مرت 3 عقود.. أطفال نجوا من مجزرة حلبجة لكنهم ضاعوا في إيران
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
بعد أكثر من 3 عقود على مجزرة حلبجة لا يزال مصير نحو 400 طفل مجهولا بعد أن نقلوا إلى المستشفيات الإيرانية آنذاك لتلقي العلاج ولم يعودوا إلى وطنهم، لأسباب عدة، بينها مقتل آباء وأمهات معظم هؤلاء الأطفال جراء الهجوم الذي شنه النظام العراقي السابق على المدينة في إقليم كردستان عام 1988.
ويقول حاجي آوات الذي فقد أخاه خلال تلك الفترة، إنه في الليلة التي تم فيها قصف مدينة حلبجة، توجهت عائلته إلى سرداب تحت الأرض، لحماية أنفسهم من قصف جوي نفذته طائرات صباح يوم 16 آذار، لكنهم تفاجأوا بدخول روائح غريبة تشبه رائحة التفاح إلى السرداب، فخرجوا من الملاجئ واتجهوا نحو الجبال المحاذية لإيران.
وذكر آوات لموقع "الحرة" إن عائلته التي كانت تضم والديه وأخواته الست مع أخيه الصغير، انقسمت إلى مجموعتين، أمه مع أخواته وأخيه البالغ من العمر أربع سنوات، بينما بقى هو مع والده، وعندما وصلنا إلى الأراضي الإيرانية بقيت أنا ووالدي في مستشفى بطهران ووالدتي مع بقية اخواتي في مستشفى آخر".
وأوضح آوات أنه بعد مرور شهر من بقائهم في المستشفى وعن طريق بعض العائلات الكردية التقى بأُمه وإخوته، وهناك تبين أن أخاه " الصغير البالغ من العمر 4 سنوات قد ضاع".
وأكد آوات أنهم بحثوا عنه وتواصلوا مع جميع المستشفيات حينها، على أمل العثور على أخيه، إلاّ أن كل محاولاتهم باءت بالفشل، قائلا "ولم نستطع التوصل الى مكان اخي الى الان، وتوفي والدي بحسره و لاتزال أمي تأمل في عودته".
تركت مأساة قصف مدينة حلبجة عام 1988 العشرات من القصص التي تشبه قصة حاجي آوات وأخيه، بسبب فرار وتشريد آلاف العائلات التي كانت تعيش في تلك المدينة، حيث أدى القصف إلى موت أكثر من 5000 شخص مدني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، ونزوح الاف آخرين من سكان المدينة نحو الأراضي الإيراني هربا من الغازات السامة بحسب، حكمت حلبجي، الذي كان من ضمن الفارين في ذلك اليوم.
حلبجي ذكر أنه كان يبلغ من العمر 17 سنة، وشهد هروب آلاف العائلات إلى إيران التي قال إنها استقبلتهم في مستشفياتها "وقدمت لنا الدعم الكبير".
وبين أنه رأى العشرات من الأطفال الذين أصبحوا أيتاما بلا أهل، وآخرين انقطعوا عن ذويهم، "فجمعت السلطات الإيرانية هؤلاء المفقودين في ملاجئ للأيتام، وكان يتم تسجيلهم من قبل منظمة الهلال الأحمر الإيرانية ومجموعة من المنظمات المحلية هناك".
وأضاف حلبجي أنه بالرغم من تلك الإجراءات "إلا أن الكثير من الأطفال أُعطوا إلى عائلات إيرانية، قامت باحتضانهم وتربيتهم، لذلك فإن أعدادا كثيرة من اولئك تفرقوا في عموم إيران".
لقمان عبدالقادر، رئيس جمعية ضحايا العنف الكيمياوي لحلبجة (هو أحد ضحايا الهجوم الكيمياوي) أوضح من جهته أن عدد الأطفال المفقودين في المستشفيات الايرانية بعد قصف حلبجة عام 1988 والذين تم تسجيلهم في جمعيتهم بلغ 119 طفلا، وسجلت 76 عائلة شكوى بهذه الخصوص.
لكن عبد القادر نوه إلى أن عدد المفقودين أكثر من ذلك، مضيفا أن "المتابعات التي قمنا بها آنذاك بالتنسيق مع منظمة الهلال الاحمر الإيرانية وعدد من المنظمات المحلية، اكتشفنا ان هذه الجهات سجلت نحو 400 طفل (مشرد) من حلبجة".
وبين عبدالقادر لموقع "الحرة" انهم كجمعية معنية بهذا الموضوع قدموا مذكرات عديدة إلى السفارة الإيرانية وقنصليتها في إقليم كردستان، لكنه أوضح أن الجانب الإيراني كان يقول إن هذا الأمر يجب أن يتم عن طريق الحكومة الاتحادية في بغداد، "ورغم المناشدات الكثيرة التي أطلقناها إلا أن الموضوع بقي قيد الإهمال".
وأوضح عبدالقادر أنه لحد الان تم استرجاع 8 من هؤلاء، مبينا أن "موت الأشخاص الذين تبنوا الأطفال كثيرا ما يؤدي الى كشف الحقيقة، لأنه يحرم من الميراث لانه ليس أبنهم الحقيقي".
وجدد لقمان مطالبته الحكومة العراقية بالاهتمام بهذا الملف لأن الكثير من "أطفال حلبجة المفقودين" في إيران ربما يرغبون الآن في العودة إلى أهلهم.
وزير الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان ، عبدالله حاجي محمود، قال لموقع "الحرة" إنهم قاموا بتشكيل لجنة خاصة لمتابعة ملف أطفال حلبجة في إيران.
موضحا أن اللجنة التي تضم مجموعة من الجهات الحكومية والمنظمات المدنية المعنية، استطاعت تقديم مطالب الأهالي "بطرق قانونية بالتنسيق مع الجهات الحكومية الإيرانية".
