بوابة الفجر:
2025-01-24@00:25:14 GMT

د. صديق عطية يكتب: فوز ترامب.. وأحلام نتنياهو

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

لا شك كانت هناك دوافع عديدة ساهمت في فوز ترامب على هاريس وبفارق يؤكد شعبيته الكاسحة، لعل من أبرز تلك الدوافع العامل الشخصي؛ فبالرغم من كون ترامب واحدًا من أكبر رجال الأعمال إلا أنه يملك خطابا يبدو لجمهوره عفويا، به من التجاوزات التي يقبلها المجتمع الأمريكي، بل يرى في صاحبها نموذج ( الكاو بوي) المنتظر الذي سيعيد لأمريكا مجددًا قوةً بددها الديمقراطيون.

أما العامل الاقتصادي فما زال الأمريكيون يذكرون ما حققه ترامب في ولايته الأولى للاقتصاد الأمريكي، فحسبه صفقاته التجارية 2017 مع دول الخليج التي تجاوزت 460 مليار دولار، أضف إلى ذلك كون المجتمع الأمريكي يشجع الرأس مالية المفرطة، ويضع على رأس أولويات رغباته طموحا اقتصاديا وعَدَهم به ترامب.

حيث كشف إجراءات سيتخذها فور توليه الحكم مجددا، كإنهاء الحرب الأوكرانية، وإقرار السلام في منطقة الشرق الأوسط، وطرد المهاجرين غير الشرعيين... إلخ. ومنها الدافع الأخلاقي، حيث فَقَد الناخبُ الأمريكي ثقته بالديمقراطيين الذين يتشدقون بالعدالة والمساواة وسياستهم الخارجية عنصرية تنتهك حقوق الإنسان،  بل هي مسؤولة عن الأوضاع الكارثية في غزة، فكان رفض المجتمع الأمريكي لما يجري في الشرق الأوسط بمنحًى أخلاقي سببًا في الإعراض عن هاريس – وهي عضو في الإدارة الحالية- إذ نجاحها يعني استمرار الأزمة، بل تفاقمها.


استغل ترامب تلك الأوضاع وأصدر سيلا من وعودٍ؛ إنفاذها يصلح ما أفسده الديمقراطيون في ولاية بايدن...
لكن ابتهاج نتنياهو لفوز ترامب ومبادرته بتهنئة ترامب تدفعنا إلى طرح تساؤلٍ.. يتوقف مصير غزه بل والشرق الأوسط كله على صدق الإجابة عنه.


كتب نتنياهو مهنئًا ترامب تغريدته: "تهانينا على أعظم عودة في التاريخ" فهي ليست مجرد تهنئة يقتضيها بروتوكول رسمي، بل فرحة حقيقية "بعودة" ترامب لاستكمال دعمه لإسرائيل، لذا يرى نتنياهو تلك العودة "تاريخية" لأنه يحلم بتحقُّق حُلم اليهود (التاريخي) في سنوات ترامب الأربعة القادمة.. ألم يصفه نتنياهو في البيت الأبيض بأنه "أفضل صديق لإسرائيل على الإطلاق"؟. ألم يكن إلغاء الاتفاق النووي الإيراني استجابة من ترامب -أثناء ولايته الأولى- لمعارضة إسرائيل للاتفاق؟ ألم يعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل والذي يُعتبر بمثابة حسم الجولة الأولى من الحرب الجارية لصالح إسرائيل؟ من أجل ذلك وصف مايكل أورين سفير إسرائيل بأمريكا ولاية ترامب الأولى "بالنموذجية" لإسرائيل.

فهل حقًا -بعد هذا- سيصدق ترامب في وعوده التي قطعها على نفسه؟ أم كانت مجرد دعايات انتخابية والدفع بما يحصد أصوات الناخبين؟ هل فعلا سينهي -فيما يخصنا- حرب غزه ولبنان؟
إن نتنياهو يرى في فوز ترامب فرصة له للنجاة من التحقيقات التي أمست تطرق باب مكتبه، بل يطمح في استمرار حربه لغزه، وتوسيع الهجوم البري على لبنان، بل وامتداد الحرب إلى سوريا وغيرها من بلدان المنطقة.


لاشك لأحلام نتنياهو ما يبررها ويجعلها مقبولة حقا، فبالرجوع لبضع سنوات مضت، في ولاية ترامب الأولى  سنذكر أن إسرائيل قد أخذت ضوءًا أخضر للتوسع في إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، ثم ألم تضع أمريكا – بواسطه كوشنر صهر ترامب – مخططها لمنطقة الشرق الأوسط والذي عُرِف بصفقة القرن؟
فإذا علمنا أن هذه هي ولاية ترامب الأخيرة، فلا حساب لملاءمات يحافظ عليها لكسب معركة انتخابية أخرى. إذن فليس من المستبعد أن يكون أكثر حدة وفجاجة في إنفاذ صفقة القرن؛ صانعا بذلك جميلًا للمرشحين من بعده، مجنبا إياهم الحرج مع ناخبيهم ومستغلا كون العرب ـ الآن ـ الطرف الضعيف من معادلة القوى، مُمَكِّنًا بذلك إسرائيل من استيطان غزة وضم الضفة الغربية إليها كذلك.


