الحزن هو شعور طبيعي يمر به الإنسان في مراحل مختلفة من حياته، نتيجةً للمواقف الصعبة أو الخسارات أو التجارب المؤلمة. وفي الإسلام، يتم التعامل مع الحزن بشكل مختلف؛ فهو ليس نهاية الطريق، بل قد يكون بداية لفهم أعمق للابتلاءات ووسيلة لتقوية الإيمان، ومن بين الآيات القرآنية التي تطرقت إلى الحزن والألم، تبرز آية "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح: 6) كإحدى الآيات التي تقدم للمسلمين رسالة أمل وطمأنينة في أوقات الشدة.

آية "فإن مع العسر يسراً" — بين الحزن والأمل

الآية الكريمة التي وردت في سورة الشرح، والتي تبدأ بقوله تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"، تحمل رسالة عميقة للمؤمنين في كل زمان ومكان. جاء في تفسير العلماء، سواء من دار الإفتاء المصرية أو من علماء الأزهر الشريف، أن هذه الآية تدل على أن الشدة لا تدوم، وأنه مهما كانت الظروف صعبة، فإن مع كل صعوبة هناك فرج قريب، ومع كل ألم هناك راحة.

تعتبر هذه الآية من أبرز الآيات التي تزرع في النفوس الأمل وتخفف من وقع الحزن، حيث إنها تبين أن العسر مهما طالت مدة حدوثه، فإنه يتبعه يسار وفرج من عند الله، وبذلك يتحقق التوازن بين الحزن والفرح، وبين الهم والسرور.

تفسير الإفتاء: التوازن بين الابتلاء والفرج

وفقًا لشرح دار الإفتاء المصرية، فإن الآية تدعونا إلى التمسك بالصبر في مواجهة الأوقات العصيبة، مع التأكيد على أن الله سبحانه وتعالى لا يترك عباده في محنة بلا مخرج. وتؤكد الإفتاء أن هذه الآية تبين أحد المبادئ الأساسية في الإسلام: أن الحياة مليئة بالتقلبات، وأن المؤمنين إذا صبروا وثبتوا في مواجهة الشدائد، فإن الفرج آتٍ بإذن الله.

وتستند دار الإفتاء إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد واجه العديد من الابتلاءات في حياته، وكان دائمًا يذكر أصحابه بضرورة الصبر والاحتساب، مؤكدًا أن مع كل صعوبة هناك توفيق من الله وراحة بعد العسر. وقد ورد في الحديث الشريف: "إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه"، وهذه الابتلاءات وإن كانت ثقيلة على النفس في البداية، إلا أنها في النهاية تحمل في طياتها الخيرات والبركات.

شرح الأزهر: معنى اليسر بعد العسر

من جانب آخر، يوضح علماء الأزهر أن معنى "اليسر" الذي يرافق "العسر" في الآية الكريمة يشمل الفرج والتيسير من الله بعد فترة من الشدة. يوضح الأزهر أن الإنسان إذا مر بحالة من الضيق أو الحزن، يجب أن يكون على يقين تام أن الله لن يتركه في محنته، بل سيفتح له أبواب الرزق والخير في الوقت المناسب.

ويُشَدد على أن "اليسر" في هذه الآية ليس مجرد تخفيف للألم، بل هو أيضًا تيسير للعبادة والعمل والتوفيق في الأمور الحياتية. وقد ورد في تفسير الأزهر أن الله سبحانه وتعالى يرسل مع كل ابتلاء، إذا صبر العبد، فرصًا جديدة، ويفتح أمامه طرقًا كانت مغلقة. وبذلك يتحقق مفهوم اليسر في الدين والحياة.

 

الدروس المستفادة من الآية الصبر على الابتلاء: تدعونا الآية إلى التحلي بالصبر في مواجهة المحن. فالحزن أو العسر ليس نهاية الطريق، بل مرحلة يمكن أن تسبق الفرج.التفاؤل والأمل: تزرع الآية في النفوس شعورًا بالأمل والتفاؤل، خاصة في أوقات الحزن. فكما أن الليل يعقبه النهار، فإن العسر يتبعه اليسر.التوكل على الله: يجب على المسلم أن يتوكل على الله في جميع الأمور، ويعلم أن الله هو من يقدر الفرج واليسر في الأوقات الصعبة.الإيمان بأن كل شيء له حكمة: التفسير يعزز الفكرة بأن الله لا يبتلي عباده إلا لحكمة، وأن الفرج يأتي بعد كل عسر كجزء من تلك الحكمة الإلهية.

