هل وضعنا استراتيجية للصرف الصحي؟
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
إسماعيل بن شهاب البلوشي
في كثير من الأحيان أكتب وأتحدث عن جهة أبحث عنها دومًا تكون موجهًا لبعض المؤسسات والأعمال والتوجهات الوطنية، لأنَّ من يقوم بالعمل المباشر قد لا يُدرك أهمية ورؤية واستراتيجية الأوطان في جوانب المفاضلة وجداول الأولويات، ولذلك إن جهات التوجيه والأمر التي أرى أنها تتعدى كل مؤسسة، وفيما يتعلق بشبكة ونظام الصرف الصحي في البلاد فإننا بحاجة مُلحَّة إلى درجة قصوى لإبداء الأفكار والقرارات والتوجه في هذا المضمار، والذي لا أرى أنه أخذ حقه؛ بل إنه في حالة جمود وسكوت غير مبرر، وأنه موضوع لم يسلط عليه الضوء مطلقًا ولم يوضح بما يتلاءم وما يناسب الرؤية الوطنية والخصوصيات العُمانية.
عُمان من شمالها إلى جنوبها وشرقها وغربها تستفيد من الآبار وتستفيد من الأفلاج وتستفيد من كل تدفق للمياه بكل طرق فيها وقد لا تكون دولة أخرى بهذه الخصوصية في حين أننا نرى وبكل وضوح أن ذلك غير متناسب ولا متوافق مع الوضع البيئي والصحي للسلطنة.
قد يعتقد البعض أن التأخر في مجال الصرف الصحي والتعامل معه هو فقط في المحافظات والولايات ولكن للأسف الشديد فإنَّ العاصمة مسقط نفسها متأخرة جدًا من وجهة نظري بل إنَّ الأمر يصل إلى القول إنه غير مقبول تمامًا وفي جانب آخر وعندما نقرأ الأحداث ونرى بعض الأمراض الخطيرة فإنني لست على دراية بأنَّ هناك جهة مُعينة قامت بالدراسة والبحث والتأكد أن لا علاقة ما بين نظام الصرف الصحي الحالي ونظام استخدام واستهلاك المياه من جوانب أخرى، أعتقد جازمًا أنَّ أمر الصرف الصحي وإذا ما تمت المقارنة بكل دول العالم فإننا لم نصل إلى أي مستوى نستطيع أن نقول من خلاله إننا حققنا الإنجاز المناسب الذي هو من أهم الضروريات والتي قد لا تكون ظاهرة للعيان مثل الكهرباء والهاتف وتوصيل مياه الشرب؛ لأن هذا الجانب غير واضح إلا إذا تعمقنا في الفكر والرؤية في جوانب أخرى على درجة من الأهمية غير ملموسة كغيرها.
لو أننا قمنا بوضع العاصمة مسقط مع بعض عواصم الدول مثل القاهرة على سبيل المثال فإنَّ الصرف الصحي الرئيسي بدأ فيها وعلى مستوى يغطي القاهرة قبل 100 عام من اليوم، هنا لست بصدد الحديث عن المقارنة والتي لا أؤمن بها كثيرًا، ولكنني تطرقت إلى هذا الأمر كي أبعث بذلك إلى من بيده القرار والمسؤولية والتنظيم وحساب الاستراتيجيات، وهو أن موضوع الصرف الصحي في كل بلاد العالم يأخذ الأولوية الأولى، ذلك لأنه يرتبط بنواحٍ لا حصر لها ولن أستطيع إيضاحها في هذه العجالة كما تستحق.
وأخيرًا.. فإنني أرفع رؤية؛ بل ومناشدة إلى جهات القرار بأن تكون هناك رؤية مختلفة صريحة لهذا الجانب الذي هو على درجة كبيرة من الأهمية، وأن توضِّح للمجتمع من خلال تسليط الإعلام للمتابعة والتوجيه والاهتمام.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هل تكون طاجيكستان ضحية التقارب بين موسكو وحكومة طالبان؟
موسكو- انتهت المحادثات الثنائية العاجلة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والطاجيكي إمام علي رحمن، والتي ناقشت الجوانب الرئيسية لمواصلة تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، فضلا عن القضايا الإقليمية، بما في ذلك الوضع في أفغانستان.
وتأتي القمة التي جرت في منتجع إيغورا بمقاطعة لينينغراد عشية اجتماع زعماء بلدان رابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي في المنطقة نفسها -أمس الأربعاء- والتي من المقرر أن تنهي أعمالها اليوم الخميس.
خريطة تظهر روسيا وطاجيكستان وأفغانستان (الجزيرة) الأمنورغم أن مباحثات الزعيمين تناولت بشكل خاص العلاقات الثنائية ولا سيما ملف الهجرة، فإنها عكست في الوقت ذاته القلق لدى البلدين بشأن حالة عدم الاستقرار في أفغانستان، وفق مراقبين روس.
وتلعب طاجيكستان دورا مهما في مجال السياسة الخارجية الروسية يتشابك مع المخاوف التاريخية والأمنية وسلامة الأراضي بالنسبة لموسكو، على قاعدة أن مفهوم الأمن الروسي يمتد إلى ما هو أبعد من حدودها الوطنية، ليشمل كامل الفضاء السوفياتي السابق.
ونظرا لقرب طاجيكستان من أفغانستان، فإنها تبرز كلاعب رئيسي في الإطار الأمني لمنطقة أوراسيا، حيث إن التهديدات التي يمكن أن تصدر عن هذه الدولة المجاورة لها تداعيات ليس فقط على روسيا بل وأيضا على آسيا الوسطى.
