الجزيرة:
2025-01-30@17:16:43 GMT

أبرز التغييرات في أمريكا الجديدة بعد عودة ترامب

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

أبرز التغييرات في أمريكا الجديدة بعد عودة ترامب

(1)
"الرب سوف يحمي هذه البلاد، لذلك سوف تفوز كامالا بالرئاسة"، كانت هذه إجابة سيدة أميركية من أصول أفريقية تعمل بمبنى إداري في قلب العاصمة الأميركية واشنطن، وعلى بُعد أقل من 500 متر من مبنى الكونغرس الأميركي (الكابيتول هيل)، وذلك حين سألتُها يوم الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري عن توقعاتها بشأن نتيجة الانتخابات.

ولكن على ما يبدو أن الرب لم يستجب لتوقعاتها وفاز المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب. فبعد ساعات قليلة من حديثي معها، كانت النتائج الأولية للانتخابات تظهر تقدّم ترامب في كافة الولايات السبع المتأرجحة على منافسته ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي جو بايدن.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الطاغية المبتسم عاد ليأخذ بالثأرlist 2 of 2بعد فوز ترامب.. قيمة تسلا تكسر حاجز تريليون دولار لأول مرة منذ عامينend of list

(2)
قبل أسبوعين من الانتخابات الأميركية وضعت منشورًا على صفحتي في الفيسبوك مفاده أن ثمة شعورًا لديّ بفوز ترامب بالرئاسة، رغم أن معظم استطلاعات الرأي كانت تعطي الأفضلية لكامالا هاريس.

لم يكن هذا تنجيمًا أو رجمًا بالغيب، بل قراءة في تحولات المجتمع الأميركي الذي أعيش فيه منذ أكثر من عقد ونصف العقد. أقطن في منطقة "فيرفاكس" شمال ولاية فرجينيا، التي تحولت إلى اللون الأزرق، أي باتت ولاية ديمقراطية، منذ انتخابات عام 2008، حين قلبها الرئيس السابق باراك أوباما لصالح الديمقراطيين بعد أن كانت تصوّت لعقود لصالح الجمهوريين.

ولكن على بُعد عشر دقائق جنوبًا حيث أسكن، إذا قدت سيارتك فسوف تجد نفسك داخل ما نسميه "ترامب لاند"، أي أرض ترامب، حيث تنتشر صورته وصورة نائبه "جي دي فانس" على أسوار المنازل والسيارات. هذه هي الحقيقة الاجتماعية والسياسية الجديدة التي يرفض الديمقراطيون، وخاصة التقدميين، الاعتراف بها.

(3)
إذا كان فوز ترامب في 2016 صدفة أو أمرًا طارئًا، فعودته الآن للبيت الأبيض، أصبحت هي "العادي" الجديد "the new normal" في أميركا. فوز ترامب بهذه القوة، حيث فاز بأغلبية المجمع الانتخابي، وكذلك بالتصويت الشعبي، وهي المرة الأولى التي يفوز فيها مرشح جمهوري بالتصويت الشعبي منذ عشرين عامًا، هو رسالة كاشفة وليست منشئة، عن التحولات الجوهرية والعميقة التي مرت بها أميركا على مدار العقدين الأخيرين.

وهي تحولات قرع جرسها قبل عقدين من الزمن عالم السياسة الأميركي المعروف والبروفيسور الراحل "صمويل هنتنغتون" في كتاب له صدر عام 2005 بعنوان "من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية لأميركا" (Who Are We? The Challenges to America’s National Identity). في كتابه، اعتبر هنتنغتون أن التدفق المستمر للمهاجرين، خاصة من أصول لاتينية، يهدد بتقسيم المجتمع الأميركي إلى ثقافتين ولغتين وشعبين، في حين كان يرى أن أميركا هي "دولة أوروبية بروتستانتية بيضاء".

بعد ثلاث سنوات من نشر كتاب هنتنغتون، سوف تتخلق حركة صغيرة في أحشاء الحزب الجمهوري، سماها البعض بحركة "حزب الشاي" "Tea Party"، تقف على يمين الحزب، وتحركها هواجس ثقافية وهوياتية وعنصرية، تغذت وقتها على انتخاب أول أميركي من أصول أفريقية، وهو الرئيس السابق باراك أوباما، كي يصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية.

وبدلًا من الاحتفاء والاحتفال بوصول "الحلم الأميركي" إلى كافة فئات وأطياف وأعراق الشعب الأميركي، كان انتخاب أوباما بمثابة "القادح" الذي أشعل شرارة ثورة صامتة سوف يستغلها بعد أقل من عقد، ترامب من أجل إيقاظ الشعور "المجتمعي" الكامن بالتفوق العرقي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي للأغلبية البيضاء على ما عداها.

(4)
بعد أقل من عقد، وكرد فعل على تلك "المضغة" التي تخلَّقت داخل الحزب الجمهوري واتجهت باتجاه أقصى اليمين سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا، تخلَّقت حركة أخرى، ولكن على الطرف النقيض، داخل أحشاء الحزب الديمقراطي، يسمّيها البعض بـ"التقدمية".

