انتصار ترامب يهدد الديمقراطية الأمريكية.. دانييل زيبلات: كنا في تدهور ديمقراطي على مدار الـ10 سنوات الماضية.. وهذه الانتخابات تؤدي إلى تسريعه
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
انتهت الانتخابات الأمريكية بفوز الجمهوري دونالد ترامب، على الديمقراطية كامالا هاريس، حيث حقق الرئيس السابق فوزا غير متوقع، محدثا صدمة للديمقراطيين والعالم على حد سواء، بتقدم كاسح على منافسته وحصد ترامب ٢٧٧ صوتا من المجمع الانتخابي، ويرى كثيرون أن تلك النتيجة "كارثة وجودية للديمقراطيين".
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية يرى خبراء أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تشير إلى انهيار كبير للديمقراطية المنهارة بالفعل.
ويقول دانييل زيبلات، أستاذ علوم الحكومة فى جامعة هارفارد والمؤلف المشارك لكتاب "كيف تموت الديمقراطيات"، من بين كتب أخرى حول هذا الموضوع: "لقد كنا بالفعل فى عملية تدهور ديمقراطى على مدى السنوات العشر الماضية. وهذه الانتخابات لن تؤدى إلا إلى تسريع هذا التدهور".
وأضاف زبيلات "لقد خاض ترامب - الذى تم عزله مرتين، وإدانته ببعض الجرائم واتهامه بجرائم أخرى، وحُكم عليه بالمسؤولية عن الاعتداء الجنسى وغرامة مئات الملايين من الدولارات فى محاكمة احتيال مدنية - حملته الانتخابية على إحداث تغييرات جذرية فى البلاد.
وتابع: بما فى ذلك الترحيل الجماعى للمهاجرين، والتعريفات الجمركية واسعة النطاق، وتقليص اللوائح المناخية بشكل كبير، وتطهير البيروقراطيين فى "الدولة العميقة"، لكن ليست مقترحات ترامب السياسية الفردية هى التى تقلق علماء التاريخ والديمقراطية بقدر ما تقلق إنكاره المستمر للواقع الذى جعله يخسر الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٠ ودوره فى تشجيع أنصاره فى ٦ يناير ٢٠٢١، الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأمريكى بعنف".
ويقول علماء الديمقراطية إن فشل المحاكم والكونجرس فى محاسبته على تلك الأفعال يشير إلى استيلاء غير رسمى على مقاليد الحكم من قبل شخصية قوية كاريزمية أعادت تشكيل الحزب الجمهورى على صورته. وهو على استعداد لبدء فترة ولاية ثانية بحصانة قانونية واسعة النطاق.
وهناك بعض استطلاعات الرأى تشير إلى أن ترامب قلب فكرة أنه يشكل تهديدا للديمقراطية من خلال تصوير خصومه الديمقراطيين على أنهم التهديد الحقيقي، فقد صور نفسه كضحية للحرب القانونية الديمقراطية، وأكد أن نائبة الرئيس كامالا هاريس استولت على السلطة دون تصويت أولى واحد، وزعم بشكل روتينى أن نظام الانتخابات فى البلاد، وهو من بين أكثر الأنظمة أمانا فى العالم، تم التلاعب به ضده.
ويقول ماثيو داليك، المؤرخ السياسى فى جامعة جورج واشنطن "يحاول ترامب باستمرار خلق تكافؤ زائف، وهو أمر معتاد للغاية، فى الواقع، من قبل السلطويين".
ولا يقتصر التآكل الديمقراطى فى الولايات المتحدة على قيادة ترامب، صحيح أن رفضه الاعتراف بخسارته فى عام ٢٠٢٠ ألحق أضرارا جسيمة بالديمقراطية، ولكن الأمر نفسه ينطبق على الجهود الرامية إلى تسييس إدارة الانتخابات، وتقسيم الدوائر الانتخابية، وحرمان الناخبين من حقهم فى التصويت، وفقا لدراسة أجرتها مؤسسة بروكينجز فى عام ٢٠٢٣.
ويشير داليك "بالنسبة للحدود التى كانت موجودة فيها الحواجز فى ٦ يناير ٢٠٢١، فإنها لم تقم بالمهمة التى افترض الناس نظريًا أنها قادرة على القيام بها"؛ مضيفًا أن الجهود القانونية لمحاسبة ترامب "كانت بطيئة للغاية وتسربت إلى قلب الحملة"، وكان لها "التأثير المنحرف المتمثل فى تمكين ترامب من القول إن "الدولة العميقة" كانت مسلحة ضده وكان الضحية النهائية لهذا الاضطهاد المنظم".
