عربي21:
2025-03-06@20:12:07 GMT

في أسباب الحياد السوري من الحرب الإسرائيلية

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

أن ينأى النظام السوري بنفسه عن الحرب الإسرائيلية في غزة، فهذا أمر مفهوم، بسبب العلاقات الجافة بينه وبين حركة حماس، وبسبب استحالة الدعم العسكري للمقاومة نتيجة البعد الجغرافي.

لكن أن ينأى النظام السوري بنفسه عن المقتلة الإسرائيلية ضد "حزب الله" وجمهوره، فهذا يثير الكثير من إشارات الاستفهام لمن لم يعاين بدقة سياسة النظام طوال العقود الخمسة الماضية.



اعتمد النظام السوري منذ حافظ الأسد سياسة فن الممكن، واللعب على الهوامش المتاحة إقليميا ودوليا، مع استشعار سياسي عالي المستوى للمخاطر، يجعله ينكفئ، ويلجأ إلى استراتيجيته المعتادة القائمة على تمرير المراحل على أمل حدوث متغيرات تصب في صالحه.

لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.

هذه المقاربة كانت واضحة تماما لدمشق التي قدمت خطابا إعلاميا باهتا حيال الحرب، ثم قامت بإبعاد قواتها عن مواقع تمركز القوات والميليشيات التابعة لإيران، فضلا عن عدم مشاركة الأسد في تشييع الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي في رسالة سياسية واضحة ليست موجهة لطهران فحسب، بل إلى العواصم المعنية الأخرى، مفادها أن ثمة تمايز بين دمشق وطهران حيال ما يجري في المنطقة.

لم يكن النظام السوري بحاجة إلى تحذير إسرائيلي عبر وسيط عربي بعد عملية "طوفان الأقصى"، ولا إلى تحذير روسي مباشرة للعكوف عن هذه الحرب وعدم تقديم المساعدة للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، فقد أدرك أن إسرائيل والعالم سيكون مختلفا عما قبل السابع من أكتوبر عام 2023، وأن موجة عسكرية شرسة ستقوم بها إسرائيل تجاه كل بقعة جغرافية تشارك في الحرب.لا يعني ذلك ما ذهبت إليه تقارير إعلامية، وما قاله مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي من وجود محاولات لإخراج سوريا من المعادلات الإقليمية بأساليب مختلفة، في إشارة إلى إغراء النظام السوري برفع العقوبات عنه، وإنهاء عزلته الدولية.

لا يتعلق الموقف السوري إطلاقا بالإغراءات العربية، فهذه الإغراءات موجودة ومستمرة منذ عام 2011، ولا يمكن للنظام أن يبتعد عن إيران بسبب الترابط الوجودي بين النظامين الذي يتجاوز حدود المصالح العادية بين الدول.

العلاقة السورية الإيرانية علاقة فوق استراتيجية مبنية على تداخل وترابط متين على كافة المستويات، والنظام السوري لا يمكن له المخاطرة بترك إيران من أجل دول عربية قد تتغير مصالحها في الأمد المتوسط وتنقلب عليه.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يدرك النظام أن المطالب العربية لن تكتف بمجرد الابتعاد عن طهران، بل ستلحقها بمطالب أخرى تتعلق بالوضع السياسي الداخلي، وهذا أمر لا يساوم عليه النظام إطلاقا بعد النجاحات العسكرية التي حققها خلال السنوات الماضية بدعم إيراني وروسي.

وفقا لذلك، لا يمكن تفسير الحياد السوري بناء على الإغراءات العربية، وإنما على أساس وضعه الداخلي، فلم يعد النظام اليوم كما كان قبل عام ألفين وأحد عشر، فهو لا يملك سوى قوة عسكرية مترهلة، وترسانة أسلحة بدائية مقارنة بقدرات إسرائيل، واقتصاد مترنح، وعدد بشري لا يفي بمتطلبات الحرب، ناهيك عن خسارته للأسلحة الكيماوية.

يضاف إلى ذلك، أرضه مقسمة بين ثلاثة أقسام، وفيها قوتين معاديتين (تركيا، والولايات المتحدة)، ووضع اجتماعي قابل للانفجار، أحد معالمه احتجاجا السويداء.

ضمن هذه المعادلة المعقدة، لا يمتلك النظام السوري سوى أهداف محلية بامتياز، تتمثل أولا الحفاظ على السلطة وديمومتها في ظل تقاطع جيوسياسي مزلزل، وعدم إضعاف ما تبقى من قوة عسكرية يدخرها لمعركته الكبرى المتمثلة في إعادة السيطرة على الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية".

