تقرير لـMiddle East Eye يتحدث عن الإبادة الحضرية للبنان.. هذا ما كشفه
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
ذكر موقع "Middle East Eye" البريطاني أنه "مع استمرار الحرب بين حزب الله وإسرائيل، وفي ظل عدم وجود أي مؤشرات على إمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار محتمل، تتزايد المخاوف بشأن كافة جوانب الحياة في لبنان ومستقبله الاجتماعي والاقتصادي. وحذرت مجموعة العمل المستقلة من أجل لبنان، وهي مجموعة من خبراء الاقتصاد والباحثين اللبنانيين، من أن الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها لبنان نتيجة للقصف الإسرائيلي قد تتجاوز عشرين مليار دولار أميركي، في حين قد تصل نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى ثمانين في المائة في المناطق التي تتعرض لقصف مكثف".
وبحسب الموقع، "في الوقت نفسه، قالت منظمة ميرسي كوربس الإنسانية الدولية إن الناتج المحلي الإجمالي للبنان قد ينكمش بنسبة 12.81% إذا استمرت الحرب على هذا النحو، أو بنسبة 21.9% إذا فرضت إسرائيل حصاراً ووسعت نطاق القصف والقتال البري. وفي حين لم يتم فرض أي حصار رسمياً، فإن قصف إسرائيل للمعابر البرية إلى سوريا وهجماتها بالقرب من مطار بيروت زاد من المخاوف بشأن حركة البضائع والسفر داخل وخارج لبنان. إن كل هذه القضايا تدق ناقوس الخطر بشأن الطرق الخطيرة التي أدت بها الحرب إلى تعطيل حياة سكان لبنان بشكل خطير وتأثيرها الطويل الأمد على البلاد".
الواقع الاقتصادي الكئيب
وبحسب الموقع، "كان الصراع بين حزب الله وإسرائيل محصوراً إلى حد كبير في جنوب لبنان حتى منتصف أيلول، عندما شن الجيش الإسرائيلي حملة قصف واسعة النطاق في كل أنحاء البلاد، وفي النهاية شن غزواً برياً. قبل الحرب، كان لبنان يعاني من أسوأ انهيار مالي في تاريخه، حيث وصفه البنك الدولي بأنه أحد أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية في 150 عامًا. وقالت ليلى الأمين، مديرة مكتب ميرسي كوربس في لبنان، أن البلاد "غير مستعدة حقًا" للحرب بسبب الركود والبطالة ونقص التشغيل وفقدان العملة وما إلى ذلك. وقالت: "لقد انهار كل ما يتعلق بالبنية الأساسية الوطنية بهدوء لسنوات. سواء كنا نتحدث عن المياه أو الكهرباء أو الصحة العامة أو التعليم العام". كما وأدت الحرب إلى تدمير قطاع السياحة في لبنان، والذي يشكل جزءاً كبيراً من الاقتصاد الهش في البلاد.وعلاوة على ذلك، أدى النزوح الجماعي إلى ترك العديد من الناس بلا مأوى أو مصادر دخل، نظراً لأن وظائفهم مقيدة جغرافياً".
السفر والتجارة والأسعار
وبحسب الموقع، "تدق منظمة ميرسي كوربس ناقوس الخطر بشكل خاص بشأن احتمالات فرض حصار إسرائيلي على لبنان. ويقول سامي زغيب، الخبير الاقتصادي ومدير الأبحاث في مؤسسة "مبادرة السياسة" البحثية ومقرها بيروت، للموقع إن لبنان لا يزال قادرًا إلى حد كبير على استيراد السلع والمشاركة في التجارة الدولية، وبالتالي فإن أسعار السلع لم ترتفع بشكل كبير. وفي حين قال خبراء في وقت سابق للموقع إن سيناريو الحصار غير مرجح، أثيرت مخاوف إضافية بعد أن قصفت إسرائيل محيط ثلاثة معابر حدودية بين لبنان وسوريا، ما أدى إلى إغلاق اثنين منها".
