في خطوة نوعية لتعزيز مكانة اللغة العربية، نظم مجمع اللغة العربية بالشارقة الحلقة النقاشية الإعلامية الخاصة تحت عنوان “المعجم التاريخي للغة العربية.. وثيقة الأمة الحضارية”، في مقر المجمع، جمعت نخبة من الإعلاميين والباحثين لمناقشة الإنجازات والتحديات المرتبطة بالمشروع الطموح، وكشفت عن إطلاق مشروع “معجم GPT”، الذي يمثل نقلة نوعية لإدخال اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.

 

لليوم الثاني استمرار فعاليات القوافل التعليمية بقنا


مشروع تاريخي يوثق الذاكرة الحضارية للأمة
في مستهل الجلسة، استعرض الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام للمجمع والمدير التنفيذي للمشروع، أهمية المعجم التاريخي للغة العربية، موضحًا أنه ليس مجرد سجل لغوي، بل هو مشروع حضاري يوثق تطور الكلمات العربية عبر العصور. وقال: “المعجم هو انعكاس للهوية الثقافية واللغوية للأمة، وهو بمثابة الجسر الذي يربط بين ماضينا وحاضرنا، ويضع اللغة العربية في مكانتها اللائقة على الساحة الثقافية العالمية.”
المعجم التاريخي يُعد موسوعة شاملة تؤرخ تاريخ الكلمات منذ أول ظهور لها وحتى العصر الحديث، متتبعًا استخداماتها في النصوص القديمة مثل النقوش الحجرية، مرورًا بالشعر الجاهلي، وصولًا إلى القرآن الكريم والحديث النبوي، ثم النصوص الأدبية الحديثة.
دور الشارقة الريادي: رؤية حاكم الشارقة
أشاد الدكتور المستغانمي بالدور المحوري الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي قدم دعمًا غير محدود للمشروع. وأكد أن “رؤية الشيخ سلطان جعلت من الشارقة مركزًا عالميًا لدعم اللغة العربية، مما أتاح تحقيق هذا الإنجاز الحضاري الذي يعزز مكانة اللغة على مستوى العالم.”
وأوضح أن الدعم الذي قدمه سموه لم يقتصر على التمويل، بل شمل توفير بيئة عمل مثالية لفريق الباحثين، فضلًا عن إشرافه المباشر على المشروع لضمان تحقيق أهدافه بدقة واحترافية.
معجم تاريخي برؤية علمية دقيقة
تحدث الأستاذ بهاء الدين عادل دنديس، خبير الدراسات والبحوث في مجمع اللغة العربية بالشارقة، عن المنهجية العلمية التي يقوم عليها إعداد المعجم التاريخي. وأوضح أن المشروع يعتمد على توثيق كل كلمة عربية من حيث أول ظهور لها، مع تتبع تطورها الدلالي عبر العصور.
وقال دنديس: “المعجم التاريخي يتميز بمنهجيته العلمية الفريدة، حيث يتتبع الكلمة منذ ولادتها، مسلطًا الضوء على تطورها الدلالي والسياقات المختلفة التي استُخدمت فيها.”
وعلى سبيل المثال، كلمة “الألف” تحتوي على 72,000 مفردة موثقة، بينما يغطي حرف “الميم” 120 صفحة، مما يعكس ثراء اللغة العربية وتنوعها.
معجم GPT: نقلة نوعية لخدمة اللغة العربية
في إطار مواكبة التطور التكنولوجي، أعلن الدكتور المستغانمي عن إطلاق مشروع “معجم GPT”، الذي يمثل تحولًا ثوريًا في استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير اللغة العربية.
وأوضح المستغانمي أن معجم GPT سيوفر تجربة بحث تفاعلية فريدة، قائلاً: “هذا المشروع يهدف إلى جعل اللغة العربية أكثر حضورًا في العالم الرقمي، من خلال تسهيل دراسة اللغة وجعلها في متناول الجميع.”
وكشف المستغانمي أن المشروع في مراحله النهائية، ومن المتوقع إطلاقه رسميًا خلال العام القادم 2025.
يتميز معجم GPT بقدرات تفاعلية مبتكرة تسهم في تسهيل البحث اللغوي وتقديم تجربة استخدام متقدمة. يتيح النظام للمستخدمين طرح أسئلة حول الكلمات، سواء لمعرفة معانيها أو أصولها، ويستجيب فورًا استنادًا إلى قاعدة بيانات المعجم التاريخي. بالإضافة إلى ذلك، يوفر المعجم إمكانية تتبع تطور الكلمات عبر العصور، من خلال عرض شواهد نصية توضح كيفية استخدامها في سياقات زمنية مختلفة. كما يتيح تحليل السياق اللغوي للكلمات، مما يمنح المستخدم فهمًا أعمق لدلالاتها. ومن أبرز ميزاته قدرته على التعلم المستمر من تفاعلات المستخدمين، مما يضمن تحسين جودة الإجابات وتقديم معلومات أكثر دقة وثراءً مع مرور الوقت. 
النسخة الإلكترونية: خطوة نحو العالمية
أطلق مجمع اللغة العربية بالشارقة نسخة إلكترونية من المعجم التاريخي، متاحة عبر الإنترنت وتطبيقات الهواتف الذكية، ما يتيح وصولًا سهلاً وسريعًا للمحتوى من أي مكان وفي أي وقت.
وأشار المستغانمي إلى أن “النسخة الرقمية ليست مجرد أداة للوصول إلى المعلومات، بل هي منصة تفاعلية تساعد على استكشاف اللغة العربية بطريقة مبتكرة.”
رحلة طويلة نحو التميز
لم يكن تحقيق هذا الإنجاز خاليًا من التحديات. وأوضح الدكتور المستغانمي أن العمل على المعجم تطلب تعاونًا مكثفًا بين المجامع اللغوية في مختلف الدول العربية، إضافة إلى التنسيق مع مؤسسات دولية للحصول على النصوص القديمة والمخطوطات.
وأضاف: “أحد أكبر التحديات كان جمع المصادر والتحقق من صحتها، لكن بفضل الجهود المشتركة، تمكنا من تقديم محتوى موثوق وموحد، يُعد مرجعًا لا غنى عنه للباحثين والمهتمين باللغة العربية.”
المعجم التاريخي في المناهج التعليمية
أوضح الدكتور المستغانمي أن المعجم التاريخي يمكن أن يلعب دورًا محوريًا في تطوير المناهج التعليمية، حيث يُمكن استخدامه كأداة فعالة لتعزيز مهارات اللغة لدى الطلاب. وقال: “المعجم ليس مجرد مرجع، بل هو وسيلة تعليمية تساعد على تقديم اللغة بطريقة شاملة وعميقة.”
تعزيز الهوية اللغوية والثقافية
أكد المشاركون في الجلسة أن المعجم يسهم في تعزيز الهوية الثقافية واللغوية للأمة العربية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه اللغة العربية اليوم، مثل العولمة وانتشار اللغات الأجنبية.
وقال المستغانمي: “المعجم يمثل حصنًا منيعًا يحمي اللغة من الاندثار، ويضمن بقاءها للأجيال القادمة.”

