جمال بن ماجد الكندي

دونالد ترامب أصبح الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر 2024؛ حيث لعب على كسب الولايات المتأرجحة، مستفيدًا من تغير المعطيات السياسية والأجندات الانتخابية. استغل ترامب استياء بعض الفئات، بما في ذلك العرب والمسلمون، من سياسات الحزب الديمقراطي في غزة ولبنان، وقدم وعودًا بإنهاء الحرب في المنطقة، مما جعل الأصوات تتجه لصالحه وحتى أصوات الجمهوريين وحزب الخضر.

ترامب، صاحب كتاب "فن الصفقة" الذي نشره عام 1987 مع الصحفي توني شوارتز، يتميز بعقلية تجارية معروفة؛ حيث يقدم الكتاب نظرة في استراتيجياته في التفاوض، مركزًا على أهمية المعرفة بالسوق واستخدام النفوذ وتحمل المخاطر المحسوبة. ومن خلال عقليته، يسعى ترامب لتجنب الاستنزاف المالي الناجم عن الحروب المستمرة، ما ينعكس على وعوده الانتخابية بإنهاء الصراعات، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، التي قال إنه قادر على إنهائها خلال أيام عبر صفقة تراعي المصالح المشتركة، بدلًا من تصعيد الصراع مع روسيا.

في جوهر هذه العقلية التجارية، يرى ترامب أن الولايات المتحدة يجب أن تركز على الداخل وتقليل الإنفاق العسكري الخارجي الذي يعتبره استنزافًا غير مجدٍ. فعلى عكس سلفه، ينظر ترامب إلى الصين كمنافس اقتصادي يجب مجابهته بدلًا من الانشغال بحروب خارجية، إذ يرى أن التورط في أزمات أوروبا والشرق الأوسط يقوّي منافسة الصين في السوق الاقتصادي العالمي. لذلك، ربما يسعى ترامب لصفقات تضمن مصالح أمريكا أولًا وتدعم عودتها إلى الداخل.

ويرى ترامب أن استمرار الحرب في أوكرانيا، يمثل ضغطًا اقتصاديًا على الولايات المتحدة وأوروبا؛ حيث أدت الحرب إلى أزمات اقتصادية في أوروبا نتيجة اعتمادها على الطاقة الروسية، وتراجع تأثير العقوبات في عزل روسيا دوليًا، بينما يتكبد الجيش الأوكراني خسائر متزايدة. وهذه المعطيات تعزز ميل ترامب لإيجاد حل سياسي ينهي هذا النزاع، خصوصًا وأنه أعلن أنه قادر على إنهاء الحرب في وقت قصير حال انتخابه، معتبرًا أن زيلينسكي يتحمل جزءًا من المسؤولية في اندلاعها.

واستمرت الحرب في غزة لأكثر من عام ثم امتدت إلى لبنان، وأسفرت عن خسائر للجانبين الفلسطيني واللبناني، وأثقلت كاهل الاقتصاد الإسرائيلي أيضًا. تنتظر إسرائيل تولي ترامب الرئاسة لدعمها في القضاء على المقاومة في غزة ولبنان وحتى مواجهة إيران، لكن السؤال هنا هو ما الجديد الذي سيقدمه ترامب عن إدارة بايدن التي وفرت الدعم الكامل لإسرائيل؟

ربما لن يقدم ترامب على إرسال جنود أمريكيين للقتال نيابة عن الجيش الإسرائيلي، حيث يعارض ذلك بقوة ويراه عبئًا غير مبرر، خاصة أنه وعد الناخبين الأمريكيين بالانسحاب من الحروب الخارجية. بدلًا من ذلك، قد يسعى ترامب للتوصل إلى اتفاق سلام ينهي هذا النزاع، بغض النظر عن توافق ذلك مع طموحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.

ولطالما كانت المواجهة مع إيران تحتل مكانة بارزة في السياسة الأمريكية، بدءًا من ملفها النووي. انسحب ترامب من الاتفاق النووي (5 +1) خلال رئاسته الأولى، لكن من غير المتوقع أن يقدم على حرب مباشرة مع إيران رغم دعمه لإسرائيل. فقد سبق أن امتنع عن الرد عسكريًا في حادثة إسقاط طائرة تجسس أمريكية من قبل إيران، معتبرًا أن تبعات الحرب مع إيران ستكون مكلفة وغير ضرورية.

