هل يستطيع ترامب ضمان "العصر الذهبي" لأمريكا؟
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
يُشبّه البعض دونالد ترامب بغروفر كليفلاند مع انتصاره على نائب الرئيس كامالا هاريس؛ وكليفلاند هو أول ديمقراطي يُنتخب بعد الحرب الأهلية وفاز بفترتين غير متتاليتين في 1884 و1892.
لم يفز ترامب لأن الناس يحبونه أو حتى يقبلونه. بل فاز لأن الناخبين رفضوا إدارة بايدن هاريس
ويحمل انتخاب ترامب مقارنة أخرى مع رئيس آخر هو رونالد ريغان.فعندما انتُخب ريغان في 1980 ضد جيمي كارتر، أصيبت النخب الليبرالية بالذهول. دخل ريغان واشنطن واعداً بإسقاط البيروقراطية واستعادة العظمة الأمريكية بعد حقبة كارتر-مونديل الحزينة. وسقطت وعوده مثل الرعد على رأس اليمين. ترامب يعيد اختراع الحركة المحافظة
إلى هنا تنتهي أوجه التشابه، ليقول جاكوب هيلبرون، زميل أول غير مقيم في مركز أوراسيا بالمجلس الأطلسي، في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست": أعاد ترامب اختراع الحركة المحافظة في صورة الرجل القوي من خلال الانفصال عن حقائق حقبة ريغان. لقد أظهر للعيان المؤسسة الجمهورية القديمة. وأصبح الشعبويون الشباب على رأس السلطة.
THE GOLDEN AGE OF AMERICA: In a historic victory for Donald J. Trump, he becomes the 47th President of the United States of America by the will of the people. In his victory speech he declares "This will truly be the Golden Age of America, that's what we have to have." pic.twitter.com/pjp5OOdodQ
— Truth Justice ™ (@SpartaJustice) November 6, 2024مع وجود جيه دي فانس إلى جانبه، من المرجح أن يسلح ترامب إدارته بجيل جديد من المحافظين العازمين على تنفيذ تفويضه للإطاحة بالدولة العميقة في الداخل وتقليص الوجود الأمريكي في الخارج.
ولا يمثل هؤلاء التكنوقراط الحذرين في عصر بايدن، فهم يحملون رؤية وخطة. على سبيل المثال، في مقال بمجلة "فورين أفيرز"، دعا الكاتب الصحفي سومانترا مايترا إلى إنشاء "حلف شمال أطلسي خامل" حيث "تسحب أمريكا قواتها البرية من أوروبا من أجل نقل عبء الدفاع عن القارة من واشنطن إلى حكومات المنطقة".
ويشرح إلبريدج كولبي، وهو مسؤول في وزارة الدفاع في ولاية ترامب الأولى، عقيدة ترامب بقوله إنها تعني التحول من التركيز على أوروبا إلى مواجهة سعي الصين إلى السيادة على بحر الصين الجنوبي. وهناك ويليام روجر، مرشح ترامب لمنصب السفير في أفغانستان، الذي يؤكد أن "الناخبين فضلوا الواقعية على النخبوية الليبرالية الدولية اليسارية واليمينية".
Trump Signals New “Golden Age of America” After Declaring Victory#Election2024 https://t.co/NaGT0QFBWn
— The European Conservative (@EuroConOfficial) November 6, 2024يرى ترامب نفسه، أن ولايته الثانية تمثل فرصة لتنفيذ حلمه القديم في إحداث انقلاب كبير في تحالفات أمريكا. ولن يكون هناك سوى أصوات قليلة في مجلس الشيوخ لمعارضته. ويعد ميتش ماكونيل قوة مستنفدة وقد سخر منه ترامب، خلال إحدى تجمعاته الأخيرة، لدعمه المخلص له. وميت رومني في الطريق للتقاعد.
هذا ليس كل شيء. لقد تعززت يد ترامب بحقيقة أنه قاوم آلة عمل الحزب أثناء الحملة. وأثناء ترشحه لإعادة انتخابه، احتقر المحترفين الحزبيين المخضرمين الذين زعموا أنه يجب عليه كتم تصريحاته الصاخبة واعتمد بدلاً من ذلك على لجان العمل السياسي الخارجية لحشد أنصاره. ومن المنتظر لإيلون ماسك، الذي دعم ترشحه بسخاء، أن يشغل دوراً بارزاً في إدارته.
