تعتبر القبلة من أهم الركائز التي يلتزم بها المسلمون أثناء أدائهم الصلاة، إذ يشترط أن تكون الصلاة موجهة نحو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وهي ما يعبر عنه بالاتجاه الصحيح للقبلة. ومع تطور الحياة وتعدد الأماكن التي قد يؤدي فيها المسلمون صلواتهم، يطرح البعض تساؤلاً مهماً: هل يجوز الصلاة دون معرفة الاتجاه الصحيح للقبلة؟ وهل هناك استثناءات في هذا الشأن؟

 

القبلة في الإسلام

القبلة هي اتجاه الصلاة نحو الكعبة المشرفة، وهي فرض على كل مسلم في الصلاة.

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ" (البقرة: 144). وقد جعل الله عز وجل الكعبة قبلة للمسلمين، وارتبطت هذه الشعيرة ارتباطاً وثيقاً بمفهوم التوحيد والطاعة لله تعالى. وتُعد القبلة علامة على وحدة الأمة الإسلامية، حيث يتوجه المسلمون جميعاً إلى نفس النقطة في العالم، مهما اختلفت المسافات.

هل يجوز الصلاة دون معرفة الاتجاه الصحيح؟

وفقًا لدار الإفتاء المصرية، فإن الصلاة دون معرفة الاتجاه الصحيح للقبلة لا تجوز إذا كان المسلم على علم بعدم الاتجاه الصحيح. ومع ذلك، إذا كان المسلم في مكان لا يمكنه فيه تحديد اتجاه القبلة بسبب عدم وجود أدوات مساعدة (كالخريطة أو البوصلة) أو في حالة اضطرارية أو حالة من الجهل المطلق بالاتجاه، فلا حرج عليه.

وأوضحت دار الإفتاء أنه في حال الشك أو العجز عن تحديد القبلة، يجوز للمسلم أن يصلي بحسب ما يعتقد أنه الاتجاه الصحيح، ثم يعيد الصلاة إذا تبين له لاحقاً أنه أخطأ في تحديد القبلة. وأضافت الإفتاء أن "المسلم إذا كان في مكان لا يتوفر فيه أية وسيلة لمعرفة القبلة، يمكنه أن يصلي باتجاه ما يظنه القبلة، على أن تكون نية التقرب إلى الله في الصلاة هي الأهم".

التكنولوجيا ودورها في تحديد القبلة

وفي العصر الحديث، أصبحت هناك العديد من الأدوات التكنولوجية التي تساعد المسلمين على تحديد اتجاه القبلة بدقة، سواء كانت من خلال التطبيقات الهاتفية أو البوصلات الإلكترونية أو عبر الأقمار الصناعية. وتوصي دار الإفتاء المصرية باستخدام هذه الوسائل المتاحة للتحقق من الاتجاه الصحيح للقبلة في أي مكان، مما يساعد على تجنب الأخطاء في الصلاة.

استثناءات وأحكام خاصة

إلا أن هناك استثناءات لبعض الحالات الخاصة التي قد تطرأ على المسلم في أثناء الصلاة. ففي حالة السفر أو الاضطرار إلى الصلاة في مكان لا يمكن فيه تحديد الاتجاه الصحيح للقبلة، يمكن للمسلم أن يؤدي صلاته باتجاه ما يظنه القبلة، مع العلم أنه إذا تبين له بعد ذلك أنه أخطأ في تحديد الاتجاه، فإنه لا يجب عليه إعادة الصلاة.

 

في النهاية، تُعد القبلة ركنًا أساسيًا في الصلاة وأحد شعائر الإسلام الهامة. لكن، وفقًا لرأي دار الإفتاء المصرية، إذا كان المسلم في حالة صعبة تمنعه من معرفة الاتجاه الصحيح، فالله سبحانه وتعالى يعلم نيته، ولن يُحاسب على ذلك ما دام قد بذل جهدًا في محاولته تحديد القبلة. وبالتالي، على المسلم أن يسعى دائمًا لتحديد القبلة بالطريقة الصحيحة باستخدام الوسائل المتاحة له، وفي حال عدم التمكن من ذلك، يمكنه الصلاة بما يعتقد أنه الاتجاه الصحيح.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القبلة القبلة في الإسلام الصلاة الإفتاء المصرية تحدید القبلة فی الصلاة إذا کان

إقرأ أيضاً:

جمعة: معجزة الإسراء والمعراج تجسيد لعظمة الرسالة المحمدية

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن شهر رجب الذي سماه المسلمون بـ"رجب الفرد" و"الأصم" و"الأصب"، يُعد من الأشهر الحرم التي حرم الله فيها القتال، كما أن هذا الشهر الكريم شهد فرض الصلاة على المسلمين، تلك العبادة التي تمثل صلة بين العبد وربه، وبرنامجًا يوميًا يجلب السكينة إلى قلوب المؤمنين.

