الشارقة - الرؤية

"تبقى القصص وسيلة لإلغاء المسافات بين الطفل وجذوره، خاصة لمن يعيشون بعيداً عن أوطانهم"... عبارة أجمعت عليها المتحدثات في جلسة "جذور وأجنحة: زرع الهوية من خلال كتب الأطفال"، التي نظمتها "مجموعة كلمات"، خلال فعاليات الدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يستمر حتى 17 نوفمبر المقبل في مركز إكسبو الشارقة، وتحدثت خلالها الكاتبتان المتخصصتان في أدب الطفل ميثاء الخياط، ولينا أبو سمحة، وأدارتها الكاتبة سامية عايش.

 

اللغة أساس الهوية

وأوضحت ميثاء الخياط، أن شغفها باللغة العربية بدأ منذ تفاعلها مع أطفالها، حيث أدركت قلة الكتب التي تعكس الهوية الإماراتية بعمق. وأشارت إلى أن الشعور بالمسؤولية الثقافية دفعها لتقديم قصص تعبِّر عن التراث الإماراتي بأسلوب بسيط ومحبب للأطفال، مثل قصتها "أحب لحية أبي الطويلة" و"حين يشتري الجمل اللقيمات".

وحول دور اللغة في الهوية الثقافية لدى الأطفال، أوضحت ميثاء أن اللغة العربية هي أساس الهوية الوطنية، فهي تسهم في تشكيل شخصية الطفل وغرس القيم الإماراتية الأصيلة مثل الكرم، الضيافة، والعادات والتقاليد، وجميعها تبرز في قصصها بشكل يحاكي عالم الطفل واهتماماته.

 

القصص آلة زمنية للأطفال

وأضافت ميثاء الخياط أن القصص تمثل أداة فعالة لنقل عناصر التراث القديم إلى الأطفال بطريقة مرحة وجذابة، حيث تعد القصص أشبه بآلة زمنية تعيدهم إلى الماضي بعيداً عن الدراسة التقليدية التي تقتصر على سرد أسماء الأدوات والملابس والمأكولات التراثية، والتي أصبحت بعيدة عن حياتنا اليومية بفعل التطور.

كما أكدت الخياط على أهمية الرسومات في تعزيز قيمة التراث في القصص، مستشهدة بقصتها "أصطاد فطوري" التي استلهمتها من تجربة مع ابنها، حيث تضمنت رسومات توضح عناصر التراث بشكل دقيق، ما يتيح للأطفال التعرف عليها.

 

الحكايات والملابس والعادات تروي قصص الأوطان

بدورها، تحدثت الكاتبة لينا أبو سمحة عن تجربتها مع الكتابة للأطفال، مشيرة إلى أن كتابها "غرزة غرزة تروى الحكاية" يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعنوان الجلسة، وعلاقتها بتعزيز اتصال الأجيال الجديدة بتراثهم. وأوضحت أنها كابنة لأب وأم فلسطينيين، نشأت وهي تتعرف على وطنها فلسطين من خلال الحكايات، والزخارف المطرزة على الملابس التقليدية.

وحول بداياتها في الكتابة لهذا الغرض، أوضحت لينا أنها بدأت الكتابة للأطفال لإجابة تساؤلاتهم، ولكن كتابها الأخير جاء كمحاولة للإجابة عن تساؤلاتها الخاصة حول التراث الفلسطيني، خاصة في ظل محاولات محوه من الذاكرة. وأشارت إلى أن القصة تروي حكاية التطريز الفلسطيني ورموزه، إلى جانب الأغاني الشعبية ودلالاتها، مما يتيح للأطفال التعرف على جذورهم الثقافية بطريقة شيقة وملهمة.