مشروع حضاري للأجيال القادمة
اختتمت الجلسة بدعوة مفتوحة من الدكتور المستغانمي للمؤسسات الثقافية والأكاديمية لدعم المشروع والاستفادة من محتواه. وقال: “المعجم التاريخي ليس مجرد كتاب، بل هو مشروع حضاري يعكس التزامنا بالحفاظ على لغتنا وتراثنا.”
بهذا المشروع، تؤكد الشارقة مرة أخرى ريادتها في دعم الثقافة العربية، وتحقيق إنجاز حضاري يعزز مكانة اللغة العربية عالميًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المعجم التاريخي للغة العربية الحضارية الاصطناعى

إقرأ أيضاً:

بدعم من أحد المواطنين.. افتتاح مشروع "مجمع حي السلام الصحي" بتكلفة 650 ألف ريال

 

 

مسقط- الرؤية

احتفلت وزارة الصحة أمس الاثنين بافتتاح مشروع مجمع حي السلام الصحي في محافظة مسقط، بدعم ومساهمة من أحد المواطنين وبالتعاون مع مؤسسة الصحة الوقفية "أثر"، وذلك ضمن الجهود المبذولة لتحقيق رؤية سلطنة عُمان في تعزيز الخدمات الصحية المستدامة وضمان صحة المجتمع، وتزامنًا مع احتفالات سلطنة عُمان بالذكرى الخامسة لتولي جلالة السلطان مقاليد الحكم في البلاد.

