فرانسيس فوكوياما: هذا ما يعنيه الانتصار الكبير لترامب
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
من شأن الانتصار الساحق الذي حققه دونالد ترامب والحزب الجمهوري أن يؤدي إلى تغييرات كبرى في مجالات سياسية مهمة، من الهجرة إلى أوكرانيا، لكن أهميته تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، لأنها تمثل رفضا حاسما من قبل الناخبين الأميركيين لليبرالية والطريقة الخاصة التي تطور بها فهم "المجتمع الحر" منذ ثمانينيات القرن العشرين.
بهذه المقدمة افتتح المفكر الأميركي ذو الأصل الياباني فرانسيس فوكوياما مقالا في صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، قال فيه إن ترامب عندما انتُخِب لأول مرة عام 2016، كان من السهل الاعتقاد بأن هذا الحدث شاذ، لأنه ترشح ضد خصم ضعيف لم يأخذه على محمل الجد، وفي كل الأحوال لم يفز بالتصويت الشعبي، ثم فاز الرئيس جو بايدن بعد أربع سنوات، فبدا وكأن الأمور عادت إلى طبيعتها بعد فترة رئاسية كارثية استمرت فترة واحدة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيل يتساءل: متى سترد إيران؟ وكيف؟list 2 of 2صحف عالمية: إقالة غالانت تمنح نتنياهو حرية أكبر بإدارة حروب إسرائيلend of listلكن بعد تصويت يوم الثلاثاء، يبدو الآن أن رئاسة بايدن هي "الحالة الشاذة"، وأن ترامب يدشن حقبة جديدة في السياسة الأميركية وربما العالمية، لأن الأميركيين صوتوا وهم على علم تام بمن هو ترامب وبما يمثله.
مرحلة جديدة
واستعاد الجمهوريون مجلس الشيوخ ومتمسكون بمجلس النواب، وهم بالتالي بهيمنتهم الحالية على المحكمة العليا أيضا، يحتفظون بجميع مؤسسات الحكم الرئيسية.
وتعليقا على الطبيعة الأساسية لهذه المرحلة الجديدة من التاريخ الأميركي، أبدى فوكوياما رأيه في الليبرالية الكلاسيكية التي يعتبرها عقيدة مبنية على احترام الكرامة المتساوية للأفراد من خلال حكم القانون الذي يحمي حقوقهم، وقدرة الدولة على التدخل في هذه الحقوق، وقال إنها تعرضت لتشويهين كبيرين في العقود الأخيرة.
التشويه الأول كان صعود "الليبرالية الجديدة"، التي تقدس الأسواق وتقلل من قدرة الحكومات على حماية المتضررين من التغيير الاقتصادي.
والتشويه الثاني صعود سياسات الهوية أو ما قد يطلق عليه "الليبرالية المستيقظة"، واستخدام سلطة الدولة بشكل متزايد، ليس في خدمة العدالة، بل لتعزيز نتائج اجتماعية محددة لمجموعات خاصة.
تهديدوقد أدى صعود هذه المفاهيم المشوهة لليبرالية -حسب فوكوياما- إلى تحول كبير في الأساس الاجتماعي للسلطة السياسية، مما أشعر الطبقة العاملة أن الأحزاب السياسية اليسارية لم تعد تدافع عن مصالحها، وبدأت في التصويت لأحزاب اليمين، وبالتالي انتصر الجمهوريون بأصوات الناخبين من الطبقة العاملة البيضاء.
وأشار فوكوياما إلى أن ترامب لا يريد فقط دحر الليبرالية الجديدة والليبرالية المستيقظة، بل إنه يشكل تهديدا على الليبرالية الكلاسيكية نفسها في عدد من القضايا، بالتالي لن تكون رئاسته الجديدة شبيهة بولايته الأولى، والسؤال الحقيقي الآن ليس عن خبث نواياه، بل عن قدرته على تنفيذ ما يهدد به بالفعل.
ومن الخطأ -حسب الكاتب- عدم أخذ العديد من الناخبين خطاب ترامب على محمل الجد، وكذلك زعم الجمهوريين أن الضوابط والتوازنات في النظام الأميركي ستمنعه من القيام بأسوأ ما لديه، لأن ترامب حمائي معلن، وقد اقترح فرض تعريفات جمركية عالية على جميع السلع المنتجة في الخارج، مما سيخلف آثارا سلبية على التضخم والإنتاجية والعمالة، ويؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد، ويوفر الفرصة لمستويات عالية من الفساد والمحسوبية، ويستدعي ردودا انتقامية هائلة من جانب بلدان أخرى.
انتقاموفيما يتصل بالهجرة، لم يعد ترامب يريد إغلاق الحدود، بل ترحيل أكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين، مما سيخلف آثارا مدمرة على عدد من الصناعات التي تعتمد على العمالة المهاجرة، كما أنه سوف يشكل تحديا هائلا من الناحية الأخلاقية.
وفيما يتعلق بسيادة القانون، ركز ترامب خلال هذه الحملة بشكل فردي على السعي للانتقام من الظلم الذي يعتقد أنه عانى منه على أيدي منتقديه.
