يعيش لبنان في حرب حقيقة منذ 8 تشرين الأول 2023، وتصاعدت وتيرتها مع توسع الاعتداءات الإسرائيلية لتشمل مناطق متعددة سواء في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت او البقاع، وفي أيلول الماضي تدهورت الأوضاع بشكل دراماتيكي مع قصف واستهداف القرى والمباني السكنية ما أدى إلى نزوح أكثر من مليون ونصف لبناني عن مناطقهم ولجوئهم إلى مراكز إيواء او استئجار شقق في مناطق أكثر أمناً.


 
العديد من اللبنانين خسروا ممتلكاتهم وأرزاقهم وغادروا منازلهم من دون ان يأخذوا حى ملابسهم وتدمرت آلاف الوحدات السكنية، ولكن القسم الأكبر منهم حرص على نقل أمواله ومجوهراته التي كانت مخزنة في المنازل عقب الأزمة المالية والمصرفية التي ضربت لبنان منذ عام 2019.
 
ومع موجة النزوح الكبيرة يتم الحديث حاليا عن ظاهرة استئجار خزائن حديدية أو Safe boxes في المصارف حيث يتم تأجيرها للعملاء لحفظ مقتنياتهم لكي تكون بأمان أكثر من المنازل المعرّضة للقصف أو للدمار أو من ان تبقى مع النازحين في أماكن تواجدهم.  
 
علماً ان هذه الخزائن هي عبارة عن صناديق مرقمة لكل منها مفتاحان واحد للمصرف وواحد للعميل ولا يحق للمصرف أن يستخدم المفتاح الذي لديه إلا في حالات الضرورة القصوى، وتتمتع بدرجة سرية عالية. فما صحة هذه الظاهرة وكيف يُمكن ان تُساهم في إنعاش القطاع المصرفي؟
 
يقول الخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الاقتصاد الدكتور محمد فحيلي إنه "من وجهة النظر الاقتصادية سواء أكانت ملايين الدولارات موجودة في الخزنات الحديدية في المنازل او في المصارف فان تأثيرها واحد فهي تُعتبر سيولة خارج الاقتصاد ولا تنفع في تمويل أي حركة تجارية".
 
وتابع فحيلي  في حديث لـ "لبنان 24": "النازحون تركوا منازلهم بطريقة مأسوية ولطالما حُكي في السنوات الأخيرة عن تخزين للأموال داخل خزائن حديدية في البيوت ولكن عندما يتم وضع الذهب والأموال الكاش في المصرف هناك ضمانات أكثر، علما انه في النظام اللبناني من الصعب شراء تأمين على الموجودات داخل الصندوق الحديدي في المصارف لأن العميل في المصرف ليس مُجبرا على التصريح عنها كما ان شركات التأمين لن تتدخل في هذه المسألة".
 
واعتبر انه "بشكل عام الصندوق الحديدي داخل مكان مؤمن حيث هناك إجراءات حراسة وحماية من قبل المصرف أضمن وأكثر أمنا من ان يتم وضعه داخل منزل خصوصا إذا كان يقع في منطقة غير آمنة أو معرّضة للقصف، ففي هذه الحالة من الأفضل وضع هذه الموجودات في المصارف ولكن في حال كان اللبناني يعيش في منطقة آمنة نسبيا ستكون أمواله الموجودة في الخزنة الحديدية في منزله بمأمن اكثر من أن تكون في مكان آخر، ولكن كما ذكرت سابقا الأموال الموجودة في الخزائن الحديدية سواء في المنازل أو في المصارف لا تؤثر في تحريك القطاع المصرفي".
 
ويُشير فحيلي إلى ان "عودة الانتظام إلى القطاع المالي تتطلب جهودا من المصارف التجارية التي نجحت لاسيما في السنوات القليلة الماضية في إعادة تكوين السيولة لديها من خلال أولا قدرتها على تأمين علاقة جيدة مع المصارف المُراسلة، وثانيا من خلال قدرتها على استثمار السيولة المتوفرة لديها بالعملة الأجنبية لدى المصارف غير المُقيمة وتحصيل ايرادات مرتفعة بسبب الفائدة المرتفعة على الدولار وبالتالي استطاعت ان تقوم بإعادة هيكلة داخلية من خلال التخفيف من المصاريف التشغيلية من خلال الخروج من بعض الأسواق التي لم تكن مربحة، وأدى ذلك إلى تعزيز رأسمالها في لبنان وسيولتها، ولكن بسبب عدم توفر الحلول وعدم إمكانية الإقراض في السوق اللبناني اختارت هذه المصارف ان تستخدم السيولة لديها كايداعات لدى مصارف غير مُقيمة واستطاعت ان تقوم بإعادة تكوين للسيولة لديها".
 
وقال: "هذه المصارف التي يبلغ عددها ما بين 7 إلى 10 يجب ان تعود إلى لبنان وان تخدم الاقتصاد اللبناني وهذا هو الحل الوحيد الذي فيه منفعة للقطاع المصرفي وللاقتصاد اللبناني على حد سواء".
 
وشدد فحيلي على ان "هذا ما نحتاج إليه اليوم فالحرب لن تستمر إلى ما لا نهاية وعندما تنتهي سيكون هناك حقبة إعادة إعمار وإطلاق عجلة النمو الاقتصادي ومن المُعيب ان تكون المصارف اللبنانية غائبة عن هذا الواقع".
 
