معهد أسترالي: هل بإمكان واشنطن التعلم من تكتيك الحوثيين لتغيير مسار الحرب في البحر الأحمر؟ (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
قال المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية (ASPI) إن الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي ضد سفن الشحن في البحر الأحمر واحدة من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري.
وذكر المعهد في تحليل أعده ندرو رولاندر، المحلل متخصص في الحرب غير النظامية والمنافسة الاستراتيجية، والمهتم بشكل خاص بالاستراتيجية البحرية والأمن وترجم أبرز مضمونه إلى اللغة العربية "الموقع بوست" أنه يتعين على الجيش الأميركي أن يفكر في استعارة صفحة من كتاب قواعد اللعبة الذي يستخدمه المتشددون الحوثيون في اليمن.
وأكد أن طبيعة الحرب تتغير دائما، وقال "قد تثبت الهجمات المستمرة التي يشنها الحوثيون ضد الشحن في البحر الأحمر أنها واحدة من نقاط التحول الأكثر أهمية في التاريخ العسكري".
ويتضمن التغيير -حسب التحليل السيطرة على البحر ومنعه من خلال تطبيق إطلاق الصواريخ الدقيقة بعيدة المدى واستخدام الطائرات بدون طيار ذاتية التشغيل من الشاطئ.
وأوضح أن الحوثيين يمزجون بفعالية بين مزيج من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار الهجومية أحادية الاتجاه للتنافس على السيطرة على خطوط الاتصالات البحرية في ساحل البحر الأحمر. وقد ألحقوا الضرر حتى الآن بما لا يقل عن 30 سفينة تجارية، وأغرقوا سفينتين وقتلوا أو احتجزوا العديد من البحارة التجاريين.
وحث المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية الجيش الأميركي على أن يهدف إلى تحقيق نفس القدرة إلى حد كبير في بيئة ساحلية متنازع عليها ضد خصم مثل الصين. ومن الناحية الفنية والتكتيكية، تتحرك الخدمة في هذا الاتجاه، لكنها تحتاج إلى تبني الاستراتيجية بشكل كامل لتجنب أن تصبح غير ذات صلة إلى حد كبير في الحرب الكبرى التي من المرجح أن تتورط فيها الولايات المتحدة.
ويرى أن التشكيلات الثقيلة للجيش لن تكون متاحة على الأرجح في القتال الأولي في حرب غرب المحيط الهادئ.
وقال المعهد "يمكن للجيش أن يستفيد من الجهود الجارية بالفعل في الجيش الأمريكي. مضيفا "يمكنه، على سبيل المثال، أن يستلهم من مفهوم العمليات البحرية الموزعة (DMO) للبحرية الأمريكية، حيث تكون السفن منفصلة على نطاق واسع ولكنها تعمل في انسجام. قد تعمل وحدات الجيش على نحو مماثل في غرب المحيط الهادئ".
ولفت إلى أن البحرية تعمل على تطوير عمليات بحرية موزعة للقوات التي تجد نفسها في قتال ضد عدو، مثل الصين، والتي يمكنها اكتشاف وتتبع ومهاجمة الأصول الأمريكية والحلفاء على مسافات كبيرة بمجموعة متنوعة من أنظمة الأسلحة المختلفة.
وتابع "يجب أن يساهم برنامج Typhon أو برنامج النيران الاستراتيجية متوسطة المدى (SMRF) الخاص بالجيش، حيث يتم نشر صواريخ Precision Strike (PrSMs) وصواريخ SM-6 و Tomahawk البحرية لمهام الضربة، وكذلك البحث في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار من قبل وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA)".
وأردف "في حرب بحرية في غرب المحيط الهادئ، من المرجح أن يضطر الجيش إلى العمل على قواعد جزرية بعيدة ومهاجمة الشحن بنفس الطريقة التي يفعلها الحوثيون من داخل اليمن. سيكون الانتشار الجغرافي جانبًا حيويًا للبقاء في الحرب القادمة".
ويرى أن برنامج SMRF متكيف بالفعل بشكل جيد لعمليات السيطرة البحرية على الشاطئ. وكذلك الحال بالنسبة لقوة المهام متعددة المجالات الجديدة للجيش، حيث يتم تصميم الوحدات لمسارح محددة للتأثيرات الدقيقة بعيدة المدى، بما في ذلك الحرب السيبرانية والكهرومغناطيسية والضربات الدقيقة باستخدام أنظمة الأسلحة مثل PrSM و SM-6.