وخلص داليك إلى أن الجهود المبذولة لمحاسبة الرئيس السابق والمستقبلى كانت "تجربة، ولم تكن الديمقراطية الأمريكية مهيأة للتعامل مع شخص مثل ترامب، للتعامل مع مستبد طموح أراد تجاوز كل الحدود المفترضة للسلطة التنفيذية وربما انتهاك القانون، بحسب "واشنطن بوست".
ووفق خبراء تبين أن الديمقراطية، التى تشكل الأساس لأسلوب الحياة الأمريكي، مجردة للغاية ومنعزلة عن الحياة اليومية لأغلب الأمريكيين إلى الحد الذى يجعل من الصعب التوصل إلى تعريف مشترك لها. وهى واحدة من المفاهيم العديدة التى لا يتفق عليها الأمريكيون. وينطبق نفس الشيء على فقدانها.
وكان من المفترض أن يكون الناخبون هم الضابط النهائي، ولكن "هذا الحاجز فشل فشلًا ذريعًا"، كما تقول سارة تشرشويل، أستاذة الأدب الأمريكى ورئيسة قسم الفهم العام للعلوم الإنسانية فى جامعة لندن، مضيفة: "لم تكن هذه الركائز الأخرى للديمقراطية الأمريكية مجهزة لمنع شخص يطمح حقًا إلى أن يكون دكتاتورًا".
وأشارت إلى أن أجندة ترامب "أمريكا أولا"، المليئة بالخطابات البغيضة والعنصرية، شكلت تناقضا صارخا مع ترشيح هاريس، أول امرأة سوداء وأول شخص من جنوب آسيا يترشح لرئاسة أحد الأحزاب الرئيسية وتسلط هزيمتها الضوء على المخاطر التاريخية التى ينطوى عليها السباق، وهو ما يصفه بعض العلماء بأنه رد فعل عنيف ضد التقدم نحو الديمقراطية متعددة الأعراق.
وقال خليل جبران محمد، أستاذ التاريخ والعرق والسياسة العامة فى كلية كينيدى بجامعة هارفارد: "إن فوز ترامب يضمن أن الديمقراطية الأمريكية ستواجه على الأرجح أعظم تحد لها منذ الحرب الأهلية. وكما حدث فى ذلك الوقت، فإن العرق والعنصرية سيكونان السبب الرئيسى لما قد يؤدى إلى نهاية الديمقراطية الأمريكية نفسها".
وترى تشرشويل أن صعود ترامب إلى ولاية ثانية يمثل استمرارًا لسلالة طويلة من الاستبداد فى التاريخ الأمريكي،. مشيرة: "ما نراه هو هجوم شامل على النظام الدستورى والمعايير الديمقراطية للولايات المتحدة".
وحذرت من أنه بعد هزيمة ترامب فى عام ٢٠٢٠، رفض العديد من الأمريكيين التهديد الذى تشكله حركته المناهضة للديمقراطية.
ويشير خبراء إلى أنه بالنسبة لترامب وحلفائه، فإن كبش الفداء كثيرون: المهاجرون، والديمقراطيون، والنخب، ووسائل الإعلام، والمعارضون السياسيون، والقائمة تطول. ولقد وعد "بالانتقام" من أولئك الذين ظلموه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ترامب هاريس كامالا هاريس دونالد ترامب الديمقراطية الأمريكية الحزب الجمهوري الدیمقراطیة الأمریکیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
عادل حمودة يكتب: الجيوب والقلوب
روشته في كتاب ضخم كتبها سادة العقل في العالم.. وحكمة مشاع مثل الهواء والجمال والنظر إلى السماء
لو كان رجل الدولة سياسيًا تدرب على الصمت فإن الاقتصادي هو الخبير الذى يعرف لماذا لم يحدث اليوم ما تنبأ به أمس؟
ولو كان الرجل المغرور هو مثل ديك يظن أن الشمس لن تشرق إلا إذا سمعت صياحه فإن الدبلوماسي هو شخص يستطيع أن يحدثك بالساعات عن «البطاطا» الساخنة حتى تبرد.
ولو كان الحب هو المرض الوحيد الذى لا نتمنى الشفاء منه فإن الهموم هى السلعة الوحيدة التى يزيد فيها العرض عن الطلب.
ولو كانت التجاعيد هى توقيع الزمن على الوجوه ليثبت وجوده فإن خاتم الزواج هو أغلى خاتم فى الدنيا لأنه يكلف صاحبه أقساطا شهرية طوال حياته.