شهر رجب: شهر الرحمة والسلام

وجاء ذلك في خطبة جمعة سابق نشرها على صفحته الرسمية استهلها بتسليط الضوء على مكانة شهر رجب في الإسلام، مشيرًا إلى أنه من الأشهر الحرم التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ" [التوبة: 36]. وذكر أن الأشهر الحرم ثلاثة متتالية هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وشهر رجب الذي يأتي منفردًا، لذا أطلق عليه "رجب الفرد".

كما أشار إلى أن هذا الشهر سُمِّي بالأصم؛ لأن القتال كان يُحرم فيه، وسُمي بالأصب؛ لأن الله تعالى يُفيض فيه الرحمة على عباده، مؤكدًا أن رجب شهد أحداثًا عظيمة، أهمها حادثة الإسراء والمعراج، التي فرضت فيها الصلاة على المسلمين.

الصلاة: تكليف وتشريف

وأكد جمعة أن الصلاة فُرضت على المسلمين في ليلة الإسراء والمعراج، واصفًا إياها بأنها تكليف من الله، يحمل في ظاهره مشقة، لكنها في حقيقتها تشريف للمسلمين وصلة مباشرة بينهم وبين ربهم. وأضاف أن الصلاة تختلف عن أي عبادة أخرى، فهي ليست مجرد طقوس يومية، بل هي علاقة روحانية تفيض بالسكينة، وتُدخل السرور والراحة في قلب المؤمن، حتى قال عنها: "لو عرفها الملوك وأباطرة الأرض لقاتلونا عليها".

وأشار إلى أن الإسلام انتشر شرقًا وغربًا رغم المشقة التي تحملها الصلاة كعبادة يومية خمس مرات، مؤكدًا أن هذا الانتشار دليل على أن الإسلام دين حق، والصلاة هي إحدى آياته التي تُثبت أن النبي محمد ﷺ هو خاتم الأنبياء والمرسلين.

الإسراء والمعراج: تجسيد لعظمة الرسالة

وأوضح أن معجزة الإسراء والمعراج ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي تجسيد لعظمة الرسالة المحمدية، وبيان لوحدة الرسالات السماوية. في هذه الليلة المباركة، أُسري بالنبي ﷺ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات العلا، حيث التقى بالأنبياء وأمَّهم في الصلاة.

وأضاف أن فرض الصلاة في السماء مباشرة دون واسطة يبرز مكانة هذه العبادة في الإسلام، فهي الرباط الوثيق بين العبد وربه، ومصدر النور والهداية في حياة المسلمين.

دروس وعبر من الإسراء والمعراج

أكد الدكتور علي جمعة أن حادثة الإسراء والمعراج تقدم للمسلمين دروسًا عظيمة، أهمها:

مكانة الصلاة وأهميتها: إذ كانت الفريضة الوحيدة التي فُرضت في السماء، مما يبرز علو شأنها في الإسلام.وحدة الرسالات السماوية: لقاء النبي محمد ﷺ بالأنبياء السابقين يؤكد أن جميع الرسل جاءوا برسالة واحدة وهي عبادة الله وحده.الصبر والثبات في مواجهة المحن: فقد جاءت هذه المعجزة بعد عام الحزن، لتكون تسلية للنبي ﷺ ودعمًا له في مواجهة التحديات. 

اختتم الدكتور علي جمعة خطبته بالدعاء للنبي محمد ﷺ وأمته قائلاً: "اللهم يا ربنا جازِ نبيك محمدًا عنا خير الجزاء، وارزقه الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة، واحشرنا تحت لوائه، وانفعنا ببركته في الدنيا والآخرة."

وأكد أن شهر رجب فرصة عظيمة للمسلمين للتقرب إلى الله بالطاعات والعبادات، واستلهام الدروس العظيمة من حادثة الإسراء والمعراج، التي تُجسد عظمة الإسلام ورسالة النبي محمد ﷺ.

مقالات مشابهة

  • جمعة: معجزة الإسراء والمعراج تجسيد لعظمة الرسالة المحمدية
  • هل يجوز ترك العمل من أجل الصلاة .. المفتي يوضح | فيديو
  • هل يجوز صيام الجمعة منفردا بنية قضاء أيام من رمضان؟.. دار الإفتاء ترد
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24-1-2024 في محافظة قنا
  • وزير خارجية فرنسا : لبنان يسير في الاتجاه الصحيح بعد انتخاب الرئيس عون
  • هل يجوز أداء سُنة العشاء بنية النافلة وقيام الليل؟.. دار الإفتاء تُجيب
  • المبعوث الأممي لليمن: إطلاق سراح طاقم “جلاكسي ليدر” خطوة في الاتجاه الصحيح
  • «تأخير وتقديم».. متى يجوز الجمع بين صلاتين في السفر؟ (فيديو)
  • المبعوث الأممي يرحب بإطلاق الحوثيين طاقم السفينة "جالاكسي ليدر" ويعتبر ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح
  • تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 22-1-2024 في محافظة قنا