ولا يُسأل ـ بعد ـ عن وعود ترامب؛ ألم تكن الأزمة الدبلوماسية 1917 التي اجتاحت مجلس التعاون الخليجي قد وقعت بعد وعود ترامب بالسلام في الشرق الأوسط ؟ 
- ألم يحتدم الصراع الأمريكي الإيراني 2018، وانتهي إلى إلغاء الاتفاق النووي الدولى مع إيران، وهدد ترامب إيران بإعلان نهايتها الرسمية 
- أضف إلى ما سلف دليلا آخر؛ فبحسب استطلاعات الرأي بعد التصويت الرئاسي الأمريكي قد حصل ترامب على أكثر أصوات الإنجيليين والبروتستانت مقارنة بهاريس، وفي هذا دلالة على توقعهم من ترامب دعما أمريكيا أكبر لإسرائيل في ظل ولايته الثانية والأخيرة.


كانت هذه القراءة تأكيدا على أن المواقف الأمريكية والغربية عموما يرسم أفقها للآتى تاريخهم الدموي في منطقة الشرق الأوسط، لكننا رغم ذلك ليس لنا أن نيأس؛ فلإنْ صدقت هذه القراءة على أسوء تقدير فهو نصف المعادلة لا أكثر، أما نصفها الآخر فهو في أيدينا نحن العرب.. إن موقف مصر والأردن الثابت في قضية تهجير الفلسطينيين ورفض تصفية القضية هو الصخرة التي تحطمت عليها أحلام إسرائيل حتى الآن، وزيادة الدعم في توحيد هذا الموقف -وهو ما نرجوه- من سائر الدول العربية والعالم الحر لاشك سيجهض تلك المخططات التي لا تحترم القانون الدولي ولا الأعراف الإنسانية، فالرفض والوحدة سلاح ليس بالهين في ظل تحولات لميزان القوى العالمي، ولنا أن نستفيد من تلك الهزة ما يحفظ وجودنا ويحقق إرادتنا.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الاقتصاد الامريكي نتنياهو ترامب الحرب الأوكرانية فوز ترامب الشرق الأوسط المجتمع الأمريكي منطقة الشرق الأوسط الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

سخرية وحزن في إسرائيل من وعد نتنياهو بالنصر المطلق في غزة

القدس المحتلةـ غابت "نشوة" النصر المطلق المزعوم، الذي وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طوال فترة الحرب على قطاع غزة، وتصدرت مشاهد الغضب والحزن لدى الإسرائيليين، وذلك مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وهو ما يؤكد الإجماع الإسرائيلي على الفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

وتجلى هذا الإجماع في حجم الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في شمال القطاع، وهو ما يؤكد أن فصائل المقاومة ما زالت تتمتع بمزايا عسكرية ولديها قدرات وترسانة لخوض مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، ويعكس فشل تل أبيب في القضاء على مقدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العسكرية، وكذلك المقدرات السلطوية للحركة في الحكم بغزة.

واستند هذا الإجماع إلى الاعتراف الإسرائيلي بأنه في مناطق شمال القطاع كافة، حيث كانت القوات الإسرائيلية تخوض المعارك مع المقاومة، وتروج القيادات العسكرية أنها نجحت في القضاء على مقاتلي حماس، وكانت قوات حماس تعود للمناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال.

وتتوافق قراءات المحللين والباحثين فيما بينها على أن الإخفاق في تحقيق أهداف الحرب يعكس الفشل السياسي للحكومة، وكذلك الإخفاق العسكري للجيش، وهو الفشل الذي يفتح الباب لمراجعات، وسط وجهات نظر نقدية تسلط الضوء على مسألة الإخفاق العسكري في الحرب والسخرية مما أطلقه نتنياهو "النصر المطلق"، الذي اعتبرته بعض القراءات والتقديرات بـ"الهزيمة".

جيش الاحتلال أخفق في السيطرة على شمال غزة (الجزيرة) خسائر فادحة

وقال الباحث بالشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إن إسرائيل لم تحقق أيا من الأهداف المعلنة للحرب، وذلك على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في قطاع غزة.

إعلان

واستعرض شلحت -في حديث للجزيرة نت- طبيعة الخسائر للأهداف المعلنة، ولعل أبرزها إطلاق سراح "الرهائن" الذي لم يكن ذات أولوية بالمرحلة الأولى، وتحول إلى سلم الأولويات بإنجازه من خلال الترويج لمزيد من الضغط العسكري لتحقيقه، لكن في نهاية المطاف لم يتحرر أحد من "المختطفين" إلا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل.

ولفت الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أن الهدف الأبرز الذي روجت له إسرائيل، طوال فترة الحرب، هو القضاء على حركة حماس عسكريا وسياسيا، قائلا إنه "لربما دمرت إسرائيل جزءا من ترسانة المقاومة، لكنها فشلت في القضاء على مقدراتها العسكرية، خاصة أن مقاتلي حماس وقبيل أسابيع من الاتفاق كبّدوا الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالقوات والمعدات".