ورعى حفل الافتتاح سعادة المهندس بدر بن سالم بن مرهون المعمري الأمين العام لمجلس المناقصات، بحضور سعادة سليمان بن ناصر الحجي وكيل وزارة الصحة للشؤون الإدارية والمالية، والدكتورة سميرة بنت موسى الميمنية المديرة العامة للخدمات الصحية بمحافظة مسقط بالإنابة، وعدد من مديري العموم ومديري الدوائر والمسؤولين بوزارة الصحة وممثلي الجهات المعنية والقطاعات المعنية الأخرى. وقال الميمنية: "إن قطاع الرعاية الصحية في سلطنة عُمان يشهد تطورًا مُتسارعًا، وأن افتتاح مجمع حي السلام الصحي يؤكد الالتزام بتقديم خدمات صحية عالية المستوى؛ تلبي احتياجات المواطنين والمقيمين على حد سواء؛ حيث إننا نؤمن بأن هذا المجمع سيصبح أنموذجًا يحتذى به في مجال الرعاية الصحية، وسيعزز من مكانة المحافظة وجهةً صحية رائدة في المنطقة".

وأضافت الميمنية أن افتتاح هذا المجمع يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف رؤية عُمان 2040، التي تهدف إلى بناء نظام صحي مستدام يعزز من جودة الحياة ويواكب التطورات العالمية في مجال الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن المجمع لا يقتصر دوره على تقديم خدمات علاجية فحسب، بل يسهم في تعزيز الجوانب الوقائية والتوعوية، بما يضمن بيئة صحية آمنة ومستدامة. وأوضحت أن هذه المشاريع تسهم في تخفيف الأعباء الصحية، وتعزز الوقاية من الأمراض والكشف المبكر عنها؛ مما يقلل من التكاليف الصحية ويحسن نوعية الحياة".

وتخلَّلت الحفلَ جولةٌ تعريفيةٌ في أقسام المجمع الصحي؛ حيث اطلع سعادة راعي المناسبة والحضور على المرافق الحديثة والخدمات المتنوعة التي يقدمها المجمع، مع عرض مقطع مرئي عن مراحل تنفيذ المشروع والخدمات التي سيقدمها للمجتمع، وأبرز المشاريع الصحية بمحافظة مسقط والخدمات المقدمة فيها.

واستغرق تشييد المجمع الصحي 14 شهرًا، ويقع في منطقة المعبيلة الجنوبية بولاية السيب في محافظة مسقط، على مساحة أرض تقدر بـ15 ألف متر مربع، ومساحة بناء 1309 أمتار مربعة، بقيمة إجمالية تصل إلى 650 ألف ريال.

ويُقدِّم مشروع حي السلام الصحي- الذي صُمِّمَ وفق أعلى المعايير الصحية العالمية- خدمات متكاملةً، تتمثل في العيادات التخصصية في الرعاية الصحية الأولية (الأمراض المزمنة، الضغط، السكري، الربو، التعقيم، رعاية الحوامل، تنظيم الأسرة)، والعيادات المقدمة في الرعاية الثانوية في الطب السلوكي، والعيادات التخصصية في الطب السلوكي (للكبار، وللأطفال)، وفرط الحركة وتشتت الانتباه، وطب الأعصاب النفسي، وعيادات الاختصاصيين النفسيين، والمختبر، والصيدلية، إضافة إلى غرفتين للمعاينة وقاعة للاجتماعات والتدريب، وغرفة لخادم الحاسب الآلي، وتوصيل الاتصالات. ويشتمل المجمع على 19 سريرًا، قابلة للزيادة، وموزعة على أقسام الرجال والنساء والولادة وما بعد الولادة والملاحظة.

وتعد مثل هذه المجمعات الصحية إضافة مهمة للمنظومة الصحية بالمحافظة، وتعكس حرص الحكومة ممثلة في وزارة الصحة على توفير سبل الرعاية الصحية المتكاملة للمواطنين في أماكن سُكناهم بجودة عالية تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية "عُمان 2040".

مقالات مشابهة

  • «أبوظبي للغة العربية» يختتم بنجاح مشاركته في «مهرجان الشارقة للآداب»
  • "أبوظبي للغة العربية" يختتم مشاركته في "الشارقة للآداب"
  • أكاديميون أوروبيون: المعجم التاريخيّ للّغة العربية الصادر من الشارقة إنجاز غير مسبوق
  • السفير الصقر يلتقي وفد مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية
  • مشروع لدراسة السياسات اللغوية في الدول العربية
  • بدعم من أحد المواطنين.. افتتاح مشروع "مجمع حي السلام الصحي" بتكلفة 650 ألف ريال
  • ما جنى على العربية إلا أهلها
  • ملامح خطة تحويل قصر العيني إلى مجمع مستشفيات عالمي
  • اليوم.. افتتاح مجمع حي السلام الصحي في السيب
  • المشاركون في صالون الدكتور سعيد العيسائي بالقاهرة يشيدون بالكراسي العلمية للسلطان قابوس بن سعيد