كتاب الله العظيم، هو المصدر الأول للتوجيه في حياة المسلم، ويحتوي على العديد من الأساليب البلاغية التي تعزز الفهم وتزيد من قوة التأثير.

 

تحليل لأسباب تكرار التعبير القرآني "يسألونك" في القرآن الكريم

 من بين هذه الأساليب ما وضحة الدكتور  محمد مختار جمعة  وزير الأوقاف السابق، حيث قال أننا نجد تكرار تعبير "يسألونك" في حوالي أربعة عشر موضع في القرآن الكريم كان التعبير القرآني "يسألونك " أو " ويسألونك " أو "يسألك " ، والجواب فيها جميعا : " قل "،وفي موضوع واحد كان التعبير "ويسألونك " والإجابة " فقل "، وكان الجواب دائمًا "قل"، وهو أسلوب مميز يحث الرسول صلى الله عليه وسلم على تقديم الإجابة بشكل مباشر وواضح، وفي السطور التالية سنتناول تحليلًا لأسباب تكرار هذا التعبير في القرآن الكريم.

 

المواضع التي جاء فيها الجواب بـ "قل"

 

1. سؤال عن الأهلة
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ" (البقرة: 189)، كانت الإجابة عن السؤال المتعلق بالأهلة، حيث أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبين للناس أن الأهلة هي علامات لمعرفة أوقات الحج والمواقيت.

2. سؤال عن الإنفاق
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ" (البقرة: 215)، جاء الجواب ليبين كيفية الإنفاق من الخير والمال، مُرشدًا إلى أنه يجب أن يُنفَق في سبيل الله وعلى من يحتاجه.

3. سؤال عن القتال في الشهر الحرام
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ" (البقرة: 217)، أُمر النبي بالإجابة على سؤال يتعلق بالقتال في الشهر الحرام، حيث أكّد أن القتال في هذا الشهر محرم ولكن هناك أمور أعظم مثل الكفر والتصدّي عن سبيل الله.

4. سؤال عن الخمر والميسر
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا" (البقرة: 219)، كان الجواب بخصوص حكم الخمر والميسر، حيث تم التأكيد على أنهما يحتويان على منافع ولكن في الوقت نفسه يحتويان على إثم أكبر.

5. سؤال عن الإنفاق الزائد
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ" (البقرة: 219)، أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوضيح أنه يمكن الإنفاق من "العفو" أو ما يزيد عن حاجة الشخص.

6. سؤال عن اليتامى
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ" (البقرة: 220)، كانت الإجابة تتعلق بكيفية التعامل مع اليتامى، حيث أوضح الله أن الإصلاح لهم هو الأفضل.

7. سؤال عن المحيض
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ" (البقرة: 222)، أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بتوضيح حكم المحيض وضرورة اعتزال النساء في هذه الفترة.

8. سؤال عن ما هو حلال
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ" (المائدة: 4)، جاء الجواب حول الأطعمة والأشياء الطيبة التي أحلها الله للمسلمين.

9. سؤال عن الساعة
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي" (الأعراف: 187)، كان الجواب موضحًا بأن علم الساعة لا يعلمه إلا الله.

10. سؤال عن الأنفال
في قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ" (الأنفال: 1)، كان الجواب واضحًا بأن الأنفال تخص الله ورسوله.

11. سؤال عن الروح
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي" (الإسراء: 85)، أُمر النبي بالإجابة بأن الروح أمر من الله لا يعلمه إلا هو.

12. سؤال عن ذي القرنين
في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا" (الكهف: 83)، كانت الإجابة أن النبي صلى الله عليه وسلم سيُحدثهم عن ذي القرنين.

13. سؤال عن الساعة
في قوله تعالى: "يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ" (الأحزاب: 63)، جاءت الإجابة واضحة بأن علم الساعة عند الله وحده.

الموضع الذي جاء فيه الجواب بـ "فقل"

أما الموضع الذي جاء فيه الجواب بـ "فقل"، فقد ورد في قوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا" (الأنبياء: 105)، حيث جاءت الفاء للإشارة إلى السرعة والمبادرة في الإجابة، إذ كان السؤال عن مصير الجبال في يوم القيامة، فأُمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجيب بأن الله سينسفها نسفًا.

 

يتضح من هذه الأمثلة أن استخدام "قل" و"فقل" في القرآن الكريم له دلالة بلاغية ومعنوية عميقة. "قل" يُستخدم كإجابة لسؤال وقع فعلاً، بينما "فقل" يأتي للتأكيد على السرعة والمباشرة في تقديم الجواب عن الأمور التي تتعلق بالمستقبل أو التي قد تكون موضع شك.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: يسألونك القرآن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم محمد مختار جمعة فی القرآن الکریم فی قوله تعالى ی س أ ل ون ک کان الجواب سؤال عن

إقرأ أيضاً:

لماذا قال سيدنا النبي عن شعبان شهر يغفل فيه الناس ؟

لماذا قال النبي عن شعبان شهر يغفل فيه الناس؟، يعد شهر شعبان من شهور المنح الربانية التي يهبها الله لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين؛ وتتجلى فيه رحمة الله تعالى بعباده، فيهبهم من خزائن خيراته، ويجزل لهم فيه من عطياته.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر من الصيام في شهر شعبان، لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وصيامه يندرج تحت صوم التطوع والسُنة، وكان صلى الله عليه وسلم، يقول في أسباب كثرة الصيام في شهر شعبان، لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع عملي وهو على أفضل حال من العبادة والطاعة، حيث ورد عن عائشة رضى الله عنها قالت: «لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول: خذوا من العمل ما تطيقون» رواه البخاري.

