عربي21:
2025-04-28@22:37:05 GMT

ترامب.. وحرق الخرائط!

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

فى السادس عشر من أغسطس الماضى أثار دونالد ترامب جدلا كبيرا، عندما قال خلال لقاء مع الجالية اليهودية فى الولايات المتحدة: «هل هناك طريقة للحصول على المزيد من الأراضى لإسرائيل، لأنها صغيرة على الخريطة بالمقارنة مع الدول الأخرى فى الشرق الأوسط؟».

وفى السادس من نوفمبر الجارى، قال ترامب فى خطاب النصر الذى ألقاه أمام أنصاره، بعد حسمه معركة الانتخابات الرئاسية ضد منافسته كامالا هاريس: «لن أبدأ الحروب، سأنهيها، ولن يكون من الضرورى استخدامها.

. دعونا نأمل أنه لن تكون هناك حروب».

التدقيق الشديد والمعمق فى هذين التصريحين يكشف لنا بوضوح عن رؤية ترامب لأهم القضايا المصيرية فى المنطقة، ونعنى بذلك قضية الصراع العربى الإسرائيلى، وأخطر ما فى هذه الرؤية أن الرجل العائد لمنصبه كرئيس لأقوى دولة فى العالم، لن يتقيد بالحدود والحقوق وقرارات الشرعية الدولية والخرائط التاريخية حال تدخله لوقف الحرب، لكنه سيعمل على تجاوزها بل وحرقها - إن أمكن - من أجل إرضاء الكيان الصهيونى، ومنحه الفرصة كاملة لفرض السيطرة التامة والمطلقة على المنطقة.

فى ولايته الأولى قدم ترامب «هدايا تاريخية» مجانية للدولة العبرية، واتخذ مواقف منحازة وتبنى سياسات لم يسبق لأى رئيس أمريكى سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا أن أقدم عليها، حيث اعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى هناك، واعترف كذلك بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية المحتلة منذ عام 1967 كما أنه رعى ما يسمى بـ«اتفاق أبراهام» الذى دفع دولا عربية إلى ركوب قطار التطبيع مع إسرائيل.

أما ولايته الثانية، فتبدأ على وقع حرب تدميرية طاحنة، يشنها جيش الاحتلال الصهيونى ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة منذ شهر أكتوبر من العام الماضى، سقط خلالها أكثر من ٤٤ ألف شهيد، وما يزيد عن ١٠٨ آلاف من الجرحى، فضلا عن تدمير معظم المنازل والبنية التحتية فى القطاع، ما جعل الحياة فيه شبه مستحيلة، كما أن هذه الحرب التدميرية المدعومة أمريكيا، لم تتوقف عند حدود غزة، بل امتدت إلى لبنان وتوسعت بشكل كبير منذ سبتمبر الماضى، وسقط فيها أيضا آلاف الشهداء والجرحى، فضلا عن تدمير أكثر من ٢٥٪ من قرى الجنوب اللبنانى، بالإضافة إلى تهجير نحو مليون لبنانى من منازلهم.

خلال حملته الانتخابية، تفاخر ترامب بقدرته على تحقيق الاستقرار فى المنطقة، وقال فى أكثر من مرة إنه «خلال ولايته الأولى كان هناك سلام فى الشرق الأوسط، وسوف ننعم بالسلام مرة أخرى قريبا جدا.. سأصلح المشاكل التى تسببت فيها هاريس وجو بايدن»، وأضاف: «أريد أن أرى الشرق الأوسط يعود إلى السلام الحقيقى.. السلام الدائم.. وسننجز ذلك بشكل صحيح حتى لا يتكرر كل 5 أو 10 سنوات»، متعهدا أيضا بأنه «سيقدم لإسرائيل الدعم الذى تحتاج إليه للانتصار، لكننى أريدهم أن ينتصروا بسرعة!!».

من الوارد جدا تدخل ترامب لوضع حد لحرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة ولبنان، وعدم الانخراط بشكل كبير فى الصراع العسكرى بالإقليم، مثلما فعلت إدارة سلفه جو بايدن خلال العام الماضى، لكن كيف سيكون شكل ذلك التدخل وبأى ثمن؟.. ذلك هو السؤال الذى ينبغى على الجميع فى هذه المنطقة الاستعداد للتعامل مع تداعياته السلبية المحتملة، والتحديات التى سيفرضها على واقعهم.