وتابع الموقع، "كان الجيش الإسرائيلي قد هدد في وقت سابق بأنه لن يسمح باستخدام مطار رفيق الحريري الدولي لأي غرض غير الأغراض المدنية. وقد ألغت كل شركات الطيران الدولية رحلاتها من بيروت وإليها منذ بدء التصعيد الإسرائيلي في أيلول، تاركة شركة طيران الشرق الأوسط الوطنية (MEA) الشركة الوحيدة التي تشغل رحلات جوية في البلاد. وقال مصدر في شركة طيران الشرق الأوسط للموقع إنه في حين قلصت الشركة عدد الطائرات العاملة في تشرين الأول بسبب انخفاض الطلب، إلا أنها لم تلغ رحلة واحدة على الإطلاق. وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن الشركة تتلقى تطمينات منتظمة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وكذلك سفراء الدول الغربية الذين يخبرونهم بأن المطار والطريق المؤدي إليه آمنان. وبينما حظيت الشركة بإشادة واسعة النطاق لاستمرارها في العمل على الرغم من الضربات الإسرائيلية المتكررة على بيروت، أثيرت تساؤلات بشأن أسعارها. وقال المصدر في الشركة إنهم لم يتمكنوا من خفض أسعارهم بعد موسم الذروة الصيفي، الذي ينتهي عادة في أيلول. وأضاف: "الطائرات تغادر لبنان بحمولة كاملة لكنها تعود فارغة، ولا تحقق التعادل"."
أوامر الإخلاء
وبحسب الموقع، "كانت بعض أبرز جوانب حرب إسرائيل على لبنان ما يسمى بأوامر "الإخلاء"، أو الرسائل التي يرسلها الجيش الإسرائيلي لسكان المناطق في مختلف أنحاء البلاد لمغادرتها قبل قصفها. كان هذا التكتيك غير منسق على نطاق واسع وانتقدته الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمراقبون بشدة. فلم تضرب إسرائيل العديد من الأماكن دون سابق إنذار فحسب، بل في كثير من الأحيان لا يُمنح السكان سوى دقائق قليلة لحزم أمتعتهم والمغادرة قبل بدء القصف. وقالت منى حرب، أستاذة الدراسات الحضرية في الجامعة الأميركية في بيروت وقائدة الأبحاث في مختبر بيروت الحضري: "هذا أمر مرعب، وليس مجرد تعطيل للحياة. إنه عمل إرهابي يشكل جزءًا من الحرب النفسية التي تُشن على لبنان".
تدمير مدينة
وبحسب الموقع، "تزعم إسرائيل إنها تستهدف أنشطة حزب الله في المواقع التي تقصفها، دون تقديم أدلة، في حين تشن حملة قصف عشوائية أدت إلى فقدان عدد كبير من المدنيين لمنازلهم وسبل عيشهم وأحياء بأكملها. ووصف باحثون حضريون لبنانيون تصرفات إسرائيل بأنها إبادة حضرية، أو تدمير متعمد لمدينة. فقد أصبحت أجزاء كبيرة من الضاحية الجنوبية لبيروت وصور وبعلبك وغيرها من المدن والبلدات في لبنان الآن خاوية، بعد أن فقدت الحياة الديناميكية التي أعطت هذه الأماكن قيمتها بين السكان.وبينما استؤنفت الحياة الطبيعية إلى حد كبير في بعض أجزاء بيروت وغيرها من المدن اللبنانية التي نجت من القصف الإسرائيلي، زادت حركة المرور بشكل كبير، في حين تم الإبلاغ عن بعض التوترات المحلية بين السكان المحليين والنازحين في مناطق معينة.وعلاوة على ذلك، فإن حجم الدمار في جنوب وشرق لبنان، وكذلك في الضاحية الجنوبية لبيروت، واسع النطاق لدرجة أن احتمال عودة الناس إلى ديارهم وحياتهم الطبيعية يبدو مستبعداً في المستقبل المنظور". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
كيف سيخرج لبنان من الحرب مع إسرائيل؟
واقع قاتم يعيشه لبنان مع تحوله إلى نقطة محورية لحرب بالوكالة بين إسرائيل وإيران، يلعب فيها حزب الله دوراً مركزياً. وتعكس الدعوة العلنية التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، للمواطنين اللبنانيين لتحدي حزب الله المخاطر العالية المترتبة على هذا الصراع المتصاعد، وفق مديرة مركز مالكولم كير في كارنيغي الشرق الأوسط، مهى يحيى.
