رغم عداء الحكم الوطني الأول تكررت دعوات الحزب لتوحيد الصف (4 – 15)
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
عرضنا في المقال الأول الهدف الأساسي من هذه المقالات وهو أن ترتقي كل القوى المدنية لمواجهة التحدي المصيري الذي يواجه بلادنا. وأكدنا ان وحدة تلك القوى هي الخطوة الأولى والصحيحة لإنجاز ذلك. كما ذكرنا ان تاريخ الحزب الشيوعي حافل بتجارب العمل الجبهوي، والتي كانت تنجز في أصعب الأوقات، وتحت ظلال كثيفة من الصراعات والاختلافات.
شهدت فترة الحكومة الوطنية الاولي صراعا ضاريا وخلافات حادة بدأت بقضية التحرير والتعمير، ايهما أولا. ثم ظهرت دعوات صدور قوانين لقمع الشيوعيين والنقابات. بل تجرأ وزير الارشاد السوداني الاتصال بالحكومة الإنجليزية لمساعدة السودان في محاربة الشيوعية واسقاط قيادة اتحاد العمال الشيوعية. وواكب ذلك تشريد اعداد كبيرة من العاملين. هناك كثير من المواد ولكني اقدم نموذجا فقط.
كتب الشفيع احمد الشيخ في عدد الطليعة رقم 95 بتاريخ 8 سبتمبر 1954:
" الآن في عهد الحكم الوطني نسمع بان هناك اتجاها لسن تشريعات جديدة، غرضه الأول هو تحطيم هذه الحريات التي نلناها بنضالنا ولإيقاف نشاط جميع النقابات. ان الشواهد كثيرة على وجود هذا الاتجاه فبالأمس القريب أصدر وزير الشئون الاجتماعية بيانا مليئا بالمهاترات يدعى فيه عدم الاعتراف باتحاد العمال ويهدد بالتدخل عن طريق القانون لتغيير الاتحاد. وجنبا الى جنب تجري محاولات مريضة لخلق اتحاد آخر تقف على رأسه كل العناصر الخائنة التي لفظها العمال.
كتبت جرائد الحزب الوطني الاتحادي وأكدت اتجاه المسئولين لإصدار تلك التشريعات الجديدة المعادية للحريات، وتوجت جميع هذه المظاهر بتفتيش سكرتير اتحاد العمال بغرض سجنه تحت ستار اثارة الكراهية ضد حكومة السودان أو حتى ضد حكومة مصر أو إنجلترا. لقد كانت هذه الرغبة في سجني تمثل رغبة منحطة هدفها الأول هو تحطيم اتحاد العمال"
وكتب ثانية في عدد الطليعة رقم 96 بتاريخ 15 سبتمبر 1954:
" اليوم نضيف دليلا آخرا على لسن مصدر مسؤول رواه لجريدتي السودان الجديد والرأي العام عندما سألاه عن اتجاه الحكومة في حل النقابات فأجابهما المصدر (بانه ليس لديهم تفكير في حل النقابات، ولكن لديهم تفكير في تنظيفها). ان هذا التصريح يؤكد تأكيدا قاطعا عزم الحكومة في حل النقابات ونحن نريد ان نسأل ما معني (تنظيف النقابات) وما هي الوساخة التي تريد الحكومة ازالتها؟
أصدرت الجبهة المعادية للاستعمار بيانا، رغم العداء الصارخ، بعنوان " حقيقة الموقف الكامل للجبهة المعادية للاستعمار من الاحداث الجارية" نشر بالميدان العدد 126 بتاريخ 14 نوفمبر 1955:
" ليس لدي الجبهة موقف يختلف الآن في جوهره عن موقفها قبل اسقاط الحكومة في المكان الأول رأب الانقسام في صفوف السودانيين وتوحيدهم حول المبادئ الأساسية التي أشرنا لها وعلى رأسها ابعاد الحاكم العام فورا".