 

أهمية توثيق التاريخ في قصص الأطفال

وأوضحت لينا أنها تسعى من خلال كتاباتها إلى خدمة التاريخ إلى جانب التراث، حيث تحمل قصصها للأطفال رسائل بسيطة عن حياة الفلسطينيين في الماضي وارتباطهم بأرضهم وزراعتهم وعاداتهم. وبيّنت أن تعزيز الهوية يبدأ من العائلة ويمتد إلى المدرسة والمجتمع، وصولاً إلى العالم الافتراضي الواسع، مما يشكّل دوائر متداخلة تؤثر في تكوين الهوية لدى الأطفال.

ومن وحي تخصصها في الكتابة للأطفال ذوي الإعاقة، أوضحت أبو سمحة أنها تعمل على تكريس كتاباتها لتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وغرس فكرة أنهم ليسوا فقط بحاجة لدعم الآخرين، بل هم قادرون على العطاء وتحمل المسؤولية، مهما كانت إعاقتهم، مما يجعلهم أفراداً فاعلين ومسؤولين مثل أقرانهم من الأصحاء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جناح صندوق الوطن يعزز دور الهوية واللغة العربية لدى الشباب

أبوظبي (وام)

أخبار ذات صلة علي بن تميم: الثقافة الكاريبية أنموذج نادر للتعدد والانفتاح «مؤسسة بحر الثقافة» تفتتح برنامجها الثقافي معرض أبوظبي الدولي للكتاب تابع التغطية كاملة