ولو كان التثاؤب هو الفرصة الوحيدة للزوج كى يفتح فمه فى حضور زوجته فإن الحياة هى رحلة يفسد الآباء علينا نصفها ويفسد الأبناء النصف الثانى.
لا أحد منا لا يحب مثل هذه العبارات الرشيقة الساخرة التى تلخص الحياة فى «برشامة».
إنها مثل قطيع من النجوم نجمعه من رغوة السحاب.. من احتكاك رؤوسنا بالشمس.. من حبات عرق الفلاسفة والصعاليك.. إن اللقمة والنكتة هما غذاء صحى يطيل العمر.
هذه خلاصة «روشتة» من سبعمائة صفحة حصلت عليها صدفة منذ سنوات من مطار «بيروت» وأنا عائد إلى «القاهرة».روشتة في كتاب ضخم كتبها سادة العقل مثل «تولستوى» و«أفلاطون» و«شكسبير» و«هيمنجواى» و«أرسطو» و«سارتر» و«نجيب محفوظ» وجمعها «منير عبود».
وضعت الكتاب إلى جانب فراشى ليهدئ مما جرى فى يومى قبل نومى ولا مانع لدى أن أمنحك بعضا منه لو شئت التخلص من الحبوب المنومة.
أنا هنا مجرد ناقل عطر. حامل زهور. ساعى بريد يأتى إليك بثروة من الحكمة خفيفة الظل التى ليس من حق أحد احتكارها أو مصادرتها أو بيعها فى السوق السوداء.
إنها حكمة مشاع مثل الهواء والجمال والنظر إلى السماء.
ولنبدأ بالجمال الذى يلخصه «يوسف إدريس» بأنه توقيع الله على مخلوقاته.
لنكمل بلا توقف: الأزهار هى أفكار تنبتها الأرض. القبلة توقيع مزور على عقد اتفاق. الرجل الشهم هو الذى يحمى المرأة الضعيفة من كل الرجال إلا هو. الزوجة: الباب الأول فى ميزانية البيت.. الحب العذرى: بندقية لا يعرف حاملها أنها مليئة بالرصاص. الحب الخالد: حب المرء لنفسه.. الإنسان: الزوجة المخلصة هي التى ترفأ جورب زوجها كلما اشترت لنفسها ثوبا جديدا.
الرأسمالي: رجل يملك من المال أكثر مما تستطيع زوجته إنفاقه. المهادنة: استسلام بالتقسيط. السياسة: تجارة دون رأسمال.. الزواج: عقد العمل الوحيد الذى يبيح للمرأة استخدام الرجل أربعة وعشرين ساعة فى اليوم. الصمت: أرخص أركان الحكمة، الخبرة: حلول الأمس لمشاكل اليوم.
الجيش: مجموعة رجال مهمتهم إصلاح الأخطاء التى يرتكبها الدبلوماسيون..ولو كنت تتصور أن الفلاسفة أشخاص يجرى في عروقهم الأسمنت فأنت لست على صواب. إن التجهم الشديد التى يسيطر عليهم سرعان ما ينقلب إلى سخرية أشد.
الفيلسوف الوجودى الفرنسى «سارتر» يشبه الحياة ببصلة تنتزع قشورها طبقة بعد أخرى وهو ما يجعلنا نبكى أحيانا.
و«برنارد شو» الكاتب الإنجليزى الحاد يعتقد أن الطفولة هى فترة من العمر يعيش فيها الإنسان على حساب غيره. ويصف الشخص الذى توفى أو المرحوم بأنه إنسان عاش طوال حياته وهو يعتقد أن الدنيا لا تمشى ولا تصلح بدونه. ويعرف الأمانة بأنها خوفك من أن تضبط متلبسا بالخيانة.
أما الممثل الأمريكى الراحل «جون واين» فيصف الدنيا بأنها كالماء المالح كلما شربت منه ازددت عطشا. ويصف الخطوبة بأنها عملية استطلاع قبل الحرب البرية. أما الأحمق فى رأيه فهو الشخص الوحيد الذى يحرمك من الوحدة دون أن يمتعك بالصحبة.
وفى المكتبة العربية كتاب شهير عنوانه «قالوا» كتبه «أنيس منصور» فى عبارات سريعة رشيقة كان بعضها شوكا مر به على جلد النساء لكنه لم يجرحه لذلك كانت المرأة الزبون الأول للكتاب فهى تريد أن تقرأ عن سطوتها بكل اللغات.