ودعت الجبهة في 17 نوفمبر 1955: " اننا نري المخرج الوحيد في تشكيل حكومة قومية ليست الصفة اللازمة لها ان تكون من أحزاب مختلفة لتحقيق ائتلاف شكلي، بل الصفة اللازمة لها في المكان الأول ان تتشكل حول برنامج معادي للاستعمار تسنده رقابة منظمة وحركة جماهيرية نشطة خارج البرلمان."
كما أصدر الحزب الشيوعي بيانا بتاريخ 15 يونيو 1956 بيانا بعنوان: " اين يقودنا الصراع بين السياسة والقداسة" جاء فيه:
" ان الحالة المؤسفة التي وصلت اليها البلاد الآن من جراء الانقسام الراهن بين القوي الوطنية تدعونا الى مخاطبتكم بضمير مخلص مؤملين أن تجد مخاطبتنا لكم تجاوبا وتفهما واستعدادا طيبا يساعد على خلق الظروف الملائمة لتخفيف حدة التوتر القائمة الآن وإيجاد نقاط اتفاق مشترك تدفع بعوامل الانقسام الي الخلف مما يساعد بجدوره على بناء وحدة وطنية تحمي الوطن وتعزز استقلاله. اننا ننظر بعين القلق الى المصير المظلم الذي يمكن ان تصل اليه بلادنا العزيزة إذا ما قدر لحالة الانقسام الراهنة ان تستمر "
وتكررت نفس الدعوة بتاريخ 22 يوليو 1956 ببيان من الحزب الشيوعي بعنوان " الوضع السياسي الراهن":
" منذ العهد الوزاري الأول للحزب الوطني الاتحادي نادى حزبنا بوجوب تشكيل حكومة للوحدة القومية تضم كافة الأحزاب ومن ضمنها الجبهة المعادية للاستعمار وكتلة العمال والمزارعين من اجل استكمال الخطوات اللازمة آنذاك لاستقلال البلاد ودعم هذا الاستقلال فيما بعد ل تكن مناورة حزبية، بل كنا وما زلنا مؤمنين بأن طبيعة المهام التاريخية التي تواجه شعبنا تتطلب مثل هذه الوحدة."
في 12 نوفمبر 1956 وجهت الجبهة المعادية للاستعمار مذكرة فيها دعوة للأحزاب لعمل مشترك لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر، جاء فيها:
" في مثل هذه الظروف الحرجة نرى لزاما علينا ان نتوجه اليكم بالحديث قصد التشاور لأنه من الأهمية بمكان ان تتم وحدة كبيرة في بلادنا في هذه اللحظات. لقد فوجئ شعبنا بالاعتداء الاجرامي الشنيع الذي ارتكبته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، ومهما تكن خلافاتنا السياسية فنحن نري انه من الواجب على كل حزب مسؤول يشعر بالتبعات الملقاة عليه من قبل مؤيديه ومن الشعب باسره ان يصل الي نتائج واضحة وحاسمة إزاء ما يجري في مصر، ومن هذه النتائج تصوغ احزابنا سياستها ومواقفها."
هذه البيانات تؤكد ضرورة النظر للقضايا القومية الكبرى بنظرة وروح تبتعد عن التعامل برد الفعل للخلافات والعداوات.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الحزب الشیوعی اتحاد العمال
إقرأ أيضاً:
هل هو تعليم أو إيلام؟!
سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
أن يعود طفلك الذي يدرس بالصف الأول الابتدائي إلى المنزل وهو يرتجف من الخوف والقلق والذعر، أمر ليس مرغوبًا، وأن يعامل على أنَّه في سن الـ14 عاما أمر غريب جدا، وبينما تُرسل أطفالك إلى المدارس الحكومية التي أنشأت لكي تخدم المواطنين، تتفاجأ بالمعاملة السيئة التي تحدث من قبل بعض المُعلِّمات؛ الأمر الذي يجعل الأطفال يشعرون بعدم الراحة وعدم القدرة على التعامل مع هذه المواقف.