إعلانويتجلى التركيز المتعمد من جانب روسيا على الدور الأمني لطاجيكستان في التعاون ضمن الصيغ الثنائية والمتعددة الأطراف بين موسكو ودوشنبه، وخاصة داخل منظمات مثل منظمة معاهدة الأمن الجماعي ورابطة الدول المستقلة ومنظمة شنغهاي للتعاون.
طالبانلكن توقيت اللقاء بين بوتين ورحمن يأتي في وقت تستعد فيه روسيا لشطب حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية.
فقد دعت موسكو ممثلي حكومة طالبان للمشاركة في الفعاليات الدولية التي تقام في روسيا، وعقد مسؤولون روس اجتماعات متكررة مع أعضاء حكومة طالبان. كما زار أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو أفغانستان في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتقى نائب رئيس الحكومة هناك.
ولكن على النقيض من روسيا، تنأى طاجيكستان بنفسها عن تأييد التواصل الذي بدأته روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة مع حكومة طالبان.
ففي قمة مجموعة بريكس الأخيرة في كازان، لم يوقع الوفد الطاجيكي على الإعلان المشترك بخصوص التسوية الأفغانية، حيث رفض البند الذي يرحب بجهود طالبان لمحاربة تنظيم الدولة في أفغانستان، وكذلك البند الذي يشيد بالسلطات الأفغانية في الحرب التي تشنها ضد إنتاج المخدرات.
مخاوفوحسب مدير مركز التنبؤات السياسية، دينيس كركودينوف، فإن لقاء الرئيسين جاء لتهدئة مخاوف دوشنبه بخصوص التقارب الذي بات وشيكا بين موسكو وكابل.
ويشير -في حديث للجزيرة نت- إلى أن أفغانستان وطاجيكستان تتشاركان في حدود يبلغ طولها نحو 1300 كيلومتر معظمها وعرة وتعاني من ضعف الحراسة حتى اليوم، وهي تشكل مصدر قلق كبير لدوشنبه التي ما زالت، وفق كركودينوف، لا تحمل مشاعر الاطمئنان للسلطة الحالية في أفغانستان وبقدرتها على منع التهديدات الإرهابية ضد طاجيكستان.
وبرأيه، فإن الرئيس الطاجيكي يسعى إلى إيجاد أجوبة على هذه الهواجس من قبل بوتين، وبأن أي تطبيع للعلاقات مع طالبان لن يضر بمصالح وأمن طاجيكستان، الشيء الذي من المؤكد أن موسكو تراعيه بدقة، على حد قوله.
إعلانوأوضح المتحدث أن الطاجيك يشكلون -وفقا لتقديرات مختلفة- ما بين 25% إلى 45% من سكان أفغانستان، وكان لهذه المجموعة العرقية مكانة قوية في حكومة أشرف غني.
لكن بعد وصول حركة طالبان للحكم، فقد الطاجيك الكثير من المناصب في الهياكل السياسية لطالبان، فضلا عن أن الحركة تتهم دوشنبه بإيواء مسؤولين حكوميين سابقين وقادة من مقاومة بنجشير (المقاومة الوطنية في أفغانستان) يضيف كركودينوف.
الهجرة
من جهته، يرى المحلل السياسي أليكسي نوموف أن اجتماع بوتين ورحمن يؤكد إستراتيجية الكرملين في طاجيكستان وآسيا الوسطى، التي تشكل جزءا من "العالم الخارجي القريب" لموسكو التي تسابق الزمن لتوسيع نفوذها وتأكيد وجودها ومواجهة النفوذ الخارجي هناك وخاصة الغربي.
لكن خصوصية طاجيكستان، حسب نوموف، تأتي من كونها شريك إستراتيجي لروسيا في هذا الملف، وفي الوقت ذاته، فهي بلد معرض لحصول توترات داخلية على ضوء تصاعد الانتقادات للرئيس الحالي في ملف الحريات وحقوق الإنسان، وهي "ثغرة" يمكن للمنظومة الغربية أن تتغلغل من خلالها إلى داخل هذا البلد.
لكنه يشير كذلك إلى أهمية "الملف الحساس" الذي نشأ خلال العام الحالي بين البلدين والمتعلق بالمهاجرين الطاجيك إلى روسيا، إثر الهجوم الذي تعرض له مجمع "كروكوس" في مارس/آذار الماضي، وتبين أن 14 من أصل 15 شخصا ممن تم اعتقالهم على خلفية الهجوم يحملون جوازات سفر طاجيكية.
وبرأيه، فإن التعاون بين البلدين، حتى على الرغم من المفاوضات الأخيرة بين بوتين ورحمن، قد يصبح أكثر تعقيدا إن لم يتم معالجة هذا الملف، في ضوء التحديات الأخيرة التي يواجهها المهاجرون الطاجيك في روسيا.
وعلى ضوء حادثة "كروكوس"، شهد العام الحالي زيادة ملحوظة في مراقبة المهاجرين وتشديد شروط إقامتهم في روسيا.
وجاء رد فعل السلطات في طاجيكستان حادا على التغييرات في سياسة الهجرة، وطالبت الخارجية الطاجيكية السفير الروسي في دوشنبه بشرح الوضع على الحدود وسلمته مذكرة احتجاج، ودعت مواطنيها إلى الامتناع عن السفر إلى روسيا.
إعلان