 

الآية الكريمة "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" تمثل واحدة من أقوى الرسائل الإيمانية التي تَطمئن المؤمن في أوقات الحزن أو الشدة. فالحياة لا تخلو من الصعوبات، ولكن المؤمن الذي يثق بربه ويصبر على ما يواجهه من آلام وابتلاءات، لا بد أن يرى النور في نهاية النفق. في الإسلام، الحزن ليس حالة دائمة، بل هو فترة من الفترات التي تسبق الفرج والتيسير من الله، وكما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ايه الحزن العسر يسرا تفسير هذه الآیة أن الله

إقرأ أيضاً:

بحضور قيادات الأزهر.. مفتي الجمهورية يشارك في احتفالية ليلة القدر .. صور

شارك الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في احتفال الأزهر الشريف بليلة القدر، الذي أقيم بالجامع الأزهر، وحضره قيادات الأزهر الشريف. 

درس التراويح بالجامع الأزهر.. مفتي الجمهورية: ليلة القدر هدية من الله لعبادهليلة القدر .. 10 علاماتها تُبشرك بها و3 مخلوقات تنزل من السماء إلى الأرض فيها

حضر الحفل،  الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ورئيس مجلس إدارة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف، والدكتور محمد عبد الدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، بالإضافة إلى عدد من العلماء، وحضور كثيف من جموع المصلين.

وفي بداية كلمته قال المفتي إنَّ من إنعام الله تعالى على هذه الأمة أن خصَّها بهذه الليلة المباركة ليلة القدر، مشيرًا إلى أننا إذا بحثنا عن جوانب البركة فيها نجد أنها أكثر من أن تُعدَّ وأعظم من أن تُحصَى، فقد فازت بهذا الوصف وهو كونها ليلة مباركة بإنزال القرآن الكريم فيها، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3].

وأكد أننا يمكن أن نقف على هذه البركة في أصول الدين الثلاثة: عقيدة وشريعة وأخلاقًا، أما في جانب العقيدة فنجدها في علاقة الإنسان بربه خلافًا لما كان سائدًا قبل نزول القرآن الكريم من إفراط وتفريط، حيث جاء القرآن بخطاب رشيد يحقق الفوز بعقيدة صحيحة، فقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

وقال المفتي إن تلك البركة قد تحققت في الجانب الثاني وهو جانب الشريعة في تلك الأركان وهذه العبادات من صلاة وزكاة وصوم وحج، وهي إما بدنية وإما مالية، ومع ذلك فإنها لا تخلو من جانب روحي يطهِّر الباطن فيُرى أثر ذلك على الظاهر، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، وقال تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «من حجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

وأشار إلى تحقق البركة في الجانب الأخلاقي حيث كانت الأخلاق سابقًا تقوم على الرياء والسمعة وتقطع الصلة بين المراد الدنيوي والأجر الأخروي فجاء النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الدين وبهذا الكتاب الذي رتَّب فيه الخالق سبحانه وتعالى الجزاء على الأعمال والثواب على الإحسان، وجاءت الأخلاق على صفة منضبطة، فكانت الرحمة وسطًا بين الضعف والقوة، وكان الكرم وسطًا بين التبذير والتقدير، وكانت الشجاعة وسطًا بين التهور والاندفاع والجبن.

وفي ختام كلمته أكد أنه بذلك يتضح بجلاء كيف أن هذه الليلة الكريمة قد استحقت أن توصف بالخير والبركة لأن الله تعالى أنزل فيها هذا الدستور المبارك الذي جاء إنقاذا للبشرية من أجل تحقيق الصلاح في الدنيا والآخرة.

مقالات مشابهة

  • «الشيخ خالد الجندي»: مصر البلد الوحيد في العالم التي سمعت كلام الله مباشرةً (فيديو)
  • دار الإفتاء تنعى رئيس جامعة الأزهر الأسبق: كان مثالًا يُحتذى به
  • بحضور قيادات الأزهر.. مفتي الجمهورية يشارك في احتفالية ليلة القدر .. صور
  • شيخ الأزهر يكشف الفارق بين الدعاء والتسبيح وسبب نزول «وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي»
  • شيخ الأزهر: يجب أن نتأدب مع النبي فلا نناديه باسمه مجردا
  • شيخ الأزهر: الدعاء يكون صدقة جارية إذا كان من ولد صالح لوالديه
  • وكيل أوقاف الفيوم: حفظة القرآن الكريم هم النماذج المضيئة التي يجب أن يحتذى بها
  • هل يحق لنا إطلاق أي اسم آخر على الله عز وجل؟.. شيخ الأزهر يجيب
  • هل يجوز إخراج الزكاة لغير المسلمين؟.. مرصد الأزهر يجيب
  • هناك شروط لا يستجاب الدعاء إلا بها فما هى؟.. شيخ الأزهر يوضحها