مقال بنيويورك تايمز: طوفان الانقلابات ضد القادة الأفارقة لن يتوقف
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
خلال السنوات الأخيرة تحوّل نظام الحكم في دول أفريقية عديدة تمتد من المحيط الأطلسي إلى البحرالأحمر وأصبحت في قبضة حكم العسكر، الذين أطاحوا برؤسائها المنتخبين ديمقراطيا، مثلما حدث في كل من مالي وغينيا وتشاد والسودان وبوركينا فاسو، وانضمت إلى تلك القائمة مؤخرا النيجر، فيما عُطِّلت الانتخابات في بلدان أخرى بالقارة السمراء.
ويرى أليكس دي وال، المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي في جامعة "تافتس"، أن سلسلة الانقلابات تلك مؤشر على أن جزءا كبيرا من القارة، معظمها في منطقة الساحل، حادت عن طريق بناء دول مستقرة.
كما يرى، في مقال له نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تحت عنوان "الطوفان الذي يواجه قادة أفريقيا سيزداد سوءا"، أن الانقلابات تثير سؤالا مقلقا يؤثر على العالم بأسره، هو: كيف يمكن للبلدان الفقيرة التي تفتقر إلى الأمن بناء نظام سياسي ومنح مواطنيها الثقة في أن الحكومة المنتخبة ديمقراطيا تستطيع تلبية احتياجاتهم؟
لماذا تكثر الانقلابات في أفريقيا؟وخلال السنوات القليلة الماضية، تعاملت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، مع كل انقلاب عسكري يقع في منطقة الساحل بصفته أزمة خاصة.
وقد ذهب بعض المراقبين إلى توجيه أصابع الاتهام إلى مؤامرات تحيكها روسيا أو "المنظمات الإرهابية" في المنطقة بصفتها المسؤولة عن تلك الانقلابات. لكن أليكس دي وال يرى في مقاله أن مجموعة فاغنر الروسية و"الجماعات الجهادية" المسلحة بالمنطقة براء من ذلك، فهم مجرد انتهازيين.
ويلاحظ الكاتب قواسم مشتركة بين كل بلدان الساحل الأفريقي التي استولى فيها الجنرالات على الحكم مؤخرا، أبرزها تفشي الفساد الذي أسهم في إضعاف الإدارة المدنية وتقويض مصداقية قادتها السياسيين، في حين تُقدم القوى الأجنبية الدعم للعسكر لتسهيل إقامة قواعد عسكرية لها في البلد والتعاون مع الجيش المحلي لمحاربة الإرهاب والهجرة.
ويرى أن الديمقراطية لا يمكنها الاستمرار مالم تقدم للشعوب نتائج ملموسة. فالناس في أفريقيا، مثل باقي شعوب العالم، يحتاجون إلى وظائف، كما يحتاجون إلى الغذاء والسكن والتعليم الجيد والرعاية الصحية، والسلام والأمن والاستقرار.
كما يريدون أن تتاح لهم الفرصة لتحديد مستقبل بلدانهم دون أن تملي عليهم القوى الأجنبية ما يمكنهم وما لا يمكنهم فعله في بلدهم.
وتتطلع الغالبية العظمى من شعوب دول القارة السمراء إلى أن يحكمها نظام ديمقراطي، لكن تلك الشعوب سرعان ما تصاب بالإحباط عندما يخفق القادة المنتخبون في تحقيق المطلوب منهم وفق المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي، الذي يرى أيضا أن الناس عندما يرحبون بالانقلاب في تلك البلدان فإن ذلك غالبا ما يكون، لأنهم يرون أنه الطريق الممهد لانتخاب حكومة أفضل.
بين فكي كماشة
لا يملك القادة الأفارقة الذين تحملهم أصوات شعوبهم إلى سدة الحكم، مجالا يذكر للمناورة أمام تطلعات تلك الشعوب واحتياجاتها الأساسية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع مستويات الجريمة وانعدام الأمن.
لذلك يقول الكاتب إن القادة الذين يسعون لتقديم وعود ذات مصداقية للناخبين غالبا ما يجدون أنفسهم بين فكي كماشة بعد انتخابهم: إذ يواجهون تحديات كبرى وإمكانات ضعيفة أقل بكثير من المطلوب للتعامل مع تلك التحديات.
وينقل عن ميليس زيناوي، رئيس وزراء إثيوبيا السابق، قوله -واصفا الصعوبات التي واجهها في منصبه- إن إدارة الحكم في بلاده كانت أمرا شبيها بالركض أمام انهيار جليدي.
ويعلق الكاتب بأن زيناوي وإن كان لم ينتخب ديمقراطيا، فإن توصيفه لمأزق القادة الأفارقة يبدو محقا مع مرور الوقت.