ولكن هذا ينطوي على مخاطر التقليل من شأن الجاذبية المغناطيسية التي يبدو أن ترامب يمارسها على أتباعه وأنصاره. وربما يكون تفسير الصحفي جون إف. هاريس في "بوليتيكو" أكثر معقولية: "بالنسبة لجزء كبير من أنصاره، لم يفز ترامب في 2016 رغم ملاحظته سيئة السمعة لموقع أكسس هوليوود حول التحرش بالنساء، أو في 2024 رغم إنكاره للانتخابات. لقد ساهمت هذه الممارسات في فوزه نوعاً ما .. إلى جانب موجة السخط التي أثارتها".
وفي مقال آخر في صحيفة "نيويورك تايمز"، يذهب دانييل مكارثي إلى أبعد من ذلك، فيرى أن انتخاب ترامب "تصويت عام بعدم الثقة في القادة والمؤسسات التي شكلت الحياة الأمريكية منذ نهاية الحرب الباردة قبل 35 عاما". عصر ذهبي جديد
ولكن هذا حكم سلبي بحت، يقول الكاتب، والسؤال المطروح على ترامب، كما يعترف مكارثي، هو إذا كان بوسعه أن يحقق أكثر من الدمار في واشنطن. ففي حديثه في ويست بالم بيتش، أعلن ترامب أنه سيدشن "عصراً ذهبياً جديداً لأميركا".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الانتخابات الأمريكية لم یفز
إقرأ أيضاً:
أخطاء هاريس الكبرى
عندما يتجاوز الظالمون الحدود، تأتي العواقب غالبًا من حيث لا يتوقعون، وهي قاعدة ثابتة في التاريخ الإنساني؛ إذ إن الخسائر غالبًا ما تأتي من جهات غير متوقعة.
في هذا السياق، تثار تساؤلات حول سياسة الولايات المتحدة بقيادة الرئيس جو بايدن وفريقه في الحزب الديمقراطي، ودعمهم المستمر لإسرائيل في مواجهتها الحالية في غزة. يتمثل هذا الدعم في توفير الأسلحة والتمويل والتغطية الدبلوماسية والسياسية، على الرغم من الدمار والخسائر البشرية التي خلفها الصراع في صفوف المدنيين.
ورغم الانتقادات الواسعة من داخل الولايات المتحدة وخارجها، بما في ذلك احتجاجات طلابية وشبابية ومظاهرات في عدد من دول العالم، تواصل الإدارة الأميركية موقفها، مما يثير دعوات لوقف العنف والبحث عن حلول سياسية تحترم حقوق الفلسطينيين.
رغم التقارب في استطلاعات الرأي بين الديمقراطيين والجمهوريين، كان العديد من صناع الرأي العام يروِّجون لفكرة أن دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل، تعتمد على الشعبوية وصعود اليمين المتطرف، وأنه لن يستطيع مجددًا تحدّي مؤسسات الولايات المتحدة الراسخة.
لكن النتائج جاءت مخالفة للتوقعات، إذ تعرض الديمقراطيون لهزيمة واسعة النطاق، شملت فقدانهم الرئاسة والأغلبية في المجلسَين، إلى جانب خَسارتهم عدة معاقل تقليدية كانت تُعد مناطق نفوذ ثابتة لهم.
