الحرب في السودان: كيف يمكن للمجتمع المدني سد فجوة غياب الدولة؟
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
بروفيسور حسن بشير محمد نور
يلعب المجتمع المدني السوداني دورًا حيويًا في التعامل مع تداعيات الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وخاصة في ظل التفكك الواضح للدولة وغياب آليات الحماية الحكومية، إذ من الواضح ان السودان في حالة لا دولة مهما عملت حكومة الأمر الواقع فهي في دوامة وسط رمال حارقة متحركة. من أبرز جوانب هذا الدور ما يلي:
1.
تقوم منظمات المجتمع المدني بتوثيق الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون من جرائم الحرب وعنف جنسي وتهجير قسري وغيرها، ما يساعد في توفير أدلة للضغط على المجتمع الدولي ولإعداد ملفات لمحاكمات مستقبلية. يمكن للمجتمع المدني العمل على إصدار تقارير توثيقية دورية حول هذه الانتهاكات، وتقديمها لمنظمات حقوق الإنسان الدولية كالأمم المتحدة ومنظمات العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش". وغيرها من المنظمات المختصة.
2. تقديم الدعم النفسي والمساعدات الإنسانية
تعمل المنظمات الشبابية والنسوية والمهنية على تقديم الدعم النفسي للضحايا وخاصة النساء والأطفال الذين تأثروا بالعنف والنزوح. بالإضافة إلى ذلك، يساهم المجتمع المدني في توفير المساعدات الإنسانية مثل الغذاء والمأوى في المناطق التي يصعب الوصول إليها. والان تلعب لجان المقاومة دورا مهما في هذا الشأن عبر لجان الطواريء والخدمات.
3. التوعية وبناء السلام المجتمعي والتصدي لخطاب الكراهية.
تساهم منظمات المجتمع المدني في حملات التوعية بهدف تخفيف التوترات القبلية والنزاعات المحلية وخطاب الكراهية، التي يمكن أن تزيد من تفاقم الصراع وتحوله لحرب اهلية قاصمة للظهر، خاصة مع غياب مؤسسات الدولة. بذلك تعمل هذه الكيانات علي تعزيز التعايش السلمي من خلال برامج الحوار المجتمعي وتدريب القيادات الشبابية والمجتمعية، وتنظيم فعاليات ثقافية ورياضية تجمع الناس من مختلف المكونات العرقية والاجتماعية. ويمكن للمجتمعات المحلية بمختلف اشكالها لعب دورا مهما عبر الادارات الاهلية والطرق الصوفية ومجالس الصلح الاهلي.
4. المناصرة والضغط الدولي
يستطيع المجتمع المدني استخدام أدوات المناصرة لنقل صورة واضحة للمجتمع الدولي حول حجم الانتهاكات، من خلال تنظيم لقاءات عبر الإنترنت مع منظمات دولية، والمشاركة في جلسات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والتواصل مع الحكومات الأجنبية لإبقاء ملف السودان ضمن أولوياتها الساخنة.
5. ملء الفراغ الحكومي وتقديم خدمات مجتمعية
في ظل غياب الحكومة، يمكن للمجتمع المدني المساهمة في تقديم بعض الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليمية بشكل مؤقت. كما يمكن للمجتمع المدني التواصل مع منظمات دولية معنية بتوفير هذه الخدمات للحصول على دعم مالي ولوجستي يساعدهم في ملء هذا الفراغ. وهنا يمكن للمؤسسات الاكاديمية والجامعات ومراكزالبحوث الاطلاع بدور فعال، اذا تبنت نهجا موضوعيا خارج التقييد الاداري لعملها، خاصة من حيث ارتباطها بالتمويل الداخلي الذي يقيد حركتها كمؤسسات وومبادرة منتسبيها علي حد سواء.
6. التواصل مع المجتمع الدولي
المجتمع المدني يمكنه ايضا إنشاء شبكة تواصل قوية مع الجهات الدولية والاقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، ودول الترويكا، والمجموعات الاقليمية، والأمم المتحدة. هذه الشبكات تساهم في تأمين دعم سياسي وإنساني للسودان، والتأكيد على أن المعاناة المستمرة تحتل اهتمامًا دوليًا حيويا ومستمرا.