وقد تعهد باستخدام نظام العدالة لملاحقة الجميع من ليز تشيني وجو بايدن إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق مارك ميلي وباراك أوباما، كما يريد إسكات وسائل الإعلام من خلال سحب تراخيصها أو فرض عقوبات عليها.
السياسة الخارجيةيؤكد فوكوياما أن بعض التغييرات الأكثر أهمية ستتم في السياسة الخارجية وفي طبيعة النظام الدولي، وستكون أوكرانيا الخاسر الأكبر على الإطلاق، لأن ترامب يمكن أن يجبرها على التسوية بشروط روسيا من خلال حجب الأسلحة، كما فعل مجلس النواب الجمهوري لمدة ستة أشهر في الشتاء الماضي.
بحسب فوكوياما يرجح أن يدعم ترامب حروب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الفرنسية)وهدد ترامب بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي (ناتو) وحتى لو لم يفعل، فإنه يمكن أن يضعف الحلف بشكل خطير من خلال عدم متابعة ضمان الدفاع المتبادل للمادة 5.
إذ لا يوجد أبطال أوروبيون يمكنهم أن يحلوا محل أميركا في زعامة الحلف، وبالتالي فإن قدرته المستقبلية على الوقوف في وجه روسيا والصين موضع شك كبير. خاصة أن فوز ترامب سوف يلهم شعبويين أوروبيين آخرين مثل حزب "بديل لأجل ألمانيا" و"التجمع الوطني" في فرنسا.
وليس حلفاء وأصدقاء الولايات المتحدة في شرق آسيا في وضع أفضل -حسب فوكوياما، لأن ترامب رغم حديثه بقوة عن الصين، معجب بشكل كبير بشي جين بينغ القوي.
الشرق الأوسط الاستثناءوقد يكون على استعداد لإبرام صفقة معه بشأن تايوان، ولكن الشرق الأوسط قد يكون الاستثناء الوحيد، حيث يرجح أن يدعم ترامب حروب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قطاع غزة ولبنان وإيران.
وخلص فوكوياما إلى أنه سيتم تفسير اتساع النصر الجمهوري، الممتد من الرئاسة إلى مجلس الشيوخ وربما إلى مجلس النواب أيضا، على أنه تفويض سياسي قوي يؤكد هذه الأفكار ويسمح لترامب بالتصرف كما يحلو له، والأمل في بقاء بعض الحواجز المؤسسية في مكانها عندما يتولى منصبه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات أن ترامب من خلال
إقرأ أيضاً:
ترامب يعيّن محامية مقربة منه وزيرة للعدل
أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أنه عيّن محاميته السابقة المقربة منه بام بوندي وزيرة للعدل، وذلك بعد انسحاب مرشحه مات غيتس الذي أثير حوله جدل كبير، بما في ذلك داخل المعسكر الجمهوري.
وبعد ساعات من انسحاب غيتس الذي يُشتبه في إقامته علاقة غير شرعية مع فتاة قاصر، كتب ترامب عبر منصته "تروث سوشيال"، في وقت متأخر من مساء أمس الخميس، "يشرفني أن أعلن أن المدعية العامة السابقة لفلوريدا بام بوندي ستكون وزيرة العدل المقبلة"، مضيفا "لفترة طويلة، استُخدِمت وزارة العدل أداة ضدي وضد جمهوريين آخرين، لكن ليس بعد الآن".
وأضاف أنها ستعيد تركيز وزارة العدل على وظيفتها الأساسية، وهي مكافحة الجريمة، وجعل أميركا آمنة مجددا، وفق تعبيره.
وبعد أن تركت منصب المدعية العامة لفلوريدا عام 2019، كانت بام بوندي جزءا من الفريق القانوني لترامب أثناء محاكمة عزله في مجلس الشيوخ، وانضمت بعد ذلك إلى فريق المحامين، الذين قادوا الطعن القانوني لترامب ضد انتخاب جو بايدن رئيسا.
وتدين المرشحة لتولي وزارة العدل بالولاء لدونالد ترامب، وكانت ضمن مجموعة من الجمهوريين ساندته خلال محاكمته في نيويورك في قضية تزوير السجلات التجارية، والتستر على مدفوعات مالية سرية لممثلة أفلام إباحية تدعى ستورمي دانيلز، والتي أفضت لإدانته بـ34 تهمة جنائية، كما أنها عبّرت عن مواقف منددة بالملاحقات القضائية التي استهدفته.
وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن بام بوندي من الوجوه المعروفة ضمن الدائرة المحيطة بالرئيس المنتخب، وترأست "معهد أميركا أولا للسياسات"، وهو مركز بحثي تأسس خلال إدارة دونالد ترامب السابقة. وتوقع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن يقر مجلس الشيوخ تعيينها بسرعة.
في السياق نفسه، قالت صحيفة وول ستريت جورنال، أمس الخميس، نقلا عن مصادر مطلعة أن الرئيس الأميركي المنتخب يدرس تكليف كيفن وارش بوزارة الخزانة مع إمكانية توليه قيادة مجلس الاحتياطي الاتحادي لاحقا.
وأضافت الصحيفة أن ترامب ناقش التعيين المحتمل مع وارش، وهو مصرفي سابق عمل في مجلس الاحتياطي الاتحادي، خلال اجتماعه به في منتجعه مار الاجو بولاية فلوريدا يوم الأربعاء.