هذا أمر ينعكس سلبًا على المستوى الدراسي للطفل، بما يُشكِّل خطورة على مستقبله وتكوين شخصيته الاجتماعية؛ فكل منّا لا ينسى الصف الأول بالتحديد، ولكل منَّا ذكرياته التي لم ولن ينساها ولربما صقلنا من خلال أول سنة دراسية، وفيها أصبحنا محبين للعلم والتعليم، وأصبحنا نحب المدرسة والمعلمين والمعلمات، ولا زلنا نتذكر اصدقاءنا في المدرسة.
ولا شك أن فرض نظام يُحاسب معلمات المدارس الحكومية في تعاملهن مع طلاب وطالبات الصف الأول الابتدائي سيكون له تأثير كبير على مستوى هؤلاء الطلبة الذين يعانون من صعوبة في فهم كيفية التعامل مع عالمهم الجديد؛ كون أن الطفل يترك أسرته للمرة الأولى ويذهب للصرح التعليمي. لكن أن تم تعنيفه بألفاظ خاطئة أو ضربة أو مقارنته بغيره؛ فهذا أمر غير منطقي وغير مقبول، ولا يجوز أن يكون هناك خطأ كهذا، ويجب على إدارات المدارس أن تنفذ زيارات يومية على المعلمات في الفصول، للنظر والتحري والتقصي عن كيفية تعامل تلك المعلمة مع طلابها فكم من مُعلمة تجدها أغلب الوقت على هاتفها وغير مهتمة بوقت التدريس وإذا نظرت إلى الطلاب كالأسد الهائج الذي يبحث عن فريسة يغرس فيها أنيابه.
أتمنى أن يتم وضع خطة واضحة واختيار معلمات لهن خبرة وباع في التعامل مع طلبة الصف الأول، ويفضل أن تكون معلمات الصف الأول معلمات ذوات خبرات كبيرة، وليس معلمات حديثات التعيين؛ لأن ذلك من شأنه أن ينعكس سلبا على الطلاب.
ويجب وضع خطة تربوية من وزارة التربية والتعليم لكافة معلمات الصف الأول وشروط معينة للالتزام بها وعدم الاكتفاء بالعمل في المدرسة، وإنما صقل السلوك والالتزام بقواعد التربية والتعليم؛ فالصف الأول الابتدائي خط أحمر وجب الاهتمام به.
إن الحكايات عندما تحكى للطفل تكون لها تأثير كبير على عقله وتفكيره وشخصيته وسلوكياته وتصرفاته وعندما يكون نظام التعليم نظاماً يحبب ويرغب الطفل فهو ينعكس إيجابياً عليه حتى يصبح لديه القدرة على التعامل مع الآخرين بشكل أفضل، وهذا ما يحدث في المدرسة وحلب السرك كثيرة منها الجميل ومنها التافه لذا فلنحرص جيدا على أن يكون هناك اهتمام كبير بين الإدارة التربوية والتعليمية وإيجاد الحلول المناسبة لهذه التحديات التي تواجه معلمات الصف الأول فليس كل معلم هو معلم وليس كل من حمل شهادة قال هذا أنا.
إننا قد نواجه مشاكل كثيرة مع الجيل الحالي في ظل الطفرة الصناعية والفكرية والتجارية والتكنولوجية الكبيرة جدًا والتي لم نكن نعيشها في زماننا الماضي وكنا نذهب للمدرسة راغبين في التعلم وأخذ الجديد، أما الجيل الجديد فهم من وجدوا كل شيء على طبق من ذهب وليسوا بحاجة لأن نجبرهم بطريقة صعبة أن يذهبوا للمدارس، ما دام هناك أمر يزعجهم وأشخاص غير قادرين على أداء عملهم وترغيبهم.
رفقًا بأطفالنا، فهُم ما يزالون في مقتبل العمر، وأسأل الله أن يوفق جميع الطلبة والطالبات في دراستهم.
رابط مختصر