كتب جورج شاهين في" الجمهورية": تتّجه الأنظار بعد غد الاثنين إلى القمة العربية ـ الاسلامية "غير العادية" التي دعت إليها المملكة العربية السعودية في الرياض "في ظل تفاقم الأزمة التي يشهدها أشقاؤنا في دولة فلسطين، واتساع رقعة النزاع لتشمل الجمهورية اللبنانية، وامتداد آثار الأزمة إلى دول المنطقة"، كما جاء في نص الدعوة إليها، وهو ما سيشكّل اول امتحان لمصير الجهود السعودية لبناء الحلف الدولي الجديد من أجل "حل الدولتين"، وأول مؤشر لطريقة التعاطي مع الرئيس دونالد ترامب العائد إلى البيت الابيض.

وهذه هي المؤشرات المؤدية إلى هذه القراءة.

لم يُعرف بعد إن كانت الدعوة التي وجّهها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الملوك والأمراء والرؤساء العرب للمشاركة في القمة العربية - الإسلامية المشتركة غير العادية، التي ستُعقد بعد غد الاثنين في الذكرى السنوية الاولى للقمة التي عُقدت في اليوم عينه من العام الماضي في الرياض، خطوة مقصودة في ظل صعوبة اعتبارها امراً قد جرى بالمصادفة. وإن كان لا بدّ من أن يظهر الهدف من اختيار التوقيت عينه في وقت لاحق، فإنّه لا يلغي أهمية انتظار ما يمكن ان تسفر عنه في هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ فيها المنطقة، بعدما توسعت فيها الحرب إلى مديات لم تكن محتسبة من قبل، او بالنسبة إلى العالم الذي يستعد لاستقبال الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، العائد على "حصان أبيض" إلى البيت الذي يحمل اللون نفسه.
وفي انتظار التثبت من أهمية عقد هذه القمة في توقيتها، يجدر التوقف امام مجموعة من الأسئلة المرتبطة بشكلها، وإن كانت ستجمع ما جمعته القمة السابقة التي شارك فيها 38 ملكاً وأميراً ورئيس دولة وحكومة من العالمين العربي والإسلامي، والتي عُقدت على عجل واستثنائياً في موعد فصل أقل من 24 ساعة على القمة العربية الطارئة التي دعت إليها الرياض بعد شهر وأربعة أيام على حرب "طوفان الأقصى"، والردّ الإسرائيلي عليها بـ "السيوف الحديدية" قبل ان ينضمّ "حزب الله" بإعلانه حرب "الإلهاء والإسناد" وما تلاها من عمليات عسكرية واسعة واستخدام تل ابيب للقوة المفرطة التي فاجأت الجميع بلا استثناء، بما فيها المستندة إلى التقدّم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي التي أربكت منظومة "القيادة والسيطرة" للحزب في وقت قياسي.
وإن كان ما يجري في قطاع غزة قد استأثر باهتمامات القمة السابقة، فإنّ ما يجري في لبنان أُضيف اليها هذه المرّة، وخصوصاً انّها أحداث تجاوزت في حدّتها وانعكاساتها ما تركتها الحرب في قطاع غزة ونقلت تردّداتها إلى دول بعيدة كل البعد عن مسرح العمليات الأولى، لمجرد أن انضمّ اليمن والعراق من باب التعاون وفق منطق "وحدة الساحات"، ولحقت بهما طهران منذ أن انخرطت في اكثر من ردّ على عمليات إسرائيلية استهدفت قنصليتها في دمشق، قبل ان تغتال ضيفها اسماعيل هنية في قلب طهران وقادة "حزب الله" يتقدّمهم أمينه العام السيد حسن نصرالله وخليفته المحتمل السيد هاشم صفي الدين وقبلهما ومن بعدهما القادة الآخرون.
