار ويمكن هنا أن نلاحظ ظاهرة في منتهى الخطورة البيئية وهي تنامي انشطة ما يسمى بالتعدين الأهلي وهو من أكثر النشاطات الضارة بالبيئة وقد غضت الدولة نظرها عن هذه الظاهرة ولم تعمل على مكافحتها بل بالعكس وجد التعدين العشوائي للذهب تشجيع مبطن وأحيانا ظاهرا من الدولة خاصة في الولاية الشمالية ونهر النيل وولاية جنوب كردفان وأحدث إستخدام السياني والزئبق خسائر وأضرار بشرية مباشرة خاصة على المعدنين أنفسهم. وقد كان تناول الإعلام لهذه الظاهرة تناولا شكليا في بعض التغطيات المتفرقة وهي تغطية خجولة لا ترقى لمستوى بث الوعي المجتمعي ناهيك عن مكافحة الظاهرة.. ويعزى ذلك لتوجهات الحكومة في عهد الرئيس السابق عمر البشير الذي لم يكن فيه الإعلام يتمتع باي قدر من الحرية.
دور الإعلام في التوعية بالتغيّر المناخي
من المفترض أن يلعب الإعلام دوراً مهماً تبصير المجتمع وارسال رسائل تحذيرية للمواطنين لأنه شريك في عملية إدارة الكوارث بكل مراحلها وعليه تقع مسئولية التبصير والتوجيه من خلال ما يبثه من رسائل تحذيرية أو تطمينية، ولكن بكل أسف توجد فجوة كبيرة بين خبراء الحد من مخاطر الكوارث والاعلامييين خاصة الاعلام الرسمي من اذاعات وتلفزيون وقنوات فضائية والذي بكل أسف جل اهتمامه هو البعد السياسي ولا توفر الدولة أية امكانيات مادية أو بشرية للاعلام البيئي أو تدرب اعلاميين متخصصين في المجال البيئ.
فالإعلام في السودان للأسف الشديد اعلام غير متخصص ويركز جل اهتمامه على القضايا السياسية اليومية وبالرغم أن قضية التغير المناخي في السودان قضية مهمة وقد تأثرت به معظم ولايات البلاد الا انه لم يلق الإهتمام والتغطية الاعلامية الكافية.. ونجد على سبيل المثال أن عملية التغيرات المناخية أثرت على معظم ولايات السودان تأثيرا كبيرا خاصة في النواحي الزراعية والحيوانية، إلا أن الإعلام اهتم أكثر بإفرازات الظاهرة كالحرب والقبائل المؤثرة والمتأثرة بها أكثر من الولوج لعمق الظاهرة المتمثل في التغيرات المناخية.
الإعلام ودوره في تسليط الضوء على العلاقة بين النزاعات والضغوط البيئية (مثل النزاع على الموارد؟)
يعتبر السودان نموذج للدولة التي تجري فيها النزاعات على الموارد بشكل كبير فمعظم النزاعات التي نشبت في السودان كان عنوانها الابرز مرتبط بقسمة الموائد وذلك لأن السلطة السياسية في السودان ذات طابع مركزي وتهيمن على معظم واردات الأقاليم، ولا تقوم بعمليات تنمية حقيقية لتلك المناطق المنتجة للموارد الطبيعية ويعزى ذلك لعامل أساسي وهو طبيعة السلطة القابضة التي تتطلب انفاقا أمنيا متزايدا.. وهذا الأمر بالتحديد ما حدى بالكثير من الجماعات على التمرد على الدولة وحمل السلاح.. في مثل هذه البيئة بالتأكيد يصعب الحديث على فكرة استدامة الموارد لذلك ظل الطابع العام هو استنزاف الموارد لا إستدامتها.
الممارسة الصديقة للبيئة في عمل المؤسسات الإعلامية
لا توجد اي ممارسات جيدة مستقرة أو أي نظام SOP Standing Operations Procedures لعمل الإعلام فيما يلي التعامل مع البيئة، ونتيجة لكثرة انقطاع التيار الكهربائي فإن معظم الصحف في السودان لديها مولدات كهرباء خاصة بها ومعظم هذه المولدات قديمة ومتهالكة وربما تشتريها المؤسسة الاعلامية بعد أن يكون قد تم استخدامها من قبل second hand وهذه المولدات تعمل على انبعاث ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير وهو احد اكبر عوامل التلوث في السودان وهذا يشمل أيضا كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة.
