العراق يقترب من أول تعداد شامل للسكان منذ 4 عقود
تاريخ النشر: 8th, November 2024 GMT
تقترب الحكومة العراقية من وضع اللمسات الأخيرة على استعداداتها لإجراء التعداد العام للسكان، في 20 نوفمبر المقبل، وهو التعداد الأول الذي يشمل جميع مناطق العراق منذ نحو 4 عقود.
وشهد العراق آخر تعداد عام للسكان شمل جميع محافظاته عام 1987، وعلى الرغم من أن البلد أجرى تعدادا آخر للسكان عام 1997، الا أن الأخير لم يشمل محافظات إقليم كردستان، لأنها كانت شبه مستقلة عن العراق في عهد النظام السابق.
ويؤكد المتحدث الرسمي لوزارة التخطيط العراقية، عبدالزهرة الهنداوي، أن الاستعدادات لإنجاز التعداد العام وصلت لمراحلها النهائية، لاسيما بعد انتهاء عمليات الترقيم والحصر في كل أنحاء العراق.
ويضيف الهنداوي لـ"الحرة"، "سيشارك 120 الف باحث ميداني أو عداد في عملية التعداد، هؤلاء سيتوزعون على كل مناطق العراق في جميع المحافظات وقد قسمت جميع المناطق بحيث يتولى كل واحد من هؤلاء الباحثين إجراء التعداد في مكان محدد"، لافتا إلى أن عملية التعداد ستستمر لمدة يومين.
ويعتبر التعداد المقرر اجراءه، في 20-21 نوفمبر الحالي، التاسع الذي يشهده العراق في تاريخه الحديث، وفيما إذا سارت العملية بسلاسة، فسيطوي العراق صفحة الإحصاءات والأرقام الصادرة عن المعاهد والمنظمات الخاصة بهذا الشأن المعتمد عليها منذ سنوات.
ووفق الهندواي، تكمن أهمية التعداد المرتقب في كونه سيغطي كل مناطق العراق دون استثناء، وسيكون إلكترونيا بكل تفاصيله، وسيتمخض عنه انشاء قاعدة بيانات كاملة وشاملة عن الواقع في العراق.
ويتابع "سيشخص التعداد الفجوات التنموية في كل قطاعات التنمية، ويساهم في تشكيل خريطة جديدة لتوزيع الثروات بين المحافظات وفق الكثافات والاحجام السكانية لكل محافظة، ويؤدي الى تسليط الضوء على مفاصل المشهد العراقي في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية."
ويختلف التعداد الحالي عن سابقيه في كونه لا يحتوي على حقلي القومية والمذهب وينص فقط على الديانة، ويثير غياب القومية في استمارة التعداد الى جانب عمليات التغيير الديمغرافي، الذي شهدته المناطق المتنازع عليها حسب المادة 140 من الدستور العراقي، مخاوف الكرد والتركمان من أن يؤدي الى ترسيخ هذه التغييرات، خاصة أن غالبية سكان المناطق المتنازع عليها مثل سنجار غرب الموصل مازالوا نازحين في المخيمات.
لكن المتحدث باسم وزارة التخطيط يرى أن قضايا التنوع القومي والمذهبي لن تكون تحديا يواجه التعداد لعدم وجود حقول المذهب والقومية في استمارة التعداد، موضحا "نتعامل مع السكان بوصفهم عراقيين بغض النظر عن قوميتهم ومذهبهم، وفيما يتعلق بالمادة 140 من الدستور العراقي والعقبات في المناطق المتنازع عليها أصدر مجلس الوزراء في جلسته الأخير جملة من القرارات الخاصة بهذا الشأن."
وأصدر مجلس الوزراء العراقي في جلسته المنعقدة، الثلاثاء الماضي، مجموعة من القرارات منها قرارات خاصة بالتعداد السكاني.
وذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء أنه ضمن متابعة المجلس للاستعدادات الخاصة بإجراء التعداد السكاني في عموم العراق أكد المجلس في مقدمة قراراته على الالتزام بقرار المحكمة الاتحادية رقم (73) الصادر عام 2010 الخاص بالتعداد العام للسكان، الذي فصل بين الإحصاء السكاني الوارد في المادة 140 وبين التعداد السكاني المقرر اجراءه في العراق.
كما قرر المجلس إجراء العمل بالتعداد في المناطق المتنازع عليها من قبل فريق مشترك من العرب والكرد والتركمان، مع إضافة فرد من الديانة المسيحية للفريق في المناطق ذات الغالبية المسيحية.
ونصت القرارات على إجراء هيئة الإحصاء الاتحادية بالتعاون مع هيئة إحصاء إقليم كردستان ووزارة الداخلية الاتحادية، مقارنة لجداول بيانات الوزارات التالية مع نتائج التعداد في: سجلات وزارة الداخلية، تعداد عام 1957 وتحديثاته. سجلات وزارة التجارة، وبيانات وزارة الهجرة والمهجرين.
وتضمنت القرارات أيضا، الالتزام بتنظيم جداول إحصائية حول أعداد المرحلين والوافدين والنازحين في المناطق المتنازع عليها والمحافظات الأخرى حسب الوثائق الرسمية.
في المقابل شدد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هوراماني، في مؤتمر صحفي عقده، في 6 نوفمبر الحالي، أنه "يجب إلا يكون للتعداد أي تأثيرات سلبية على تطبيق المادة 140 من الدستور، وحل قضية المناطق الواقعة خارج إدارة حكومة الإقليم (المناطق المتنازع عليها)"، مشيرا إلى أن الإقليم يؤيد تنظيم التعداد، لكن لديه بعض الملاحظات، التي سيعمل على تنفيذها بالتفاوض مع الحكومة الاتحادية خلال الأيام القليلة القادمة قبل اجراء التعداد.
ويشير رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان، هوشيار مالو، إلى أن إبقاء الحكومة العراقية على حقل الدين والغائها حقلي القومية والمذهب، يبرز مخاوف عدد من الأطراف السياسية من استغلال التعداد للنيل منهم، خصوصا بعض الاقليات مثل التركمان أو اقليات أخرى.
ويوضح مالو لـ"الحرة"، "نحن في دولة قائمة على اساس المكونات، الدستور العراقي كتب في 2005 على أساس المكونات، فعندما تلغي فكرة المكونات خصوصا القومية والمذهبية، لن يكون لهذا التعداد أي جدوى بالنسبة للمكونات والأطراف السياسية."
ويرى مالو أن الاعتماد على معلومات البطاقة الوطنية سيكون بديلا للتعداد ودقيقا أكثر منه، لأن البطاقة الوطنية تعتمد على بصمة العين والأصابع وتفاصيل برمجية عن الشخص ولا يمكن إصدارها دون الحضور شخصيا وإعطاء المعلومات.
وأرجئت مرارا عملية إحصاء كانت مقررة العام 2010 بسبب خلافات سياسية حول المناطق المتنازع عليها بين العرب والأكراد والتركمان في شمال البلاد.
وعادة ما يجرى التعداد السكاني مرة كل عشر سنوات في العراق. ولكن تعذر إجراؤه منذ 1997.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المناطق المتنازع علیها التعداد السکانی فی المناطق
إقرأ أيضاً:
الكهرباء تبحث خطة الصيف ولا توفرها في الشتاء!.. عقود الفساد تبتلع الـ 41 مليار دولار- عاجل
بغداد اليوم - بغداد
خطة "طموحة" يعلن عنها وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، قوامها انشاء محطة ثانوية وتأهيل 900 مغذيا، وهذا "يندرج ضمن استعدادات الصيف المقبل في بغداد"، تقول وزارة الكهرباء.