إن الأسباب التي جعلت كامالا هاريس تخسر الانتخابات كثيرة منها ما يلي:
أهم تلك الأسباب تراجعها في أصوات الناخبين المحسوبين دومًا على الديمقراطيين، وهي أصوات السود واللاتينيين، حيث ارتفع التصويت لصالح ترامب عند السود من 8% إلى 13% وعند اللاتينيين من 32% إلى 45%.وهؤلاء يمثلون أكثر الشرائح الاجتماعية تضررًا من الأزمات الاقتصادية للنظام الرأسمالي المتوحش، الذي لا فرق بشأنه بين الديمقراطيين والجمهوريين، إذ إن كليهما يشتغل أساسًا لصالح اللوبيات المالية والتوجهات الاقتصادية المركزة للثروة في أيادٍ قليلة من الناس، بل إن أوضاع تلك الشرائح الاجتماعية ساءت أكثر في زمن بايدن مما كانت عليه في عهدة ترامب السابقة، فيما يتعلق بالتضخم وارتفاع مستوى المعيشة، ووقود السيارات، وغير ذلك، رغم الوعود العريضة التي عادة ما يقدمها الديمقراطيون بهذا الخصوص.
كما أن العديد من تلك الفئات صارت تشعر بأن حكامهم الديمقراطيين صاروا يهتمون بمصير الإسرائيليين أكثر من اهتمامهم بمصير الأميركيين. كما أن ثمة عاملًا آخر رصده المتابعون لتوجهات الرأي العام في أميركا، وهو ما يتعلق برفض كثير من اللاتينيين المسيحيين، خصوصًا الكاثوليكيين، التوجهات التي باتت تميل أكثر فأكثر إلى ما يخالف قناعاتهم والتزاماتهم الدينية بخصوص العائلة ومسائل الجندرة والمثلية وغير ذلك.
ثم هناك الأداء السيئ لبايدن، وحالة الخرف التي ظهر بها، والانطباع الذي ساد في الأذهان عن حالة ضعفه، وتسلط توجهات متطرفة على قراراته في البيت الأبيض، على رأسها اللوبي الصهيوني، الذي مثل وزير الخارجية توني بلينكن الوجه العلني الأبرز فيه.وقد كان حرصه على الترشح مخالفًا لوعد كان قد قطعه بأنه لن يترشح إلا لعهدة واحدة؛ لضمان حسن الانتقال من المرحلة الكارثية التي مثلها ترامب للمؤسسية الأميركية، على حد ظنه، ثم كان تراجعه عن الترشح في يوليو/ تموز 2024، بعد افتضاح ضعف قدراته الذهنية متأخرًا جدًا لم يعطِ الوقت لهاريس في الثلاثة أشهر المتبقية لتخرج من عباءته قاتمة المنظر.
كما أنها هي ذاتها لم تسعَ لذلك، ولم تتبرأ من أي سلوك سيئ السمعة لرئيسها، وهو أمر مهم جدًا في الديمقراطية الأميركية، بل وقعت في خطأ جسيم استغله ترامب بكثافة في خطبه وأشرطته الإشهارية، وذلك حين قالت بعد تردد: " لا شيء يخطر ببالي!" في جوابها على سؤال طرحه عليها مذيع قناة ABC يوم 8 أكتوبر/ تشرين الأول قائلًا: "هل كنت ستتصرفين بشكل مخالف لجو بايدن في الأربع سنوات من رئاسته"، وكان يقصد القضايا الاقتصادية والهجرة ودعم إسرائيل.
وقد كشف فريق كامالا هاريس عن قناعتهم وحملوا بايدن مسؤولية الخسارة، ولكن بعد فوات الأوان حين دوّت الهزيمة التاريخية.
كما أن كثيرًا من المتخصصين أكدوا ذلك، مثل الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة فرجينيا لاري ساباتو الذي بيّن أن المعركة كانت خاسرة منذ أن قرر جو بايدن الترشح وعمره ثمانون سنة، وكيف أن الاستبدال الذي وقع في آخر لحظة لم يكن ناجحًا، حيث لم تدخل هاريس المنافسة الانتخابية بأي برنامج يخصُّها.