يواصل جيل أصغر من القادة، مدفوعاً بالحماسة الإيديولوجية، دعم طموحات حزب الله الإقليمية
وتضيف في مقالها المطول بموقع مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية: على النقيض من ذلك، فإن تورط إيران المتزايد من خلال حزب الله يؤكد طموحاتها الإقليمية الأوسع نطاقاً. وفي خضم هذا الشد والجذب، يعاني لبنان بشكل كبير، سواء كساحة معركة أو كرمز لمنافسات أيديولوجية واستراتيجية أكبر في الشرق الأوسط. الأزمات التي تشل الحياة في لبنانويذكر أنه قبل وقت طويل من اندلاع أعمال العنف الأخيرة، كان لبنان يعاني بالفعل من أزمات متشابكة، على رأسها الانهيار الاقتصادي، حيث أدى الانهيار المالي في لبنان إلى تقليص الطبقة المتوسطة، مما دفع معدلات الفقر من 12% في عام 2012 إلى ما يقدر بنحو 44% بحلول عام 2022.
ويواجه لبنان، الذي يعد بالفعل أحد أكثر بلدان العالم مديونية، دماراً اقتصادياً جديداً، حيث يتنبأ البنك الدولي بأن يؤدي الصراع المستمر إلى خسائر اقتصادية مباشرة تبلغ 8.5 مليار دولار. كما حدث عجز في القطاع الزراعي، الذي يساهم بشكل كبير في الدخول الريفية، بسبب العنف الدائر.
Israeli strikes pounded parts of Beirut's southern suburbs on Tuesday, a day after eight people were killed, according to the authorities. Strikes from Lebanon killed two people in northern Israel on Tuesday, the Israeli authorities said. https://t.co/0Wbhye436Z pic.twitter.com/UGwZzoDzN4
— The New York Times (@nytimes) November 12, 2024ويعاني لبنان أيضاً من جمود سياسي؛ فقد أدى فشل لبنان الطويل الأمد في انتخاب رئيس إلى جعل حكومته غير قادرة على اتخاذ إجراءات حاسمة، كما تعمل الانقسامات الطائفية العميقة بين النخبة الحاكمة على إدامة الخلل الوظيفي.
كما يعاني النسيج الاجتماعي في لبنان من انقسام شديد، وتفاقمت الانقسامات الطائفية بعد استهداف القوات الإسرائيلية معاقل حزب الله في المناطق ذات الأغلبية الشيعية؛ فالبعض يرى أن حزب الله يدافع عن لبنان والبعض الآخر يتشكك في ذلك ويطالب بنزع سلاحه والانخراط في العملية السياسية فحسب؛ ويؤدي هذا التفاوت في الآراء إلى تعميق الاستياء وتأجيج المظالم القائمة بين الطوائف الدينية في لبنان.
وتناولت الكاتبة الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب جنوب لبنان ووصفتها بالصادمة. على صعيد الخسائر البشرية، فقد أكثر من 3481 شخصاً حياتهم، وأصيب 14786 شخصاً، وتشرد 1.2 مليون شخص، وهو ما يرسم صورة قاتمة للدمار الذي حل بلبنان. ويعيش أغلب النازحين في ظروف مزرية، مع مأوى غير ملائم ومساعدات إنسانية غير كافية.
وبالنسبة للبنية الأساسية، دمرت الحملة العسكرية الإسرائيلية المكثفة البلدات والمدن في جنوب لبنان، حيث أفادت تقارير باستخدام قذائف الفوسفور الأبيض التي لا تدمر الأرواح والمنازل فحسب، بل تخلق أيضاً مخاطر بيئية تهدد جهود التعافي على المدى الطويل.
