قصة سورة الإخلاص.. اعرف سبب التسمية والنزول وتفسيرها
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
لاشك أن قصة سورة الإخلاص تعد أحد الأسرار التي ينبغي تحريها والبحث فيها لمعرفتها، وذلك لأن قصة سورة الإخلاص تفتح إحدى أبواب الكنوز المتعلقة بكلام الله سبحانه وتعالى ، الذي به الفوز في الدنيا و النجاة في الآخرة ، من ثم تعد قصة سورة الإخلاص من أهم القصص التي ينبغي العلم بها، لعلنا نغتنم نفحاتها وبركاتها وهي من أقصر سور القرآن الكريم.
ذكر بعض المفسّرين أنّ قصة سورة الإخلاص سبب نزولها ؛ الردّ على المشركين الذين جاؤوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يسألونه عن ربّه عزّ وجل؛ بقولهم: انسب لنا ربك، وقيل إنّها نزلت بسبب سؤال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم؛ بقولهم: صف لنا ربك، وسواءٌ كان المشركون أو اليهود قد سألوا عن الله عزّ وجلّ؛ فإنّ الجواب جاء واضحًا في السورة الكريمة، فأنزل الله تعالى قوله: (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ* اللَّـهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ).
و ورد في سبب نزولها عدة روايات، والأصح منها: أن قريشاً طلبوا من النبي -صلّى اللَّه عليه وسلّم-، أن يُبيّن لهم نسب ربه -سبحانه وتعالى-؛ فأنزل -عز وجل- سورة الإخلاص.
سورة الإخلاصتعد سورة الإخلاص هي سورةٌ مكيَّةٌ، عدد آياتها أربعُ آياتٍ، وجاءت تسميتها بذلك؛ لِما فيها من معاني التوحيد الخالص لله ربّ العالمين، وهو الذي اشتهرت به، وسُميّت كذلك "قل هو الله أحد" لابتدائها به، وتسمى "التوحيد"، وتسمى "الأساس"، وتسمى "الصمد"، وتسمى "الولاية"، وسورة الإيمان، كما لها أسماء عديدةٌ ، ولكل اسم منها سبب تسمية.
سبب تسمية سورة الإخلاصوجاءت تسمية سورة الإخلاص بهذا الاسم؛ لعدّة أمورٍ، منها ما ذُكر عن الإمام ابن الأثير رحمه الله؛ أنّها خالصةٌ في التعريف بالله تعالى من حيث صفاته تقدّس وتعالى، أو قال: إنّ الذي يتلوها على محمل الجدّ؛ يكون قد أخلص في توحيده لله ربّ العالمين، وكلمة الإخلاص هي ذاتها كلمة التوحيد، والمُخلص هو المنتقى والمختار، وهو الموحّد، والتخليص: هو النجاة من كلّ شائبةٍ؛ أي أنّ العبد بتوحيده قد نجى من كلّ شيءٍ ينافي عبادة الله وحده والإخلاص له، والإخلاص لله تعالى هو توحيده والاستسلام له، كما أنّه في العبادة: ترك الرياء والعجب، والإخلاص في العمل لله سبحانه وتعالى.
تفسير سورة الإخلاصافتتحت السورة الكريمة بـ (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ). وهو توجيه رباني للنبي -صلّى اللَّه عليه وسلّم-؛ كي يرد على المشركين حين سألوه أن ينسب ربه -سبحانه وتعالى-، فيعلن لهم أن ربه الذي يعبده واحد متفرد عن كل الأشياء والمعبودات التي يعبدها الآخرون، فهو واحد ليس كما يزعم المشركون؛ وواحد ليس كما تدعي النصارى، وغيرهم من أهل الشرك.
وجاء في قوله: (اللَّـهُ الصَّمَدُ). الصمد هو السيّد الذي تتّجه إليه، وتحتاجه كل الخلائق، وهو لا يحتاج أحداً؛ وهذا يعني أنه -سبحانه وتعالى- متصف بكل صفات الكمال والجمال، ولذلك لم يحتج أي شيء، واحتاجه كل شيء.
وورد في قوله (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ). أن الله -سبحانه وتعالى- ليس له ولد وليس له والد؛ وهذا من مقتضيات أنه واحد متفرد، ومن كونه صمداً لا يحتاج أحداً، وفي الآية رد على اليهود الذين زعموا أنّ عزيراً ابن الله -سبحانه وتعالى-. وردّاً على النصارى الذين ادعوا أنّ المسيح ابن الله -سبحانه وتعالى عما يصفون-، وفي الآية زيادة على الرد على اليهود والنصارى، بالرد على شيء لم يقل به أحد وهو ادعاء أن لله -سبحانه وتعالى- والداً.
وتُبيّن الآية الكريمة (وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ). صفة أخرى من صفات الله -سبحانه وتعالى-؛ التي تشهد بوحدانية الله وتفرّده، فهي تبين أنه لا يوجد مثيل ولا مُكافئ، ولا ند له -سبحانه وتعالى-، وهي تنفي في الوقت ذاته أنه يكون له زوجة، وهي تنفي أن تكون الملائكة والأصنام أنداداً له -عز وجل-؛ كما يزعم مشركو العرب.
