«رولان بارت».. القارئ والنص
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
قدم لنا الفيلسوف والناقد الفرنسي رولان بارت (1915م – 1980م) مُؤلَّفًا تحت عنوان "From work to text" بالعربية "من العمل إلى النص"، كشف خلاله عن الطابع البنائي، حيث يُعدُ الانتقال من مفهوم العمل إلى مفهوم النص الحلقة التي تتحول فيها بعض إسهامات البنيوية إلى ما بعد البنيوية، حيث يمكن بلورة نوع من التقابل بين "العمل" و "النص".
كما يصبح الفرق بينهما هو أقرب إلى الفرق بين الدال والمدلول، ولئن كان النص يمثل عملية استبدال من نصوص أخري، أي عملية "تناص"، حيث تتقاطع في فضائه آراء مختلفة مأخوذة من نصوص أخري، فإن بارت يعلق على هذا التحديد للنص مشيرًا إلى أن نظرية النص هي قبل كل شيء نقد مباشر لأية لغة واصفة، أي أنها مراجعة لعملية الخطاب. ومع ذلك فكما يتضح النص عن طريق تحديه، فكذلك يتضح عن طريق المجاز.
عزيزي القارئ إن النص يترك للقارئ المبادرة التأويلية، وهو القارئ المتخصص القادر على فهم النص، وفهم النص معناه القدرة على وضع المادة التي يتناولها أثناء القراءة في مكانها من منظومة المفاهيم التي تنظم هذا السياق، كما أن النص هو المكان الذي يتكون فيه فاعله، ويعمل على تحويل الأزمنة الفعلية، لكي يبني عالم الشيء وعالم الذات، وفي قلبه يستقر القارئ والمؤلف.
إلا أنه يؤكد قارئ المقالات على الفاعلية المتبادلة بين النصوص، وعدم انغلاق النص على نفسه، وانفتاحه على غيره من النصوص، تأسيسًا لقول بارت أن "كل نص يتضمن وفرة من نصوص مغياره، يتمثلها ويحلوها بقدر ما يتحول، ويتحدد بها على مستويات متعددة"، وهو قارئ قادر علي إنشاء المعني عبر ما يقيمه من علاقات جدلية بين مجمل مقتضيات النص. كما يمكننا حصر أنوع القراء فيما يلي: القارئ الكافي أو الوافي، الذي يسعي إلى تحقيق كمالته دون الاستسلام لسلطة النص، أو الوقوع في أسره، بالإضافة إلى القارئ المتخصص، والمبدع، والخبير، والنقاد، والفعلي أو الواقعي، والمجرد أو الضمني، والنموذجي والمتوهم أو المزعوم أو الافتراضي. ولا نجانب الصواب إذا قلنا إن قراءة القارئ للنص هي قراءة لهويته هو: حيث يضم القارئ خيوط هويته فينسجها خلال استجابته للعناصر التي يتكون منها النص.
وفي الختام نصل إلى وصف بارت للقارئ النموذجي بأنه الشخص الذي يرغب في أن يكون كاتبًا، ويذهب إلى أبعد من ذلك فيقرر أنه بمجرد أن تتم طباعة النص، يفقد الكاتب أو المؤلف جميع حقوقه فيه، فلا يعود هو صاحب ذلك النص أو مالكه، ولا يتمتع إزاءه بأية حقوق للملكية الفكرية، وبذلك يكون القارئ أو الناقد، الحرية في أن يفعل بالنص ما شاء، وأن يخضعه لمختلف الطريق والمناهج للكشف عما يسميه بارت تعدد النظم التي يحتويها النص، وإدراك الإمكانات اللامحدودة لإعادة كتابة هذا النص نفسه بشكل جديد.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
بحضور وزير الأوقاف.. انطلاق مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم
انطلقت اليوم فعاليات مسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني من مسجد السلام بمحافظة بورسعيد، وذلك بحضور الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، واللواء محب حبشي محافظ بورسعيد، ولفيف من القيادات الدينية والتنفيذية.
بدأت الفعالية بتلاوة قرآنية بصوت القارئ الشيخ محمد الطاروطي، الذي أضفى أجواء روحانية على الحضور، كما شهدت الفعالية خطبة الجمعة التي ألقاها الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، حيث تحدث عن فضل القرآن الكريم وأثره في بناء القيم والأخلاق، مؤكدًا على دور أهل القرآن في نشر رسالة التسامح والسلام.
وتقام المسابقة برعاية رئيس مجلس الوزراء، وبدعم اللواء محب حبشي، محافظ بورسعيد، وإشراف الإعلامي عادل مصيلحي، المشرف العام والمدير التنفيذي للمسابقة، حيث يشارك فيها متسابقون من مختلف الدول، وسط اهتمام واسع من المؤسسات الدينية والمحلية.
تحمل المسابقة في دورتها الثامنة أسم القارئ الشيخ محمد صديق المنشاوي رحمه الله.