The proxy war between Iran and Israel has come to Lebanon “at perhaps the worst possible moment,” writes @mahamyahya. To prevent a new era of conflict and unrest, Lebanon’s political parties must act quickly to stabilize their country’s institutions. https://t.co/Ti1LyE5FG8
— Foreign Affairs (@ForeignAffairs) November 21, 2024أما من ناحية التأثير الاقتصادي على العمالة والناتج المحلي الإجمالي، فَقَدَ أكثر من 166 ألف شخص وظائفهم، ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في لبنان بنسبة 9%. وتواجه البلاد مستقبلاً اقتصادياً قاتماً مع شلل السياحة والزراعة والصناعات المصرفية.
حالة حزب الله وخلّفت الحرب خسائر فادحة في حزب الله، سواء على المستوى المادي أو السياسي. ودمرت العمليات العسكرية الإسرائيلية 80% من ترسانة حزب الله بالقرب من الحدود الجنوبية، في حين قُتل كبار القادة، بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله.وعدّت الكاتبة هذه التطورات تحولاً حاسماً في القدرات العملياتية لحزب الله. ومع ذلك، ورغم هذه الخسائر، ما يزال حزب الله يتمتع بنفوذه، مع تدخل إيران لإعادة تنظيم صفوفه. ويواصل جيل أصغر من القادة، مدفوعاً بالحماسة الإيديولوجية، دعم طموحات حزب الله الإقليمية.
خطوات نحو الاستقرار: الحوار والإصلاح
وقالت الكاتبة إن تعافي لبنان يتوقف على تضافر الجهود لمعالجة قضاياه العميقة الجذور؛ فالحوار الوطني، الذي يشمل جميع الفصائل، أمر ضروري. وتشمل الأولويات الرئيسية: أولاً: استراتيجية الدفاع الوطني؛ فتنفيذ اتفاق الطائف وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بدمج قوات حزب الله في القوات المسلحة اللبنانية أمر بالغ الأهمية لتعزيز سيطرة الدولة.
ثانياً: القيادة السياسية؛ فانتخاب رئيس وتشكيل حكومة طوارئ سيمهد الطريق للإصلاحات المؤسسية والتعافي الاقتصادي.
ثالثاً: التماسك الاجتماعي؛ فإعادة بناء الثقة بين المجتمعات اللبنانية؛ أمر حيوي لتجنب المزيد من الصراعات الطائفية واستعادة الاستقرار.
دور المجتمع الدوليوأضافت الكاتبة أن الدعم الخارجي أمر بالغ الأهمية لبقاء لبنان، وأكدت الكاتبة ضرورة توسط المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار بالضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية في لبنان مع إشراك إيران دبلوماسياً للحد من عمليات حزب الله؛ وتعزيز مؤسسات الدولة عن طريق تمكين الجيش اللبناني عبر المساعدات العسكرية للعمل كقوة موحدة، والحد من نفوذ حزب الله؛ والمساهمة في جهود إعادة الإعمار لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في لبنان بالشفافية والمساءلة لضمان الاستخدام الفعال.
مخاطر عدم الاستقرار ومضت الكاتبة بالقول: إذا استمر الصراع، فإن لبنان يخاطر بالانزلاق إلى مزيد من الفوضى. وقد ينهار التوازن الدقيق بين مجموعاته الطائفية، مما يؤدي إلى إبطال عقود من التعايش الهش. وقد تستغل القوى الإقليمية، بما في ذلك إيران وإسرائيل، عدم استقرار لبنان لتحقيق أجنداتها، وتحويل البلاد إلى ساحة معركة طويلة الأمد.من هنا، تؤكد الكاتبة الحاجة الملحة للإصلاح والمصالحة في لبنان. فبدون اتخاذ إجراءات حاسمة في هذا الصدد، ستواجه البلاد مستقبلاً غير مؤكد، مشوهاً بالدمار الاقتصادي والخلل السياسي، مع احتمال تجدد الاضطرابات المدنية.
وشددت الكاتبة على أن الجهد التعاوني الذي يشمل القادة اللبنانيين والمجتمع الدولي هو السبيل الوحيد للبنان نحو الاستقرار والتعافي.