مقاصد سورة الإخلاصاشتملت سورة الإخلاص على مقاصد عدَّةٍ؛ وأبرزها:
جاءت سورة الإخلاص إثباتًا لوحدانية الله الخالق سبحانه وتعالى، وتأكيدًا على صمديّته وحاجة الخلق إليه في شتّى مواطن حياتِهم.
جاءت سورة الإخلاص نافيةً لأيّ شركٍ في جناب الله عزّ وجلّ؛ فنفت أن يكون لله تعالى ندٌّ أو شريكٌ، ونفت أن يكون لله والدٌ أو ولدٌ، ونفت أن يكون أيّ مولودٍ إلهًا، وفي ذلك إشارةٌ إلى ما ادُّعيَ على عيسى عليه السلام.
جاءت سورة الإخلاص مشتملةً على أهمّ أركان الدين والشريعة؛ إذ احتوت الحديث عن التوحيد الذي هو جوهر الدّين، الذي بعث الله تعالى الأنبياء جميعًا لدعوة الناس إليه؛ ولذلك كانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن الكريم.
جاءت سورة الإخلاص تعمل على تشكيل فكر العبد المؤمن وسلوكه، سواءً في العبادة أو في المعاملة، وهذا ما رأيناه في تكوينها للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضي الله عنهم.
جاءت سورة الإخلاص أصلًا لكثيرٍ من المبادئ والمعتقدات المجتمعيّة التي ينبغي أن يقوم عليها البناء المجتمعيّ المسلم؛ فمثلًا اعتمد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على ترسيخ العقيدة الإسلاميّة في الدولة التي أنشأها، فقام أوّل عهده في المدينة ببناء المسجد، ووفقًا لذلك صار القرآن والسنة هما مصدرا التشريع والحكم في الدولة الإسلاميّة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سورة الإخلاص الإخلاص صلى الله علیه وسلم سبحانه وتعالى لله تعالى
إقرأ أيضاً:
أمين البحوث الإسلامية: رمضان شهر الضبطية المتكاملة للقلب والجوارح.. صور
أكد الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، اليوم الثلاثاء، خلال درس التراويح بالجامع الأزهر، أن شهر رمضان يمثل «ضبطية متكاملة» للإنسان، تشمل روحه وقلبه وجوارحه.
وأضاف الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الأساس في ذلك هو القلب، استنادًا إلى حديث النبي: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
وأوضح خلال درس التراويح بالليلة الرابعة من ليالي شهر رمضان المبارك أن القيام في رمضان يعد من أهم وسائل تحقيق هذه الضبطية.
وأشار إلى أن النبي بين فضله العظيم، وسار الصحابة والسلف الصالح على نهجه، حيث كان أبو مسلم الخولاني رضي الله عنه يقوم الليل، ويقول: «أيظن أصحاب محمد أن يسبقونا إليه؟ والله لنزاحمنهم عليه حتى يعلموا أنهم خلفوا رجالًا». وكذلك النساء سرن على هذا المنوال، فهذه السيدة معاذة الأنصارية -رضي الله عنها- التي كانت تقول عند قيامها: «يا ربي، هذا ليلك قد أقبل، وقد خلى كل حبيب بحبيبه، وأنت حبيبي يا ربي».
وأضاف أن من أهم وسائل تحقيق التوازن الروحي في رمضان الخلوة مع الله، حيث تُعين الإنسان على تصفية قلبه وإعادة ترتيب أولوياته، موضحًا أن الخلوة نوعان: خلوة باطنة تتجلى في الصمت والتأمل، وخلوة ظاهرة، وقد ورد في حديث السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت عن رسول الله: «ثم حبب إليه الخلاء». وفي ذلك يقول الإمام عبد الله بن أبي جمرة: «تبدأ النبوة بالخلوة، وتبدأ الولاية بالخلوة».
وأشار إلى أن الإخلاص ركن أساسي في تزكية النفس، فلا بد أن يكون العمل خالصًا لله بعيدًا عن الرياء، مشددًا على أن المخلص لا يرى إخلاصه، بل يستصغر عمله مهما بلغ، مستشهدًا بما قيل في الإخلاص: «الإخلاص هو ألا ترى إخلاصك، فمن رأى في نفسه مخلصًا فليس بمخلص».
وفي ختام حديثه، دعا الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية المسلمين إلى استثمار شهر رمضان في تصفية القلوب، والإقبال على الله بصدق، راجيًا أن يتقبل الله من الجميع صيامهم وقيامهم، ويجعل رمضان شهر طمأنينة وسكينة للنفوس.
ويُحيي الجامع الأزهر خطته العلمية والدعوية لشهر رمضان المبارك بتوجيهات ورعاية فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وتتضمن: مقارئ قرآنية، ملتقيات دعوية عقب الصلوات، دروسًا علمية بين التراويح، صلاة التهجد في العشر الأواخر، تنظيم موائد إفطار يومية للطلاب الوافدين، إضافة إلى احتفالات خاصة بالمناسبات الرمضانية، وذلك في إطار الدور الدعوي والتوعوي الذي يضطلع به الأزهر الشريف لنشر العلوم الشرعية وترسيخ القيم الإسلامية السمحة.