ولأجل هذه الأهداف نأى النظام بنفسه عن الحرب، غير أن اشتداد التوتر بين إيران وإسرائيل ومحاولة طهران استغلال الأرض السورية، دفع النظام بدعم روسي إلى القيام بخطوات عملية، أولا بإغلاق مراكز التجمع البشري التي أقامتها إيران من أجل جلب مقاتلين إلى لبنان، وثانيا الابتعاد عن نقل الأسلحة لـ "حزب الله"، وترك هذا الأمر منوط بالقوات الإيرانية فقط، وثالثا بتقييد حركة "حزب الله" وميليشيات تابعة لإيران في الجولان ومحافظات ريف دمشق وبادية حمص.

هذه السياسة تسمح للنظام بعدم التعرض إلى أي هجوم إسرائيلي قد يؤدي إلى انهيار قوته، قد تستغله قوى المعارضة و"قوات سوريا الديمقراطية" في الداخل.

كما تسمح له هذه السياسة بالتقرب أكثر من ما يسمى "دول الاعتدال العربي" التي لها مصلحة بالقضاء على المقاومة في غزة ولبنان، وهي الدول التي يعول عليها النظام السوري ليس في إعادة تقوية وجوده العربي، فقط، بل والأهم أن تكون عاملا قويا في إقناع الولايات المتحدة بتغيير مقاربتها تجاه سوريا، وربما يشكل موقفه المحايد من الحرب الإسرائيلية أحد العناوين الرئيسية لهذه الدول في الضغط على واشنطن.

ولن يكون مستغربا بعدما تضع الحرب أوزارها أن يتحول النظام السوري إلى عقبة وسد منيع أمام إيران في إرسال السلاح إلى "حزب الله".

لقد انتهى عمليا "محور المقاومة"، وبات النظام السوري يقبل بالاعتدال العربي الذي حاربه لعقود طالما يحقق له البقاء في السلطة.. هنا سقط القناع وسقطت الثوابت لصالح براغماتية مغرقة في انتهازيتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلية العلاقات سوريا سوريا إسرائيل علاقات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة عالم الفن سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری إلى تحذیر حزب الله

إقرأ أيضاً:

منحة مغربية للتكفل بالأيتام والأطفال مبتوري الأطراف ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة

أعلن سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، عن منحة مقدمة من وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة المغربية، تبلغ 200 ألف دولار، للتكفل بالأطفال الأيتام ومبتوري الأطراف من ضحايا الحرب على غزة وتقديم الدعم النفسي لهم.

جاء ذلك في كلمة للشرقاوي، خلال التوقيع مؤخرا، على اتفاقية شراكة بين الوكالة ووزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، في إطار جهود المملكة المغربية، بتعليمات من الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس لـ »مساعدة الفلسطينيين في غزة على تجاوز آثار العدوان على القطاع، لاسيما الأطفال مبتوري الأطراف ».

ووقع الاتفاقية، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، محمد سالم الشرقاوي، ووزيرة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، سماح حمد، بحضور سفير المملكة بفلسطين، عبد الرحيم مزيان.

وبموجب هذه الاتفاقية، سيتم إرساء آليات التعاون بين الطرفين لتنفيذ مشاريع اجتماعية تروم التكفل بالأطفال مبتوري الأطراف من ضحايا الحرب على غزة لتمكينهم من عيش حياة طبيعية، وتقديم الدعم النفسي لهم ضمن مشروع العيادة النفسية للوكالة.

وتسعىى الاتفاقية إلى « إطلاق برامج تستهدف دعم الأطفال الأيتام، المسجلين على قوائم الوزارة، ضمن مشروع كفالة اليتيم المقدسي ».

كلمات دلالية الحرب الإسرائيلية طوفان الأقصى غزة وكالة بيت مال القدس

مقالات مشابهة

  • 15 قتيلا من الأمن السوري بكمائن مسلحة لفلول النظام بريف اللاذقية
  • تغيّر العقيدة الأمنية الإسرائيلية.. قبل وبعد 7 أكتوبر
  • مدير أمن محافظة اللاذقية لـ سانا: المجموعات المسلحة التي تشتبك معها قواتنا الأمنية في ريف اللاذقية كانت تتبع لمجرم الحرب “سهيل الحسن” الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الشعب السوري
  • منحة مغربية للتكفل بالأيتام والأطفال مبتوري الأطراف ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة
  • كيف يواجه دروز لبنان المخططات الإسرائيلية في الجنوب السوري؟
  • الأمن السوري يعتقل مجموعة من فلول نظام الأسد
  • الشرع يدعو إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب السوري
  • الرئيس السوري: نلتزم باتفاق عام 1974 لفض الاشتباك مع إسرائيل
  • إيران: لن نقبل تجربة الإهانة التي تعرض لها زيلينسكي
  • مقتل عنصرين من الأمن السوري في اللاذقية جراء كمين لـفلول النظام المخلوع