ترامب يدرك أهمية استقرار المنطقة في تأمين مصادر الطاقة، خاصة وأن أي تصعيد ضد إيران قد يعرض تدفقات النفط للخطر. لذلك، قد يسعى للتوصل إلى صفقة مع إيران تكفل عدم امتلاكها للسلاح النووي، في مقابل التهدئة في المنطقة، بما يتيح لأمريكا التفرغ لأولوياتها الاقتصادية.

ترامب، في فترة ولايته الثانية، قد يكون أكثر تحررًا من قيود الوعود الانتخابية، مما يعزز تركيزه على تعزيز الاقتصاد الأمريكي ومعالجة قضايا الداخل. شعاره "الأمركة الأمريكية" يعكس توجهًا ينادي بتقليل الانخراط في الصراعات الخارجية، ويعيد الأولوية إلى القضايا الداخلية والاقتصادية، بدلًا من دور "الشرطي العالمي".

أما الصين فإن ترامب ينظر إليها كعدو اقتصادي يجب التركيز عليه، مفضلًا عدم الانشغال بحروب خارجية قد تقوّي من نفوذ الصين في السوق العالمي. وهذا التوجه الاقتصادي التجاري يميز ترامب عن أسلافه الجمهوريين والديمقراطيين، ويضعه في موقف مختلف في التعامل مع التحديات الخارجية.

وأخيرًا.. نعتقد أن ترامب، بعقليته التجارية، سيسعى لإنهاء أزمات الشرق الأوسط وأوكرانيا عبر صفقات تصب في صالح أمريكا أولًا، دون الاستنزاف في حروب طويلة ومكلفة. الأيام والشهور المقبلة كفيلة بكشف مدى نجاح هذا النهج، لكن في النهاية، يعكس ترامب وجهًا مختلفًا للاستراتيجية الأمريكية المعتادة، بحيث تظل الاستراتيجية الكبرى ثابتة في دعم حلفاء أمريكا الرئيسيين كإسرائيل، لكن مع تباين في أسلوب التنفيذ وتكتيكاته.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

البابا فرنسيس يغيب عن قداس الأحد للمرة الثانية في ظل استمرار المخاوف حول صحته

أعلن الفاتيكان أن البابا فرنسيس سيغيب مجددًا عن قداس الأحد، للأسبوع الثاني على التوالي، بينما يواصل تلقي العلاج في المستشفى إثر إصابته بالتهاب رئوي.

اعلان

وأوضح المكتب الصحفي للفاتيكان، السبت، أن نص العظة سيتم نشره كما جرى في الأسبوع الماضي، من دون أن يقرأه البابا بنفسه.

وكان البابا فرنسيس، البالغ من العمر 88 عامًا، قد نُقل إلى المستشفى في 14 شباط/ فبراير، حيث أكد الأطباء أن حالته الصحية، رغم أنها لا تشكل خطرًا وشيكًا، إلا أنها لا تزال تتطلب متابعة دقيقة. 

يجتمع الكاثوليك في كاتدرائية مانيلا في الفلبين، يوم الجمعة 21 شباط/ فبراير 2025، للصلاة من أجل شفاء البابا فرنسيس وتعافيه.Gerard Carreon/ AP

وأفاد الجراح سيرجيو ألفيري بأن البابا يعاني من عدوى متعددة الميكروبات أدت إلى التهاب رئوي، مما يمثل تحديًا صحيًا كبيرًا لرجل في مثل سنه، خاصة في ظل معاناته من أمراض تنفسية مزمنة واعتماده على الكرسي المتحرك في تنقله. 

من جانبه، أشار طبيب البابا الشخصي، لويجي كاربوني، إلى أن البابا فرنسيس مصاب بمرض توسع القصبات المزمن والتهاب الشعب الهوائية الربوي، ما يجعله أكثر عرضة لانتكاسات تنفسية، خصوصًا خلال فصل الشتاء.

يجتمع المؤمنون الكاثوليك في كاتدرائية مانيلا في الفلبين، يوم الجمعة 21 شباط/ فبراير 2025، للصلاة من أجل شفاء البابا فرنسيس وتعافيه.Gerard Carreon/ AP

وأضاف الأطباء أنهم أجروا سلسلة من الفحوصات المتقدمة لتحديد مسببات العدوى وبدء العلاج المناسب، فيما تستمر مراقبة تطورات حالته عن كثب. 