العبادة في شهر شعبان

يقول الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتى الجمهورية السابق، في بيان فضل العبادة في شهر شعبان، إننا نستعد في شهر شعبان لاستقبال شهر رمضان، ولا ننسى أن شهر شعبان شهر مبارك كذلك، ففي شهر شعبان ترفع الأعمال إلى الله تعالى، وقد كان النبي ﷺ يكثر من الصيام في شهر شعبان حتى سأله الصحابي الجليل أسامة بن زيد فقال: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذاك شهر تغفل الناس فيه عنه، بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [أحمد].

وأضاف عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك" أنه يمكننا أن نستعد لاستقبال شهر رمضان بعدة أمور منها: تنظيم اليوم والرجوع إلى تقسيمه إلى يوم وليلة، ومنها: التدريب على الصيام، والتلاوة، والقيام، والذكر، والدعاء وغير ذلك من العبادات والطاعات، مشيراً إلى أن إتباع هدي النبي بالإكثار من الصيام في شهر شعبان ييسر على المسلم مهمة الصيام في شهر رمضان ولا يشعر بعناء في تلك العبادة العظيمة، وذلك لأن شعبان شهر يتناسب في المناخ وطول النهار وقصره مع شهر رمضان لأنه الشهر الذي يسبقه مباشرة، فالتعود على الصوم فيه ييسر على المسلم ذلك.

ونوه إلى أمر آخر للاستعداد لاستقبال الشهر المعظم، وهو القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة ختم المصحف في شهر شعبان، وذلك لتيسير قراءته وختمه في شهر رمضان، فقراءة القرآن عبادة نيرة، تعين المسلم على باقي العبادات في شهر رمضان وغيره، وهي تنير قلب المسلم وتشرح صدره، فلا ينبغي للمسلم أن يتركها ولا يقصرها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدفعة الإيمانية والنفحة الربانية.

وأوضح أن أهم ما يعين على ذلك كله هو ذكر الله عز وجل، وقد ورد الحث على الذكر في كتاب الله وسنة النبي ﷺ، فمن القرآن قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}.ويقول رسول الله ﷺ نصيحة عامة: «لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ». [أحمد].

واستطرد: لا ننسى أن نؤكد على أهمية الإعداد والاستعداد لهذا الشهر الفضيل، وأن ترك هذا الإعداد يعد من النفاق العملي، لكن من أراد تحصيل شيء استعد له، ومن أراد النجاح ذاكر، فمن أراد أن يغتنم هذا الشهر الفضيل أحسن الاستعداد له، ولقد ذم الله أقواما زعموا أنهم أرادوا أمرا ولكنهم ما أعدوا الله فقال تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ}. نعوذ بالله أن نكون من هؤلاء ورزقنا الله حسن الاستعداد لاستقبال رمضان.

لماذا كان النبي يكثر من الصيام في شعبان ؟

كشفت دار الإفتاء عن الحكمة من إكثار النبي من الصيام في شهر شعبان، وذلك لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، مشيرة إلى أن صوم شهر شعبان يقع تحت عنوان صوم التطوع -السُنة.

وأضافت «الإفتاء» في فتوى لها، أن النبي –صلى الله الله عليه وسلم- كان يُكثر من الصيام في شهر شعبان، لأنه شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع عمله وهو على أفضل حال من العبادة والطاعة، مستشهدةً بما ورد عن عائشة رضى الله عنها قالت: «لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله، وكان يقول: خذوا من العمل ما تطيقون» رواه البخاري.

وأوضحت أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن هذه الفضيلة -التي يجهلها الناس فغفلوا عن هذا الشهر- وهي أن الأعمال ترفع إلى الله تعالى ليجزي ويثيب عليها؛ فجدير بالعبد أن يرفع عمله إلى الله وهو قائم على طاعته.

مقالات مشابهة

  • كتاب «الأطفال يسألون الإمام» هدية شيخ الأزهر لـ«النشء» بمعرض القاهرة للكتاب.. نهى عباس لـ “البوابة نيوز”: أسئلة أولادنا فى الغرب الإمام الأكبر أجاب عليها بأسلوب بسيط
  • المراد بقوله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"
  • علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
  • لماذا أوصى النبي بذكر الله في كل وقت وحال؟.. بسبب 10 جوائز ربانية
  • هل ذكرت ليلة النصف من شعبان في القرآن الكريم.. دار الإفتاء تجيب
  • قبل بدء شهر رمضان 2025.. خير الأعمال وأفضل العبادات
  • ماذا أقول بعد الأذان؟.. بـ16 كلمة تحل لك شفاعة النبي
  • خطة عملية.. تستعيد من خلالها علاقتك بالقرآن في شعبان؟
  • شبيه النبي الذي رآه ليلة الإسراء والمعراج وأوصاه بـ 5 كلمات
  • لماذا قال سيدنا النبي عن شعبان شهر يغفل فيه الناس ؟