توجد العديد من المنظمات الشبابية والنسوية والمهنية ومكونات المجتمعات المحلية التي يمكن ان تطلع بذلك الدور، منها بالاضافة للجان المقاومة وازرعها، منظمات نسوية مثل نساء من أجل التغيير مثلا، التي تركز على قضايا المرأة ودعمها في مواجهة العنف الجنسي وتحقيق حقوقها. اضافة لتجمع المهنيين السودانيين عبر اللجان المهنية التي تلعب دورًا بارزًا في المناصرة والضغط، وقد ساهم في قيادة الحراك السلمي خلال ثورة ديسمبر 2018 المجيدة، رغم حاجته لتضميد جراحه واعادة وحدته وتماسكه. رغم ذلك هناك إجسام مهنية فاعلة مثل المحامين بمختلف مكوناتهم ونقابات الصحفيين والاطباء التي تقوم بدور فعال في الرصد والمتابعة والمناصرة والدعم بمختلف اشكاله.
يضاف لذلك منظمات المجتمع المحلي كما أشرنا سابقا التي تلعب دورًا مهما في تعزيز السلم المجتمعي وتقديم الدعم الإنساني والخدمات الأساسية في مناطق النزاع. هذا بالطبع يسهم في سد الفراغ الحكومي وعدم قدرة الأحزاب السياسية علي العمل بشكل فعال بسبب التضييق الخطير علي نشاطها من مختلف اطراف الحرب.
بهذا نجد ان المجتمع المدني السوداني يمثل أداة فعالة يمكنها المساهمة في توثيق وحماية حقوق الإنسان وتحقيق السلام والأمن الاجتماعي، لكنه يحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي لتعزيز إمكانياته وضمان أن تصل رسالته للعالم.
mnhassanb8@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المجتمع المدنی
إقرأ أيضاً:
نقابة الأطباء تحقق في اتهام طبيبة بالتشهير بالمرضى والإساءة للمجتمع والمهنة
أعلنت النقابة العامة للأطباء، تلقيها شكاوى ضد طبيبة أمراض نساء وتوليد، تتهمها بنشر فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قامت خلالها بالتشهير بالمرضى، والحديث بألفاظ لا تليق، تمثل اعتداءً على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري.
الأطباء: لم نتخذ قرارًا نهائيًا حول وجود شبهة الإهمال الطبي بوفاة طفل التجمع نقيب الأطباء يتابع واقعة التعدي على الطاقم الطبي بمستشفى الشيخ زايدوأكدت النقابة العامة للأطباء، أنها أحالت الشكاوى المقدمة ضد الطبيبة، إلى لجنة آداب المهنة للتحقيق فيها، مشددة على استنكارها لأي أفعال فردية، من شأنها الإساءة للمريض والمهنة معا.
وتؤكد النقابة على أنها تواجه أي مخالفات لأعضائها في حال ثبوتها بكل حسم، وأن أي طبيب يخرج عن قواعد ولائحة آداب المهنة والأصول الطبية المستقر عليها والمعمول بها، يتم إحالته للتحقيق وللهيئة التأديبية؛ لتحديد العقوبة المستحقة عليه، والتي قد تصل إلى الشطب من جدول نقابة الأطباء ما يترتب عليه منعه من ممارسة مهنة الطب.
وشددت النقابة، على أن لائحة آداب المهنة، تؤكد ضرورة أن يكون الطبيب قدوة حسنة في المجتمع بالالتزام بالمبادئ والمثل العليا، أميناً على حقوق المواطنين في الحصول على الرعاية الصحية الواجبة، منزهاً عن الاستغلال بجميع صوره لمرضاه أو زملائه أو تلاميذه، وأن يراعى الأمانة والدقة في جميع تصرفاته وأن يلتزم السلوك القويم وأن يحافظ على كرامته وكرامة المهنة مما يشينها وفقاً لما ورد في قسم الأطباء وفى لائحة آداب المهنة.