على هذه الخلفيات، قرأت مراجع ديبلوماسية أكثر من سيناريو عشية انعقاد القمة، وتوقفت أمام مجموعة من المخاوف التي تحوط بحجم التحضيرات لها وإمكان ان تتوصل إلى مجموعة قرارات يمكن تنفيذها، فلا تنتهي مفاعيلها كما انتهت اليها القمة السابقة، وتتكرّر التجربة عينها وينسى العرب والمعنيون بها كل ما انتهت اليه قبل ان يجف حبرها. ولذلك سعت هذه المراجع إلى إجراء المقاربة اليها من زوايا مختلفة، وخصوصاً انّها ستُعقد في وقت أطلّت فيه الولايات المتحدة بوجهها الجديد لمجرد الاستعداد لعودة ترامب إلى البيت الابيض، وما يمكن ان تشكّله من امتحان لآلية تعاطي العرب معه من ضمن علاقاتهم بالمجتمع الدولي وإمكان استعادة ما فقدته المجموعة العربية من مواقع القوة الدولية، وخصوصاً على مستوى المملكة السعودية. فهي كانت قد قطعت أشواطاً سياسية واقتصادية في علاقتها معه، قبل ان يخرج من البيت الابيض، ولم تكن بعد قد حققت اي خطوة بالنسبة إلى التقارب الذي تحقق مع طهران قبل صدور وثيقة بكين في العاشر من آذار 2023.
وعليه، أضافت المراجع، انّها ولإجراء أكثر المقاربات منطقية، عليها العودة إلى مثلث العلاقات المؤثرة في ما يجري على ساحات المنطقة، ولا سيما منها فلسطين المحتلة ولبنان، والذي يستند إلى ثلاثية العلاقات بين الرياض وواشنطن وطهران، قبل قياس نهاياتها وخلاصاتها على العلاقة مع تل أبيب. وهي معادلة لا يجب ان تغفل أهمية بقية المحاور الدولية المكمّلة للعلاقات المتشابكة بين كل طرف من الأطراف. هذه الرباعية التي يمكن في حال أُنجز اي اتفاق ما بين أطرافها، ان يستدرج دعماً دولياً واقليمياً يساهم في تطبيق اي قرار يمكن التوصل اليه في شأن وقف الحرب، لمجرد انتصار الخيارات الديبلوماسية على العسكرية منها، ورسم خريطة الطريق إلى "اليوم التالي" في غزة ولبنان.
وعند الغوص في قلب جدول أعمال القمة وما تضمنته الدعوة إليها عندما تمّ حصره بما يجري "في دولة فلسطين، واتساع رقعة النزاع لتشمل الجمهورية اللبنانية، وامتداد آثار الأزمة إلى دول المنطقة". كما من أجل "اتخاذ موقف حازم تجاه الجرائم الشنيعة ضدّ الشعب الفلسطيني الشقيق، والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للمقدسات الإسلامية في دولة فلسطين، والاعتداءات السافرة على الأراضي اللبنانية". و"الدفع في اتجاه إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية". فإنّ ذلك يستدعي بديهياً ان يكون أبرز طرفي القمة غير العادية، الرياض وطهران، على موجة واحدة من هذه الصيغة التي ربطت السعودية مستقبل اي خطوة تطبيعية مع إسرائيل بها، وملخصها "ما يكفل حق الشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
وإلى هذه الملاحظات، تختم المراجع عينها لتقول، انّ الرهان على مقررات القمة يحوط به كثير من الشكوك المبرّرة، وخصوصاً إن شكّلت امتداداً للجهود السعودية الهادفة الى "حلف دولي" من اجل تحقيق "حل الدولتين" كما تريده. ذلك انّ مصير قرارات القمم العربية السابقة، وتلك التي انتهت اليها القمم الإسلامية، متشابهة ولم ير كثير منها النور. ولذلك فإنّ حصيلتها رهن بأمرين اساسيين: اولهما أن يكون قادة العالمين العربي والإسلامي على موجة واحدة، وهو أمر مستحيل حتى اليوم. وثانيهماً يرتبط بما ستكون عليه العلاقة مع واشنطن ضماناً للوصول إلى ما يوفّر الأجواء لقرارات وخطوات قابلة للتحقيق، إن ما زالت "القضية الفلسطينية" هي "قضية العرب والدول الإسلامية الكبرى".
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: غیر العادیة ما یجری قبل ان