أغلب الظن أن الرئيس الأمريكى المنتخب، والقادم من دوائر المال والأعمال والتجارة والمقاولات، والبارع فى تنفيذ «الصفقات السريعة»، وغير المكترث بالقرارات الدولية والحقوق التاريخية للشعوب العربية، سيحاول جاهدا إعادة إحياء ما أسماه فى ولايته الأولى «صفقة القرن»، التى تنتصر للمحتل الصهيونى، وتبارك سرقته للأرض والمقدسات فى فلسطين المحتلة، وتفرض على الدول العربية التطبيع المجانى مع دولة الاحتلال حتى من دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة.
إعادة إحياء مثل تلك الصفقة أو طرح أى صيغة مشابهة لها فى المستقبل، لن يكتب لها النجاح، طالما تفتئت على الحقوق الشرعية والتاريخية للشعب الفلسطينى، ولن تعدو عن كونها محاولة فاشلة لتجميل وجه الاحتلال الصهيونى القبيح، ومنحه انتصارا سياسيا لم يستطع الحصول عليه بقوة السلاح، رغم جرائم القتل والتجويع والإبادة الجماعية والتهجير التى ارتكبها على مدى ثلاثة عشر شهرا فى مختلف الساحات العربية، وبالتالى لا يمكن التعويل عليها لإخماد نيران الحرب الدائرة حاليا، بل ستكون عاملا مساعدا فى إشعال المزيد من الحرائق فى المنطقة.

(الشروق المصرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب الفلسطينيين صفقة القرن امريكا فلسطين ترامب صفقة القرن مقالات مقالات مقالات صحافة مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة عالم الفن سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟

يتّفق المحللون الإسرائيليون على أنّ المذكرةَ التي قدّمها رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار إلى المحكمة العليا، (أعلى سلطة قضائية)، وما تضمّنته من اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ستعمّق الأزمة الداخلية في إسرائيل، وتنعكس مباشرة على مسار مفاوضات وقف الحرب في قطاع غزّة.

لا جدال حول ما يعيشه نتنياهو اليوم من لحظة تقييم حقيقية، بعد أن حصل في السابق على تفويض غير مشروط لتصعيد الحرب من أجل استعادة الأسرى، وتحقيق أهداف عسكرية، دون أن ينجح فعليًا في أي منها.

لم تهدأ الساحة الداخلية الإسرائيلية، ولم تستكن تلك الاحتجاجات الملونة في دعواتها، التي تبدأ بالدفع بالحكومة نحو إبرام صفقة الأسرى مع حركة حماس ووقف النار، ولا تنتهي عند حالات التمرّد داخل المؤسسات العسكرية، والتي شكّلت حالة "توترية" مستحدثة سببتها تلك الرسالة العلنية التي نشرها نحو ألف من أفراد سلاح الجو الإسرائيلي في 10 أبريل/ نيسان الجاري، والتي تدعو إلى إعادة الأسرى ووقف الحرب.

لا شكّ أن الداخل الإسرائيلي يشهد على اهتزازات، لم تعهدها الدولة العبرية في تاريخها، حيث وصلت الحال بزعيم المعارضة الإسرائيلي، يائير لبيد، في تصريحات أطلقها، الأحد 20 أبريل/ نيسان الجاري، إلى حدّ التحذير من أن هناك كارثة ستبدأ من الداخل الإسرائيلي "نتيجة التحريض المستمر"، محملًا رئيسَ جهاز الأمن المسؤولية عن "الفشل في التعامل مع هذه التحديات".

إعلان

كما أضاف لبيد، أنه "وفقًا لمعلومات استخباراتية، نحن مقبلون على كارثة وهذه المرة ستكون من الداخل". ما دام أن جميع المعطيات تتقاطع حول موضوع الانهيار الداخلي الإسرائيلي، فلمَ لم يحصل إذًا؟

عقبات كثيرة تقف عائقًا أمام استمرارية حكومة نتنياهو، وإشكاليات تطرح عليها من الداخل والخارج، وهذا ما برزَ بعد استئناف حربه على قطاع غزة، حيث تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الضغوط داخل الحكومة على رئيسها، لاتخاذ قرار باحتلال كامل قطاع غزة، في ظلّ مخاوف رئيس الأركان الجديد إيال زامير من الثمن العسكري لمثل هذه الخطوة.

يشير أغلب التقارير إلى أن إطالة أمد الحرب في المنطقة، يصبّ في صالح توفير الحماية لنتنياهو، الذي تحيط به ملفات مشبوهة. هو الذي مثَلَ في مارس/ آذار الماضي أمام المحكمة المركزية في تل أبيب، للردّ على اتهامه بالتورط في فساد وتلقّي رِشا.

كُشفت نوايا نتنياهو من خلال إفشال مسارات التفاوض، ومن الذهاب إلى الخيار العسكري، ولكن الذي ما يزال غامضًا، هو الموقف الأميركي (اللين) تجاه نتنياهو، ورفضه المقترحات التي قدّمها الأميركي لحلّ الأزمة في المنطقة.

هذا (التراخي) الأميركي تجاه نتنياهو، قابله صرامة وصلت إلى حدّ "البهدلة" بالنسبة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض عقب لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 فبراير/شباط الماضي.

لا يوفّر ترامب مناسبة إلا ويتهجم فيها على زيلينسكي، لا بل ذهب بعيدًا في مواقفه، عندما عرض عليه الأربعاء 23 أبريل/ نيسان الجاري، ورقة "الذل" لإنهاء الحرب، طالبًا منه الموافقة على التخلي عن شبه جزيرة القرم، من خلال أخذ كييف إلى الاعتراف بملكيتها لروسيا. لا يتوقف الموضوع عند فرض الاستسلام على كييف، بل ذهب بعيدًا في المطالبة بالاستيلاء على الموارد النادرة في أوكرانيا. رغم أن ترامب أطلق في حملاته الانتخابية مواقف حاسمة تتعلق بإنهاء حالة الحرب في كل من القطاع وأوكرانيا.