والحقيقة أن المرأة هى الأكثر قراءة للأدب.. الرجل على حد وصف مخلوق غير شعرى. الرجل يابس ومالح وغليظ. ما إن يتخرج فى الجامعة حتى يفك الارتباط بينه وبين الأدب.. فلا يقرأ إلا جريدته اليومية، ولا يهتم إلا بجدول أسعار البورصة، الرجل يأكل القصيدة بأسنانه فى حين أن المرأة تتكحل بها وتعلقها كحلق من الزمرد فى أذنيها.
وليس هناك كاتب على وجه الأرض لم يضع خطا تحت كلمة مأثورة وربما أخذها من مكانها وحبسها فى درج مكتبه ولا تصدق «أرنست هيمنجواي» حين قال: «إن الكلمات المأثورة توابيت لا يجب البقاء فيها» أو «هى مثل أكياس الماء الساخن وأدوية الروماتيزم ومشروب البابونج لا يتعاطاه إلا الذين يعيشون فى بيوت رطبة».
ولكن صدق «أحمد بهاء الدين» الذى قال ذات مرة: «إن الكلمات المأثورة تخترق الهدف لتجعلك دائخا بعض الوقت قبل أن تواصل مسيرة الحياة الرتيبة».
وتحتل علاقة الرجل بالمرأة الكمية الكبيرة من هذه الطلقات الموجهة. فعندما يغير الرجل رأيه كثيرا كما تفعل المرأة فالغالبًا أنه متزوج منها. وعلى المرأة أن ترتدى من الثياب ما يكفى لجعل الرجل دافئا. ولا سبيل للرجل كى ينتصر على المرأة إلا الفرار منها. ولا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجا فإذا جاء الزوج طلبت منه كل شيء، والرجل رجل فى بعض الأوقات والمرأة امرأة فى كل الأوقات.
وفى الأمور العظيمة يتظاهر الرجال كما يحلو لهم وفى الأمور التافهة يبدون على حقيقتهم. والرجل الحاذق يقول للمرأة إنه يفهمها والرجل الغبى يحاول أن يثبت ذلك، وأغلب الظن أن عشاق المرأة الغبية دائما أذكياء، فلا تنسى أن «آرثر ميللر» تزوج «مارلين مونرو» بعد ربع ساعة من لقائهما الأول.
ولو كان الرجل يريد من المرأة أن تفهمه فإنها تريد منه أن يحبها، أما أكثر ما يؤلم المرأة أن تضغط على لسانها، والجمال للمرأة كالمال للرجل كلاهما قوة، الجمال سلطة مثل الثروة وجماعات الضغط، لذلك فإن همس المرأة الساحرة أعلى من صوت الضمير، ولو كانت المرأة أسطورة يصدقها الرجل فإن الرجل أسطورة تتخيلها المرأة.
ولولا النهر ودموع النساء لحاصرنا الجفاف وقتلنا العطش، والمرأة والحب هما سبب استمرار لكون، إن ذلك جعل الكاتبة الفرنسية المتمردة «فرانسوا ساجان» تؤكد أن مشاكل الرجل أكثر من مشاكل المرأة وأولها مشكلة كيفية معاملة المرأة.
وهناك علاقة متينة بين المرأة والسياسة، علاقة حقيقية فيها مكر ودهاء والذهاب بالرجل إلى النهر دون أن يشرب منه نقطة مياه، فهل كان «نابليون» يدرك ذلك عندما قال: إن الدولة تموت من سوء الهضم، ولاحظ «ـوماس مور» أن لرجل الحكومة أنوفًا طويلة ولكنه أضاف: أنهم لا يرون أبعد منها، أما المهاتما «غاندى» فيؤمن بأن الأمة لا تنهض دون أن تكتوى بنيران الألم، وقبل أن يغادر «جيرالد فورد» البيت الأبيض قال: «صاحب السلطة يصدق التملق بسهولة وينسى النفاق بسرعة».
وأجمل ما قيل فى السياسة: إنها فن منع الناس من التدخل فيما يعنيهم، ولكن المثل الأمريكى الذى تسمعه من سائق التاكسى يقول: إن السياسة هى فن الفوز بالمال من الأغنياء والتأييد من الفقراء بحجة حماية أحدهم من الآخر.
أما «شارل ديجول» فيقول: «لأن رجل السياسة لا يعتقد فينا يقول فإنه يتعجب كثيرا عندما يصدقه الناس». وهو ما جعل الملك «فاروق» يقول: إن السياسة هى المهنة الوحيدة التى لا تحتاج إلى إعداد.
كل المطلوب من السياسى أن يكون مراوغا. عندما يقول «نعم» فإنه يعنى «ربما» وعندما يقول «ربما» فهو يعنى «لا» وعندما يقول «لا» فهو ليس سياسيا.