وأضاف: "أنا على ثقة تامة من ان هناك مصارف أجنبية تشعر بوجود فرصة ذهبية لإعادة إعمار لبنان وستسعى لاستثمارها بأسرع وقت ممكن، وهناك احتمال عند تبيان أي بوادر للحلول ان تدق هذه المصارف الأجنبية باب مصرف لبنان للحصول على ترخيص او ان تدخل السوق من خلال مصارف مُقيمة وان تبدأ من خلالها بتعزيز موقعها في السوق المحلي ما سيخلق تداعيات ايجابية على الوضع الحالي".
 
ولفت فحيلي إلى انه "حاليا مصرف لبنان يتخذ خطوات لتأمين السيولة للمواطنين اللبنانيين ولكن للأسف هذه السيولة لا يتم استثمارها في الاقتصاد بقدر ما تذهب للتخزين لأن الظروف لا تسمح حاليا لا للاستثمار ولا للإنفاق الترفيهي، كما ان المبالغ الصغيرة لن تنفع أصحاب المؤسسات بل تنفع بعض الأفراد الذين خسروا دخلهم جراء الحرب".
 
وشدد فحيلي على ان "إعادة الإعمار وتحريك الاقتصاد يحتاجان لقروض خصوصا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وهذه الخطوة تأتي عبر المصارف وليس عبر العمل المصرفي "في الظل"، أي غير القانوني والذي لا يخضع لأي رقابة من قبل السطات المختصة أي مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف".  
 
أخيرا لا بد من الإشارة إلى ان المصارف تعتمد اجراءات صارمة لناحية الامتثال لكل المعايير بخصوص استئجار safe boxes حتى لمن لديه حسابات داخل المصرف.
 
مع الإشارة إلى ان مصرف لبنان أصدر قبل سنوات تعميما طلب فيه من المصارف توخي الدقة بشأن الصناديق safe boxes فقد كان العميل سابقا يستطيع أن يسجل برقم بدل الإسم كمستأجر للصندوق ولهذا قام المصرف المركزي بإصدار تعميم يتشدد فيه إزاء هذا الموضوع وبوجوب وجود شفافية كاملة لمعرفة العميل الذي استأجر الـ safe box.

المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی المصارف مصرف لبنان من خلال إلى ان

إقرأ أيضاً:

الرئيس اللبناني: السعودية وجهة أولى لتعزيز العلاقات الثنائية

بيروت - أكد الرئيس اللبناني، جوزيف عون، أن اختيار السعودية كوجهة أولى لزيارته الخارجية لعلاقتها التاريخية، معربًا عن أمله في تصويب العلاقات وإزالة العوائق لبناء شراكة اقتصادية وسياسية قوية، مؤكدا أن السعودية أضحت منصة للسلام العالمي.

وصرح عون لصحيفة "الشرق الأوسط" أن العلاقات بين لبنان والسعودية تعود إلى أيام الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، مشيرًا إلى العلاقة الأدبية بين الملك المؤسس والأديب اللبناني أمين الريحاني، والتي تم الاحتفاء بذكراها المئوية في الرياض، لافتا إلى العلاقة التاريخية بين السعودية والبطريركية المارونية، وأن هذه الروابط هي الأساس لاختيار السعودية كوجهة أولى، وفق وكالة سبوتنيك الروسية.

وأعرب الرئيس اللبناني عن أمله في أن تسهم الزيارة في تعزيز العلاقات بين البلدين، خاصة مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لإزالة العقبات التي ظهرت في الفترة الماضية، مضيفا أن الهدف هو بناء علاقات اقتصادية وسياسية قوية، وإعادة السعوديين إلى لبنان الذي يعتبرونه "بلدهم الثاني"، وإتاحة الفرصة للبنانيين للعودة إلى السعودية.

كما أكد عون أن الزيارة تأتي أيضًا لتقديم الشكر لولي العهد على دعمه خلال فترة الشغور الرئاسي في لبنان، والتي استمرت من سنتين إلى ثلاث سنوات، مشيدًا بدور المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا، والسفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، والأمير يزيد بن فرحان في إنهاء هذه الأزمة.

وأشار الرئيس اللبناني إلى أنه طلب من وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، قبل انتخابه بأسبوعين، تلبية احتياجات الجيش اللبناني، معربًا عن ثقته في الاستجابة لهذا الطلب، وأضاف أنه سيطلب خلال الزيارة إعادة تفعيل المساعدات العسكرية السعودية للجيش اللبناني.

ويتوقع عون أن يستفيد لبنان من النهضة الاقتصادية الواسعة التي تشهدها السعودية، مؤكدًا أن لبنان يمكن أن يكون جزءًا من "رؤية السعودية 2030". ودعا إلى تشكيل لجان ثنائية لمتابعة القضايا المشتركة في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياحية والتجارية والمالية.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس النواب اللبناني: إسرائيل أقامت منطقة محتلة جديدة على الحدود الجنوبية للبلاد
  • الجديد: أغلب المصارف حاليا تسري فيها روح جديدة وتتنافس في تقديم الخدمات
  • الرئيس اللبناني: زيارتي للسعودية فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية وتقدير دور المملكة في دعم لبنان
  • الرئيس اللبناني يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارجية
  • الرئيس اللبناني يزور المملكة في أول جولة خارجية منذ انتخابه
  • الرئيس اللبناني يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارج البلاد منذ انتخابه  
  • مطار تركي للطائرات الخاصة استخدم لتهريب 2.5 مليون دولار الى لبنان
  • الرئيس اللبناني: السعودية وجهة أولى لتعزيز العلاقات الثنائية
  • مصرف أمريكي يودع 81 تريليون دولار في حساب عميل بالخطأ
  • المشهد اللبناني: بين الاستقرار والكباش السياسي!