إقرأ أيضاً:

كوشنر يكشف رؤية ترامب: 10 دول ستنضم إلى اتفاقيات أبراهام بعد السعودية

كشف كبير مستشاري الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب السابق أن باكستان وأندونيسيا من بين الدول المتوقع انضمامها إلى "اتفاقيات أبراهام"، قائلا: "أخبرت إدارة بايدن أنه يمكن التوصل إلى اتفاق مع في غضون ثلاثة حتى ستة شهور".

وقال كوشنر، الصهر والمستشار الكبير السابق لترامب ومهندس "اتفاقيات أبراهام"، في مقابلة متعمقة لبودكاست "استثمر مثل الأفضل" مع باتريك أوشونيسي: إن "خطط ترامب للعودة المنتظرة إلى البيت الأبيض تعد بتوسيع كبير لدائرة السلام في الشرق الأوسط".

وأضاف "سيكون الاتفاق مع المملكة العربية السعودية هو المفتاح، لأن هناك عشر دول أخرى ستنضم مباشرة بعد ذلك، ومن بين دول أخرى باكستان وإندونيسيا، كان لدينا الكثير من الدول التي أرادت الانضمام حقًا"، كاشفا أنه خلال الفترة الانتقالية بين الإدارات، أخبر فريق بايدن أنه يمكن التوصل إلى اتفاق مع السعودية في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر.

واعتبر "لقد أهدروا عامين في انتقاد السعودية، ثم بدأوا أخيرا في تبني سياساتنا.. لقد فعلوا ذلك بطريقة علنية وخرقاء، ولم يتعاملوا مع قضية إيران والفلسطينيين بشكل صحيح"، بحسب ما نقلت صحيفة "يسرئيل هيوم".


وانتقد كوشنر سياسة إدارة بايدن تجاه إيران "في عهد أوباما، باعت إيران 2.6 مليون برميل من النفط يوميا، وعندما غادر ترامب البيت الأبيض، باعوا بالكاد 100 ألف برميل يوميًا، توقفت إدارة بايدن عن تطبيق العقوبات وباعوا ما قيمته أكثر من 150 مليار دولار من النفط، مما سمح لهم بإعادة ملء الخزائن".

وفيما يتعلق بوضع إيران الحالي، يرى كوشنر أن "إيران اليوم أضعف مما كانت عليه منذ فترة طويلة، وكان حزب الله هو البندقية التي صوبها إلى رأس الرهينة، وكانت إسرائيل هي الرهينة، واليوم هم مذعورون للغاية لأنهم لا يعرفون كيف يمكن ذلك". 

واعتبر "لقد اخترقتهم الاستخبارات الإسرائيلية بعمق، ومن المعلومات التي سمعتها - إنها عميقة جدًا في العملية الأخيرة التي نفذتها إسرائيل، فقد دمروا جميع أنظمة الدفاع الجوي لديهم وجزءًا كبيرًا من قدرتهم على إنتاج صواريخ بعيدة المدى، مما يعني أنه لا يوجد لديهم القدرة على تحمل صراع طويل الأمد".

وقبيل دخول ترامب المتوقع لولاية ثانية في البيت الأبيض، يعرض كوشنر رؤية تغيير وجه المنطقة: "رؤيتنا كانت إنشاء كتلة اقتصادية واحدة تربط من ميناء حيفا في إسرائيل إلى مسقط في عمان، حيث يمكن للناس التجارة ونقل التكنولوجيا والاستثمار في بعضهم البعض".

ويصف كوشنر التغيرات الدراماتيكية التي تمر بها دول الخليج والإمكانات الهائلة التي تكمن في التعاون مع إسرائيل بالقول: "عندما بدأت العمل مع المملكة العربية السعودية في عام 2017، كان الوضع مختلفًا تمامًا عما ترونه اليوم، وجيل الشباب يتولى زمام الأمور بالفعل.. إنهم يبنون الأشياء، ويستثمرون في التكنولوجيا، والجيل الأصغر يريد حقًا اتباع مسار مختلف عما كان يعتقد أنه ممكن في الماضي."

وأضاف أن "ترامب يأتي بمعرفة أكبر بكثير عن المشاكل.. وتنفق هذه المناطق أعلى النسب من الناتج المحلي الإجمالي على الجيش، وإذا تمكنت من تحويل هذه الأموال إلى الجسور والتعليم، مع سكانها الشباب، فإن ذلك سيرفع المنطقة بأكملها".

وقبل ولاية ترامب الثانية، يؤكد كوشنر على المزايا: "يأتي ترامب بمعرفة أكبر بكثير حول القضايا، ولن تكون هناك فترة تعلم مثل المرة الأولى، هو لديه فريق رائع من الأشخاص في جميع مجالات الإدارة".

 ويذكر كوشنر على وجه التحديد ستيف ويتكوف، المبعوث المعين إلى الشرق الأوسط: "لقد كنت أعمل بشكل وثيق مع ستيف لمدة عام تقريبًا. لقد كان صديقًا جيدًا لي لفترة طويلة، وأنا أساعده على الاستعداد حتى يتمكن من ذلك، ويمكن لترامب استكمال العمل الذي بدأناه في الولاية الأولى".

