في أسباب الحياد السوري من الحرب الإسرائيلية
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
أن ينأى النظام السوري بنفسه عن الحرب الإسرائيلية في غزة، فهذا أمر مفهوم، بسبب العلاقات الجافة بينه وبين حركة حماس، وبسبب استحالة الدعم العسكري للمقاومة نتيجة البعد الجغرافي.
لكن أن ينأى النظام السوري بنفسه عن المقتلة الإسرائيلية ضد "حزب الله" وجمهوره، فهذا يثير الكثير من إشارات الاستفهام لمن لم يعاين بدقة سياسة النظام طوال العقود الخمسة الماضية.
اعتمد النظام السوري منذ حافظ الأسد سياسة فن الممكن، واللعب على الهوامش المتاحة إقليميا ودوليا، مع استشعار سياسي عالي المستوى للمخاطر، يجعله ينكفئ، ويلجأ إلى استراتيجيته المعتادة القائمة على تمرير المراحل على أمل حدوث متغيرات تصب في صالحه.
لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.
هذه المقاربة كانت واضحة تماما لدمشق التي قدمت خطابا إعلاميا باهتا حيال الحرب، ثم قامت بإبعاد قواتها عن مواقع تمركز القوات والميليشيات التابعة لإيران، فضلا عن عدم مشاركة الأسد في تشييع الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي في رسالة سياسية واضحة ليست موجهة لطهران فحسب، بل إلى العواصم المعنية الأخرى، مفادها أن ثمة تمايز بين دمشق وطهران حيال ما يجري في المنطقة.
لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.لا يعني ذلك ما ذهبت إليه تقارير إعلامية، وما قاله مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي من وجود محاولات لإخراج سوريا من المعادلات الإقليمية بأساليب مختلفة، في إشارة إلى إغراء النظام السوري برفع العقوبات عنه، وإنهاء عزلته الدولية.
لا يتعلق الموقف السوري إطلاقا بالإغراءات العربية، فهذه الإغراءات موجودة ومستمرة منذ عام 2011، ولا يمكن للنظام أن يبتعد عن إيران بسبب الترابط الوجودي بين النظامين الذي يتجاوز حدود المصالح العادية بين الدول.
العلاقة السورية الإيرانية علاقة فوق استراتيجية مبنية على تداخل وترابط متين على كافة المستويات، والنظام السوري لا يمكن له المخاطرة بترك إيران من أجل دول عربية قد تتغير مصالحها في الأمد المتوسط وتنقلب عليه.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يدرك النظام أن المطالب العربية لن تكتف بمجرد الابتعاد عن طهران، بل ستلحقها بمطالب أخرى تتعلق بالوضع السياسي الداخلي، وهذا أمر لا يساوم عليه النظام إطلاقا بعد النجاحات العسكرية التي حققها خلال السنوات الماضية بدعم إيراني وروسي.
وفقا لذلك، لا يمكن تفسير الحياد السوري بناء على الإغراءات العربية، وإنما على أساس وضعه الداخلي، فلم يعد النظام اليوم كما كان قبل عام ألفين وأحد عشر، فهو لا يملك سوى قوة عسكرية مترهلة، وترسانة أسلحة بدائية مقارنة بقدرات إسرائيل، واقتصاد مترنح، وعدد بشري لا يفي بمتطلبات الحرب، ناهيك عن خسارته للأسلحة الكيماوية.
يضاف إلى ذلك، أرضه مقسمة بين ثلاثة أقسام، وفيها قوتين معاديتين (تركيا، والولايات المتحدة)، ووضع اجتماعي قابل للانفجار، أحد معالمه احتجاجا السويداء.
ضمن هذه المعادلة المعقدة، لا يمتلك النظام السوري سوى أهداف محلية بامتياز، تتمثل أولا الحفاظ على السلطة وديمومتها في ظل تقاطع جيوسياسي مزلزل، وعدم إضعاف ما تبقى من قوة عسكرية يدخرها لمعركته الكبرى المتمثلة في إعادة السيطرة على الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية".
ولأجل هذه الأهداف نأى النظام بنفسه عن الحرب، غير أن اشتداد التوتر بين إيران وإسرائيل ومحاولة طهران استغلال الأرض السورية، دفع النظام بدعم روسي إلى القيام بخطوات عملية، أولا بإغلاق مراكز التجمع البشري التي أقامتها إيران من أجل جلب مقاتلين إلى لبنان، وثانيا الابتعاد عن نقل الأسلحة لـ "حزب الله"، وترك هذا الأمر منوط بالقوات الإيرانية فقط، وثالثا بتقييد حركة "حزب الله" وميليشيات تابعة لإيران في الجولان ومحافظات ريف دمشق وبادية حمص.
هذه السياسة تسمح للنظام بعدم التعرض إلى أي هجوم إسرائيلي قد يؤدي إلى انهيار قوته، قد تستغله قوى المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية" في الداخل.