وقال "يجب على الجيش تطبيق مفهوم DMO على وحدات المهام متعددة المجالات المجهزة بـ SMRF ونشرها على قواعد خارج سلسلة الجزر الأولى، وهي سلسلة الجزر من اليابان إلى إندونيسيا التي تحد الصين".
يضيف المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية "من شأن هذا الوجود المتقدم أن يساهم في الردع المتكامل من خلال إجبار الجيش الصيني على التعامل مع معضلات تشغيلية متعددة.
واستطرد "على سبيل المثال، سيكون عليه تعقب أهداف بعيدة متعددة في وقت واحد والدفاع ضد بطاريات إطلاق النار الموزعة عبر غرب المحيط الهادئ". مشيرا إلى أن مثل هذه البطاريات سوف تتطلب الاهتمام لأنها سوف تمتلك المدى والقدرة على القتل لضرب وتدمير أهداف عالية القيمة في جميع أنحاء المنطقة.
ويؤكد التحليل أن أحد الجوانب الرئيسية لعمليات الحوثيين هو استخدام طائرات بدون طيار هجومية أحادية الاتجاه - في الواقع صواريخ كروز تعمل بالمراوح والتي هي رخيصة للغاية وواسعة النطاق، وتشكل تحديًا اقتصاديًا غير مستدام، نظرًا لتكلفة الصواريخ الاعتراضية الدفاعية مثل SM-2s و SM-6s.
وأفاد "هنا أيضًا، يمكن للجيش الأمريكي أن يتعلم من الحوثيين ويتكيف لاستخدام تكتيكات مماثلة، على سبيل المثال، سيكون عمل وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة على الطائرات بدون طيار الهجومية تقدمًا حيويًا في كيفية تفكير الولايات المتحدة وتنفيذها للعمليات البحرية الهجومية والسيطرة على البحر أو منعه".
وزاد "أضف إلى تكتيكات الحوثيين القدرة على الحركة الاستراتيجية". وقال "هنا، تأتي فائدة طائرات النقل الجوي الثقيلة التابعة للقوات الجوية الأمريكية في الاعتبار".
واستدرك "يمكنهم نشر وحدات برية في أي مكان تقريبًا حتى لو كان به مطار وعرة، مما يعزز بشكل كبير قدرة الجيش على المشاركة في حرب بحرية قائمة على الجزر".
ومضى بالقول "ينبغي للولايات المتحدة وحلفائها أن يمارسوا بشكل روتيني تمارين التحميل والتفريغ السريع لأنظمة مثل قاذفات الصواريخ HIMARS على متن طائرات الشحن C-130 Hercules وخارجها".
يشير المعهد الأسترالي إلى أن التأثير القيم لمثل هذه التدريبات سيكون شحذ التوافق بين الخدمات الأميركية وبينها وبين الجيوش المتحالفة.
يتابع "والواقع أن حلفاء الولايات المتحدة ذوي القدرات العالية، مثل أستراليا، ينبغي أن يلعبوا دوراً رئيسياً في كيفية تفكير الجيش الأميركي والقوات المشتركة الأوسع نطاقاً في القتال في غرب المحيط الهادئ".
وقال إن "الجيش الأميركي والقوات المتحالفة معه يمكن أن تحقق ميزة تغير مسار الحرب إذا تعلموا من تكتيك الحوثيين في السيطرة على البحر من الشاطئ باستخدام طائرات بدون طيار غير مكلفة وأسلحة دقيقة بعيدة المدى، وطبقوه، وإذا مزجوا هذه التقنية بالتنقل الجوي".
وخلص المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية في تحليله بالقول إن "الحوثيين ليسوا معلمين على الأرجح، لكنهم معلمون على أية حال. فقد أثبتت عملياتهم أن السيطرة على البحر من الشاطئ ومنع الوصول إليه يمكن أن يكونا فعالين للغاية. وقد أظهروا كيف ينبغي للجيش الأميركي وشركاء الولايات المتحدة وحلفائها أن يدمجوا تكتيكات وأنظمة أسلحة جديدة في قواتهم قبل اندلاع الحرب التالية".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي البحر الأحمر حرب السیطرة على البحر غرب المحیط الهادئ الولایات المتحدة طائرات بدون طیار الجیش الأمیرکی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
خبيران دوليان: أوقفوا الحرب المقبلة بين إثيوبيا وإريتريا قبل اشتعالها
وسط أجواء مشحونة بالتوتر السياسي والعسكري، تواجه منطقة القرن الأفريقي خطر اندلاع نزاع واسع النطاق بين إثيوبيا وإريتريا مما سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار في منطقة البحر الأحمر، وإشعال مزيد من النزاعات الإقليمية.