ورغم التحديات الصحية، بدا البابا في معنويات جيدة، مفضلًا تلقي العلاج في مقر إقامته داخل المستشفى بمساعدة فريق طبي متخصص.

Relatedالبابا فرنسيس يدخل المستشفى لإجراء فحوصات طبية بعد إصابته بالتهاب في الشعب الهوائية الفاتيكان: البابا فرنسيس يستجيب للعلاج ويواصل التعافي من الالتهاب الرئويالبابا لم يخرج بعد من دائرة الخطر وتكهنات حول احتمال استقالته لو ساءت حالته

وأفادت مصادر من الفاتيكان بأنه يقضي بعض الوقت مستريحًا في الفراش، كما يجلس على كرسي ويتنفس بشكل طبيعي دون الحاجة إلى أجهزة تنفس مساعدة. كما يواصل متابعة بعض مهامه الرسمية، حيث عيّن، يوم الجمعة، القس غريغ كاغيانيللي أسقفًا مساعدًا للشؤون العسكرية في بعثة الفاتيكان بالولايات المتحدة.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الفاتيكان: البابا فرنسيس يستجيب للعلاج ويواصل التعافي من الالتهاب الرئوي البابا فرنسيس يدخل المستشفى لإجراء فحوصات طبية بعد إصابته بالتهاب في الشعب الهوائية البابا فرنسيس يخاطب شباب أوكرانيا: تمسكوا بوطنكم وانبذوا الحرب وسامحوا التهابمستشفياتالصحةالبابا فرنسيسمرضالفاتيكاناعلاناخترنا لكيعرض الآنNextعاجل. إسرائيل تتسلم الرهائن من الصليب الأحمر وترقب للإفراج عن 602 أسير فلسطيني اليوم يعرض الآنNext تحولات حزب الله اللبناني مع نصرالله وبعده يعرض الآنNext دراسة: أوروبا قادرة على تحقيق أمنها العسكري بعيداً من واشنطن. بأي كلفة؟ يعرض الآنNext لأول مرة هذا العام: شمس الربيع تضيء وجه رمسيس الثاني في أبو سمبل يعرض الآنNext الانتخابات الألمانية من منظور دولي: كيف ترى كل من الولايات المتحدة، روسيا والصين الحدث؟ اعلانالاكثر قراءة نتنياهو يتوعد حماس بدفع الثمن والحركة تعلّق على الالتباس حول جثة شيري بيباس تفجير 3 حافلات بواسطة عبوات ناسفة قرب تل أبيب وإسرائيل تقول إن مصدر العبوات جاء من الضفة الغربية في تطور مفاجئ: إسرائيل تتحدث عن "جثة مجهولة" ضمن صفقة تبادل مع حماس! "يوروبول" يحذر: تصاعد المجتمعات الإلكترونية العنيفة التي تستهدف الأطفال اكتشاف مذهل: العثور على مقبرة الفرعون تحتمس الثاني بعد قرن من الغموض والبحث! اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025روسيادونالد ترامبالاتحاد الأوروبيأوكرانياإسرائيلقطاع غزةفلاديمير بوتينألمانياالحرب في أوكرانيا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني محادثات - مفاوضاتالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • شهر على الولاية الثانية.. كيف يعيد ترامب تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية؟
  • دبابات الاحتلال تتقدم نحو جنين للمرة الأولى منذ الانتفاضة الثانية
  • الروسي روبليف يتوج بلقب بطولة قطر المفتوحة للمرة الثانية
  • البابا فرنسيس يغيب عن قداس الأحد للمرة الثانية في ظل استمرار المخاوف حول صحته
  • FP: كيف حول ترامب 450 مليون أوروبي أعداء لأمريكا
  • FP: كيف حول ترامب 450 مليون أوروبي كـأعداء لأمريكا
  • «نيرة» تطلب الخلع بعد سفرها لشهر العسل للمرة الثانية.. «سر هدم الزيجة»
  • ترامب يهدد شركات الأدوية بالرسوم إذا لم تنقل إنتاجها لأمريكا
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يسعى لإفشال المرحلة الثانية ويتهم حماس بالمسؤولية
  • مستشار الأمن القومي الأمريكي: تجاوزات كييف مرفوضة.. و"ترامب" يسعى لإنهاء الحرب الأوكرانية