في الآونة الأخيرة وخاصة أثناء هذه الحرب اتجهت معظم الصحف التي لم تتوقف عن الصدور لأن تكون صحف إلكترونية وهذه في حد ذاتها تطور إيجابي لأن الصحف الالكترونية لحد كبير صديقة للبيئة ولا تستخدم الطاقة بصورة كبيرة.
الإعلام ودوره الهام في مرحلة ما قبل وبعد الكارثة
للاعلام دوره الهام قبل وحدوث الكوارث الطبيعية والحروب فقبل وقوع الكارثة يلعب الاعلام دورا هاما في التبصير بأبعاد الكارثة وكيفية تلافيها والحد منها باتباع الارشادات المطلوبة وهذه الخطوة من شأنها تعزيز قدرات أفراد المجتمع وجعلهم ذا مرونة وقدرة عالية لمواجهة الكارثة.
أما دور الإعلام أثناء الكارثة له أهميته القصوى في الحد من الخسائر في الأرواح والممتلكات والتخفيف من حالات الصدمات النفسية وبث الأمن والطمأنينة وتهدئة الرعب والخوف في النفوس وإزالة عوامل الفزع مع إبراز أهمية دور النفير والتطوع وظهر ذلك جليا في الدور الهام الذي قامت به (التكايا) أثناء هذه الحرب وهي عبارة عن موائد أطعام تكفل بها بعض المواطنين خاصة من ابناء السودانيين بالخارج وبعض الميسورين من الداخل ولا زالت تقوم بها من تقديم وجات غذاء متكاملة للمواطنين الذين فقد معظمهم كل ما يملكون من ممتلكات واصبحوا لا يملكون قوت يومهم وقد ساهمت هذه الموائد كثيرا في تخفيف المعاناة عن المواطنين بل انقذت أرواح العديد من المواطنين من الموت جوعا خاصة وسط الاطفال والنساء وظهر ذلك جليا من خلال الطوابير الطويلة التي يقفها المواطنين انتظارا لدورهم في الحصول على وجبة، كما شملت (التكايا) برامج ترفيهية وتنويرية مثل الغناء والمسرح وألعاب للاطفال مما خفف كثيرا على المواطنين.
كان من المفترض أن يلعب الاعلام دورا حاسما في التصدي للشائعات السالبة من طرفي الحرب وتنوير المواطنين بحقيقة ما يحدث بكل تجرد، وأثناء هذه الحرب تلاحظ انقسام الإعلام إلى طرفي نقيض، طرف يعمل بموضوعية وتحرى الدقة والشفافية في نقل المعلومة من مصادرها الأصلية وتوخي البعد الإنساني في نقل وتحليل الأخبار ومراعاة المصلحة الوطنية وهو طرف بكل اسف محدود ومنبوذ من طرفي الحرب ومطارد وملاحق ومغلوب على أمره وقد دفع بعض الصحفيون أثمانا غالية نتيجة لذلك بل تعرض بعضهم للاغتيال والسجن والتعذيب ومصادرة ممتلكاته وبعضهم دفعت أسرهم الثمن خاصة الذين يعملون من خارج السودان، وطرف اخر من الاعلاميين ينساق ويسوق ويصور حسب ما تمليه عليه الجهة التي تخدمه وتصرف عليه وتوفر له الحماية والامتيازات وهذا الطرف بكل اسف يقدم خدمة مضللة لا علاقة لها بالاعلام ولا بالمهنية ولا بالاخلاق وهنا تكمن الكارثة ويدفع ثمن ذلك المجتمع أرواحا وممتلكات.
أما دور الاعلام المفترض بعد الكارثة هو شحذ الهمم والتعافي النفسي لدى الفرد والمجتمع الذي هو في امس الحاجة لذلك لتجاوز اثار الكارثة والإنتقال من مرحلة الدمار النفسي والعيني الى التماسك والإعمار وهذا الدور ضعيف جدا أو يكاد يكون معدوما بكل أسف ونأمل أن يلعب الاعلام دوره هذا عقب انتهاء الحرب والتي لا يظهر في الافق ما يشير إلى قرب انتهاءها.