وهذا ما دفع خبيرين دوليين في شؤون هذه المنطقة إلى الدعوة، في مقال لهما بصحيفة فورين بوليسي، لوقف الحرب المرتقبة قبل أن تشتعل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عنف الاستعمار بالجزائر.. فرنسا استخدمت التعذيب والحرق والأسلحة الكيميائيةlist 2 of 2صحف عالمية: على ترامب إجبار نتنياهو لإنهاء الحصار على غزةend of listوهذان الخبيران هما بايتون كنوبف، نائب المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى منطقة القرن الأفريقي في إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، ومستشار لمبعوثين رئاسيين خاصين إلى السودان ومبعوث خاص للولايات المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، وألكسندر روندوس، الممثل الخاص السابق للاتحاد الأوروبي لمنطقة القرن الأفريقي، وهو الآن الرئيس المشارك لمجموعة دراسة البحر الأحمر في المعهد الأميركي للسلام.
ويأتي هذا التوجس في ظل انقسامات حادة داخل إقليم تيغراي، حيث يواجه اتفاق بريتوريا، الذي أنهى واحدة من أعنف الحروب في القرن الـ21، خطر الانهيار.
جذور الأزمة
ويرجع الخبيران جذور هذه الأزمة إلى تداعيات الانهيار المحتمل لاتفاقية بريتوريا، التي وُقعت عام 2022 لإنهاء الحرب في تيغراي، التي أودت بحياة أكثر من 600 ألف شخص.
إعلانوبموجب هذه الاتفاقية، أُنشئت إدارة مؤقتة للإقليم، إلا أن هذه الإدارة أصبحت مسرحا لصراع على السلطة بين فصيلين رئيسيين هما: ديبريتسيون غبريميكائيل (رئيس الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي)، وغيتاتشو رضا (رئيس الإدارة المؤقتة).
وفي تطور خطير، أمر غيتاتشو بإقالة 3 من كبار قادة قوات دفاع تيغراي "تي دي إف" (TDF) في العاشر من مارس/آذار، متهما إياهم بالتآمر. وفي اليوم التالي، وردت أنباء عن سيطرة وحدات منشقة على مناطق شرقية من تيغراي، مما أثار مخاوف من انقلاب أو أعمال اغتيال تستهدف قيادات الإدارة.
تصعيد عسكري محتملوتشير التحركات الأخيرة، وفقا للكاتبين، إلى استعداد الأطراف لنزاع عسكري جديد مع تعبئة القوات الإثيوبية، والإريترية، وفرق تيغراي.
ويرى مراقبون أن اندلاع حرب جديدة قد يمتد ليشمل السودان المجاور، الذي يعاني بالفعل من حرب أهلية مستعرة، مما يعمق أزمة البحر الأحمر.
ووفقا لمحللين، تلعب التنافسات الإقليمية دورا في التصعيد، وفي الوقت نفسه يخشى النظام الإريتري محاولات إثيوبيا الحصول على منفذ بحري عبر موانئ عصب ومصوع.
المخاطر الإقليمية والدولية
وأوضح الخبيران أن اندلاع نزاع جديد بين إثيوبيا وإريتريا قد يؤدي إلى:
زعزعة الأمن في منطقة القرن الأفريقي، خاصة في الصومال وجنوب السودان. امتداد النزاع ليشمل قوى دولية، خصوصا مع الوجود العسكري لدول خليجية ودول غربية في البحر الأحمر. تفاقم أزمة اللاجئين في المنطقة التي تعاني أصلا من أكبر أزمة إنسانية في العالم في السودان. الدعوة إلى تحرك عاجلويشدد المراقبون على ضرورة تدخل دولي سريع لوقف التصعيد يتم فيه دعوة الاتحاد الأفريقي، بدعم من القوى الإقليمية مثل السعودية والإمارات، إلى لعب دور الوسيط لمنع تحويل البحر الأحمر إلى ساحة حرب جديدة.
وإن فشلت الجهود الدبلوماسية، فإن الخبيرَين يتوقعان أن تشهد المنطقة حالة من الفوضى العارمة، تفوق تأثيراتها الأزمات الحالية في السودان أو الكونغو الديمقراطية، مما يهدد الاستقرار العالمي، ويحوّل القرن الأفريقي إلى بؤرة للصراعات الممتدة.
إعلان