كما تسمح له هذه السياسة بالتقرب أكثر من ما يسمى "دول الاعتدال العربي" التي لها مصلحة بالقضاء على المقاومة في غزة ولبنان، وهي الدول التي يعول عليها النظام السوري ليس في إعادة تقوية وجوده العربي، فقط، بل والأهم أن تكون عاملا قويا في إقناع الولايات المتحدة بتغيير مقاربتها تجاه سوريا، وربما يشكل موقفه المحايد من الحرب الإسرائيلية أحد العناوين الرئيسية لهذه الدول في الضغط على واشنطن.
ولن يكون مستغربا بعدما تضع الحرب أوزارها أن يتحول النظام السوري إلى عقبة وسد منيع أمام إيران في إرسال السلاح إلى "حزب الله".
لقد انتهى عمليا "محور المقاومة"، وبات النظام السوري يقبل بالاعتدال العربي الذي حاربه لعقود طالما يحقق له البقاء في السلطة.. هنا سقط القناع وسقطت الثوابت لصالح براغماتية مغرقة في انتهازيتها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية العلاقات سوريا سوريا إسرائيل علاقات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة عالم الفن سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری إلى تحذیر حزب الله
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تتحدث عن التسوية التي أدت إلى الإفراج المبكر عن ثلاثة أسرى
تحدثت هيئة البث الإسرائيلية "مكان"، صباح اليوم الثلاثاء 28 يناير 2025، عن التسوية التي أدت إلى الإفراج المبكر عن ثلاثة أسرى إسرائيليين من قطاع غزة .
وقالت مكان نقلاً عن تقارير إعلامية، إن "إسرائيل كانت تسعى لإطلاق سراح المختطفة أربيل يهود من غزة قبل يوم الخميس، لكنها وافقت على تأجيل ذلك بعد أن أبدت حماس استعدادها لإطلاق سراح ثلاثة مختطفين إضافيين في دفعة جديدة يوم السبت المقبل".
إقرأ أيضاً: ترامب: أرجح قبول الرئيس المصري وملك الأردن استقبال الفلسطينيين من غزة
وأضافت أن "ذلك جاء نتيجة ضغوط مارستها الولايات المتحدة وقطر لدفع الطرفين إلى تسوية متبادلة".
وتابعت "تعني التسوية أن ثلاثة مختطفين سيتم إطلاق سراحهم في وقت أبكر مما كان متوقعًا. ووفقًا للاتفاق، من المقرر أن يتم إطلاق سراح أربيل يهود، أغام بيرغر، ومختطف آخر يوم الخميس، بينما سيتم إطلاق سراح ثلاثة مختطفين آخرين يوم السبت".
وسمحت إسرائيل صباح امس، ب فتح ممر "نيتساريم" لتمكين سكان غزة من التوجه شمالًا، وهو ما اعتبرته حماس انتصارًا سياسيًا وعملية تعزز سيطرتها المدنية والعسكرية في القطاع. بحسب مكان
وأشارت إلى أن قرار تسريع إطلاق سراح المختطفين جاء استجابةً من حماس لضغوط من الشارع الغزي لفتح الممر، إضافةً إلى رغبة الحركة في تسريع تنفيذ الصفقة خشية انهيارها.
وأوضحت أن "حماس تسعى لتعزيز نفوذها في شمال القطاع من خلال إدخال عناصر أمنية وعسكرية، إضافة إلى استعادة السيطرة على مراكز حدودية مثل نقطة جنوب ممر "نيتساريم"، التي تعيد تأكيد سيادتها داخل القطاع.
وبدأت إسرائيل وحماس مناقشات حول إطار المرحلة الثانية من صفقة التبادل، ومن المتوقع عقد قمة في قطر الأسبوع المقبل.
وفي سياق متصل، أجرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محادثات مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمناقشة التطورات المحتملة.
وبحسب "مكان"، "تتطلع حماس إلى فتح معبر رفح الأسبوع المقبل، مما سيمكنها من إرسال جرحى جناحها العسكري لتلقي العلاج، وإعادة اللاجئين الغزيين الذين غادروا القطاع خلال الحرب".
المصدر : وكالة سوا - هيئة البث الإسرائيلية "مكان" اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية وزير إسرائيلي يلغي سفره لبروكسل خشية اعتقاله سموتريتش يُصر على عودة الحرب وتشجيع هجرة الغزّيين مسؤول أميركي: إعادة إعمار غزة أسهل بكثير مع رحيل سكانها مؤقتا الأكثر قراءة الحرب تنتهي بنتنياهو مطلوباً للعدالة "رجب" يتحدث عن أبرز إنجازات قوى الأمن في جنين الأسبوع الماضي إصابة مواطنيْن أحدهما خطيرة برصاص الاحتلال في غزة استمرت 470 يوما - أهم إحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025