انطلقت، أمس، فعاليات جناح صندوق الوطن المشارك في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، وسط حضور لافت من الشباب والمثقفين ورواد المعرض، وذلك برعاية كريمة من معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن، تحت شعار «هوية وطنية دائمة ومستدامة». 
ويركز الجناح هذا العام على إبراز مكانة وأهمية اللغة العربية باعتبارها أحد أهم عناصر الهوية الوطنية، والتي بدورها تشكل الركيزة الأساسية في عمل الصندوق، لبناء مستقبل قائم على الانتماء والاعتزاز بالقيم الإماراتية الأصيلة، في ظل احتفاء الإمارات بـ «عام المجتمع».
وينظم صندوق الوطن عدداً كبيراً من الأنشطة والبرامج على مدى 10 أيام، والتي تتنوع بين الفعاليات الثقافية والمعرفية وورش العمل الموجهة للناشئة والشباب والمبدعين، إضافة إلى منصات الحوار المفتوح التي تستعرض تجارب إماراتية ملهمة تسهم في ترسيخ ثقافة الهوية الوطنية لدى الجميع.
وشهدت جلسة «الشباب والهوية الوطنية» مشاركة قادة مجالس الشباب على مستوى الإمارات، حيث قدمت رؤية شبابية ملهمة حول دور الهوية الوطنية في تحفيز الشباب على استثمار إمكاناتهم في بناء مستقبل ريادي للإمارات، كما تخللت فعاليات الجناح ورش عمل في الخط العربي والتراث الإماراتي، إلى جانب حلقات نقاشية.
تعميق الوعي  
وأكد ياسر القرقاوي، مدير عام صندوق الوطن، أن مشاركة الصندوق في المعرض تمثل فرصة لعرض جهوده ومبادراته أمام جمهور متنوع من القادة والمفكرين والشباب، مشدداً على أهمية الثقافة والمعرفة في بناء الإنسان والمجتمع.
ولفت إلى أن هذه المشاركة تركز على تعميق الوعي باللغة العربية كأداة لتعزيز الهوية الإماراتية، وتسليط الضوء على عناصر الهوية المرتبطة بالتراث، والقيم المجتمعية، والانتماء للوطن والولاء للقيادة، من خلال عشرات الفعاليات والجلسات اليومية. وأشار القرقاوي إلى أن توجيهات معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس إدارة صندوق الوطن، تركز على ضرورة تحويل الهوية الوطنية إلى ممارسة يومية من خلال الاعتزاز بالوطن، واحترام رموزه، والإسهام الإيجابي في نهضته، مؤكداً أن مشاركة الصندوق في هذا الحدث الثقافي والمعرفي البارز تُعد إحدى المحطات المهمة لتحقيق هذه الرؤية.
الشباب والهوية الوطنية 
ونظم جناح صندوق الوطن، المشارك في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، جلسة حوارية مميزة تحت عنوان «الشباب والهوية الوطنية»، أدارها الإعلامي راشد البلوشي، وشهدت مشاركة نخبة من المتحدثين الشباب الذين استعرضوا تجاربهم وأفكارهم حول تعزيز الهوية الوطنية في مختلف المجالات.
وناقش ناصر الهرموزي في المحور الأول من الجلسة «القراءة كجسر للهوية والانتماء»، والدور الجوهري للقراءة في ترسيخ مفاهيم الهوية الوطنية لدى الشباب. أما علياء حسن الشامسي فتناولت موضوعاً يتعلق بأهمية أن يقتحم الشباب الإماراتي التخصصات العلمية النادرة، مؤكدة على ضرورة تشجيع الشباب على خوض غمار تخصصات جديدة ومهمة. أما غالية المنصوري فتناولت موضوع «الفنون التراثية كوسيلة معاصرة لتعزيز الانتماء للوطن»، مستعرضة تجربة «استوديو كناز» في تحويل الفنون التقليدية إلى منتجات حديثة تحمل طابعاً إماراتياً مميزاً.
وأكدت المنصوري أن دمج الشباب في هذا المجال الإبداعي يسهم في غرس الشعور بالانتماء، ويعزز الصلة بين الماضي والحاضر بطريقة معاصرة قريبة من وجدان الجيل الجديد. كما شهدت الجلسة، نقاشاً مهماً حول ريادة الأعمال، فتحدث أحمد التميمي عن «ريادة الأعمال كمنصة لتجسيد الهوية الوطنية»، مشيراً إلى أن العديد من مشاريع الشباب تنطلق من مبادئ الهوية والقيم الإماراتية الأصيلة.
الدفعة الأولى
كما استعرض عمران بن شيخان الدور الذي يلعبه الشباب في إنجاح الفعاليات الوطنية الكبرى، معتبراً أن مشاركتهم الأنشطة في هذه الفعاليات تعزز قيم الولاء والانتماء وتمنحهم الفرصة لإبراز هويتهم أمام العالم. وشدد المشاركون على ضرورة استمرار هذه اللقاءات التي تضع الشباب في قلب مشاريع بناء المستقبل وصون الهوية الوطنية.
ويشهد جناح صندوق الوطن تخريج الدفعة الأولى في برنامج كأس التخيل للإبداع التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، برعاية وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وبمشاركة أكثر من 1500 طالب وطالبة من مختلف إمارات الدولة. ويكرم صندوق الوطن 450 من المتميزين من خريجي البرنامج الذي تم إنجازه بالتعاون مع مايكروسوفت العالمية، وينتظر طلبة المدارس والجامعات عشرات الأنشطة وورش عمل وفرص لدعم وتمكين أبناء الإمارات في شتى مجالات الهُوِيَّة والوطنية.

مقالات مشابهة

  • قبيلة بني الخياط في المحويت تعلن النكف القبلي في مواجهة العدو الأمريكي
  • الحكيم: الانتخابات تنقل العراق إلى الاستقرار المستدام
  • في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025.. أسامة المسلم: القصص فسحة حياة ولا خوف من الذكاء الاصطناعي
  • جناح صندوق الوطن يعزز دور الهوية واللغة العربية لدى الشباب
  • سيف بن زايد: رئيس الدولة يتلقى الشكر من روسيا لدعمه حماية الأطفال
  • أدباء وباحثون: أدب الطفل يبني الهوية ويزرع القيم الإنسانية في الأجيال
  • الهُوية الرقمية للأطفال والناشئة منصة «عين للطفل»
  • التراث الفلسطيني: ملتزمون بالدفاع عن الهوية الوطنية
  • خبيران في "أدب الطفل": الكتابة للأطفال تستلزم جذب الانتباه بالصور والحبكة والأسلوب
  • دراسة تحذر .. معاجين الأسنان تحتوي على خطر للأطفال والكبار