وعندما يقارن الوضع الذي استقبل فيه ترامب الشرق الأوسط بالوضع اليوم، يصف كوشنر صورة دراماتيكية: "عندما أتينا، كان الشرق الأوسط في حالة من الفوضى الكاملة، كانت هناك حرب أهلية في سوريا راح ضحيتها 500 ألف شخص، واستخدم الأسد الأسلحة الكيميائية ضد المعارضة، وكانت ليبيا غير مستقرة، واليمن كذلك، ووقعت إيران للتو الاتفاق مع أوباما الذي أمطرهم بالأموال ووضعهم على طريق الأسلحة النووية".

وأوضح كوشنر "لقد استيقظ العالم العربي بالفعل، والمحرك المركزي الذي ساعد ترامب بالفعل في إنشائه في مجلس التعاون الخليجي، الآن بعد أن أصبح الجميع متحدين ويعملون في نفس الاتجاه نحو الاستقرار والفرص الاقتصادية، سيكون المحرك الذي يمكن أن يساعد المنطقة بأكملها على الوصول إلى المستويات التي وصلنا إليها "لم نشاهده منذ قرن".

ويعتقد كوشنر، الذي يدير حاليا صندوق استثمار مع شركاء بارزين من الخليج بما في ذلك الصناديق السيادية للسعودية والإمارات وقطر، أن "التطبيع بين إسرائيل والسعودية أمر لا مفر منه، قائلا: "اعتقدت أنه سيحدث قبل أربع سنوات، لكنني متأكد تمامًا من أن ذلك سيحدث الآن في عهد ترامب، وأعتقد أن ذلك سيؤدي إلى انتشار الكثير من الابتكارات من إسرائيل إلى هذه المناطق".


وبالإشارة إلى مستقبل العلاقات مع إيران، يقدم كوشنر نهجا معقدا: "ربما هم حقا أشرار مطلقون، لا أعرف، لم أقابلهم أبدا، لكنني أعتقد أنه إذا كان هناك مخطط عقلاني حيث يمكنهم أن يقولوا: دعونا نغير خطتنا ونركز على الاستثمار في المجتمع ومواطنينا، فربما تكون هناك طريقة للتوصل إلى اتفاقات. لدى الإيرانيين عدد سكان مذهل. الفرس أناس مذهلون، لديهم بلد جميل".

وأضاف "لكنهم لا يستطيعون عقد صفقة زائفة كما فعلوا مع أوباما وكيري، والتي ربما كانت واحدة من أغبى الصفقات في التاريخ، لقد كانت قيودًا نووية مؤقتة ولم تكن هناك رقابة، لذلك كان بإمكانهم مواصلة البرنامج النووي على أي حال".

وأشار كوشنر إلى أن التغييرات في المنطقة قد بدأت بالفعل: "انظر إلى ما حدث في سوريا، إنه ينتزع من إيران الكثير من قوتها التفاوضية في المنطقة"، قائلا "بالإضافة إلى عودة ترامب، هناك احتمال كبير للغاية أن تنخفض قدرتهم على بيع النفط بشكل كبير في المستقبل. إنهم معرضون للخطر للغاية وسيتعين عليهم اتخاذ بعض القرارات الصعبة للغاية".

وأشار كوشنر في المقابلة أيضًا إلى الفريق الجديد الذي من المتوقع أن يقود السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط في إدارة ترامب الثانية، قائلا: "لدينا فريق رائع - روبيو، وفالتز، وويتكوف، والأخير عندما أخبرني أنه مهتم بالمنصب، كنت متحمسًا للغاية، أقضي الكثير من الوقت في مساعدته على الاستعداد وفهم الوضع، حتى يتمكن هو وترامب من إكمال العمل الذي بدأناه في الولاية الأولى".

مقالات مشابهة

  • كوشنر يكشف رؤية ترامب: 10 دول ستنضم إلى اتفاقيات أبراهام بعد السعودية
  • كاتب إسرائيلي: الرياض وتل أبيب مرتاحتان لترامب.. تقدم بطيء نحو التطبيع
  • ما حجم النفط الذي يمكن أن يضخَّه ترامب؟
  • الأسهم الأوروبية تتراجع وسط قلق المستثمرين بسبب تهديدات ترامب
  • ما القضايا التي ستلاحق ترامب في المحاكم رغم عودته إلى البيت الأبيض؟
  • السيسي يظهر بقصره الجديد.. ما الأية القرآنية التي كُتبت على جدرانه (شاهد)
  • باحث: مجموعة الدول الثماني النامية يمكن أن تكون قوة عالمية
  • باحثة بالمركز المصري: مجموعة الثماني يمكن أن تكون قوة عالمية
  • هدى رؤوف: مجموعة الدول الثماني النامية يمكن أن تكون قوة عالمية
  • مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 11892 نقطة