وهي حركة أو تيار سعى، ولا يزال، إلى توسيع مفاهيم الاندماج والانفتاح بكافة أشكاله الثقافية والهوياتية والجندرية دون قيود دينية أو أخلاقية.

وفي الوقت الذي لا تجد فيه هذه الحركة من يقودها، فإن ترامب كان في المقابل يرعى تلك المضغة "الجنينية" داخل الحزب الجمهوري، ويحولها إلى حركة سياسية واجتماعية وثقافية باتت تعرف بـ"الترامبية"، وهي خليط من اليمين الشعبوي والانعزالية والعنصرية والعداء للمهاجرين والإسلاموفوبيا.

وقد نجح ترامب بتحديه للمؤسسة التقليدية الحاكمة في أميركا، وهو القادم للسلطة من خارجها، في أن ينقل هذه الحركة من الهامش المجتمعي إلى المتن السياسي. بكلمات أخرى، نجح ترامب طيلة العقد الماضي في تحويل "الترامبية" من تيار قد يبدو "استثنائيًا" ومناقضًا "للحلم الأميركي" في صورته التقليدية، إلى اعتباره تيارًا "طبيعيًا" و"عاديًا" في المجتمع الأميركي.

واللافت – على ما يبدو – أن وجود ترامب على الساحة السياسية طيلة السنوات الأربع الماضية رغم هزيمته في الانتخابات أمام جو بايدن عام 2020، قد ساعد في عملية "التطبيع النفسي" و"الاعتياد الشعبي" على "الترامبية"، وهو ما جسدته بوضوح نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي اكتسح فيها ترامب كامالا هاريس، خاصة في الولايات المتأرجحة الثلاث داخل "حزام الصدأ" أو الحزام الأزرق، كما يسمى، وهي في العادة أقرب للديمقراطيين، وهي ولايات: بنسلفانيا، وميشيغان، وويسكونسن.

(5)
قطعًا هناك الكثير ليُقال عن الأخطاء الفادحة للديمقراطيين خلال هذه الجولة الانتخابية، والتي كلفتهم البيت الأبيض ومجلس الشيوخ، وربما النواب أيضًا، سواء ما تعلق الأمر بتأخر بايدن في الانسحاب من السباق الرئاسي، أو بعملية الانقلاب التي قادها ضده "سدنة" الحزب الديمقراطي أمثال نانسي بيلوسي وباراك أوباما وهيلاري كلينتون، لصالح هاريس، التي ترشحت بالصدفة وبطريقة غير ديمقراطية.

أو لتورطه وتواطُئِه هو ومعه هاريس في دعم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ورفض هاريس مجرد إعطاء وعود للعرب والمسلمين، والكتل الشبابية الرافضة للإبادة، بوقف الحرب وفرض حظر على بيع السلاح لإسرائيل إذا تم انتخابها دون أن ينفي هذا ذكاء وجرأة ترامب في اختراق القاعدة الانتخابية التقليدية للحزب الديمقراطي، سواء ما بين الأفارقة الأميركيين أو اللاتينيين أو قطاعات من العرب والمسلمين خاصة في ولاية ميشيغان، وإقناعهم بالتصويت له.

حيث قدّم ترامب نفسه لهذه الفئات بصيغتين: الأولى، والمعتادة، صيغة "الضحية" – ضحية الدولة العميقة والديمقراطيين والإعلام الليبرالي – والثانية هي صيغة أنه "حامل لواء التغيير" الذي يدافع عن حقوق الطبقة العاملة والأقليات والمهمشين، والتي كانت تقليديًا واحدة من أهم الأدوات التعبوية الانتخابية للحزب الديمقراطي.

وأخيرًا، فإن صعود ترامب وعودته للسلطة مرة أخرى، رغم ما يتعرض له من محاكمات واتهامات جنائية لم يتعرض لها رئيس أميركي من قبل، هو جزء من تيار عالمي يزداد ويتصاعد طيلة السنوات الماضية، وهو تيار اليمين الشعبوي، الذي وصل للسلطة في أكثر من بلد وقارة، سواء في أوروبا أو آسيا أو أميركا اللاتينية أو الشرق الأوسط. وهو صعود يجعل "الاستثناء الأميركي" يبدو كما لو كان، هذه المرَّة، أمرًا عاديًا.