بيان للمكتب الإعلامي للوزارة تلقته "بغداد اليوم" يقول إن "وزير الكهرباء، التقى أمس الاثنين، رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، لمناقشة ما تحتاجه العاصمة بغداد بملف الكهرباء، وتعزيز التعاون المشترك بين الوزارة والحكومة المحلية، وتقديم الدعم والاسناد وتذليل التحديات التي تعيق تطور ملف الكهرباء في بغداد".
وأشار الوزير وفق البيان، "للدور المهم الذي تمثله الحكومات المحلية من حيث الدور التشريعي للمجلس، والتنفيذي المحافظين، وأنهم الذراع الأساسي مع الوزارات المكملة لعمل الحكومة المركزية، ولابد من العمل كفريق واحد لتكون المخرجات حقيقية تقدم على نحو خدمي لمواطني بغداد واستحقاقهم".
البيان ذكر، أنه "جرى خلال اللقاء تسليط الضوء على أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الكهرباء في بغداد، كتحديات الغاز والوقود وتأثير توقفه على محطات الانتاج وحصة العاصمة، كما تم الحديث عن أهمية صيانة شبكات التوزيع، وإيجاد حلول فعّالة لتقليل انقطاعات التيار الكهربائي، بظل ازدياد الطلب على الطاقة".
وأوضح الوزير: "أننا عملنا بخطط طارئة على معالجة الاختناقات خلال الفترة الماضية، واكملنا الان احالات وتوقيع مشاريع المرحلة الثانية، لنشرع بتنفيذ ونصب ( 74 محطة ثانوية، وتأهيل 900 مغذي جهد 33/11، ومعالجة اختناقات شبكات التوزيع، لتكون ضمن استعدادات الخطة الصيفية المقبلة ومواجهة الأحمال".
الوزير يريد، بحسب البيان، "تنفيذ التحول الذكي بمناطق مختارة من جانبي الكرخ والرصافة للسيطرة على الضياعات وتنظيم الاستهلاك والعشوائيات والمناطق الزراعية، بشبكات نظامية".
ووفقا للبيان، فقد "أعرب رئيس مجلس محافظة بغداد عن تأمينه للجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة"، مضيفا: "نحن على استعداد تام لدعم الوزارة ومشاريعها من خلال خطط تنمية الأقاليم" مشيراً الى، أن "تحسين خدمة الكهرباء يمثل أولوية قصوى للمجلس، لما لها من تأثير مباشر على تطوير القطاعات الأخرى، كالصحة والتعليم والاقتصاد وغيرها".
الأجندات الحزبية والفساد بالوزارة
وبعد كل ما ذُكر، يبدو أن وزارة الكهرباء ووزيرها زياد علي فاضل، نسوا أو تناسوا أن العاصمة بغداد والمحافظات العراقية كافة- باستثناء محافظات إقليم كردستان- تعاني من انقطاع مستمر، تقريبا، للطاقة الكهربائية رغم أن الفصل شتاء، ولا حمولات أو استهلاكا للكهرباء إذا ما تمت المقارنة مع فصل الصيف الذي تلامس درجات الحرارة فيه الـ 50 مئوية.
وعلى أي حال، فإن وزارة الكهرباء، وفق مراقبين، يعتريها الفساد منذ أكثر من 20 عاما، بدلالة الملفات "المؤجلة" في القضاء وهيئة النزاهة. ملفات مغلقة بإرادة سياسية وأجندات حزبية بفاعل خارجي.
وهنا، يقول المحلل السياسي عدنان التميمي، إن دولا واحزابا مستفيدة من أزمة الكهرباء في العراق، فيما يشير الى أن محاولات استثمار الغاز يجري تعطيله في ظروف غامضة.