إعلان

لا مصالح لأميركا في الحرب الدائرة في أوكرانيا، بل على العكس هناك مكاسب لها تستطيع أن تستغلها لصالح سياساتها في الشرق الأوسط. يفتّش ترامب عن صادقات مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، كيف لا وهو يجد في أوكرانيا تسوية كبرى ترتبط بمنطقة الشرق الأوسط.

إنّ جلّ ما يريده الرئيس الأميركي من روسيا ممارسة المزيد من الضغط على حليفتها إيران للتوصل إلى تسويات في المنطقة، بهدف إبعاد شبح الحرب معها.

أفصح نتنياهو عن "تهديد وجودي" يداهم إسرائيل من خطورة التسوية التي تقودها أميركا مع إيران، ورفع من مستوى خطابه تجاه إيران. فعبّر قائلًا الأربعاء 23 أبريل/ نيسان، إن "إيران تمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل وخطرًا على مستقبلها"، مؤكدًا عزم حكومته على مواصلة التصدي لما وصفه بـ"الخطر الإيراني" حتى لو اضطرت إسرائيل للتحرك بمفردها".

هذا السقف العالي من التهديدات تحتاجه إدارة ترامب، كي تستغلّه لفرض شروطها في المفاوضات مع الجانب الإيراني. وبهذا يتبلور ما تخطط له واشنطن في المنطقة، بعيدًا عن التوجّسات الإسرائيلية، مستغلة تهديدات نتنياهو تجاه إيران.

إنّ زيارة وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، إلى الرياض، السبت 19 أبريل/ نيسان الجاري، وإعلانه عن "طريق مشتركة" لاتفاق نووي مدني مع السعودية، دليل واضح على ما تراه الإدارة الأميركية للمرحلة القادمة في المنطقة، ودليل إضافي على أن النظرة الأميركية تختلف كل الاختلاف عن نظرة نتنياهو.

في السبعينيات، قام نيكسون ووزير خارجيته في حينها "هنري كيسنجر" ببلورة مبادئ ما سُمي "سياسة الركيزتين" ووقتها الخطة استهدفت ضمان استقرار إقليمي، ووفرة النفط ومساعدة متبادلة ضد النفوذ السوفياتي، بينما اليوم تتوجه ضد النفوذ الصيني.

وقعت المملكة مع الولايات المتحدة على اتفاقية المادة 123 التي تطرق إليها قانون الطاقة النووية الأميركية من العام 1954، والذي يسمح لواشنطن بنقل التكنولوجيا النووية إلى دول أخرى. قد تهدف واشنطن من هذا الاتفاق إلى خلق تقاربات إقليمية تعتمد على ركائز متنافسة، بدل اللجوء إلى خيار الحروب المباشرة، التي يحتاجها نتنياهو.

إعلان

ليس صحيحًا أن يد نتنياهو مطلقة التصرف، بل الأصح هو أن لواشنطن حساباتها في المنطقة، وأن نتنياهو أصبح أداة تدار من قبل الإدارة الأميركية، التي تتصرف بما ينسجم مع مصالحها.

فنتنياهو يدمر غزة لأجل تحقيق الممر الاقتصادي الهندي، وبناء "ريفيرا الشرق"؛ تمهيدًا لفتح الاستثمارات الأميركية تحديدًا الخدماتية والسياحية.

لهذا لن يتخلَّى ترامب في المدى المنظور عن نتنياهو، ولن يُسمح للداخل الإسرائيلي بالتهور وأخذ الأمور نحو الانهيار، ما دام لم تُرسم المنطقة بحسب مع تريده واشنطن، ولم يزل النظام الدولي يرسم أطره العامة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • واجهة Google Maps الجديدة على أندرويد لن تمنعك من تصفح الخرائط في الخلفية
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
  • ترامب يسجل أدنى نسبة تأييد لرئيس أميركي خلال أول 100 يوم من ولايته
  • عاجل- الحكومة: لن يكون هناك تخفيف للأحمال صيف 2025
  • ترميم خرائط نادرة يحيي الأمل في الحفاظ على تاريخ ليبيا
  • اللواء رضا فرحات لـ «الأسبوع»: زيارة ترامب للشرق الأوسط نقطة فارقة في العلاقات الأمريكية بدول المنطقة
  • أحمد فتوح يكشف الرقم الحقيقي لقيمة دية شخص صدمه بسيارته في الساحل
  • إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
  • عاجل - ترامب يفاجئ نتنياهو: "كونوا طيبين مع غزة.. الناس هناك يتألمون"
  • ترامب: هناك حاجة ماسة للأدوية والغذاء في غزة وسنهتم بذلك