وأكد الوزير أنهم ناقشوا مع القنصل الإيراني هذا الموضوع، الذي أبدى تجاوبه معهم، مضيفا "ونحن ماضون في البحث عن هؤلاء الأطفال المفقودين وتحديد مصيرهم بالطرق القانونية مع الحكومة الإيرانية".
من جهتها انتقدت الناشطة الحقوقية باخان فاتح (محامية من مدينة حلبجة) عمل اللجنة، ووصفت الخطوات التي تقوم بها بالبطيئة مشيرة إلى " أنها لم تحقق الأهداف المطلوبة لحد الان"
وبينت فاتح لموقع "الحرة" أن هناك الكثير من العائلات الايرانية التي ترغب في إعادة أبناء حلبجة الذين لجأوا اليها لذويهم، لكن "الإجراءات المعقدة تحول دون ذلك".
وأوضحت أن عودة هؤلاء بعد أكثر من ثلاثة عقود، يحتاج إلى تأهيل نفسي، ودعم اجتماعي ومادي، مشيرة إلى أن " هناك حالات عديدة لهؤلاء العائدين قد رجعوا مرة أخرى إلى إيران بسبب عدم التكيف مع الأجواء الجديدة في حلبجة"
وأضافت فاتح أن الإجراءات الخاصة بالحصول على المستمسكات الرسمية للعائدين إلى ديارهم تستغرق وقتا طويلا ، وأكدت أنه بالرغم من الإجراءات القانونية الصارمة التي تتخذ في هذا المجال، إلا أن هناك حالات ترد إليهم لإيرانيين ينتحلون صفة عراقيين من حلبجة، بهدف الدخول الى اقليم كردستان والعيش فيه، لكنها أشارت إلى أنه "بمجرد أن تبدأ التدقيقات الأمنية فإنهم يختفون ويهربون".
ولفتت باخان إلى أنه يجب على الحكومة العمل بسرعة على موضوع حفظ عينات الـ(DNA) الخاصة بالأهالي لمطابقتها مع عينات ابناء حلبجة عند عودتهم.
يذكر أن مدينة حلبجة الواقعة على الحدود العراقية الإيرانية قد تعرضت لهجوم بالغازات الكيمياوية في 16 مارس 1988، من قبل النظام السابق، وراح ضحيتها أكثر من 5000 شخص مدني، وعدت بمثابة إبادة جماعية، وتم على إثرها اعدام وزير الدفاع العراقي الأسبق علي حسن المجيد عام 2010 بعد إدانته بالهجوم على حلبجة باستخدام الأسلحة الكيمياوية.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: مدینة حلبجة أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر: الصحابة اختلفوا في عهد النبي لكنهم لم يسلوا السيوف على أنفسهم
قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، إنه قد حدثت بعض الخلافات بين صحابة النبي "صلى الله عليه وسلم" ومن ذلك ما حدث على الخلافة، وقد قيل فيه "ما سل سيف في الإسلام مثلما سل على هذا الأمر"، كما اختلفوا في عهده "صلى الله عليه وسلم"، لكنهم لم يسلوا السيوف على أنفسهم.
وأوضح شيخ الأزهر، خلال ثاني حلقات برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، أن الخلاف بين السنة وإخوانهم الشيعة لم يكن خلافا حول الدين، وعلى كل من يتصدى للدعوة أن يحفظ حديث النبي "صلى الله عليه وسلم" حين قال: " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فذلكم المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته"، ويتقن فهمه الفهم الصحيح.
وأشار إلى أن الاختلاف بيننا وبين إخواننا الشيعة هو اختلاف فكر ورأي وليست فرقة دين، ودليل ذلك ما ورد عن النبي "صلى الله عليه وسلم" في حديثه المعجز، الذي استشرف فيه المستقبل فحذرنا من مخاطر الانقسام التي قد تنبني على ذلك حين قال: "دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمُ: الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ" بمعنى نحسد بعضنا دولنا على بعض، ونحسد بعض شعوبنا على بعض، ثم قال: "وَهِيَ الْحَالِقَةُ، وَلَكِنْ حَالِقَةُ الدَّيْنِ"، ثم فسر قائلا: لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين، فاستكمل: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثْبِتُ ذَلِكَ لَكُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بينكم"، بمعنى رسخوا السلام بينكم وعيشوا فيه معا.
وحدة الأمة الإسلاميةوأكد شيخ الأزهر، أن الأمة الإٍسلامية حاليا في أشد الحاجة إلى الوحدة في القوة والرأي لمجابهة تحديات العصر والانتصار على أعداء الأمة، فهناك كيانات عالمية اتحدت دون وجود ما يوحدها، كما اتحدت دول الاتحاد الأوروبي، وغيرها، ليس لشيء سوى أنها رأت ذلك ضرورة من الضرورات الحياتية العملية، ونحن أولى منهم بذلك بكل ما بيننا من مشتركات.
واختتم شيخ الأزهر، أن هذا اختلاف طبيعي في ذلك الوقت، خضع في تغليب أحدنا على الآخر لضرورات حياتية عملية فرضتها الظروف حينها، ولا يجب أن يكون هذا الاختلاف سببا في أن يكفر أحدنا الآخر، بل يجب فهم أن في هذا النوع من الاختلاف رحمة، فالصحابة رضوان الله عليهم قد اختلفوا، وقد أقر النبي "صلى الله عليه وسلم" اختلافهم، ولكن لم يكفر أحد أحدا من الصحابة، كما أننا نحن السنة لدينا الكثير من المسائل الخلافية، فلدينا المذهب الحنفي والمذهب الشافعي وغيرها من المذاهب، بكل ما بينها من أمور خلافية.