وأكد التميمي في تصريح لـ"بغداد اليوم"، السبت (14 كانون الأول 2024)، أن "الدولة العراقية انفقت بعد 2003 وحتى يومنا هذا مبالغ طائلة لتحسين ملف الكهرباء لكن النتائج كانت مخيبة للآمال في ظل أزمات متجددة مع ذروة كل موسم، صيفا وشتاءً بسبب اعتماد المنظومة على استيراد الغاز والطاقة معا وانفاق مليارات الدولارات من ميزانيتها".
وأضاف، أن "دولا واحزابا مستفيدة من أزمة الكهرباء في العراق وأي محاولة تمضي باتجاه الحل تصطدم بالفيتو، لدرجة أنه حتى محاولات استثمار الغاز يجري تعطيله في كل مرة وبظروف غامضة".
وأشار الى أن "الفساد في وزارة الكهرباء موجود والقضايا الموجودة في هيئة النزاهة على مدى أكثر من 20 سنة تؤكد بأن احزابا وقوى كثيرة متورطة بصفقات مشبوهة استنزفت خزينة البلاد".
التميمي قال أيضا، إن "أي وزير يأتي الى رأس هرم الوزارة لن يحقق شيئا في ظل مشاكل متراكمة تبدأ من توفير الطاقة والهدر الكبير في الاستهلاك وصولا الى استفادة اطراف كثيرة من صفقات كثيرة".
عقود الفساد تبتلع الـ41 مليار دولار
ملفات فساد كبيرة في وزارة الكهرباء، وما تزال هي السبب الرئيس في تدمير قطاع الكهرباء في العراق، واستمرار وجود الكثير من مافيات المفسدين المسيطرة على الوزارة، وتعد أزمة الكهرباء هي واحدة من أبرز الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، ولم تتمكن من تجاوزها، على الرغم من إنفاق نحو 41 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا لتقارير رسمية.
من ناحيته، علق الكاتب والمحلل السياسي أحمد الخضر، يوم السبت (14 كانون الأول 2024)، حول استمرار أزمة الكهرباء في العراق خلال فصلي الصيف والشتاء، والفشل بإدارة هذا الملف.
وقال الخضر في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "هذا الملف ليس جديدا، وفشل وزارة الكهرباء في توفير الحد الأدنى من الكهرباء للمواطنين، وبالرغم من تصريحات رئيس الوزراء ووزير الكهرباء، إلا أن لا كهرباء كافية في العراق".
وأضاف، أنه "اعتقد أن الخلل الحقيقي يكمن في إدارة وزارة الكهرباء نفسها، حيث أن الوزارة مازالت متأثرة بالتحزب السياسي ولاحظنا أن هناك شكاوى من عدة محافظين في الوسط والجنوب قدمت من قبلهم في المحاكم ضد وزير الكهرباء، حيث اتهم بالتلاعب بحصص المحافظات من التجهيز الكهربائي حيث وصلت محافظاتهم إلى 6 ساعات تجهيز باليوم الواحد مقابل محافظات 16 ساعة تجهيز".
وأشار إلى أن "هذا يعطينا انطباعا أن هناك خللا اداريا، بالإضافة إلى الخلل القيادي الذي لم يقدم خططا بديلة لحد الان، لإيجاد مصادر أخرى غير الغاز الإيراني الذي يعاني من عقوبات أمريكية يؤدي بين فترة وأخرى لنقص في تجهيزه".
وسجلت ساعات تجهيز الكهرباء انخفاضا كبيرا في بغداد والمحافظات مع الهبوط الحاد بدرجات الحرارة وبدء موسم الشتاء وبالتزامن مع توقف تصدير الغاز الإيراني إلى العراق.
وشكا مواطنون من قلة ساعات إمداد الطاقة من شبكة منظومة الكهرباء، فيما طالبوا الوزارة بإيجاد حلول جدية لهذه الأزمة، ووضع حد للفساد وهدر المليارات على العقود السنوية والمحطات التي يتجاوز عددها الـ 36 محطة في بغداد فقط.