وعلاوة على ذلك، ما ساهم به التيار "غير الملتزم" الذي تشكل من القواعد النضالية للحزب الديمقراطي، من الطلبة والشباب البيض خاصة، ومن معهم من العرب والمسلمين، على إثر الجرائم التي شارك فيها قادة حزبهم في غزة، وقد نشط هؤلاء كثيرًا في الجامعات، من خلال التظاهرات والاعتصامات في كلياتهم، والاحتجاجات المتواصلة ضد أي مساهمة لإدارتها ومشاريعها في دعم الكيان الصهيوني، حيث تمكّن هؤلاء من تشكيل تيار فاعل لعدم التصويت، وقد مثل ذلك إعاقة إضافية لهاريس وحزبها، بدأت ملامحها تظهر منذ الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي، حين خسر بسببها جو بايدن نصف مليون صوت، ولكن لم تصحح هاريس هذا المعطى المهم فدفعت ثمنه. الحملة الانتخابية الجيدة لدونالد ترامب، حيث عرف كيف يصوب نقده إلى نقاط ضعف الديمقراطيين والأداء السيئ لبايدن، ومن ذلك تحميلهم تراجع مستوى المعيشة وإظهار المقارنات الرقمية بين عهدته وعهدة الديمقراطيين بعده، كما عرف كيف يدافع عن برنامجه بخصوص الهجرة غير القانونية التي تثير ناخبيه البيض كثيرًا، دون أن يخيف الناخبين من غير البيض، بتركيزه على العامل غير الشرعي للهجرة، وتصويرها بأنها تتسبب في تضييع فرص عمل السود واللاتينيين، وأن هجرة هؤلاء إلى أميركا مرحب بها في إطار القانون.ومن جهة أخرى، رسم لنفسه صورة الشخصية السياسية المرتبطة بالشعب البسيط وسكان الأرياف، إذ ترك المجمعات السكنية الكبرى لتوجهاتها الانتخابية الاعتيادية، وذهب لزيارة سكان التجمعات الهامشية وفي الأطراف والأرياف الذين لا يلتقي بهم الساسة بشكل مباشر عادة، وهو الخطأ الذي وقعت فيه هاريس كذلك.
علاوة على خطابه الاعتيادي المتعلق بالوعود الاقتصادية وتحسين ظروف المعيشة، والحديث المثير للنزعة القومية كإعادة مجد أميركا، ومكانتها الدولية، وضبط الفوضى في العالم، وتحقيق السلام وإنهاء الحروب.
وبخصوص الناخبين العرب والمسلمين، فإنه يمكن القول بأنه وقع تحول تاريخي في سلوكهم الانتخابي من زاويتين، من حيث عدم التصويت للديمقراطيين، على غير العادة، بالمقاطعة، أو التصويت لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين الداعمة بقوة لفلسطين، أو التصويت لترامب، ومن حيث الأثر الذي تحقق بتحويل ولاية ميشيغان التي يتركز فيها صوت العرب والمسلمين أكثر لصالح المرشح الرئاسي الجمهوري، والمساهمة في جلب الولايات المتأرجحة لصالح ترامب، وكسر ما يسمى بالجدار الأزرق.إن السبب الرئيسي لتحول الناخبين العرب والمسلمين هو العدوان على غزة، وتورط البيت الأبيض بقيادة الديمقراطيين في الجريمة، وقد عرف ترامب كيف يستغل هذا الوضع بانتقاله بنفسه للسكان العرب والمسلمين والحديث معهم ومع زعمائهم الدينيين، ووعدهم بأنه سيوقف الحرب على غزة، خلافًا لهاريس التي لم تهتم بهم ولم تزرهم ولم تتحدث معهم.
لا شك أن انتخاب ترامب لن يمثل تحولًا جذريًا لصالح القضية الفلسطينية بشكل تلقائي، حيث إن الجمهوريين في الكونغرس والرئاسة منحازون كلية لدولة الكيان، ولكن الذي سيفعل ذلك هو طوفان الأقصى وبطولات المقاومة وثبات السكان في غزة ولبنان، فهم المعطى السنني الأساسي الذي سيحدث التحولات التي تفرض على ترامب وغيره في العالم وقف الحرب وتغيير نظرتهم للقضية الفلسطينية.
وقد أحسن قادة حماس حين وضّحوا ذلك في تصريحهم بعد ظهور النتائج بالقول: "تعقيبًا على نتائج الانتخابات الأميركية التي تُظهر فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، فإن على الإدارة الأميركية الجديدة أن تعي أن الشعب الفلسطيني ماضٍ في مواجهة الاحتلال، وأنه لن يقبل أي مسار ينتقص من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية