طاهر المصري يكتب : في جوار المحرقة البشرية؛ ماذا علينا أن نفعل في الأردن؟
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
#سواليف
في جوار #المحرقة_البشرية؛ ماذا علينا أن نفعل في #الأردن؟
كتب .. #طاهر_المصري**
أكتب هذه الكلمات وأنا اتابع انتحار حضارة العالم في #غزة، الذي كنا نظن أنه (متحضر): انتحار القانون الدولي، وميثاق حقوق الانسان ،الذي أقره المنتصرون بعد #الحرب_العالمية_الثانية، ومؤسسات المجتمع المدني.
مقالات ذات صلة روائح واخزة تنبعث من أماكن الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت 2024/11/09الأحداث والوقائع تزداد تعقيداً، في منطقتنا، ومعها يتواصل القتل والإبادة البشرية وتخريب العمران، وكل إمكانيات العيش البشري، في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان؛ كما ترتفع وتيرة امتداد هذه الحرب الهمجية إلى مساحات أخرى من منطقتنا، ومن دون أن يكون هناك أية بارقة أمل في وقفها، أو إنهاء المقتلة المتواصلة منذ أكثر من عام طويل مرشّح للامتداد!
لا تتوقف حدود تأثير هذه الحرب المدمرة عند ساحتها الملتهبة والمشتعلة فقط، بل تمتد مفاعيلها المتوقعة إلى كل جوارها القريب والبعيد، وأول هذا الجوار القريب هو بلادنا الأردنية.
لم أتوقف يوما، خلال العقود الماضية، عن التأكيد بأن القضية الفلسطينية هي قضية داخلية أردنية، بمفاعيلها ومخرجاتها ومصائرها، أيا كانت، وهو ما يجعل التطورات الخطيرة التي تشهدها هذه القضية اليوم تدخل في صلب المصالح الوطنية الأردنية ومستقبلها، بما يعني اختلاف مكانة ومصلحة الوطن الأردني الجيواستراتيجية، فيما يخص القضية الفلسطينية، عن غيرها من بقية الأقطار العربية الأخرى، وبالتالي اختلاف طبيعة ونوعية المخاطر التي تهددنا عن غيرنا؛ ولا أدل على ذلك أكثر من التصريحات الفجة والعدوانية لغلاة الصهاينة الذين يستلمون الحكم الآن في دولة العدوان الإسرائيلي، تلك التصريحات التي تتواصل صباح مساء، وأحيانا من دون مناسبة!
مؤخراً، ومع تزايد حالات الانفجار والقهر الفردي الأردني، عَبرَ الحدود مع فلسطين المحتلة، أخذت الحكومة الإسرائيلية قرارا بتشكيل فرقة عسكرية، لنشرها على طول الحدود الأردنية مع فلسطين المحتلة، بما فيها غور الأردن الفلسطيني، وجنوب البحر الميت، وهو ما يعني تنفيذاً عمليا للخطة المبيّتة منذ سنوات، بإعادة احتلال أراضي منطقة الأغوار الفلسطينية؛ وهو ما يعني أيضا الضرب عرض الحائط بالاتفاقيات الثنائية الموقعة، التي تضمنتها اتفاقية وادي عربة عام 1994.
أصحاب القرار يدركون كل تلك المتغيرات والمخاطر. غير أن ما هو غير واضح، ويشكل مصدر قلق للمواطن الاردني، هو سؤال: ماذا علينا ان نفعل؟ تحسبا لتلك المخاطر، التي أصبحت تطرق أبوابنا بعنف شديد. وفي الوقت ذاته، تتصاعد أصوات داخلية بالدعوة إلى تجنيب الأردن وتحييده عن كل ما يحدث في الإقليم! متناسين ان النجاة الفردية غير ممكنة في زمن احتراق الإقليم وانفجاره! ولعل ما هو مؤسف هي محاولات شيطنة ردود الفعل الشعبية، أو المعارضة السياسية، التي تدعو إلى الاستعداد وتحصين الوطن الأردني من مخاطر الأطماع الصهيونية، التي يسمعها ويراها المواطن الأردني من قادة العدو كلّ يوم. فماذا عسى هذا المواطن، المنتمي لوطنه وأمته، أن يفعل سوى الاعتراض على تلك التصريحات، والدعوة للتصدي الفعلي لتلك المخاطر؟
من جانب آخر، تتزايد مستويات التواطؤ والشراكة، الأمريكية والغربية، مع المطامع الصهيونية المتزايدة، سواء بالصمت أو بالمواقف الباهتة، حول ما تقوم به حكومة العدوان الهمجية، وآخرها حظر عمل وكالة الأونروا الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإلغاء الاتفاقية الموقعة مع الأمم المتحدة بشأنها منذ العام 1967 وهذا خطير خطير! بل ويدخل في صلب تغيير الواقع الاجتماعي العملي العنيف لدوائر الشتات الفلسطيني، بما يتضمنه عمل الأونروا من رعاية تعليمية وصحية واجتماعية، هذا فضلاً عن تأثير ذلك على مكانة ومصير ملايين اللاجئين الفلسطينيين في دوائر شتاتهم المختلفة، بما في ذلك بلادنا الأردنية، التي ستتأثر بلا شك، وعلى نحو مباشر، بهذا التغيير الاستراتيجي؛ وهو برأيي ما يفرض علينا التعامل مع تلك الدول انطلاقا من مصالحنا الراهنة والاستراتيجية، وخصوصا مع الدول الغربية التي تدعي حرصها على المصالح الأردنية، والتي وصلنا مع بعضها إلى اتفاقيات دفاع استراتيجي. إذ لا يعقل أن يكون هذا الحليف حليفا لنا، وحليفا استراتيجيا، في الوقت نفسه، للطرف الذي يهدد مصيرنا ووجودنا ومصالحنا الاستراتيجية! وإنني على قناعة بأن الأردن يستطيع ذلك، وله في في هذا السياق تجارب سابقة طويلة منذ العام .1948
هذه لحظة بالغة الخطورة على الإقليم كله، وأوهام النجاة القُطرية، من مفاعيل ومخاطر ما يحدث بالصمت أو بالتسويف عن مواجهة تلك المخاطر بجدية، لن تنجي أحداً. فهذا إقليم وصلت درجة سيولة تغيير خرائطه الاستراتيجية إلى حدودها القصوى، وفيها لا يقيم الأقوياء اعتباراً لغير مصالحهم وأطماعهم المباشرة، وهو ما نراه اليوم من حروب إبادة همجية وحشية، لم تقم اعتبارا لا لقوانين أو قيم أو معاهدات دولية أو إنسانية؛
إنني أدعو إلى مراجعة شاملة في سياساتنا الداخلية والخارجية، وإلى ممارسات فعلية لتمتين جبهتنا الداخلية، ( وأن تكون تلك الممارسات فعلية لتمتين جبهتنا الداخلية وأولها إدخال كل القوى الاجتماعية والسياسية الحريصة على مصالح الوطن حتى لو اختلفنا معها على تفاصيل وسياسات جزئي، فهؤلاء أبناء الوطن، وحريصون على مصالحه؛ وكذلك الكفّ عن شيطنة المعارضين لسياسات الحكومات، وصناعة هوامش وقواسم مشتركة جديدة، أساسها الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه، إزاء ما يتهدده من مخاطر وجودية، وعماد كل ذلك هو قواتنا المسلحة وجيشنا العربي وقيادتنا، التي لا يختلف فيها أو عليها أحد من #الأردنيين. كما أدعو إلى مواجهة ومراجعات صريحة وحقيقية مع الحلفاء، قبل غيرهم، برؤيتنا للمخاطر التي تتهددنا، كما نراها نحن، وعدم الركون إلى التطمينات الفارغة، التي تملأ بها السياسة الخارجية الأمريكية الفضاء السياسي والإعلامي لمراحل #المذبحة و #المحرقة_البشرية المتواصلة في بلادنا منذ أكثر من عام!
**الكاتب طاهر المصري – سياسي مخضرم ورئيس وزراء الأردن سابقًا
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الأردن طاهر المصري غزة الحرب العالمية الثانية الأردنيين المذبحة وهو ما
إقرأ أيضاً:
الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء: علينا أن نصدِّر للعالم أن الاسلام الصحيح مصدرأمن واستقرار
قال الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: هناك اتفاق بين علماء السياسة والتاريخ على أن القرن التاسع عشر هو قرن بريطانيا العظمى، كما كان هناك اتفاق أيضًا بين علماء التاريخ والسياسة على أن القرن العشرين هو قرن الولايات المتحدة، أما القران الحادي والعشرين فهناك عدة مدارس تصنِّفه، حيث ترى مدرسة منها أن هذا القرن سيكون لأمريكا أيضًا، بينما هناك مدرسة أخرى تقول إنه للتنين الصيني، فيما ترى مدارس أخرى أن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإسلام.
وأضاف، خلال كلمته في ختام أعمال الجلسة الختامية من الندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء المصرية التي انعقدت بمناسبة اليوم العالمي للإفتاء: يجب أن أشير إلى موسوعة مهمة صدرت في أوائل هذا القرن، وهي موسوعة عن الإسلام والعالم الإسلامي، وبها ما يقرب من 500 مقال عن الإسلام والمسلمين، حيث أشار إلى الفقرة الأولى من هذه الموسوعة الضخمة التي تقول إن هناك عددًا متزايدًا من العلماء والمفكرين أعلنوا أن القرن الحادي والعشرين سيكون عصر الإسلام، موضحًا أن هذا المعنى قد يكون إيجابيًّا وقد يحمل في طياته ظلالًا سلبية.
وتابع: هذا المعنى الأخير هو ما أشارت إليه هذه الموسوعة، واصطفاها الكاتب المحرر لها مما يقرب من 500 كاتب، موضحًا أن هذه الفقرة تشير إلى كيف يرانا الآخر، قائلًا: إن الآخر يرانا مصدر قلق، فهم قلقون من الإسلام، كما يرى الآخر أنه لا يوجد إسلام واحد، بل هناك عدَّة نسخ من الإسلام، وهذا ما أكده الكاتب في مقدمة الموسوعة حول وجود العديد من التفسيرات للإسلام، مثل: الإسلام الوهابي والإسلام الشيعي والإسلام الحداثي.
كما لفت الدكتور إبراهيم نجم النظر إلى أنَّ كاتب الموسوعة أكَّد أيضًا أنَّ القرن هو قرن الإسلام؛ نظرًا لما يمثله الإسلام من مصدر قلق للعالم، مشيرًا إلى أن عكس القلق هو الأمن، ومن ثَمَّ على عاتقنا جميعًا -خاصة العلماء والمفتين- أن نصدِّر الإسلام الصحيح الذى هو مصدر أمن واستقرار للإنسانية جمعاء.
وفي ختام كلمته أكد الدكتور نجم أنَّ الإسلام علَّمنا التفاؤل في أحلك الظروف، وأن هناك نقطة ضوء، قائلًا: "وهنا لا أتكلم كلامًا وعظيًّا، ولكن أتكلم عن مشروع فكري يمثِّل نقطة ضوء للعالم، حتى نصدِّر للعالم أن الإسلام مصدر أمن واستقرار، ونقطة الضوء هنا هي "مصر الأزهر" إذا أردنا أن نصدِّر إسلامًا صحيحًا، ونحن نعلم أنه لا توجد نسخ أو إصدارات أخرى من الإسلام الصحيح، وهذا ما تعلَّمناه ودرسناه في الأزهر الشريف.
وأكد أن العالم كله محتاج إلى هذه البارقة، ومن ثَمَّ علينا أن نصدر هذه النسخة من الإسلام الصحيح؛ النسخة التي تجمع بين الفهم الدقيق للنصوص الشرعية؛ وفهم الواقع وإيجاد علوم الآلة لتنزيل النص الشرعي على الواقع المتغير، مشددًا على أن هذه صناعة لا نجدها إلا في الأزهر الشريف.
وأردف: لا يجب أن أتحدث عن دار الإفتاء المصرية دون أن أتحدث عن الأزهر الشريف، كما لا يجب أن أتحدث عن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم دون التحدث عن دار الإفتاء المصرية، مشيرًا إلى أن اليوم يوافق السادس عشر من ديسمبر 2024، وأمس كنا قد احتفلنا بمرور 9 سنوات على إنشاء الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، واليوم دخلت الأمانة العامة عامَها العاشر، فالحمد لله على هذا الفضل والكرم.
وفي الختام، استعرض الدكتور نجم بعض إنجازات الأمانة العامة خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها جمعها العلماء والمفتين على طاولة واحدة، باعتبارها المنصة الوحيدة التي جمعت المفتين في كيان واحد في بلد الأزهر الشريف "مصر"، مشيرًا إلى أنَّ مصر هي البلد المؤهلة لقيادة هذه القاطرة في هذا الوقت العصيب من تاريخ الأمة الإسلامية، قائلًا: "كلنا أمل في فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، في قيادة مستقبل باهر للأمانة العامة ولدار الإفتاء، وقيادة هذه القاطرة إلى بر الأمان، وأن نصدر تحت قيادته أمنًا واستقرارًا للعالم.