وحتى يتدخل "الرب" كي ينقذ أميركا، وذلك كما تمنّت تلك السيدة التي التقيتها قبل أيام في العاصمة واشنطن، سيكون عليها، وعلى الديمقراطيين، والعالم أن يتكيف ويتعايش مع "أميركا الجديدة"، التي سوف يقودها الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة دونالد ترامب طيلة السنوات الأربع القادمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

بالفيديو .. تزامناً مع عودة أهالي شمال غزة وتفكيك محور نتساريم .. نتنياهو في جلسة محاكمة جديدة على قضايا الفساد التي تلاحقه

سرايا - بالفيديو.. تزامناً مع عودة أهالي شمال غزة وتفكيك محور نتساريم.. نتنياهو في جلسة محاكمة جديدة على قضايا الفساد التي تلاحقه


تالياً الفيديو عبر موقعنا:

بالفيديو.. تزامناً مع عودة أهالي شمال غزة وتفكيك محور نتساريم.. نتنياهو في جلسة محاكمة جديدة على قضايا الفساد التي تلاحقه #سرايا https://t.co/uakkjfOsW5 pic.twitter.com/XR7RjBdeTX

— وكالة أنباء سرايا الإخبارية (@sarayanews) January 27, 2025








تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 1271  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 27-01-2025 10:01 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
العثور على خاتم آخر إمبراطور بيزنطي في بلغاريا بيل غيتس يحذر: العالم غير مستعد نهائيًا لوباء جديد اميركا .. طالب يقتل زميلته داخل المدرسة ثم ينتحر بعد 61 يوما .. أميركية تعيش بكلية خنزير تسجل إنجازا كبيرا والدة "فتى الصويفية" تكشف لـ... وفاتان وإصابتان بحادث مروع في القويسمة .. فيديو النائب صالح العرموطي: "اللاءات" الملكية... من المكتب مع هاشم الخالدي .. الكشف عن ثغرة مكنت... السفارة المصرية في واشنطن ترد "ضمنيا" على... توقف المساعدات الأمريكية يهدد الخدمات الطبية...بالفيديو .. سرايا القدس تبث رسالة مصورة من الأسيرة...بالفيديو .. غزّي يختار طريقه بنفسه وينزح في... مكتب إعلام غزة: نسبة الدمار في شمال القطاع تجاوز 90% ميقاتي: إسرائيل تماطل في الانسحاب وتنتهك القرار... ارتفاع حصيلة الحرب مع إسرائيل إلى 47317 شهيداً مسن غزيّ يفارق الحياة في طريق عودته لمنزله شمال غزةبالفيديو .. شاهد لحظة تفتيش مركبات النازحين...بالفيديو .. نازح يحمل "أثاث بيته" فوق... محمد عبده: لن أعتزل .. وأبادل الجمهور حالة الشوق كاظم الساهر يحتضن حفيدتيه .. صورة تخطف القلوب إلهام الفضالة تكشف تفاصيل تعرضها للسرقة في لندن مصر .. سجن بلوغر شهيرة وزوجها السابق في قضايا احتيال شقيق أيمن زيدان يدافع عنه: رمز فني لا يجب تهديده... جمال أبو عابد في لقاء مع "سرايا": المنتخب الوطني أضاع فرصًا ذهبية .. والفيصلي رفض التعاقد مع لاعب يلعب بالدوري "الإسرائيلي" 3 إصابات في صفوف المنتخب الوطني في معسكر قطر النشامى ينهي تحضيراته لمواجهة أوزبكستان وديا برشلونة يعلن غياب بيدري عن مواجهة فالنسيا سينر يحتفظ بلقب أستراليا المفتوحة على حساب زفيريف لغز حيّر العلماء .. ما سر الحرائق المدمّرة حول العالم؟ هذه المعاهدة .. أنهت توسع العثمانيين ومهدت لسقوطهم ضغوط متزايدة على ترامب للكشف عن ملف هجرة الأمير هاري .. هل يواجه الترحيل؟ غدر بها فذبحته بالسكين .. ممرضة تصيب "قلب القاهرة" بالذعر بالصدفة .. الأشعة السينية تكشف امتلاء جسد رجل بكائنات مخيفة العثور على سفينة قديمة عمرها 2500 عام قبالة ساحل صقلية تسبب بإغلاق متحف لأسبوع كامل .. بريطاني ينتقم لطرده من العمل تطوير لقاح لوقف تفشي الأوبئة العالمية القادمة .. ما قصته؟ "الضوء الشبح" في كاليفورنيا .. ظاهرة غامضة تحمل مخاطر خفية "القولبة بالحقن" .. لحوم صناعية لا يُمكن تمييزها عن الطبيعية

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • أمراض القلب تقتل شخصا كل 34 ثانية في أمريكا
  • المصريين الأحرار يناقش أبرز القضايا المطروحة في مؤتمر التربية والتعليم أمن قومي
  • سقوط الطائرات في أمريكا.. إليك أبرز الحوادث الدامية
  • من 43 عاما حتى اليوم.. أبرز حوادث الطيران في أميركا
  • الذهب يستقر بعد قرار المركزي الأميركي تثبيت أسعار الفائدة
  • بيت هيغسيث.. وزير الدفاع الأميركي الجديد في إدارة ترامب
  • أميركا تمنع مؤقتا انهيار وقف النار في لبنان
  • كما قرر ترامب.. خرائط غوغل تغير خليج المكسيك إلى خليج أميركا
  • بالفيديو .. تزامناً مع عودة أهالي شمال غزة وتفكيك محور نتساريم .. نتنياهو في جلسة محاكمة جديدة على قضايا الفساد التي تلاحقه
  • مبيعات المنازل الجديدة في أميركا تتجاوز التوقعات خلال كانون الاول