جيش الاحتلال لم يستطع القضاء على المقاومة (الجزيرة) غياب الحسم

ويوضح شلحت أن جيش الاحتلال أخفق أيضا في تحقيق الهدف الأساس بألا يشكل قطاع غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل في اليوم التالي للحرب، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يوجد لتل أبيب أي خطة بعد انتهاء الحرب.

ولفت إلى أن ما تطرحه إسرائيل بهذا الصدد يتلخص في عدم الموافقة على أن تكون حماس جزءا من السلطة في القطاع، وهو الطرح الذي يتعارض مع الخطط الإقليمية والدولية كافة، التي ترى حماس جزءا لا يتجزأ من إدارة السلطة والحكم في غزة في اليوم التالي للحرب.

صالح لطفي: المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة (الجزيرة) المظلومية التاريخية

ويرى المحلل السياسي والباحث بالمجتمع الإسرائيلي صالح لطفي أن الإجماع بتل أبيب بعدم تحقيق أهداف الحرب هو نتائج للتركيبة المجتمعية والسياسية والحزبية والدينية في إسرائيل، وهي التركيبة التي أخذت تتبلور بعد الانتفاضة الثانية، إذ كانت بوصلة المجتمع الإسرائيلي بجميع مكوناته التوجه نحو اليمين والفاشية.

إعلان

وعزا لطفي -في حديث للجزيرة نت- الإجماع على عدم تحقيق أهداف الحرب إلى 3 معضلات يعاني منها المجتمع الإسرائيلي، وهي الشك والريبة والهواجس، وكذلك الموروث التاريخي ما قبل قيام إسرائيل، والمتلخص في ظاهرة المظلومية التي ترافقهم في ضوء ما حدث معهم في أوروبا، إضافة للمعضلة الثالثة وهي نكبة الشعب الفلسطيني التي ما زالت تلاحقهم.

ويعتقد الباحث بالمجتمع الإسرائيلي أن معركة طوفان الأقصى كسرت المظلومية التاريخية على مستوى الشعوب والأنظمة على مستوى العالم، إذ بقيت مجموعات صغيرة بالمجتمع الغربي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني ما زالت تتبنى جوهر المظلومية التاريخية للإسرائيليين.

نشاط قوات من لواء "الناحال" في بيت حانون بقطاع غزة (الجزيرة) حالة وجودية

وتعليقا على معاني ودلالات الإجماع الإسرائيلي بعدم تحقيق أهداف الحرب، أوضح لطفي أن ذلك يعود بالأساس إلى حالة الريبة وفقدان المظلومية لدى الإسرائيليين، الذين باتوا يتساءلون "ماذا بعد؟"، وهو السؤال الذي يعكس الحالة الوجودية، وذلك خلافا للفلسطينيين في قطاع غزة الذين فقدوا كل شيء، لكنهم يصرون على العودة لأرضهم ومنازلهم المدمرة، وهي مشاهد ترهب المجتمع الإسرائيلي.

ويعتقد أن هذه المشاهد والمشاعر، التي تحمل في طياتها وجوهرها أبعادا أخلاقية ووجودية، تدلل على تشكل أول حالة انكسار بالمجتمع الإسرائيلي الذي ما عاد قويا، وما عاد قادرا على تحمل مزيد من تداعيات الصراع، كما يظهر أن الحكومة الإسرائيلية ما عادت قوية، إذ أثبتت الأحداث أن إسرائيل تعتمد على الدعم الأميركي والغربي.

وفي قراءة لخسائر إسرائيل من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يشير لطفي إلى أن حكومة نتنياهو قبلت اليوم ما رفضته في خطة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، في مايو/أيار 2024، إذ كانت راهنت على عامل الوقت من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وكسر شوكتها، لكن المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • بعد اتفاق غزة.. صديق ترامب يتولى الملف النووي الإيراني
  • وزير الخارجية الأميركي الجديد يتعهّد خلال مكالمة مع نتنياهو بـ دعمٍ ثابت لـ إسرائيل كأولوية قُصوى للرئيس ترامب
  • إبراهيم النجار يكتب: إسرائيل.. ومرحلة تصفية الحسابات السياسية
  • مصدر مطلع لـCNN: نتنياهو طلب موافقة ترامب على بقاء إسرائيل بمواقع في لبنان
  • غزة تُطيح بكبار قادة إسرائيل.. ما مستقبل نتنياهو؟
  • مبعوث ترامب للشرق الأوسط: جميع دول المنطقة ستلحق بركب التطبيع مع إسرائيل
  • إسرائيل فشلت.. سمير فرج: نتنياهو لم يكن لديه رغبة بوقف إطلاق النار
  • مجلس الشيوخ الأمريكي يصادق على تعيين ماركو روبيو صديق المغرب وزيراً للخارجية
  • داعم قوي لأمن إسرائيل.. من هو ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي الجديد؟
  • سخرية وحزن في إسرائيل من وعد نتنياهو بالنصر المطلق في غزة