ويشير المقال إلى أن التحدي الأكبر الذي يقف حجر عثرة أمام قدرة القادة الأفارقة المنتخبين ديمقراطيا على تقديم إنجازات تعزز مصداقيتهم لدى شعوبهم هو تدهور الاقتصاد.
وهناك عوامل عديدة عمقت الأزمات الاقتصادية في القارة من بينها تفشي وباء كورونا، والغزو الروسي لأوكرانيا، وتغير المناخ الذي تسبب في موجات الجفاف والفيضانات والارتفاع الشديد لدرجات الحرارة التي ضربت الدول الأفريقية خلال السنوات الأخيرة.
كما يشير إلى أن تلك التحديات فاقمها النمو الديمغرافي السريع في أفريقيا. فالنيجر على سبيل المثال تعدُّ أسرع دول العالم نموا من حيث عدد السكان، إذ يبلغ نمو عدد السكان أكثر من 3% سنويا.
في حين يبلغ إجمالي سكان دول الساحل العشرة، حيث تسقط الحكومات مثل أحجار الدومينو بانقلابات عسكرية، نحو 354 مليون نسمة وفق آخر الإحصاءات، ويتوقع أن يزيد عدد سكان العديد من هذه البلدان ضِعفه بحلول عام 2050.
ويلخص المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي مقاله بأن على الأفارقة والولايات المتحدة أن يدركوا جميعا أن أفريقيا لا تستطيع حل الأزمات المتراكمة التي تعصف بمنطقة الساحل وحدها. وأنه لا أحد يملك حلا سحريا لخلق أنظمة حكم قابلة للاستمرار في البلدان الأفريقية، لأن ذلك يعد من أكثر التحديات صعوبة في العالم، ويزداد صعوبة كل عام في عالم متزايد الاحترار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القادة الأفارقة
إقرأ أيضاً:
دفعة جديدة من برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة
دبي: «الخليج»
أعلن مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، التابع للمكتب التنفيذي لصاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، انطلاق الدفعة السابعة من برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة، إحدى البرامج القيادية التابعة لمركز محمد بن راشد لإعداد القادة، والذي يستهدف رفع كفاءة القيادات الوطنية من الصفين الأول والثاني في دبي، وتعزيز مهاراتهم القيادية والتخصصية مما يمكنهم من دعم الخطط التنموية والتطويرية في دبي.
وقد تم اختيار المنتسبين للبرنامج بناءً على معايير دقيقة تعكس أهمية البرنامج في تطوير الكفاءات الوطنية ليكونوا قادة المستقبل، ويسهموا إسهاماً فعالاً في إدارة المشاريع الاستراتيجية والتحولية في دبي، وتحقيق الغايات الاستراتيجية في القطاعات كافة.
سيخضع المنتسبون إلى برنامج تدريبي مكثف مبني على المنظومة القيادية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتجاربه القيادية الفريدة في تمكين المواطنين وتفعيل دورهم في إحداث تأثير إيجابي ومستدام، وتسخيرها لتواكب طموح سموه لمستقبل دبي، كما يستلهم أفكار سموه في كتابه «قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً»، ويتناول مساقات رئيسية مستندة إلى فصول من كتاب سموه.
برنامج تدريبي مكثف
وعقد مركز محمد بن راشد لإعداد القادة ورشة تعريفية للمرشحين قدمت نظرة شاملة عن أهداف برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة، وأهم محاوره وآليات تنفيذه، والتعريف بالمحتوى التدريبي الذي يعتمد على أحدث أساليب القيادة والإدارة، إضافة إلى تسليط الضوء على المهارات القيادية التي سيتم تطويرها لدى المنتسبين للبرنامج، كما تُعد هذه الورشة فرصة لتبادل الأفكار وبناء شبكة علاقات قوية بين المشاركين لدعمهم في تحقيق أهدافهم القيادية.
خبرات عملية
وأكد محمد القرقاوي رئيس المكتب التنفيذي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، أن برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة والذي تم تصميمه لرفع قدرات المسؤولين من الصفين الأول والثاني، يجسد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في الاستثمار بالكفاءات الوطنية وصقلها واستكمال إعداد أجيال من القادة القادرين على مواكبة متطلبات المستقبل ومواصلة مسيرة التنمية الشاملة وتعزيز مكانة الدولة على الساحة الدولية.
وقال: «نؤمن بأن القيادة الفعالة لا تقتصر على المعرفة الأكاديمية فحسب، بل تحتاج إلى خبرات عملية تُمكّن القادة من التعامل مع التحديات المختلفة في جميع القطاعات وتحويلها إلى فرص نجاح، وهو ما يحققه مركز محمد بن راشد لإعداد القادة عبر برامجه المختلفة، ومساقاته التدريبية المتكاملة التي تم تصميمها بالاستفادة من الخبرات الوطنية السابقة وبالتعاون مع خبراء وشركاء استراتيجيين عالميين».
وأشار إلى أن برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة خرّج منذ إطلاقه في عام 2017 العديد من القادة الذين أثبتوا كفاءتهم وأسهموا في تطوير العمل الحكومي والمؤسسي وقيادة مشاريع تحولية في مختلف القطاعات الحيوية، داعياً معاليه المنتسبين للبرنامج إلى الاستفادة القصوى من الفرص التدريبية المتاحة لهم لتطوير مهاراتهم وإثراء معارفهم وتعزيز قدراتهم على تقديم مساهمات فعالة لمؤسساتهم والمجتمع بشكل عام.
رحلات تدريبية
ويستمر برنامج محمد بن راشد لإعداد القادة على مدار 9 أشهر من خلال التدريب العملي المباشر للكوادر القيادية من مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة وشبه الحكومية ورواد الأعمال، حيث يحاكي البرنامج في مساقاته المتقدمة أحدث التوجهات العالمية في تخصص تأهيل وإعداد قيادات متميزة.
ويعتمد البرنامج على العديد من العناصر منها المساقات التخصصية والقيادية، وتنظيم جلسات قيادية للمنتسبين مع صناع القرار بهدف التعلم من تجاربهم القيادية، والمساهمة في خلق قيادات وعقول مبتكرة قادرة على مواجهة التحديات، والمشاركة في الحراك التنموي المتواصل والشامل عبر رسم خطط وسياسات واستراتيجيات ووضع آليات للتنفيذ وترجمتها على أرض الواقع.
كما ينظم البرنامج لمنتسبيه رحلات دولية تدريبية في علوم القيادة، والتي توفر لهم فرصة ثمينة لتطوير مهاراتهم والتفاعل مع خبراء وقادة آخرين، إضافة إلى تبادل المعرفة والخبرات وتطوير مهارات التواصل والتفاعل مع أشخاص من خلفيات وثقافات مختلفة، كما تتيح هذه الرحلات للقادة فرصة التعرف على نماذج قيادية ناجحة وتطبيق أساليبها ونهجها في أعمالهم.
وخلال محطات البرنامج، يتم تكليف المنتسبين بتطوير مشاريع تحولية تتواءم مع خطط واحتياجات دبي وعرضها على قيادات عليا في مختلف القطاعات، سعياً من البرنامج إلى تحويل التحديات إلى فرص وإحداث تأثير إيجابي ومستدام في القطاعات التي ينتمي إليها منتسبو البرنامج.
تطوير 8 مهارات قيادية
ويستهدف البرنامج تطوير 8 مهارات قيادية أساسية لدى المنتسبين وهي الاستشراف الاستراتيجي، والمواطنة العالمية، والتفكير الريادي، والشغف والالتزام، وخلق القيمة، والتنوّع والمشاركة، والاهتمام بالإنسان أولاً، وتنمية المرونة والفضول، وهي الركائز الرئيسية التي تقوم عليها منظومة محمد بن راشد للقيادة.
كما تم تصميم البرنامج لتلبية احتياجات القادة المستقبليين وتعزيز مهاراتهم في مجالات متعددة، مثل التفكير الاستراتيجي، وابتكار حلول مبتكرة، والتعامل بمرونة في بيئة متغيرة باستمرار، والتفاوض واتخاذ القرارات، ومهارات بناء فريق العمل، إضافة إلى تمكين المنتسبين من مهارات الاستشراف الاستراتيجي والقيادة الإبداعية المتقدمة اللازمة لاستشراف الاتجاهات المستقبلية، ودفع الابتكار، وتحقيق الأهداف الطموحة من خلال استراتيجيات قابلة للتنفيذ تسهم في تعزيز نمو إمارة دبي ونجاحها المستدام.
إعداد قادة الغد
خرج مركز محمد بن راشد لإعداد القادة، الذي احتفل في شهر سبتمبر الماضي بمرور 20 عاماً على تأسيسه، أكثر من 850 شخصية قيادية إماراتية في مختلف القطاعات والتخصصات تسهم على نحو فعال في الارتقاء بالمسيرة التنموية للدولة وتحقيق أهدافها المستقبلية، حيث كان من الخريجين 7 وزراء، و10 وكلاء وزارات، و17 من مديري العموم، و89 من المديرين التنفيذيين والنواب.
كما قدم المركز منذ تأسيسه دورات تدريبية قيادية لمنتسبي برامجه بالتعاون مع ما يزيد على 300 خبير قيادي محلي ودولي وأكثر من 55 جامعة عالمية وشركة استشارية قيادية.